ساركوزي: الملك محمد السادس رجل استثنائي وأحد القادة الكبار الحكماء والمتبصرين
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
أكد رئيس الجمهورية الفرنسية السابق، نيكولا ساركوزي، الأربعاء بالرباط، أن الملك محمد السادس “رجل استثنائي وأحد القادة الكبار الحكماء والمتبصرين”.
جاء ذلك خلال حفل خصص لتقديم الكتاب الأخير لنيكولا ساركوزي الصادر تحت عنوان “زمن المعارك”، وحضره على الخصوص، مستشار الملك، أندري أزولاي، وسفير فرنسا بالمغرب، كريستوف لوكورتييه، والعديد من الشخصيات المرموقة من عالم السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والثقافة.
وقال ساركوزي أن الملك محمد السادس رجل لم أفتأ أعجب به وأحترمه. “إنه رجل استثنائي وأحد القادة الكبار الحكماء والمتبصرين”.
وخلال هذا اللقاء الذي نظمه مجلس التنمية والتضامن، أعرب الرئيس الفرنسي السابق عن إعجابه بقدرة الملك على استباق الأحداث ومواصلة مسار رؤيته للمملكة، مبرزا “التطور الهائل” الذي عرفه المغرب في عدة مجالات تحت قيادته.
من جهة أخرى، أشار ساركوزي إلى أن هناك “علاقات استثنائية” بين المغرب وفرنسا، البلدين الصديقين، قائلا “إننا نتقاسم الاهتمامات والروابط نفسها، ونحن مختلفان للغاية ولكننا متقاربان جدا”.
وأوضح أن “الأمر يتعلق بقضية تاريخ ومستقبل (…) فهناك رابط، ومودة وتفاهم متبادل بين البلدين”، معربا عن إعجابه العميق بالمغرب والمغاربة. وأضاف ساركوزي “لطالما استشعرت هذا القرب من المغاربة، إنه شعب مضياف وعظيم السخاء”.
وتميز هذا الحفل بتسليم لوحة تذكارية لساركوزي من طرف مجلس التنمية والتضامن، الذي أبرز رئيسه محمد بنعمور بالمناسبة، خصوصية هذا الحدث الاستثنائي المنظم بالرباط، عاصمة الثقافة والأنوار التي ما فتئت تتطور بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس.
وأكد بنعمور أن حدثا من هذا القبيل يتيح الفرصة للتبادل حول القضايا الكبرى الراهنة في نموذج يشهد تغيرا مستمرا.
وخلال هذا اللقاء، قدم الرئيس الفرنسي السابق أمام الحضور تحليله لواقع العالم وقضاياه الجيواستراتيجية الكبرى، كما تقاسم معهم أفكاره حول العلاقة بين أوروبا وأفريقيا.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: محمد السادس
إقرأ أيضاً:
لا بد من محاسبة المسؤولين عن إبادة غزة الجماعية من القادة وحلفائهم
ترجمة: أحمد شافعي -
ما لم تجر محاسبة المتواطئين على إبادة غزة الجماعية، فسوف تظل العواقب القاسية محسوسة في ما هو أبعد من تلك الأرض المحطمة، لقد جاء وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ليوفر راحة للناجين المصابين بصدمات نفسية، لكن إعلان دونالد ترامب بأنه غير واثق من استمرار الاتفاق أدى إلى تجدد الرعب، ومن قرار الرئيس الجديد برفع الإيقاف المؤقت لشحنات القنابل التي تزن 2000 رطل إلى إسرائيل التي ألقيت مرارا على المدنيين في ما يسمى بالمناطق الآمنة، إلى اختياره في منصب السفير الأمريكي بإسرائيل لمايك هاكابي الذي قال مرة إنه «لا يوجد حقا ما يسمى بالفلسطيني»، فإن من يرجون السلام الدائم محقون في القلق من أن المذبحة ستبدأ عما قريب من جديد.
