تكدس المساعدات على معبر رفح.. وطول الانتظار يهدد بتلفها
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
تحولت منطقة معبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة إلى مصب كبير لعشرات قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تضم مئات الشاحنات، منذ بدء السماح لها بالدخول للقطاع المحاصر في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 18.608 شهداء، جلهم من النساء والأطفال، فيما تجاوز عدد الجرحى حاجز الـ50 ألف مصاب بجروح مختلفة، بحسب مصادر فلسطينية.
وخلال أول أسبوعين تقريبا من العدوان الإسرائيلي، ظل معبر رفح المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة مع العالم الخارجي مغلقا قبل أن يتم إعادة فتحه بشكل جزئي في 20 تشرين الأول/ أكتوبر لسفر المرضى والجرحى وإدخال إمدادات إنسانية.
ومنذ اندلاع العدوان على القطاع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، قطعت سلطات الاحتلال إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية؛ جراء حصار متواصل منذ 17 عاما.
وبعد ضغوط أممية ودولية سمحت "إسرائيل" بدخول مساعدات إنسانية محدودة جدا إلى غزة عبر معبر رفح المصري، والمخصص للمسافرين في المقام الأول.
وكان القطاع يستقبل يوميا نحو 600 شاحنة من الاحتياجات الصحية والإنسانية قبل العدوان إلا أن العدد تدنى إلى نحو 100 شاحنة يوميا في أفضل الظروف.
مخاوف من فساد المساعدات
عبّر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن مخاوفهم، من فساد محتويات شاحنات المساعدات المصطفة على الجانب المصري، من معبر رفح، وفي مدينة العريش المصرية، منذ أيام، دون أن يُسمح لها بالدخول إلى قطاع غزة المحاصر.
وقال شهود عيان، إن مئات الشاحنات "على مد البصر" تصطف على جانبي الطريق في الجانب المصري، من المعبر، تنتظر الدخول، ما قد يتسبب بفساد محتوياتها من الأغذية والأدوية قبل أن تدخل للقطاع.
وأفاد الشهود، بوجود شاحنات مساعدات تقف منذ أسابيع طويلة، في مصر، بينما الأهالي في غزة يتضورون جوعا، ولا يدخل لهم إلا القليل جداً، وسط الحصار الشديد وحرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من شهرين.
مصادر المساعدات والجهات المسؤولة عنها
في سياق تعليقه، كشف مدير الهلال الأحمر المصري في شمال سيناء، خالد زايد، عن ارتفاع عدد الشاحنات المسموح بدخولها إلى قطاع غزة، قائلا: "نتوقع أن يزيد عدد الشاحنات إلى 180 شاحنة تم الانتهاء من تفتيشها على الجانب الإسرائيلي وفي طريقها للدخول إلى قطاع غزة، وكان متوسط عدد الشاحنات هو نحو 100 شاحنة يوميا".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كان أكبر معدل لدخول الشاحنات هو أيام الهدنة التي استمرت نحو أسبوع حيث كان المتوسط 250 شاحنة، ثم تراجع هذا العدد إلى 100، ونتوقع بعد إعادة فتح معبر كرم أبو سالم (للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب على القطاع) أن يزيد العدد إلى الضعف".
ومعبر "كرم أبو سالم" على الحدود بين قطاع غزة ومصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان ينقل عبره الوقود والسلع، ويخضع لسلطة المعابر البرية التابعة لوزارة الحرب الإسرائيلية.
حقيقة تلف بعض المساعدات
وبشأن ما يثار من مخاوف البعض حول فساد بعض المساعدات الغذائية والطبية، أوضح زايد أن "هناك بعض الشاحنات التي تنتظر منذ أكثر من أسبوع"، ولكنه استبعد أن تتلف أي مساعدات "لأن هناك اشتراطات يفرضها الهلال الأحمر المصري للذين يتعاونون أو يرغبون في العمل من خلالنا، وأهمها وجود صلاحية لا تقل عن 6 شهور، ولسنا مسؤولين عن كل المساعدات، هناك جهات أخرى مثل التحالف الوطني، وحياة كريمة، وتحيا مصر، وأبناء سيناء".
وفيما يتعلق بتلف بعض المساعدات، بين أن "الهلال الأحمر استقبل في بعض مخازنه مساعدات غير صالحة وقمنا على الفور بإعدامها، ولم نسمح بدخولها إلى قطاع غزة، أما فيما يتعلق بالمساعدات الطبية فإنه يتم تخزينها في مخازن وزارة الصحة وتخضع لشروطها وبالتالي لا يمكن أن تتلف، ولا تحتوي على أكياس دم قابلة للفساد".
