ما تداعيات تورط قوات حفتر في تعذيب مهاجرين بدعم أوروبي في المتوسط؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
أثارت المعلومات التي كشفها تحقيق استقصائي لعدة مؤسسات إعلامية عن تورط كتيبة "طارق بن زياد" التابعة لقوات حفتر في تعذيب وتهريب مهاجرين غير شرعيين بعض الأسئلة عن رد الفعل الأوروبي ضد هذا الملف الحساس وإمكانية فرض عقوبات على قوات "حفتر".
وذكر التحقيق، الذي نفذته وسائل إعلام غربية، أن "الكتيبة التي يرأسها صدام نجل حفتر ووكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس" والحكومة المالطية متورطون في التعذيب والاتجار بالمهارجين، وأن الوكالة وسلطات مالطا قاموا بإرسال إحداثيات قوارب المهاجرين الذين يحاولون الهرب من ليبيا إلى كتيبة "طارق بن زياد" التي قامت بإرجاعهم من البحر المتوسط".
"اتجار وتعذيب وانتهاك"
وكشف التحقيق الذي أجرته كل من "لوموند الفرنسية، ودير شبيغل الألمانية، ومالطا توداي، والجزيرة الإنجليزية، ومنصة لايت هاوس ريبورتس" أن "الكتيبة تقوم بتشغيل سفينة في المتوسط منذ مايو الماضي واعترضت أكثر من 1000 مهاجر وأعادتهم إلى ليبيا بمساعدة طائرات مراقبة أوربية متورطة معها"، وفق التحقيق.
وأشار التقرير إلى أن "الكتيبة قامت بعمليات تعذيب واتجار بهؤلاء المهاجرين وطلب فدية من ذويهم في بعض الحالات، وأن بعض دول الاتحاد الأوروبي على دراية بالطبيعة غير المشروعة للعديد من أنشطة كتيبة "صدام حفتر" بما في ذلك الاتجار بالبشر.
"قرصنة مقننة"
وأكدت خبيرة القانون الدولي في جامعة مونستر الألمانية، نورا ماركارد أن "ما تفعله كتيبة "طارق بن زياد" التابعة للجنرال الليبي حفتر هو عملية اختطاف أكثر من كونها عملية إنقاذ، مضيفة: كل ما عليك فعله هو أن تتخيل القراصنة وهم يعلنون أنهم سيتعاملون مع حالة استغاثة ثم يقبضون على المهاجرين، مؤكدة أنه لا ينبغي لفرونتكس ومراكز تنسيق الإنقاذ الوطنية تقديم معلومات إلى أي جهات فاعلة ليبية".
ولم يصدر أي تعليق من قبل القوات التابعة لحفتر أو الكتيبة حتى الآن تعليقا على التحقيق الذي دعم معلوماته بتسريبات صوتية وصور للمهاجرين واختطافهم.
فهل يسبب تورط "حفتر" في ملف المهارجين غير الشرعيين والاتجار بهم غضبا أوروبيا ضده خاصة من إيطاليا؟
"عقوبات ضد مالطا وليس حفتر"
في حين رأى عضو التكتل السياسي لإقليم "فزان" (الجنوب الليبي)، وسام عبدالكبير أن "ليبيا لها أساليب خاصة للتعامل مع ملف الهجرة الغير الشرعية منذ زمن القدافي، فهي دوما تقوم بابتزاز الجانب الأوربي حول عمليات عبور المهاجرين".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "التحقيق الأخير يثبت تورط القوات المسلحة المالطية في هذه العمليات وتعاونها مع كتيبة "طارق بن زياد" التابعة لحفتر، لذا اعتقد أن الغضب الأوروبي يفترض أن يوجه ضد مالطا المتورطة في الأمر ربما بضوء اخضر أوروبي"، وفق تقديره.