لقد عمل الهجوم على غزة على إساغة عنف لا حدود له تقريبا ضد المدنيين، بتسهيل وتبرير من العديد من الحكومات الغربية والمنافذ الإعلامية، ويجدر بنا أن نتذكر تدمير مدينة جورنيكا على يد القوات النازية والإيطالية أثناء الحرب الأهلية الإسبانية قبل ما يقرب من تسعة عقود من الزمان. فقد كانت جورنيكا من أوائل عمليات القصف الجوي الجماعي لمجتمع مدني، وأثارت فضيحة عالمية. فأعرب الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفلت عن أسفه على «الطريقة التي قتل بها المدنيون من الجو، ومنهم أعداد هائلة من النساء والأطفال، دونما رحمة». وكتب الصحفي جورج ستير في التايمز: «إن الغارة على جورنيكا، من حيث شكل تنفيذها ومدى الدمار الذي أحدثته، لا مثيل لها في التاريخ العسكري»، ثم إذا بجورنيكا، للأسف، تتحول إلى تجربة لإبادة المدن الأوروبية جوا بعد بضع سنوات: فقد قال الزعيم العسكري النازي هيرمان جورينج في محاكمات نورمبرج: إن جورنيكا سمحت للنازيين باختبار سلاحهم الجوي.ماذا عن غزة؟ في الأسبوع الماضي، زعم جو بايدن أنه قال لبنيامين نتنياهو إنه «لا يمكنك أن تقصف هذه المجتمعات قصفا جماعيا»، وذلك في بداية الهجوم العسكري الإسرائيلي في أكتوبر 2023، ويفترض أن الرئيس السابق ظن أن من شأن إخباره العالم بما قاله أن يساعد في إعادة تأهيله، لكن ما قاله يبدو أشبه باعتراف غير مقصود بتواطؤ جنائي، إذ أن الولايات المتحدة، في نهاية المطاف، وفرت لإسرائيل أسلحة بقيمة ثمانية عشر مليار دولار تقريبا في العام التالي، بعدما علم، أو حق له أن يعلم، أن حملة نتنياهو الجوية تنتهك القانون الدولي، ففي الأسابيع الثلاثة الأولى من الصراع، وفقًا لمنظمة إيروارز غير الحكومية، لقي ما لا يقل عن 5139 مدنيا مصرعهم، وكان هذا تقديرا متحفظا، إذ ربما كان العدد الحقيقي أضخم من ذلك، والقنابل التي قتلتهم كانت مددا من الولايات المتحدة في الغالب.
فماذا كان الغرض العسكري من هذا؟ لا يبدو أن لدى الولايات المتحدة إجابة للسؤال، فقد قال وزير خارجيتها السابق، أنطوني بلينكن، الأسبوع الماضي: إن حماس «جندت عددا من المسلحين الجدد يكاد يساوي عدد من فقدتهم»، ولو صح هذا، فإنه يقوض الهدف المعلن لوحشية إسرائيل، وهو القضاء على حماس. كان الهدف الآخر الذي زعمته إسرائيل هو إعادة الرهائن بوسائل عسكرية، لكن كما قال أحد المعلقين في صحيفة (إسرائيل اليوم) الإسرائيلية أخيرا، «يمكننا أن نقطع على وجه اليقين بأن الضغط العسكري قتل من الرهائن أكثر ممن أعادهم أحياء». فأغلب من تم إطلاق سراحهم من الرهائن إنما كان خلال وقف إطلاق النار، وليس نتيجة لعمليات الجيش الإسرائيلي، فمن الصعب ألا نخلص إلى أن تصرفات إسرائيل كانت مذبحة من أجل المذبحة.لعبت معظم وسائل الإعلام الغربية دورا محوريا في إساغة هذه الفحش، فمن أكتوبر 2023 إلى يناير 2025 لقي 1091 طفلًا رضيعًا مصرعهم في غزة، وذلك عدد يتجاوز إجمالي المدنيين الإسرائيليين الذين لقوا مصرعهم في السابع من أكتوبر. ولقي إجمالي 17400 طفل مصرعهم - أي ما يعادل طفلًا واحدًا كل ثلاثين دقيقة، وأفادت دراسة حديثة في مجلة لانسيت أن العدد الإجمالي للوفيات في غزة ربما كان أقل من التقديرات.
نشرت صحيفة التايمز مزاعم مروعة وغير مؤكدة حول قطع حماس أعناق الأطفال الرضع، وبعد يومين، أعقبتها بما نشرته عن الأطفال الرضع «المشوهين»، وتبين لاحقًا أن هذه المزاعم غير المستندة إلى أدلة كانت محض شائعات، أما مقتل أكثر من ألف رضيع فلسطيني فليس بشائعة، لأنهم لقوا مصرعهم فعلا على يد القوات الإسرائيلية، وفي حدود ما أعلم، لم تنشر التايمز صفحة أولى عن هذا.
