اعتقالات ودمار.. شهادات أهالي مخيم جنين في ثالث أيام الحصار
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
جنين- في الشارع الرئيسي الواصل بين مستشفى الشفاء الخاص ومخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية، كانت أم مجاهد أبو جلدة تسير بتخوف واضح رفقة زوجة ابنها وحفيداتها الثلاث، بعد تمكنها من الخروج من المخيم للبحث عن حليب لحفيداتها وخبز لبقية العائلة التي ظلت في بيتها في حارة الدمج.
تقول أم مجاهد إنها خاطرت بنفسها وبحفيداتها لكنها لا تملك خيارا آخر، فلا حليب في المنزل للطفلة البالغة من العمر شهرين فقط، ولا خبز ولا طعام في الثلاجة التي تخدم أكثر من 7 أفراد.
وتضيف "لم يكن الطريق سهلا أبدا، مررت من شارعين وأوقفني جيش الاحتلال ومنعني من العبور وأجبرني على العودة، اضطررت لسلك طريق ثالث أطول مسافة، ووجدت أيضا دورية وسألوني عن وجهتي قبل أن يسمحوا لي بالمرور".
وتتحدث الجدة عما حدث معهم خلال الأيام الثلاثة للحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على المخيم منذ ليل الاثنين الماضي وتقول "دخلوا منزلنا ودمروا كل شيء فيه، حطموا الأثاث ومزقوا صورة ابني الشهيد واعتقلوا ابني مجاهد، فتشوا منازل العائلة كلها، واعتقلوا الشباب منهم ثم غادروا".
ويصف الأهالي الوضع في المخيم بأنه أكثر صعوبة مما عاشوه خلال اجتياح العام 2002، فلا معالم واضحة في المخيم اليوم، وكل الأزقة عبارة عن دمار، والجيش يجري عمليات تفتيش للبيوت بشكل مكثف، إذ ينتقل من بيت لآخر ومن حارة إلى أخرى ويمنع الأهالي من الخروج من المنازل لأي سبب كان.
ورغم تمكن أم مجاهد من الوصول إلى مركز مدينة جنين فإن المحال التجارية كانت مغلقة بشكل كامل، والشوارع فارغة إلا من الصحافيين وبعض سيارات الإسعاف التي تتمركز في أماكن قريبة من مداخل المخيم في محاولة لتقديم الإسعافات الأولية للجرحى، خصوصا بعد منع قوات الاحتلال دخولها إلى المخيم لنقل الإصابات.
وتؤكد أن "أعداد كبيرة من العائلات موجودة في المخيم لا تستطيع التحرك، محاصرة في منازلها، الوضع كارثي هناك، لا طعام ولا إسعافات، الخوف مسيطر على الناس وخاصة الأطفال، نحتاج إلى مستلزمات أساسية كثيرة بدأت تنفد من البيوت".
وفي منزلها في حارة الحواشين إحدى أكثر حارات المخيم التي يركز الاحتلال الإسرائيلي عليها في كل اقتحام، تسمع أم مهدي الدمج من فترة إلى أخرى أصوات الانفجارات القريبة من البيت، وصراخ جنود الاحتلال في الشارع.
وتقول "كانت الليلة الماضية عبارة عن رعب حقيقي، لم نستطع النوم أبدا أصوات الانفجارات كانت تشتد كل ساعة، وأصوات الاشتباكات كانت قريبة جدا، وحتى صوت القصف في الحارة الشرقية من المدينة كان يصل إلينا بشكل واضح وقوي".
وتضيف أم مهدي "استيقظت طفلتي (3 سنوات) على صوت الانفجار وكانت تشعر بالخوف، وطوال اليوم تسألني، هل انسحب الجيش من المخيم؟ هل سيستمر وجودهم لوقت أطول؟ نحاول شرح ما يجري للأطفال لكنهم صغار لفهم كل هذا وليعيشوا كل هذا الرعب".
ويعيش أهالي المخيم ساعات من القلق والخوف المتواصل مع استمرار تفتيش جنود الاحتلال البيوت وتدميرها بالجرافات العسكرية الإسرائيلية، واعتقال الشبان. وبدأت تخرج مناشدات من بين الأهالي بضرورة إدخال الطعام والخبز إلى المخيم الذي يعيش حصارا تاما منذ أكثر من 50 ساعة.
وتؤكد أم مهدي "بصراحة يجب أن يتم التنسيق مع أي جهة لضرورة السماح لنا بالخروج وتوفير احتياجاتنا الأساسية وخاصة الطعام، الأطفال جاعوا ولا يوجد خبز في منزلنا ولا في المنازل المجاورة، هل يسعى جيش الاحتلال لتكرار سيناريو غزة في المخيم؟"، تتساءل.
وينشر جيش الاحتلال القناصة على أسطح المنازل في المخيم وفي العمارات المحاذية له والمطلة عليه، في حين تواصل الجرافات تدمير الطرق والشوارع في داخله وفي الطرق المؤدية إليه في مدينة جنين.
وحتى الآن، لم يسمح لأي من فرق الإسعاف أو الدفاع المدني بدخول المخيم، في حين تصل أخبار من داخله تفيد بازدياد أعداد المعتقلين من الرجال والشبان بشكل كبير جدا، حيث يعتقل الجنود كل الرجال في المنازل التي يدخلونها.
وتوضح أم مهدي "دخلوا بيت شقيق زوجي، فتشوه بالكامل ودمروا محتوياته ثم اعتقلوا أولاده الأربعة، وما زلنا لا نعرف أي خبر عنهم، نحن مواطنون عاديون، تعبنا من هذا الخوف والدمار وأطفالنا يشعرون بالرعب من كل الأصوات التي يسمعونها".
سياسة تجويع
ولم يتلق أهالي المخيم أي اتصالات مع أي جهة دولية لتوفير الاحتياجات الأساسية والأدوية، ويؤكد السكان أن الاحتلال يهدف من حصار المخيم إلى وأد المقاومة فيه والقضاء عليها، ويخشى الأهالي من استمرار الحصار وقتا طويلا، وهو ما يعني تجويع الناس وزيادة الأمراض.
وتتابع أم مهدي "شقيق زوجي مريض يحتاج لعلاج دائم ولا يمكننا تأمينه له بأي شكل كان، نحن 6 أفراد في المنزل، حتى الآن لم يأت دورنا في التفتيش، لكنهم فتشوا كل البيوت المجاورة لنا".
وتضيف "أخبرني جيراني أن جنود الاحتلال أتلفوا الطحين والطعام والزيت الموجود في منزلهم، هم يحاولون تدمير كل شيء والوصول إلى مرحلة تجويع الناس في المخيم، يفترض أن يتم الاتصال مع الارتباط الفلسطيني لتوفير الطعام والعلاج وحليب الأطفال".
وكانت منظمة أطباء بلا حدود نشرت على موقعها على منصة "إكس" بيانا قالت فيه إن الأهالي في مخيم جنين معرضون للموت بسبب عدم تمكنهم من الوصول للمستشفيات لتلقي العلاج، وقالت إن إحدى سياراتها تعرضت لإطلاق نار من قوات الاحتلال خلال محاولتها دخول المخيم.
وأول أمس الثلاثاء، تفاجأ الأهالي بأصوات أغاني عبرية ترتفع عبر مكبرات أحد مساجد المخيم، ليرد الناس بإطلاق صفارات الإنذار وتشغيل خطابات أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام في قطاع غزة، وتشغيل الأغاني الوطنية في كل مساجد مدينة جنين.
وانتشر مقطع مصور يبدو أن أحد جنود الاحتلال نشره يظهر تدنيس الجنود مسجدا والغناء عبر سماعاته.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم ومدينة جنين، فجر الاثنين الماضي، وفرضت حصارا كاملا عليه، في حين قصفت بطائرات الاستطلاع موقعين في البلدة القديمة في مدينة جنين الحارة الشرقية، واستشهد حتى الآن 11 شهيدا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الاحتلال جنود الاحتلال جیش الاحتلال مدینة جنین مخیم جنین فی المخیم
إقرأ أيضاً:
ولاء السلامين: الاحتلال يواصل التصعيد في الضفة وتشديد الحصار على نابلس
أكدت ولاء السلامين، مراسلة قناة القاهرة الإخبارية في رام الله، استمرار الاقتحامات الإسرائيلية والتصعيد التدريجي في مختلف مناطق الضفة الغربية، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثالث والتسعين على التوالي، مع نشر المزيد من القوات والدبابات في محيط المخيم والمدينة، إضافة إلى توسيع رقعة العمليات لتشمل قرى وبلدات في محافظة جنين مثل السيلة الحارثية، اليامون، وقباطية.
وأشارت إلى أن مدينة طولكرم ومخيمها لا يزالان يشهدان تصعيدًا مستمرًا، مع تزايد النزوح القسري ومنْع السكان من العودة حتى لأخذ مستلزماتهم الضرورية بسبب القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال. كما يعمل الاحتلال على إحداث تغييرات جغرافية وديموغرافية في المنطقة، خاصة شمال الضفة الغربية، بما يشمل جنين، طولكرم، ونابلس.
ذكرت السلامين أن مدينة نابلس تخضع لحصار مشدد رغم عدم تسجيل اقتحامات مباشرة خلال بعض الأوقات، حيث أقام الاحتلال أكثر من عشرة حواجز عسكرية، مع تواجد مكثف لقواته وفرض قيود صارمة على الحركة، مما يخنق المدينة اقتصاديًا واجتماعيًا.
كما أشارت إلى اعتقال شاب فلسطيني من بلدة يعبد في جنين، بالإضافة إلى اقتحام مخيم بلاطة واغتيال المقاوم محمود سناقرة، الذي استشهد شقيقه في وقت سابق، فيما سبق لقوات الاحتلال أن هدمت منزل عائلته في المخيم.