بعد مولد السيدة سُكيْنَة.. اسمها الحقيقي وسبب دخولها مصر
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
قال الله تعالي في سورة الأحزاب: "إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"، يضم شهر جمادي الآخر مولد الكثير من زهور البيت المحمدي، وأولهم زهرة الروضة المحمدية كما اشتهرت السيدة سكنية الكبرى رضي الله عنها، نسل النبوة وحفيدة الملوك، قدوة فتيات الحجاز وسكينة الجمال والعلم.
نسب زهرة الروضة المحمدية
تحدث الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء عبر منشور على صفحة الرسمية على موقع الفيسبوك عن السيدة سكينة حفيدة الإمام علي المدفونة بمصر بمناسبة ذكرى مولدها الشريف، موضحًا أولًا نسبها الشريف فهي السيدة سكينة بنت الإمام الحسين رضى الله عنه والسيدة (الرَّبَاب) بنت امرئ القيس الكِنْدِيِّ ملك (بني كلب) وهكذا جمعت بين آثار النبوة من أبيها الحسين وبين إرث الملوك من أمها رباب.
الاسم الحقيقي للسيدة سكينة
وتابع فضيلة أنها لدت عام 47هـ وسميت "آمنة"، أما سكينة فهو اسمها المشهور وينطق [بضم السين وفتح الكاف] تصغيرًا على وزن (بُثَينَة)، واسم (سُكَينة) مأخوذ من الهدوء والأمن والاستقرار والرضا، ومن فيض جمالها وكمالها أنشد فيها والدها الإمام الحسين وفي أمها (رباب) هذه الأبيات:
لعمرك إنني لأحب دارًا .. تكون بها سكينة والرباب
أُحبهما وأنفق جُلَّ مالي ..وليس لعاتِبٍ عندي عتاب
سُكيْنَة العلم والأدب
أوضح الدكتور علي جمعة أن السيدة سكينة النبوية كانت أديبة ذواقة ناقدة عالمة بدقائق اللغة وخصائص الدين، شأن نساء أهل البيت كلهم، وكانت ربما أجازت الشعراء والأدباء والعلماء وأجزلت لهم، واستضافتهم وشجعتهم، وذلك أمر مطلوب من أهل البيت عامة، ومن حُرَّاسِ التراثِ المحمدي لغة ودينًا بصفة خاصة.
تابع جمعة متحدثًا عن سبب دخول السيدة سكينة مصر، وأنها دخلتها مع عمتها السيدة زينب رضي الله عنها، وقد خطبها (الأصْبَغ بن عبد العزيز بن مروان) وكان أمير مصر، فقد تبنى الأمويين بعد مقتل الحسين سياسية خاصة لمحاولة التخفيف من وقع الحادث عند الناس، وذلك بالتقرب إلى أهل البيت بالزواج منهم، وإسناد بعض الإمارات والمناصب إلى من يأمنونه من أهل البيت.
وأضاف فضيلته أن هذه الزيجة لم تتم ، إذ بلغها فجور وشناعة طبع الأصْبَغ بينما هي في طريقها إلى مصر وتحديدًا (منية الأصْبَغ) وهى قرية أسسها الأصْبَغ ابن مروان، فأقسمت ألَّا تكون له زوجة أبدًا، واستجاب الله لها، فما إن وصلت حتى كان قد مات الأصبغ قبل أن يراها، وكانت قبل ذلك قد تزوجت بابن عمها عبد الله بن الحسن بن عليٍّ رضى الله عنه.
َمشهَد السَّيِّدة سُكيْنَة
وتابع جمعة أنه بعد وفاة الخطيب انتقلت من (منية الأصبغ) إلى دارها التي بقيت بها إلى أن ماتت، ثم أصبحت هذه الدار لها مشهدًا ومسجدًا إلى اليوم، وقد جَدَّدَهُ عبد الرحمن كَتْخُدَا (لفظ تركي- فارسي بمعنى حاكم)، ثم جددته وزارة الأوقاف، قريبًا من مشهد السيدة نفيسة، ومشهد السيدة رقية بنت علي الرضا رضي الله عنها، وهذا هو الملاحظ في كثير من أهل البيت والسادة الأولياء؛ فإنهم كثيرًا ما تكون بيوتهم في حياتهم هي مدافنهم بعد مماتهم، ولله في ذلك حكمة!.
من في ضريح سكينة ومن حوله
أوضح فضيلة المفتي السابق أنه قد دُفِنَ في ضريح السيدة سكينة بنت الإمام الحسين بمصر عند باب المشهد، جماعة من السادة، منهم: الشريف حيدرة بن ناصر، من الفواطم السليمانية أبناء الإمام الحسين الأكبر من حفيده الحسين الأصغر، وكانوا بصنهاجة المغرب.