وعن مصادر الشاحنات القادمة إلى معبر رفح بيًن زايد أن "هناك 3 جهات، الأولى، من الدول الخارجية عبر مطار العريش القريب من معبر رفح، الثانية، من البحر المتوسط عبر الموانئ، والثالثة، أنفاق تحيا مصر (التي تربط بين شرق وغرب قناة السويس)، وحدث تكدس كبير جدا في عدد الشاحنات لا دخل لمصر به، لأن إسرائيل هي من تحدد عدد الشاحنات المسموح لها بالدخول".
ومنذ سماح الاحتلال بدخول مساعدات إغاثية محدودة إلى سكان القطاع في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تتوجه شاحنات المساعدات من مصر إلى معبر العوجا الذي يسيطر عليه الاحتلال للتفتيش قبل أن تعود مجددا لدخول القطاع عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
الانتظار والتكدس سيد الموقف
أحد المشرفين على قوافل المساعدات التابعة لمؤسسة "صناع الخير" الخيرية، ويدعى محمد علي، قال إنهم "نجحوا في إرسال 3 قوافل من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وبصدد تجهيز القافلة الرابعة، وانتظار الشاحنات أمام المعبر على امتداد الطريق المؤدي إليه هو نتيجة زيادة حجم المساعدات، وتحكم الجانب الآخر في عدد الشاحنات".
وحول وجود شاحنات لفترة طويلة أمام المعبر وتعرض بعض المساعدات للتلف، أوضح لـ"عربي21": "أن طبيعة المساعدات ليس من السهل فسادها؛ لأنها لا تتضمن أي مواد طازجة مثل اللحوم أو الخضروات، وكلها مواد جافة ومعلبة مثل البقوليات والأرز والدقيق والزيوت، أو مساعدات أخرى مثل البطاطين والثياب وغيرها".
الحاج كمال أحد السائقين العائدين من معبر رفح أعرب عن تذمره من طول مدة الانتظار، وقال لـ"عربي21": "كنت من أوائل السائقين الذين ذهبوا إلى معبر رفح منتصف شهر أكتوبر الماضي، وبعض الشاحنات ظلت لأكثر من أسبوعين حتى تتمكن من الدخول للقطاع، ونقوم بتسليم المساعدات على الجانب الآخر من معبر رفح الفلسطيني".
لكنه أوضح لـ"عربي21": "أن بعض المساعدات، كما تناهى إلى مسامعه، لم تكن بالمواصفات المطلوبة في الأيام الأولى لدخول المساعدات حيث تم جمعها على عجل ودون تمحيص أو تدقيق وكانت غير صالحة للاستخدام الآدمي من الأساس، لكن فسادها على المعبر يصعب حدوثه لأن الأجواء البادرة وخاصة في الصحراء تساعد على بقاء المساعدات لفترة أطول".
استخدام المساعدات كأسلحة حرب
وخلفت الحرب على القطاع، حتى مساء الاثنين، 18205 قتلى و49645 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.
وفي هذا الصدد، ندد المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "أونروا"، فيليب لازاريني، بـ"الصمت الدولي تجاه الأزمة الإنسانية المتفجرة داخل قطاع غزة".
وأضاف: "يتم استخدام الغذاء والماء والوقود بشكل منهجي، كأسلحة حرب في غزة، حيث فرضت إسرائيل حصارا شبه كلي على غزة؛ مما فرض عقوبات جماعية على أكثر من مليوني شخص، نصفهم من الأطفال".
مشيراً إلى أن "الإمدادات الضئيلة التي يسمح بها الاحتلال بالدخول إلى غزة ليس لها تأثير يذكر في مواجهة الاحتياجات الهائلة لجميع السكان".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية معبر رفح غزة المساعدات فلسطينية فلسطين غزة معبر رفح المساعدات تلف سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعض المساعدات عدد الشاحنات إلى قطاع غزة من معبر رفح أکثر من
إقرأ أيضاً:
أطفال من غزة في صرخة جماعية للعالم: نحن نموت جوعا
في أحد أركان حي مدمر، ووسط حجارة سوداء وحوائط مفتوحة على السماء، وقف أطفال من قطاع غزة، الثلاثاء، يرتجفون من الجوع، يصرخون مطالبين بغذاء ودواء قطعته إسرائيل عنهم منذ شهرين، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر 19 على التوالي.
عيونهم غائرة في الضعف، ووجوههم شاحبة من الجوع، وبعضهم بالكاد يستطيع الوقوف، علامات سوء التغذية واضحة على سيماهم، لكنهم وقفوا لتذكير العالم بجوعهم وعطشهم.
أصابع مرتعشة
ورفع الأطفال خلال الفعالية التي نظمها فريق "الأصدقاء الأربعة"، بأصابع مرتعشة لافتات كتب عليها "بيكفي موت"، "افتحوا المعابر"، "نحن جوعى"، "أنقذونا"...
كانت هذه الفعالية رقم 25 التي ينظمها الفريق في مدينة خان يونس، لكنها لم تكن تشبه غيرها من الفعاليات، بل صرخة جماعية لأطفال يعانون من جوع قاتل.
وفريق "الأصدقاء الأربعة" هو مجموعة من المتطوعين في قطاع غزة، ونظم عدة فعاليات مناهضة للإبادة الجماعية الإسرائيلية في القطاع.
والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الحصار والإغلاق المستمر للمعابر منذ نحو شهرين أدى لتدهور كارثي في الأوضاع الصحية وتفشي حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال الرضع.
وأشار إلى أن "أكثر مليون طفل في القطاع يعانون من الجوع اليومي، فيما جرى نقل 65 ألف طفل منهم إلى ما تبقى من مستشفيات يعانون من سوء تغذية حاد".
نموت جوعاً
الطفلة راما أبو العينين (11 عاماً)، قالت بصوتٍ يخنقه الجوع والخوف: "نناشد بفتح المعابر. نحن نموت جوعاً وقصفاً. نريد المعابر أن تفتح وتدخل المساعدات".
وأضافت للأناضول: "أغلب الذين يموتون من القصف أطفال... خلاص يكفي. لنا شهرين نموت من الجوع، ولم يعد هناك لا أمان ولا تعليم."
ومنذ 2 مارس/ آذار تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
والجمعة، أكد المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، أن الأطفال في قطاع غزة باتوا يتضورون جوعاً، بفعل سياسة تجويع متعمدة تمارسها إسرائيل عبر منع إدخال الغذاء والاحتياجات الأساسية، منذ بدء إغلاقها الكامل للمعابر في 2 مارس/ آذار الماضي.
وأضاف: "تواصل حكومة إسرائيل منع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى، إنه تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية".
يموتون أمام أعيننا
في مشهد يمزج الألم بالحزن، قال رسمي أبو العينين ممثل الفريق: "هذه الفعالية رقم 25، لكنها الأصعب... أطفالنا لا يجدون طعاماً، لا دواء، لا مأوى آمناً".
وأشار إلى أن "الاحتلال يمنع دخول المساعدات، والأسواق خالية. الجوع يفتك بهم كما القنابل، وهذا استخدام إجرامي للتجويع كسلاح ضد شعبنا."
وأضاف: "نشعر بالجوع والخوف والمرض والخذلان. من 2 مارس لم تدخل غزة أي مساعدات غذائية أو طبية. أطفالنا يموتون أمام أعيننا، أين ضمير الإنسانية؟ أين أمتنا؟"
والجمعة، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار الإسرائيلي.
وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، في كلمة له أمام مجلس الأمن، إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
فيما اعتبرت حركة حماس، استمرار إسرائيل في استخدام التجويع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة "جريمة حرب واستخفاف بالمجتمع الدولي".
كما اتهمت مصر، الاثنين، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية باستخدام سياسية التجويع كسلاح ضد المدنيين في قطاع غزة، مطالبة برفع الحصار المفروض على القطاع بشكل فوري وغير مشروط.
والاثنين، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات استماع تستمر أسبوعًا لمناقشة الالتزامات الإنسانية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد مرور نحو شهرين فرضها حصارا شاملا يمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويعتمد قطاع غزة، البالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة، بشكل شبه كلي على المساعدات الإنسانية، التي توقفت تمامًا منذ 2 مارس/ آذار الماضي، حين أغلقت إسرائيل معابر كرم أبو سالم وزيكيم وبيت حانون.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل حرب إبادة ممنهجة ضد سكان قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما أُعلن فقدان أكثر من 11 ألف شخص.