ليس هذا الخطاب الأوّل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، منذ السابع من أكتوبر، ولكنه الأكثر أهميةً من بين سائر الخطابات السابقة، ليس فقط بسبب ما احتواه من عبارات ذات دلالات مهمّة، ولكن بسبب الظروف والتطورات التي وقعت منذ بدء الحرب، وحتى الآن والتغيّرات التي طرأت على المواقف الدوليَّة تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة.

وبعيدًا عن العبارات التقليدية المنسجمة مع حالة العدوان، والحديث المرير عن صور المعاناة التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني في غزة، تحت القتل والقصف، فإنَّ أهمّ العبارات التي قالها هنية تتعلق بالرغبة في خوض حوار سياسي عميق حول مُستقبل القضية الفلسطينية.

الحركة جاهزة

ومما تضمنه خطاب أرفع مسؤول سياسي في حركة حماس، ما يلي:

"نؤكد أننا منفتحون على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي لإنهاء العدوان، وترتيب البيت الفلسطيني على مستوى الضفة والقطاع، وكافة المؤسّسات الفلسطينية، وصولًا إلى المسار السياسي الذي يؤمّن حقّ الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس".

وبعيدًا عن اللغة وما يمكن أن تحتمله من معانٍ متنوعة، فإن هذه العبارة- وفي سياق الأحداث والتطورات المحيطة- تحمل رسالةً مفادها؛ أنّ الحركة ليست عدمية، وأنها جاهزة لخوض مسار سياسي بعد أن يهدأ ضجيج المعارك، ويتوقف صخب الاشتباكات المسلحة.

وعلى الأرجح أن هنية يريد أن يعطي الولايات المتحدة، والرئيس بايدن خاصةً ورقة قوية يلوّح بها في وجه حليفه المتعنّت بنيامين نتنياهو، وحكومته المتطرفة، خصوصًا بعد أن أعلن بايدن عن مواقفَ رافضة لهذه الحكومة ومواقفها المتطرفة، وعدم قدرتها على التعاطي إيجابيًا مع رؤية الولايات المتحدة الأميركيّة لحلّ القضية الفلسطينية والتي تتمسّك بحل الدولتين.

ومن المؤكد أنَّ إسماعيل هنية وقيادة حماس يفكّرون من جانبهم باليوم التالي لتوقف العدوان على غزة، وكيف سيتم ترتيب أوضاع القطاع الذي تعرّض لحملة همجية تركّزت على نشر الموت والدمار في كل أنحاء القطاع، وجعله مكانًا غير صالح للحياة، مما يجعل مسؤولية إدارة القطاع- وإعادة إعماره والتعامل مع الحالة الكارثية التي وصل إليها- أمرًا مؤرقًا لحماس، كما يؤرّق كل المتابعين والمراقبين، وكافة الدول التي تهتم بحل القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراعات الدموية.

يأتي هذا في ظل الملحمة البطوليّة التي خاضتها حماس، وجناحها المسلح كتائب "القسام"، والتي أثارت إعجاب العالم أجمع بقدرتها على الصمود، وإيقاع أقسى الخسائر في صفوف الاحتلال الصهيوني، الذي لم يفلح في تحقيق أي هدف من أهدافه التي وضعها قبل بدء العدوان رغم مضي سبعين يومًا من القصف: الجوي، والبري، والحري، فضلًا عن التوغلات المتواصلة وعمليات التدمير المنهجية.

ثقة هنية من انكسار العدوان

ولعلّ هذا ما يجعل هنية واثقًا من انكسار العدوان، والإشارة بشكل متكرّر وصارم إلى أنه من الوهْم الحديث عن أي ترتيبات في غزة دون حماس، أو المقاومة. وهي ليست مجرد كلمات فارغة من المضمون، بل هي تستند إلى حقائق لا يمكن إنكارها، فالمقاومة ما زالت تُوقع خسائر هائلة في صفوف العدو وآلياته الغازية.

كما أنَّ الصبر الدولي- وخصوصًا الأميركي على الفظائع التي يرتكبها الاحتلال ضد الأطفال والمدنيين- بدأ ينفد، وتصريحات الرئيس بايدن- بهذا الخصوص- لا تحتمل التأويل، كما أن الجبهة الداخلية للعدو لم تعد قادرةً على احتمال حرب بلا نهاية، وحكومة حرب أقلّ ما توصف به أنها همجية وفاشلة في تحقيق الأهداف التي وضعتها.

فإذا ما أضيف لذلك موضوعُ الأسرى، وهي الورقة الأقوى التي بحوزة حماس والمقاومة في هذه المعركة، فإنّ محصلة كل ذلك تقود إلى نتيجة شبه مؤكدة، وهي أن مرحلة البحث عن بدائل سياسية وتفاوضية على وشْك أن تنطلق.

ولعلّ هذا، بالضبط، ما أراد إسماعيل هنية أن يسبقه بخطوات من خلال القول؛ إنّ الحركة مستعدة لبحث أي أفكار، وهو في الوقت نفسه رسالة للداخل الفلسطيني أيضًا بأنَّ حماس لن تسمح لخَصمها السياسي- القابع في المقاطعة برام الله، والذي يجلس متفرجًا على المجزرة في غزة- بأن يتصدر المشهد للحديث عن ترتيبات ما بعد العدوان، أو ما بعد حماس، حتى لو حاول الظهور بمظهر الرافض للعدوان والرافض لاستثناء حماس.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

إسماعيل بن ناصر يقترب من الانتقال إلى مارسيليا الفرنسي

يبدو أن النجم الجزائري إسماعيل بن ناصر، لاعب وسط نادي أيه سي ميلان، على وشك الانتقال إلى نادي مارسيليا الفرنسي في صفقة مرتقبة.

من المتوقع أن يشكل بن ناصر إضافة كبيرة للفريق الفرنسي بفضل إمكانياته الفنية والبدنية العالية، التي ستعزز قوة وسط الملعب.

رسميا.. جالطة سراي يستعير موراتا من ميلان توقيت متابعة مباراة انتر ميلان ضد ميلان في الدوري الايطالي والقنوات الناقلة

وفي تطور جديد، أشار الصحفي الشهير في مجال الانتقالات فابريزيو رومانو إلى أن اللاعب قد أبدى موافقته على كافة تفاصيل الصفقة.

مقالات مشابهة

  • مسؤول كبير بالإدارة الأميركية: ترمب هو الرئيس الأكثر تأييدا لإسرائيل
  • ‏حماس: إسرائيل تتعمّد تأخير وعرقلة دخول المتطلبات الأكثر أهمية وخاصة الخيام والبيوت الجاهزة والوقود والمعدات الثقيلة لرفع الأنقاض
  • حماس: العدوان الإسرائيلي خلَّف دمارًا كبيرًا شمال غزة وأعدم مظاهر الحياة فيه
  • حماس: العدوان الإسرائيلي خلف دمارا كبيرا في شمال القطاع وأعدم مظاهر الحياة فيه
  • حماس تبارك عملية حاجز “تياسير” وتؤكد أن العدوان لن يمر دون عقاب
  • حكومة الجزيرة: تشغيل جميع الخدمات في المناطق والمدن التي تم تحريرها
  • إسماعيل بن ناصر يقترب من الانتقال إلى مارسيليا الفرنسي
  • «أ ف ب» عن مصدرين في حماس: أبلغنا الوسطاء أننا جاهزون لبدء جولة المفاوضات الثانية
  • إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة في لقاء نتنياهو وترامب
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات