حسان الناصر: عُش الغراب !
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
دول الجوار ليست عدو إستراتيجي للسودان، دول الجوار ساقطة في فخ تبعية واضحة للمؤسسات التي تحاول بعثرة الإقليم من أجل الظفر به، وتفكيك شعوبه وتدميرها، و الإستفادة الكلية من موارده.
يظن بعض قادتها أنهم بمساعدة مشروع تفكيك السودان و إدخاله في نفق مظلم يمكنهم الاستفادة من بعض الإمتيازات ولكن للأسف، أي ضرر يصيب الدولة سينعكس عليهم.
لا يمكن ضمان إستقرار الإقليم في ظل مسار هذه الحرب، ستفجر العواصم وتبدأ الحركات المتمردة في كل مكان، ستدخل المنطقة من واسع أبوابها في نفق مظلم.
نعم! قلوبنا تشحن بالغضب و الغل، و الدماء تغلي في عروقنا، ولكن دعونا ننظر إلى ماهو أبعد، العقد القادم سيكون أشد فتك بسكان الإقليم عموما من دلتا النيل وحتى ينابيعه، ومن شواطيء البحر الأحمر وحتى حدود بحيرة تشاد.
علينا أن ندافع عن الدولة ونتبع خطوط واضحة، أكثر حكمة في التعامل مع شعوب هذه الدول، ليست مصلحتنا أن نرى الشعب التشادي يدخل في برك الدماء وليست مصلحتنا أن تموج كينيا بالفوضى، أو تعود أوغندا إلى مربع الحروب.
في ظل هذا النزوح و القتل الذي يستهدفنا كشعب علينا أن نفكر أيضا في الغد، وحتى إن إتخذنا مسارات صعبة علينا أن نفكر دائما في أننا كسودانيين لا نريد لأحد أن يعيش مأساة، علينا أن نتعلم الجراحة الدقيقة في ظل هذا التخبط الذي تعيشه هذه الأنظمة التابعة المحيطة بنا.
بكل تأكيد مصلحة السودان هي العليا ولكن مصلحة السودان في ضمان إستقرار إقليمه و دول جواره، لن نسقط في الفخ مرة أخرى، لقد تعلمنا جيدا من الدروس السابقة، ومن دروس العراق و إيران، هؤلاء الذين يريدون أن يحولنا إلى آلة حرب لن ينجحوا.
سندافع عن الدولة ومسارها، وسنحافظ على توازنات مهمة وسنضرب المليشيا حتى لا يتكرر هذا الحدث مجددا، علينا أن نقود مسيرة التحرير في وعينا الإستراتيجي، و الإستراتيجي في هذه اللحظة يعني أن نقوم بإنهاء هذا العبث الذي يحدث في الخرطوم، وإلا ستدخل المنطقة في نفق مظلم، لذلك علينا أن نتحمل مسؤولية الذي يحدث في الداخل وإنهاءه.
لحظتها ستعلم الشعوب أننا قد دفعنا مهرا غاليا من أجل المستقبل وأننا كدولة وشعب قد أعطينا الغد أملا غاليا من أجل إستقرارهم، لذلك أعيد و أقول يجب أن ننهي هذا الذي يحدث في الداخل بشكل نهائي حينها لن يتدخل أحد في أزمتنا!
لذلك أرى أن إستراتيجية عُش الغراب هي ذات جدوى، وعُش الغراب لمن لا يعرفه، هي ظاهرة جيولوجية تتشكل من خلال عمليات تعرية طويلة المدى لكنها تعتمد على الفعل المستمر و المتواصل، في إتجاه محدد.
حسان الناصر
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: علینا أن
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: حماس انتصرت علينا في ست مجالات داخلية وخارجية
أكد كاتب إسرائيلي أن المنتصرين في الحروب ليسوا من يقتلون المزيد من الجنود، ومن يسيطرون على المزيد من الأراضي.
وقال ييغأل بن نون، خبير العلاقات السرية بين دولة الاحتلال والمغرب، نه "منذ خمسينيات القرن العشرين، انتهت جميع الحروب التي شنتها الولايات المتحدة بالفشل، ومقتل ملايين المدنيين، خمس حروب دامية أظهرت ضعف قوة عالمية رائدة: الحرب الكورية 1950-1953، وحرب فيتنام 1964-1975، وحرب الخليج الأولى 1991، وحرب أفغانستان 2001-2014، وحرب العراق 2003-2011، ولم تساهم أي من هذه الحروب بتعزيز قوة الولايات المتحدة، بل ألحقت أضراراً بالغة بملايين المدنيين".
وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "هذه النتيجة مهم أن تكون حاضرة لدى دولة الاحتلال بوصفها "تغذية راجعة"، مفادها أن المنتصرين في الحروب ليسوا من يقتلون المزيد من الجنود، ومن يسيطرون على المزيد من الأراضي، ويبدو أن الولايات المتحدة وأوروبا تعلمتا الدرس، وقررتا حل صراعات الدول في المقام الأول بالوسائل غير العسكرية، ولعل نموذج الحرب الباردة ماثلا أمام الإسرائيليين، حيث هزمت الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي دون إطلاق رصاصة واحدة، وهذه طبيعة الحروب الدائرة اليوم بين الولايات المتحدة والصين، وبينها وبين أوروبا".
واعترف أنه "في المقابل، فإن حماس كمنظمة عصابية بلا جيش وبلا دولة، انتصرت على الاسرائيليين في عدة مستويات في فترة قصيرة من الزمن: أولها تنفيذ هجوم قاتل في السابع من أكتوبر، وثانيها جرّ الجيش إلى غزة دون أن يكون مستعداً له، وثالثها منع القضاء عليها على يد أحد أفضل الجيوش في العالم، ورابعها جرّ الاحتلال للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لارتكابها جريمة إبادة جماعية، وخامسها نجحت بوضع القضية الفلسطينية على الأجندة العالمية، وسادسها جعلت الإسرائيليين غير مقبولين في نظر أجزاء واسعة من العالم".
وأشار إلى أنه "قبل هجوم السابع من أكتوبر لم تكن أي دولة عربية تهدد إسرائيل، بل سعى أغلبها للتقرب منها، أما بعده، فإن أغلب الدول تخشى من الأعمال المسلحة والميليشيات العصابية التي قد تجرّها لصراعات عالمية، وبعد أن ظهر الوضع السياسي لإسرائيل مثاليا في كثير من النواحي، وامتلك أحد أكثر الأجهزة الأمنية شهرة في العالم كالموساد والشاباك، لكنه بعد الفشل الذريع، أصبح واضحا أن الجيش ليس الجهاز المناسب لمنع الميليشيات العصابية من استهداف المستوطنين، وليس الوسيلة المناسبة لحمايتهم".
وكشف أن "هجوم السابع من أكتوبر أدى لانهيار المزايا التي احتاجتها إسرائيل، حيث فشلت تدابيرها الأمنية، وتبين أن قوة الجيش أعطت الإسرائيليين وهماً من الأمن، وثبت خطأ اعتقادهم بأن الأسوار الكهربائية وعشرات الكيلومترات من الجدران التي كلفت مليارات الدولارات، ستجعلهم يتغلبون على أي سيناريو مفاجئ، حيث لم يكن سلاح الجو مستعدًا لسيناريو الغزو الجماعي، وانهارت أجهزة الاستخبارات بسبب الكم الهائل من المعلومات التي فُرِضت عليها، وتبين أن البيانات الضخمة لا تشكل ضمانة للمعرفة الفعالة".
وتساءل: "هل كان الاجتياح الفوري لغزة هو الطريق الصحيح للسيطرة على حماس، وهل كانت هناك خطة معدة مسبقاً لتحديد أماكن الأنفاق وتدميرها، مع أن الوضع يقول إن حماس جرّت الاحتلال للحرب التي أرادتها، والجيش اليوم يعاني من نقص هيبته، مما يستدعي من قيادة الدولة إعادة النظر في قضية الأمن، بعيداً عن العامل العسكري، لأن الحرب على الميليشيات المسلحة لا تتطلب بالضرورة استخدام الزي الرسمي، والصفوف المكشوفة، وتركيز المعلومات الحساسة في معسكرات الجيش، والجدران والأسوار الشائكة الكهربائية".
ودعا بن نون إلى "استخلاص الدرس المستفاد من فشل الحرب الحالية في غزة بعدم زيادة تسليح الجيش، والبحث عن حلول غير تقليدية، بدليل أن حماس لم يكن لديها سلاح جوي، ولا دبابات، ولا وسائل تكنولوجية متطورة، بل لجأت للتفكير والخداع، وحققت هدفها بسهولة مدهشة في مواجهة جيش هائل، والاستنتاج الواضح أن الجيش لا يشكل ضمانة أكيدة للدفاع عن دولة إسرائيل، مما يستدعي التوقف عن الاعتماد الحصري على القوة العسكرية، وقتل المقاومين، واحتلال أراضي الفلسطينيين".