وتابع: "لا أتوقع أن هذه العمليات سينتج عنها غضب أوروبي أو إيطالي ضد حفتر كون هناك دول متورطة معه، ويظل ملف الهجرة الغير الشرعية ملفا شائكا ومعقدا وأكبر من إمكانات الدول الليبية والتي تبقى دولة عبور وليست دولة منشأ"، كما قال.
"استفادة مادية"
الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط قال من جانبه إن "ملف الهجرة ملف شائك ومعرقل للاستقرار في ليبيا كما أن تهريب البشر معضلة تعاني منها أوروبا وليبيا باعتبار أن ليبيا بلد عبور وأوروبا بلد الهدف، ومؤخرا تغير الأمر للأحسن مؤخرا حيث بدأت القوى السياسية والعسكرية في تنفيذ بعض السياسات التي ساهمت في التقليل من هذه التجارة".
واستدرك قائلا: "لكن هناك بعض القوى العسكرية الغير منضبطة تستخدم هذه الممارسات للاستفادة منها ماديا وهذه الممارسات هي محرك يغذي ويمول بعض المجموعات من خلال استخدام المهاجرين كسلعة، وبخصوص الغضب الأوروبي فإن أوروبا نفسها لازال أمامها الكثير من الوقت لتنظم نفسها لتواجه هذه الآفة"، وفق تصريحه لـ"عربي21".
"مليشيات إجرامية"
الناشط السياسي الليبي المهتم بملف الهجرة غير الشرعية، إسماعيل بازنكة رأى أن "أزمة المهاجرين غير الشرعيين هي جزء من الصراع الأوروبي الداخلي والاختلاف في معالجة الأزمة، وتضطر بعض دول الاتحاد الأوروبي للجوء إلى وسائل غير قانونية للتعاطي مع المشكلة ومنها التعاون مع مليشيات إجرامية وغير قانونية لوقف تدفق موجات الهجرة، في غشارة لكتيبة "طارق بن زياد".
وقال لـ"عربي21": "هذه الميليشات لها سوابق في الاتجار بالبشر واستغلال أزمة الهجرة غير الشرعية سواء في غرب ليبيا أو شرقها، وهذا نتيجة رفض بعض دول الاتحاد الأوروبي اللجوء للوسائل الآمنة لحل المشكلة من جذورها مثل سبب هذه الهجرة أصلا والفقر والحروب في البلاد التي يهرب منها المهاجرون وبعض هذه الحروب والفقر تسببت فيها دول أوربية، لذا عليها حل الأزمة من جذرها"، وفق تعبيره.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية حفتر ليبيا تهريب أوروبا ليبيا أوروبا تهريب حفتر تجارة بالبشر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طارق بن زیاد غیر الشرعیة ملف الهجرة
إقرأ أيضاً:
ميلوني في مأزق سياسي بعد حكم المحكمة العليا بتعويض المهاجرين
أصدرت المحكمة العليا في إيطاليا حكما يُلزم الحكومة بدفع تعويضات مالية لمهاجرين غير نظاميين احتُجزوا في ظروف غير قانونية، في خطوة تُعدّ سابقة في أوروبا.
ووُصف القرار، الذي أثار ردود فعل متباينة، بأنه انتصار لحقوق الإنسان، لكنه في الوقت ذاته يُمثل تحديا كبيرا للحكومة اليمينية بقيادة جورجا ميلوني، التي جعلت من سياسات مكافحة الهجرة غير النظامية حجر الزاوية في أجندتها السياسية.
وبحسب ما أوردته وكالة "آنسا" الإيطالية، فإن المحكمة العليا الإيطالية أصدرت قرارها في 7 مارس/آذار الجاري، معتبرة أن احتجاز بعض المهاجرين دون إجراءات قانونية مناسبة وفي ظروف غير إنسانية ينتهك القوانين المحلية والدولية، مما يستوجب تعويضهم ماليا.