وكان الشريف حيدرة قد جاء مصر زائرًا فمات بها، وصلى عليه الخليفة العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي، ودفن في باب المشهد السكيني.
كما دفن بباب المشهد كذلك الشريف النَّسَّابَةُ، المقيم حياته بالمشهد السكيني (السيد إبراهيم بن يحيى بن بللوه المشهدي)، ودفن معه ولده السيد حسن، وبنت ابنه السيد حسن، واسمها زينب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السيدة سكنية على جمعة السيدة سكينة الأسم الحقيقي الإمام الحسین أهل البیت السیدة س
إقرأ أيضاً:
مقبرة الشريف.. شاهد على مآسي النزوح وسنوات الدم في ديالى
بغداد اليوم – بعقوبة
على مقربة من ضفاف نهر ديالى، تقف مقبرة الشريف في مدينة بعقوبة كشاهد على تاريخٍ حافل بالتنوع القومي والمذهبي، لكنها في الوقت ذاته تحتضن بين جنباتها قصصًا من الألم والفقدان، سطّرتها الحروب والنزاعات الدامية التي شهدتها المحافظة على مدار العقود الماضية. لم تعد هذه المقبرة مجرد مكان لدفن الموتى، بل تحوّلت إلى نقطة تلاقي لآلاف العوائل التي مزقتها الحروب، حيث يجتمع أبناؤها في الأعياد لزيارة قبور أحبائهم، في مشهد يُجسد حجم المأساة التي عاشها العراقيون.
حكايات نزوح ولقاء عند القبور
في القسم الشرقي من المقبرة، يقف عبد الله إبراهيم، وهو رجل مسنٌّ، عند قبور أربعة من أقاربه، تحيط به ذكريات لا تزال حاضرة رغم مرور الزمن. يقول في حديث لـ"بغداد اليوم": "جئت من إقليم كردستان قبل ساعة من الآن لزيارة قبور أقاربي، حيث نزحت من قريتي في حوض الوقف منذ 17 عامًا، وهذه القبور تمثل لي نقطة العودة إلى الأصل، فأنا أزورهم لأقرأ الفاتحة وأستذكر إرث الأجداد والآباء، الذي انتهى بسنوات الدم".
يشير عبد الله إلى أن حوض الوقف، الذي كان يُعد من أكبر الأحواض الزراعية في ديالى، تحول إلى منطقة أشباح بعد موجات العنف التي عصفت به، حيث اضطر آلاف العوائل إلى مغادرته، تاركين خلفهم منازلهم وأراضيهم، لتظل القبور هي الرابط الوحيد الذي يجمعهم بموطنهم الأصلي.
شتات القرى يجتمع في المقبرة
على بعد أمتار منه، يقف أبو إسماعيل، وهو أيضًا أحد النازحين من الوقف، لكنه اتخذ طريقًا مختلفًا، إذ نزح مع أسرته إلى المحافظات الجنوبية. لكنه، كما يقول، يعود في كل عيد ليقرأ الفاتحة على قبور أقاربه المدفونين هنا. يوضح في حديثه لـ"بغداد اليوم": "القبور جمعت شتات قرى الوقف، حيث لا يزال 70% من سكانها نازحين، والعودة بالنسبة للكثيرين أمر صعب، خاصة بعدما اندمجت العوائل النازحة في المجتمعات التي استقرت بها".
يتحدث أبو إسماعيل بحزن عن سنوات النزوح، مؤكدًا أن كل محافظة عراقية تكاد تضم عائلة نازحة من ديالى، هربت من دوامة العنف والإرهاب الذي اجتاح مناطقهم.
الوقف.. جرح لم يندمل
أما يعقوب حسن، الذي فقد شقيقين شهيدين وعددًا من أبناء عمومته، فقد نزح إلى العاصمة بغداد منذ 17 عامًا، لكنه يرى أن مقبرة الشريف باتت تجمع شتات القرى النازحة من حوض الوقف ومناطق أخرى من ديالى، فتتحول إلى مكان للقاء العوائل التي فرّقتها الحروب.
يقول يعقوب: "كنا نعيش في منطقة تجمعنا فيها الأخوّة والجيرة، لكن الإرهاب مزّق هذه البيئة المجتمعية المميزة بتقاليدها. الوقف كان من أكثر المناطق تضررًا على مستوى العراق، واليوم يبدو أن قبور الأحبة وبركاتهم هي ما تجمعنا بعد فراق دام سنوات طويلة".
هكذا، تبقى مقبرة الشريف شاهدًا حيًا على المآسي التي عاشتها ديالى، ومرآة تعكس حجم الفقدان والشتات الذي طال العوائل بسبب دوامة العنف، لكنها في الوقت ذاته تظل رمزًا للصلة التي لا تنقطع بين الأحياء وأحبائهم الذين رحلوا، وسط أمنيات بأن يكون المستقبل أكثر أمنًا وسلامًا.