موقع النيلين:
2024-10-06@15:28:24 GMT

وفي الليلة الظلماء تُفتقد “أنقذوا دارفور”

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT


وفي الليلة الظلماء تُفتقد “أنقذوا دارفور” (2004) (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
قال المحرر في “نيويورك تايمز”، مؤلف كتاب “مدفعيات الصحافة” (عام 1967)، جيمس روستن، إن الخبر ليس خبراً مجرداً إلا في مساقطه بين العالمين، أما في موطن نشأته فهو علم اجتماع. أي إن الخبر يخرج للعالم من صلب كيان اجتماعي وعليه بصمة من علائق هذا الكيان.

ولكن تنسلخ هذه السياقات عنه حيث بلغ المسامع ويستبدل بها ربما أخرى من علم اجتماع من تلقوه من الوسائط.
ولا أعرف مثل الأكاديمي اليوغندي محمود ممداني من طرق هذه التفرقة بين الخبر وعلم اجتماعه في كتابه “منقِذون ومنقَذون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب” (عام 2009). فأخضع نوعية المعرفة بدارفور من وراء نشاط منظمة “أنقذوا دارفور” الأميركية، التي خرجت في 2004 للتضامن مع دارفور في نكبتها الأولى، لاختبار المفارقة بين الخبر في منشئه والخبر في مساقطه في العالمين. وستجده أصاب كثيراً.
نبدأ بحصر ما نهضت به المنظمة من نشاطات حسب رصد ممداني لها.
كانت حملة “أنقذوا دارفور” التي عبأتها المنظمة من أنجح الحملات الأميركية الجماهيرية للوقفة مع قضية عامة بعد الحملة المناوئة لحرب فيتنام. فأجادت المنظمة فن التحشيد للقضية. فأنشأت موقعاً على الإنترنت. وعبأت من موارد سخية الإعلان في الصحف والتلفزيون ولوحات الإعلان. ووظفت البطاقات البريدية تدعو لـ”مليون صوت لدارفور”. ووزعت ملصقات صفراء عليها الأرقام من واحد إلى 400 ألف، والرقم الأخير هو إحصائية لمن قتلوا في دارفور. وجعلت يوماً من أبريل (نيسان) عام 2006 يوماً عالمياً لدارفور تجمع حشده في حدائق “سنترال بارك” بنيويورك مطالباً بتدخل الأمم المتحدة في الإقليم السوداني. وتكرر إعلان ملء صفحة على “نيويورك تايمز” يدعو إلى التدخل الدولي لمنع المقتلة في دارفور، ورخص للمتدخلين إطلاق الرصاص والقضاء على المتسببين في محرقة دارفور في سياق مطلب المنظمة بأن يفرض مجلس الأمن عدم تحليق الطيران من فوق سماء دارفور، وأن يعين “الناتو” بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان لفرض ذلك الحظر. بل كانت دعوة المنظمة بوجه حرب أميركا في العراق التي وقعت في ذلك الوقت نفسه “اتركوا العراق، ولتطأ أحذية الجند دارفور”. وحين فرض الرئيس جورج بوش الابن المقاطعة على السودان لم يتفق ذلك لـ”أنقذوا دارفور” وقالت إنه ليس قليلاً فحسب، بل تأخر كثيراً أيضاً.
ووجدت “أنقذوا دارفور” إقبالاً وسط الطلاب. وكانت بدأت تلك التعبئة في أوساطهم باجتماع بمتحف الهولوكوست بواشنطن مع نفر منهم في سبتمبر (أيلول) 2004 سرت منه الطاقة في سائر الجسد الطلابي حتى أنهم كونوا منظمتهم المستقلة لإنقاذ دارفور في جامعة هارفرد في 2005 لتمتد إلى 26 جامعة أخرى، ولتبني 600 فرع لها. كما انبثقت من همة “أنقذوا دارفور” منظمة تخصصت في مقاطعة الشركات دون الاستثمار في السودان. وتقاطر عليها النجوم من الفنانين. فتبرعت أنجلينا جولي وبراد بيت بمليون دولار لجمعيات أعمال خير في دارفور. وأنشأ كل من جورج كلوني وبراد بيت ومات ديمون جمعية تدعو إلى المبادرة لوقف المذابح في دارفور باسم “ليس خلال نبطشيتنا”. وزار كلوني ووالده دارفور وعاد كلوني ليتحدث عن زيارته لأوبرا وينفري. بل ودعت أميركا كلوني ليخاطب الأمم المتحدة عن محنة دارفور. وبفضل قوة الحملة على الرأي العام جعل الكونغرس الأميركي يومي 16 و17 من يوليو (تموز) 2005 نهاية وطنية للأسبوع للصلاة لأجل دارفور والتأمل في محنتها.
ورشحت حملة “أنقذوا دارفور” على الصين التي كانت قد ارتكبت لوقتها فظائعها في التيبت. فارتبطت المنظمة بقضية التيبت إفحاماً للصين التي كانت نظمت دورة لأولمبياد الشتاء في 2006. وتبرع من أثر الحملة أحد نجوم الأولمبياد الأميركيين بجائزة نالها للاجئين من دارفور. وسمت النجمة ماي فرو، التي زارت دارفور، أولمبياد الشتاء بأولمبياد المحرقة. وتلاشت الحملة ضد الصين لوقفتها القوية عند أن ما جرى في التيبت شأن داخلي لا شأن لغيرها به.
إذا أردت اليوم، ودارفور في هذا العسر من أمرها، أن ترى ما تراها منظمة “أنقذوا دارفور” فاعلة معها وجدت موقعها لا يزال على الشبكة، ولكنه، في قول أهله، غير مفعل. فبينما بقي علم اجتماع محنة دارفور بشرورها جميعاً كما رأينا في هذه الحرب الآثمة فيها تبدد الخبر. وهذا علم اجتماع آخر عمن أضربوا هذه المرة عن إنقاذ دارفور.
ونواصل
حشد لأنقذوا دارفور بالسنترال بارك نيويورك 7 ديسمبر 2007

وفي الليلة الظلماء تُفتقد “أنقذوا دارفور” (2004) (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
“إذا أردت اليوم، ودارفور في هذا العسر من أمرها، أن ترى ما تراها منظمة “أنقذوا دارفور” فاعلة معها وجدت موقعها لا يزال على الشبكة، ولكنه، في قول أهله، غير مفعل”.
قال المحرر في “نيويورك تايمز”، مؤلف كتاب “مدفعيات الصحافة” (عام 1967)، جيمس روستن، إن الخبر ليس خبراً مجرداً إلا في مساقطه بين العالمين، أما في موطن نشأته فهو علم اجتماع. أي إن الخبر يخرج للعالم من صلب كيان اجتماعي وعليه بصمة من علائق هذا الكيان. ولكن تنسلخ هذه السياقات عنه حيث بلغ المسامع ويستبدل بها ربما أخرى من علم اجتماع من تلقوه من الوسائط.
ولا أعرف مثل الأكاديمي اليوغندي محمود ممداني من طرق هذه التفرقة بين الخبر وعلم اجتماعه في كتابه “منقِذون ومنقَذون: دارفور، السياسة، والحرب على الإرهاب” (عام 2009). فأخضع نوعية المعرفة بدارفور من وراء نشاط منظمة “أنقذوا دارفور” الأميركية، التي خرجت في 2004 للتضامن مع دارفور في نكبتها الأولى، لاختبار المفارقة بين الخبر في منشئه والخبر في مساقطه في العالمين. وستجده أصاب كثيراً.
جاء ممداني في كتابه إلى مسألة دارفور بقريب مما رأينا روستون يفعل. فرأى مثله بعد البون ما بين الواقعة في موطنها ومساقط خبرها بين العالمين. فكانت واقعة دارفور، حيث انتهت إلى منظمة “أنقذوا دارفور” هي عن صراع استئصالي يقوم به الجنجويد العرب، مدعومين بنظام إسلامي عروبي، على الجماعات الأفريقية، الزرقة في المصطلح المحلي، بينما كان رأي محمداني أنه، حيث وقع، نزاع بين بين مالكي الحاكورة (تملك جماعة ما أرضاً حصرياً عليها) ومن لا يملكونها بغض النظر عن الأعراق. فمن ملكوا الحواكير في دارفور أفارقة وعرب سواء. وبين من خلت يدهم عنها عرب وأفارقة كذلك. والصراع بوجه آخر نزاع على الموارد بين الرعاة والمزارعين صدف أن كانت غالبية الرعاة من العرب وإن لم تخل قائمتهم من الأفارقة.
ولا تختلف الصحافية والسينمائية جولي فلنت عن ممداني في كتابها اللاحق لكتابه “الحرب الأخرى: حروب العرب البينية في دارفور” (عام 2010). فأهم ما خرجت به في كتابها أن العرب، الذين ارتكبوا الجرائم في حق أفارقة دارفور خدمة لنظام “الإنقاذ” حتى اتهموا بـ”التطهير الإثني”، كانوا في الأثناء قاتل بعضهم بعضاً طويلاً وبضراوة ودموية. وزادت بأن وقائع “داحس وغبراء” العرب تلك تخلفت في مواطنها، ولم تبلغ أسماع أهل الخبر عبر المحيطات، أو أنهم أسقطوها عمداً حتى لا تعكر صفاء الصراع محض بين العرب والأفارقة. وهو الصراع الذي كان من وراء استثارة المنظمة للحملة أول أمرها في قول ممداني. فغاية “أنقذوا دارفور”، في قوله، هي “تعريب” العنف في سياق الحملات ضد الإرهاب، والعرب موئله، القائمة على قدم وساق. فحملة إسعاف دارفور في أشرق جوانبها، في قوله، هي رومانس مدفوع برغبة في إشباع إنسانية مروعة عجلى لعلاج لمشكلة مؤرقة للضمير، أما في أسوأ حالاتها فهي نشاط متقن مدجج بالصحافة مصمم لتوزير العرب كجماعة مزهوة سكرى بعرقها مصممة على استئصال الأفارقة عن بكرة أبيهم.
وأخذ ممداني على “أنقذوا دارفور” مطابقة تضامنهم مع أفارقة دارفور مع التضامن الذي سبق لهم مع قضية أفارقة جنوب السودان. وهذا إبعاد في النجعة. فبينما ربما صح القول إن المواجهة في الجنوب كانت بين دولة مركزية سيطر عليها عرب مسلمون، إلا أن الصراع في دارفور خلا من هذا الصفاء كما تقدم. فهو بين عرب وعرب، وعرب وأفارقة، وأفارقة وأفارقة، ناهيك بأنه لم تكن لعرب دارفور وقتها شوكة عرب المركز الحاكم في الخرطوم. علاوة على أن حرب الجنوب كانت “تمرداً” ضد الدولة بينما دارفور حرب أهلية بين المزارعين المستقرين والرعاة عائدة إلى سنوات آخر الثمانينيات.
ويرى ممداني أن الخبر عن دارفور، الذي سماه “أثر السي أن أن” غطى على سياقه حيث وقع. فنشطاء “أنقذوا دارفور” جمعوا، في قوله، بين نهج يستحقر المعرفة عما هم بصدد التضامن معه إلى تذرع بأنه يكفيهم حسن المقصد في نشاطهم العملي لمثل هذا التضامن. ويستغشون بثيابهم دون العلم بحقائق القضية التي نهضوا للتضامن معها لأن العلم الوثيق بها مما يعقد السردية بتفاصيل متكاثرة تغطي على الجراح النازفة في مثل محنة دارفور. وفي المقابل فهم يعتمدون على الدليل الذي يرونه بالعين المجردة ويتحاشون التطرق إلى سياق ما يرونه محاشاة العمى. فالصور لجراح دارفور النازفة والمقابلات مع من تصادف من الضحايا هي التي تتحدث إليهم دون غيرها مما فتح حركتهم جمعاء لما سماه “أثر السي أن أن”، أي تغلب الخبر على ما عداه، كما تقدم. فنشطاء “أنقذوا دارفور” نشأوا على الثقة في الصورة فوق ما عداها، وإن كان لا بد من السؤال عن محتواها، فلهذا وقته لاحقاً. وصفوة الأمر أنهم يجردون خبر دارفور و”بورنوغرافي العنف” في أرجائها من السياق. فهم كمن يستعيض بالوثوق الأخلاقي عن المعرفة الوثقى بعلم اجتماع خبره.
وقال ممداني إنه درج على أنه، ما طرأت له مسألة مثل دارفور (وسبق أن كتب عن الاستئصال العرقي في رواندا)، حتى تحرى شجرة نسبها ليعرف من أي سياق خرجت للوجود: كيف يعيننا هذا السياق في تغبيش معرفتنا بها، أو في فض مغاليقها. وقال إن هذا ما ساقه بمر الزمن إلى أن تتخذ مباحثه الطابع التاريخي لأن التاريخ سياق لا مهرب منه لفهم الواقعة حيث وقعت.
ويبدو أن الخبر سحابة صيف سرعان ما تنقشع. فإذا أردت اليوم، ودارفور في هذا العسر من أمرها، أن ترى ما تراها منظمة “أنقذوا دارفور” فاعلة معها وجدت موقعها لا يزال على الشبكة، ولكنه، في قول أهله، غير مفعل. فبينما بقيت الواقعة تبدد الخبر. وهذا علم اجتماع آخر عمن أضربوا هذه المرة عن إنقاذ دارفور.
كتبت مرة عن بشاعة استتابة العلماء لتلاميذ الأستاذ محمود محمد طه أنه لا بد أن سبحانه وتعالي يقيم في عالم غادره هؤلاء العلماء إلى الفسوق. وهذا مشهد من الجنينة في عتامير تلاشى عنها الرب.

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: علم اجتماع بین الخبر دارفور فی فی دارفور الخبر فی فی قول

إقرأ أيضاً:

صحفيو غزة من ناقلي الخبر إلى ضحاياه

غزة- منذ أسبوع يبحث مؤمن الشرافي مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة، في الأسواق عن "شادر"، وهو قطعة من النايلون السميك، لتجديد خيمة عائلته، خاصة مع اقتراب موسم هطول الأمطار.

وتحتاج خيمة عائلة الشرافي، كبقية خيام النازحين، إلى ترميم بعد أن اهترأت جدرانها المصنوعة من النايلون بعد عام كامل من تعرضها لأشعة الشمس الحارقة، لكن الأسواق تخلو من المواد المستخدمة في صناعة وترميم الخيام نظرا لمنع إسرائيل إدخالها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بن غفير وحرب غزة.. ظروف" جهنمية" للأسرى والموقوفينlist 2 of 2الخريطة التي عرّفتنا على خطط نتنياهوend of list

ويقول الصحفي الشرافي للجزيرة نت إنه يحاول "بصعوبة"، الموازنة بين حاجات أسرته النازحة، وبين متطلبات عمله الصحفي.

ويضيف "حالنا كحال الناس، نعاني في توفير متطلبات أسرنا، هناك صعوبات جمّة في توفير الأكل والشراب والملابس، وكل شيء، ونعاني أيضا في العمل وسط ظروف قاسية وخطيرة للغاية".

ويؤكد الشرافي أنه لم يتوقف عن العمل، ولو ليوم واحد، منذ بداية الحرب، نظرا لقسوة الحرب وبشاعة الانتهاكات الإسرائيلية.

ويذكر أن الصحفيين معرضون لخطر الموت على يد جيش الاحتلال، لدورهم في كشف جرائم الاحتلال.

مخاطر

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فقد قتل جيش الاحتلال 173 صحفيا خلال الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكبقية زملائه الصحفيين، تعرض الشرافي للكثير من المخاطر خلال عمله الصحفي، كاد يفقد حياته بسببها، خاصة أثناء حصار الاحتلال لمستشفى ناصر، وحصار حي تل السلطان برفح.

كما استشهد 22 فردا من أفراد أسرته، بينهم والداه، و3 من أشقائه، وعدد من أبنائهم وبناتهم، ورغم ذلك لم يتوقف الشرافي عن التغطية حيث نعى أقاربه في رسالة حيّة عبر قناة الجزيرة، وواصل عمله في نقل الأخبار وكشف جرائم الاحتلال.

ويضيف "لم تراودني لحظة واحدة فكرة التوقف عن العمل، بسبب المخاطر، لأن عملنا هو أمانة في عنق كل صحفي".

ويقرّ الشرافي أنه يتعرض لضغوط نفسية كبيرة، وخاصة لفقدانه عددا من زملائه الصحفيين في مكتب الجزيرة.

أقارب وأصدقاء يودعون جثمان مصور الجزيرة سامر أبو دقة الذي استشهد أثناء عمله في غارة جوية على خان يونس (غيتي) شهداء الجزيرة

وقتل جيش الاحتلال 4 صحفيين من طاقم الجزيرة في غزة هم سامر أبو دقة وحمزة الدحدوح وإسماعيل الغول ورامي الريفي، كما أصيب العديد منهم، وعلى رأسهم مدير المكتب وائل الدحدوح.

سامر أبو دقة

استشهد سامر أبو دقة، الصحفي المصور في قناة الجزيرة بغزة، شهيدا يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد أن ظل ملقى على الأرض ينزف ومحاصرا لـ6 ساعات، حيث لم تتمكن سيارة الإسعاف من الوصول إليه إثر إصابته إلى جانب الزميل وائل الدحدوح خلال تغطيتهما قصفا إسرائيليا في محيط مدرسة بخان يونس.

حمزة الدحدوح

استشهد حمزة الدحدوح؛ المصور في مكتب الجزيرة بغزة بتاريخ السابع من يناير/كانون الثاني 2024، في اعتداء إسرائيلي استهدف السيارة التي كان يستقلها غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة، ليلتحق بوالدته وشقيقه وشقيقته الذين استشهدوا في قصف استهدفهم وسط القطاع نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

إسماعيل الغول ورامي الريفي

التحق إسماعيل الغول بقناة الجزيرة، ليعمل مراسلا لها مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى. وفي 31 يوليو/تموز 2024 اغتالت قوات الاحتلال الغول وزميله المصور رامي الريفي في مخيم الشاطئ بمدينة غزة.

سامي برهوم تعهد بمواصلة تغطية الحرب على غزة ولو كلفه ذلك حياته (الجزيرة) معاناة

تعرض سامي برهوم مراسل قناة (تي آر تي عربية) التركية، خلال تغطيته للحرب، لـ5 اعتداءات إسرائيلية خطيرة، كان أولها في أكتوبر/تشرين الأول، وآخرها في 26 أغسطس/آب الماضي.

كما فقد برهوم منزله ومقر مكتبه وسيارته، جراء اعتداءات الاحتلال.

وتراود برهوم كل يوم، عشرات الأسئلة حول الاستمرار في التغطية أو التوقف عنها، لكنه سرعان ما يجدد العهد مع نفسه على مواصلة "أداء الرسالة الوطنية، حتى لو أدى ذلك إلى فقدانه حياته" كما يقول.

ويقول برهوم في حديثه للجزيرة نت إن الصحفي يتكبد معاناة كبيرة، سواء في عمله الصحفي وسط إمكانيات محدودة، أو في توفير احتياجات أسرته النازحة.

ويسرد المراسل التلفزيوني جانبا من معاناته التي تبدأ من فقدان مقومات "السلامة الشخصية"، وليس انتهاء بعدم القدرة على توفير الملابس الملائمة التي ينبغي أن يقف بها أمام الكاميرا.

ويعاني قطاع غزة من نقص حاد في غالبية السلع كالطعام والملابس وأدوات النظافة، بسبب منع سلطات الاحتلال إدخالها.

ويشعر برهوم بالقلق الدائم على عائلته المقيمة في خيمة، خاصة حينما يكون هو في التغطية أوقات القصف والغارات الإسرائيلية.

المصور سامي شحادة فقد أحد أطرافه في قصف إسرائيلي بمخيم النصيرات (رويترز) تحدّ

بين الفينة والأخرى، وحينما يشتاق لعمله الصحفي، يقرر المصور سامي شحادة النزول للميدان، متحديا فقدانه لأحد أطرافه.

وأُصيب شحادة، المصور لقناة "تي آر تي عربية"، في قصف إسرائيلي بمخيم النصيرات، في أبريل/نيسان الماضي، ما أسفر عن بتر قدمه.

ويقول شحادة للجزيرة نت "بعد إصابتي، أمارس عملا إعلاميا بسيطا، لأني على عكاز ومهنتي كمصور تحتاج مني امتلاك قدمين ويدين، لذلك حينما أشعر بالملل أنزل للميدان، لكن ليس بالصورة السابقة".

ويأمل الصحفي الفلسطيني باستكمال علاجه خارج فلسطين، بعد انتهاء الحرب، لاستخراج 5 شظايا ما تزال داخل يده اليمني، بالإضافة لتركيب طرف صناعي يمكّنه من العودة للعمل بشكل طبيعي.

ويسترجع شحادة التحديات التي كان يواجهها إبان عمله خلال الحرب، حيث يقول "حينما نخرج في أي مهمة، لا نعرف إن كنا سنعود أو لا، كنا نودع أهالينا، وحينما نعود للمنزل نحتضنهم".

ومن أكثر الأمور التي كانت تضايق شحادة أثناء تصويره للشهداء الذين يسقطون بفعل الإجرام الإسرائيلي، تخيّله وجود أفراد من أحبائه وأقاربه بينهم.

محمود إكي أصيب بقصف إسرائيلي ودمّرت معداته الصحفية من كاميرات وعدسات وغيرها (الجزيرة) التغطية مستمرة

منذ عام كامل، لا يذكر المصور الصحفي محمود إكّي، الذي يعمل في شركة المنارة للخدمات الإعلامية، أنه توقف عن العمل في تغطية جرائم الاحتلال في غزة، سوى مدة 20 يوما هي فترة علاجه عقب إصابته بقصف إسرائيلي.

وأُصيب إكي بشظية اخترقت يده اليمنى، خلال تصويره تدمير جيش الاحتلال أحد الأبراج بمخيم النصيرات، وتسببت بفقدانه الإحساس بها، وفقدانه نحو 70% من قوتها، بالإضافة إلى معاناته من آلام مبرحة بها.

وحتى الآن، لم يتمكن الأطباء من تشخيص حالة إكي، نظرا لتعطّل أجهزة الرنين المغناطيسي في مشافي القطاع.

ويقول للجزيرة نت "رغم إصابتي، لم أتوقف عن التغطية سوى 20 يوما هي فترة إجراء العمليات الجراحية، هذا واجبنا وإلا لن يعرف العالم ما يجري هنا من جرائم".

وشأنه كبقية الصحفيين، يعاني إكي من توفير متطلبات الحياة لأسرته، والموازنة بينها وبين حاجات عمله.

ولم تتوقف انتهاكات الاحتلال بحق إكّي على إصابته في يده، حيث دمرت معداته الصحفية الشخصية من كاميرات وعدسات، وهاتفه الشخصي، والتي يُقدر ثمنها بنحو 8 آلاف دولار.

ويكشف إكّي أنه يعمل حاليا بواسطة معدات أصدقائه الصحفيين، الذين يعيرونه كاميراتهم وعدساتهم ومعداتهم.

ويرى تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، أن الإعلاميين شاركوا بفعالية في نقل وفضح جرائم الاحتلال، وهو ما دفع الاحتلال إلى استهدافهم وعائلاتهم بشكل مباشر، وتدمير مؤسساتهم.

ويضيف "الصحفيون بعد سنة، ورغم كل الجرائم، لديهم إصرار على القيام بواجبهم المهني والإنساني، ولذلك يعملون ليل نهار من أجل نقل ما يحدث من جرائم لكل العالم".

وذكر أن منع الاحتلال إدخال الصحفيين الأجانب للقطاع، زاد من العبء والمسؤولية الملقاة على عاتق الصحفيين الفلسطينيين، وجعلهم "يعملون في ظروف غاية في الصعوبة والخطورة".

ويحمّل تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين إسرائيل والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عمّا تعرض له الزملاء الصحفيون من جرائم على يد الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • صحفيو غزة من ناقلي الخبر إلى ضحاياه
  • طرابلس | اجتماع لبحث مطالبات المواطنين بتعويضاتهم عن العقارات التي تم نزع ملكيتها لصالح المنفعة العامة
  • ماذا نعرف عن “المسيّرة العراقية” الحديثة التي ضربت إسرائيل وأوقعت عشرات من جنودها بين قتيل وجريح؟
  • تخفيض عقوبة بوغبا من 4 أعوام إلى 18 شهرا
  • رغم الفوز المتتالي.. جماهير ليفربول: أنقذوا الموسم بهذا اللاعب
  • “الطرابلسي” يشارك في اجتماع وزراء داخلية دول السبع الكبار لمناقشة قضية الهجرة
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • “الوعد الصادق 2”: لحظة فارقة في تاريخ المقاومة أمام الاحتلال
  • بعد انفصالها.. من هي “أم خالد” التي قلّدها المشاهير؟
  • صور الأقمار الصناعية تكشف عن الأضرار التي لحقت بقاعدة نيفاتيم الجوية الصهيونية نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية.”