ولا يقتصر الرعب على مذبحة الأطفال، ففي وقت مبكر من الصراع، وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش اتهامًا لإسرائيل باستخدام الجوع سلاحا في الحرب، ثم انتهت وكالتان حكوميتان أمريكيتان في الربيع الماضي إلى أن إسرائيل تعمّدت منع شحنات مواد أساسية من دخول غزة. هوجمت جميع مستشفيات غزة الستة والثلاثين مرات متكررة ولا يعمل منها جزئيا حتى الآن إلا سبعة عشرة، وتجرى عمليات البتر والولادة القيصرية فيها بلا تخدير، ولقي أكثر من ألف عامل في مجال الرعاية الصحية مصرعهم. وبحلول صيف عام 2024، كان ما يقرب من عشرة آلاف فلسطيني، منهم مئات الأطفال، قد باتوا سجناء. وقد وثقت الأمم المتحدة تقارير مروعة عن التعذيب والاعتداء الجنسي: إذ تم احتجاز رجال ونساء في سجون تشبه الأقفاص، مقيدين إلى الأسرة في حفاضات ومعصوبي الأعين، وعراة، ومحرومين من الطعام والماء والنوم، ويتعرضون للتعذيب بحروق السجائر، والإيهام بالإغراق، والصعق بالكهرباء، وحتى بالاغتصاب فضلًا عن اتهامات بالاغتصاب الجماعي.ولا ينبغي أن يكون أي من هذا مفاجئا. فقد وصف الجنرال الإسرائيلي غسان عليان، المكلف بالشؤون المدنية في الأراضي المحتلة في إسرائيل، المدنيين في غزة بأنهم «حيوانات بشرية»، وتعهد بمعاقبتهم بحصار كامل وإخضاعهم لـ«الجحيم». وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي لم يذكر اسمه: إن غزة «ستتحول في النهاية إلى مدينة من الخيام، لا مباني فيها».خلافًا لجورنيكا، تم توثيق الجرائم المرتكبة في غزة في وقت وقوعها. فقد نشر الجنود الإسرائيليون بفرح أدلة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولجأ الناجون إلى الإنترنت لنشر لقطات لما كانوا يعانونه. وكان العديد من هؤلاء الناجين، على حد تعبير المحامية الأيرلندية بلين ني جرالايج، «يبثون تدميرهم في وقت حدوثه على أمل يائس حتى الآن بأن يفعل العالم شيئا».
ومع ذلك، استمرت حكومة المملكة المتحدة في تسليح إسرائيل، ولم توقف سوى ثلاثين من ثلاثمائة وخمسين ترخيصًا للأسلحة بعد ضغوط عامة وقانونية كبيرة، وفي الوقت نفسه، دافعت معظم وسائل الإعلام البريطانية عن فظائع إسرائيل أو سعت إلى غسلها، ولم تقم بالربط بين نيتها الإجرامية وأفعالها القاتلة. وفي مواجهة احتمال محاسبتهم على تواطؤهم، سعى الزعماء السياسيون والمنابر الإعلامية إلى تصوير معارضي الإبادة الجماعية الإسرائيلية باعتبارهم متطرفين خطرين، فوصفت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافيرمان الاحتجاجات بأنها «مسيرات كراهية»، ووصفتها صحيفة صن بأنها «مظاهرات كراهية»، وما كان قمع الشرطة للاحتجاجات في لندن هذا الأسبوع إلا أحدث مثال على هذا الاتجاه.لقد تسبب تدمير جورنيكا في صدمة واسعة النطاق، ولكن يجدر بنا أن نتذكر أنه بعد الهجوم، أصبح القصف الجوي الأكثر كارثية هو القاعدة الجديدة، فتشير التقديرات إلى مقتل 1650 فلسطينيا في غزة، ومن المرجح أن يكون الرقم الرسمي البالغ 47283 فلسطينيًا أقل من الواقع بشكل كبير، ولكن الوحشية الكبرى التي ارتكبت في غزة لا تثير مثل ذلك الغضب المؤسسي اليوم.
لا بد من محاسبة. والذين واصلوا توريد الأسلحة لإسرائيل تجب محاكمتهم لمساعدتهم في تسهيل ذلك، والذين استخدموا منصاتهم الإعلامية لتبرير ذلك يجب أن يروا أثره في اهتراء سمعتهم، فدونما مساءلة، سيصبح المزيد من العنف الفاسد أمرا طبيعيا، بل ومقبولا.
ويصبح هذا الخطر أكبر بشكل خاص في العصر الذي يشكّل فيه اليمين المتطرف الحكومات وتهدد حالة الطوارئ المناخية باضطرابات عالمية أعظم، ويعرف المتواطئون أن الطريقة الوحيدة للدفاع عن أنفسهم هي شيطنة من عارضوا الإبادة الجماعية وقلب العالم رأسًا على عقب، ولكنهم لو أفلتوا بما فعلوا، فسوف يحترق هذا العالم.
أوين جونز من كتاب الرأي في ذي جارديان