وجاء الحكم استجابة لدعاوى قانونية رفعها مهاجرون احتُجزوا لفترات طويلة دون محاكمة أو وُضعوا في مراكز احتجاز لا تستوفي المعايير الإنسانية.
حادثة سفينة "ديتشوتي"أحد أبرز القضايا التي استند إليها الحكم هي حادثة وقعت في أغسطس/آب 2018، عندما أنقذت خفر السواحل الإيطالية 190 مهاجرا في البحر المتوسط بالقرب من جزيرة لامبيدوزا، معظمهم من إريتريا.
ووفقا لما نشره موقع "إنفومايغرانتس"، تم السماح لـ13 شخصا فقط بالنزول إلى الجزيرة لأسباب طبية، بينما أُجبر 177 آخرون على البقاء على متن السفينة "ديتشوتي" لمدة 10 أيام، بناءً على أوامر وزير الداخلية آنذاك ماتيو سالفيني.
إعلانوقد مُنع المهاجرون خلال تلك الفترة من النزول إلى ميناء كاتانيا في صقلية، ولم يُسمح لهم بالمغادرة إلا بعد أن وافقت ألبانيا وأيرلندا على استقبال بعضهم، كما تدخلت الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية لتقديم المساعدة.
وأثار هذا الاحتجاز القسري جدلا واسعا، حتى أصبحت القضية رمزا لسياسات الهجرة المتشددة التي تبنتها الحكومة في ذلك الوقت.
غضب ميلونيولم تتأخر ميلوني في الرد، حيث أعربت عن غضبها العارم إزاء هذا القرار. ووفقا لما نقلته الصحيفة الإيطالية "لا ريبوبليكا"، وصفت رئيسة الوزراء الحكم بأنه "غير عادل" و"يضعف سيادة الدولة على حدودها"، مشيرة إلى أنه قد يشجع المزيد من المهاجرين على محاولة دخول إيطاليا بطريقة غير قانونية، طمعا في الحصول على تعويضات مستقبلية.
وأضافت ميلوني أن حكومتها تعمل منذ توليها السلطة على الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، متهمة منظمات حقوق الإنسان وبعض الجهات القضائية بعرقلة جهود الحكومة في ضبط الحدود.
كما أشارت إلى أن القرار يتناقض مع التشريعات الأخيرة التي أقرتها حكومتها للحد من الهجرة غير النظامية، بما في ذلك تشديد العقوبات على مهربي البشر وزيادة عمليات الترحيل.
تداعيات القرار على سياسة الهجرةويعتبر هذا الحكم تطورا مهما قد يكون له تأثير على سياسات الهجرة ليس فقط في إيطاليا، بل في دول أوروبية أخرى تواجه تحديات مماثلة.
ولطالما طالبت إيطاليا، التي تُعد إحدى البوابات الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، بتضامن أوروبي أكبر في التعامل مع هذه الظاهرة، محذرة من أن تركها وحدها في مواجهة تدفق المهاجرين قد يؤدي إلى أزمة إنسانية وأمنية.
ومن ناحية أخرى، قد يُشجع هذا الحكم المهاجرين على اتخاذ إجراءات قانونية مماثلة في دول أوروبية أخرى، ما قد يضع سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍّ جديد.
كما أن الحكم قد يفرض ضغوطا على الحكومة الإيطالية لمراجعة سياساتها المتعلقة بالمهاجرين ومراكز الاحتجاز، خاصة مع تصاعد انتقادات المنظمات الحقوقية التي تتهم الحكومة بالإخفاق في احترام المعايير الإنسانية.
إعلانومع تصاعد الجدل حول هذا الحكم، تترقب الأوساط السياسية والقانونية الخطوات التي ستتخذها الحكومة الإيطالية. فبينما قد تسعى ميلوني لتعديل التشريعات أو الطعن في الحكم بطرق قانونية، فإن الضغوط الأوروبية والداخلية قد تدفع الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه المهاجرين.