السيدة سكينة بنت الإمام الحسين رضى الله عنه، واسمها الأصلي (آمنة)، أمها (الرَّبَاب) بنت امرئ القيس الكِنْدِيِّ ملك (بني كلب). 

السيدة سكينة الكبرى بنت الإمام الحسين

ولدت السيدة سكينة عام 47هـ، وهي أول من دخل مصر من أبناء الإمام علي رضى الله عنه، كما نقله جماعة، منهم: ابن الزيات، وابن زولاق مؤرِّخ مصر (المحقق في القرن الرابع)، وينطق اسمها المشهور [بضم السين وفتح الكاف] تصغيرًا على وزن (بُثَينَة)، وقد أخذ اسم (سُكَينة) من الهدوء والأمن والاستقرار والرضا، وقد جمعت في دمها بين آثار النبوة من أبيها الحسين، وبين جلال الملوكية العربية من أمها الرباب.

سبب دخولها مصر 

وكان سبب دخولها مصر، أن خطبها الأصْبَغ بن عبد العزيز بن مروان أمير مصر، كما ذكره (ابن خَلِّكَانَ)، وكانت قد عادت من الحجاز الذي ذهبت إليه بعدما أدخلت مصر مع عمتها السيدة زينب، وكان من سياسة الأمويين بعد مقتل الحسين محاولة التخفيف من وقع الحادث عند الناس، بالتقرب إلى أهل البيت بالزواج منهم، وإسناد بعض الإمارات والمناصب إلى من يأمنونه من أهل البيت. 

من هي السيدة سكينة الكبرى بنت الإمام الحسين وما سبب دخولها مصر؟ إمام الحسين: الشعب المصرى بطل ويدرك قيمة الوطن


وبينما سكينة في طريقها إلى مصر، إذ بلغها شناعة بغي الأصبغ وجوره وفجوره، فأقسمت ألَّا تكون له زوجة أبدًا، واستجاب الله لها، فما إن وصلت منية الأصبغ في مصر حتى كان قد مات الأصبغ قبل أن يراها، وكانت قبل ذلك قد تزوجت بابن عمها عبد الله بن الحسن بن عليٍّ رضى الله عنه.

وهكذا انتقلت من (منية الأصبغ) إلى دارها التي بقيت بها إلى أن ماتت، ثم أصبحت هذه الدار لها مشهدًا ومسجدًا إلى اليوم، وقد جَدَّدَهُ عبد الرحمن كَتْخُدَا، ثم جددته وزارة الأوقاف، قريبًا من مشهد السيدة نفيسة، ومشهد السيدة رقية بنت علي الرضا رضي الله عنها، وهذا هو الملاحظ في كثير من أهل البيت والسادة الأولياء؛ فإنهم كثيرًا ما تكون بيوتهم في حياتهم هي مدافنهم بعد مماتهم، ولله في ذلك حكمة. 


وقد جاء عن والدها، الإمام الحسين، قوله:


لعمرك إنني لأحب دارًا  * تكون بها سكينة والرباب
أُحبهما وأنفق جُلَّ مالي  * وليس لعاتِبٍ عندي عتاب


فقد كان رضى الله عنه يحبها، ويحب أمها الرَّبَابَ كل الحب؛ لِما كانتا عليه من جمال وكمال.
من دخل مصر بعد سُكَيْنة:


وكان أول من جاء مصر بعد سكينة السيدة نفيسة (الكبرى) بنت زيد الأبلج، بعد طلاقها من الخليفة الأموي، ثم جاءت من بعدها نفيسة (الصغرى) بنت الحسن الأنور.
وبعد هذا تَتَابع دخول أهل البيت إلى مصر وإقامتهم بها؛ لِمَا وجدوا من أهلها من صدق الحب، ولبعدها عن مواطن الفتن والائتمار، ومشاكل الأمور السياسية، وقانا الله فتنتها. 

دعاوى أهل الباطل

ولقد ادَّعى الوضَّاعُونَ، وخصوم أهل البيت دعاوى على السيدة سكينة، يبرأ منها الحق إلى الله، كَادِّعَائِهِم شغفها بالغناء واللهو واختلاطها بالرجال، وإشاعتها عقصات الشعور، وغير ذلك مما قصد به محاولة الإساءة إلى أهل البيت، ثم نقله كثير من المؤلِّفِينَ بحسن النية أو سوئها، وشاع ذلك على بعض الألسن بدون وعي، وهو دخيل باطل فاسد مدسوس لئيم، لا ينبغي السكوت عليه من مسلم؛ لِمَا فيه من قصد التشهير ببيت النبوة والاحتيال للوصول إلى اغتماز شخص النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي تجريح رسالته المقدسة، كيف والله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33]، فهل نصدق الله أم نصدق الرواة الكاذبين، والرواة الذين يغلبُهم حسن النية أو التأويل والاعتذار؟!


والذي لا شك فيه أنَّ سكينة النبوية كانت أديبة ذواقة ناقدة عالمة بدقائق اللغة وخصائص الدين، شأن نساء أهل البيت كلهم، وكانت ربما أجازت الشعراء والأدباء والعلماء وأجزلت لهم، واستضافتهم وشجعتهم، وذلك أمر مطلوب من أهل البيت عامة، ومن حُرَّاسِ التراثِ المحمدي لغة ودينًا بصفة خاصة، وكثير مما جاء من الأخبار من هذا الجانب صحيح ومشرف.


أمَّا ما زاد على ذلك من أخبار اللهو والغناء ونحوه؛ فمن دس الباطنية، ووضع النواصب الكذابين، ومن إفك حساد أهل البيت وخصوم الإسلام، وهو إفك يرويه فاسق عن فاسق، وكذاب عن كذاب، وحقود عن حقود؛ تأييدًا لسياسة اضطهاد أهل البيت، وبخاصة في العصر الأموي والعباسي مما لا شك فيه، والمتواتر في سيرتها أنه كان يغلب عليها الاستغراق في العبادة، كما نقله ابن الصَّبَّاغِ، ونسب بعض المؤرخين هذا القول إلى والدها الإمام الحسين رضى الله عنه.


من في الضريح ومن حوله: 


وقد دُفِنَ في ضريح السيدة سكينة بنت الإمام الحسين بمصر عند باب المشهد، جماعة من السادة، منهم: الشريف حيدرة بن ناصر، من الفواطم السليمانية أبناء الإمام الحسين الأكبر من حفيده الحسين الأصغر، وكانوا بصنهاجة المغرب. 


وكان الشريف حيدرة قد جاء مصر زائرًا فمات بها، وصلى عليه الخليفة العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي، ودفن في باب المشهد السكيني.


ودفن بباب المشهد كذلك الشريف النَّسَّابَةُ، المقيم حياته بالمشهد السكيني (السيد إبراهيم بن يحيى بن بللوه المشهدي)، ودفن معه ولده السيد حسن، وبنت ابنه السيد حسن، واسمها زينب. بحسب ما جاء في كتاب : مراقد أهل البيت في القاهرة للشيخ محمد زكي إبراهيم. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السيدة سكينة الإمام الحسين رضى الله عنه السيدة نفيسة وزارة الأوقاف أهل البیت من أهل

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: الله حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن حفظ الله لعباده، المستمد من اسمه "الحفيظ"، يشمل كل الناس، مطيعون لله كانوا أو عصاة، فالإنسان وهو يعصي الله محفوظ، وعادة ما تجد أن العصاة أو الخارجين على حدود الله لديهم نعم أكثر، مما يدل على أن هذه النعم ليست شيئا في الحسبان الإلهي، وأن الدنيا للمطيع وللعاصي، فالله تعالى يمهل العاصي، ليس تربصا به ولكن لعله يتوب أو يرجع، وفي كل شيء تجد تطبيقا عمليا لقوله تعالى في الحديث القدسي: " إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبي".

وبيِن الإمام الطيب، خلال حديثه اليوم بثامن حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» لعام ٢٠٢٥، أن لاسم الله "الحفيظ" معنيان، الأول هو الضبط، ومعناه ضد النسيان أو السهو، فيقال "فلان حافظ للقرآن عن ظهر قلب"، أي لا يمكن أن يخطئ في كلمة من كلماته، والمعنى الثاني هو "الحراسة"، من الضياع، ولا يكون ذلك إلا بحفظ من الله، لافتا أن حفظ الله للأرض والسماء يعني الإمساك والتسخير، فهو تعالى يمسك السماء أن تقع على الأرض رحمة بعباده وحتى يتحقق لهم التسخير بالصورة الكاملة التي تفيد الإنسان وتعينه على أداء رسالته في هذه الحياة.

وأضاف شيخ الأزهر أن حفظ الله تعالى يشمل كذلك القرآن الكريم، فهو سبحانه وتعالى الحافظ للقرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع، مصداقا لقوله تعالى: " إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وهو القرآن وإنّا لَهُ لحَافِظُونَ "، وهذا هو التأكيد الأكبر بأن القرآن لم يعبث به في حرف واحد، فقد وصلنا كما بلغه النبي "صلى الله عليه وسلم"، وهو بين يدينا كما قرئ بين يديه "صلى الله عليه وسلم" دون أي تحريف أو تغيير.

واختتم فضيلته أن الإنسان مطالب، بجانب حفظ الله تعالى له، أن يعمل هو على حفظ نفسه وعقله، فهما أهم ما لديه من نعم الله تعالى، فهو مطالب بحفظ نفسه من المعاصي ومن تصلب الشهوات، ومطالب أيضا بحفظ عقله من المعلومات والمحتويات الضارة، والتي منها على سبيل المثال، ما قد ينتج عنه التشكيك في الدين أو العقيدة، وبهذا يكون بإمكان الإنسان أن يحفظ نفسه وعقله.

مقالات مشابهة

  • عضو الطرق الصوفية يرد على المشككين في قدوم السيدة عائشة إلى مصر
  • هل البيت الموجود فيه صور لا تدخله الملائكة؟ ..علي جمعة يجيب
  • بث مباشر.. نقل شعائر صلاة العشاء والتراويح من مسجد الإمام الحسين بالقاهرة
  • البيت الرمضاني
  • عالم أزهري: السيدة سكينة زهرة من بيت النبوة ورائدة النهضة الثقافية في مصر
  • شيخ الأزهر: الله حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع
  • انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين
  • ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين يناقش حفظ التراث والشريعة
  • بالفيديو.. محمد أبو هاشم: السيدة سكينة زهرة من بيت النبوة ورائدة النهضة الثقافية في مصر
  • شعائر صلاة أول جمعة في رمضان 2025 من الحرمين الشريفين