الراحل محمد ميرغني… (وتبقي سيرتك هي الكلام)
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
الراحل محمد ميرغني… (وتبقي سيرتك هي الكلام)…
(1)
(جرثومة الحنين) إلى صوت الأستاذ محمد ميرغني ظلت تسكنني وتطاردني، أعبّئ منه الأوردة (عاطفة وحنان)، أغنياته استوطنت المسام، حيث ظللت (أنا والأشواق) منذ أن صادفني صوته ممتلئاَ بالوعي والحلاوة والطلاوة والتطريب.. وكلما تدفق إرهافاً وسال شهداً من حنجرة (ابنعوف) حملته وداً وحباً وإخلاصاً لـ(حالة إدمان) ظلت تتملكني إنصاتا وتأسرني استماعا عندما اهفو إلى نغم يحملني لبراحات الامتاع، يغادر بي واقع الأحزان ويقلني على جناح الأفراح.
(2)
ظل محمد ميرغني هالة ضوء تتسع بهرتها كلما جن ليل الذكريات وحملنا أسى الواقع إلى بوابات البحث عن راحة النفس وبهاء الأمنيات، جمّل حياتنا بأروع الأغنيات ومنحنا القدرة على الاستمتاع في زمن تسيدته الرتابة وسكنه الملل وأوجعه التكرار.
(3)
نحن من جيل أوسعته مفردات محمد ميرغني شجناً وهو يسكب على أسماعنا رحيق الألحان الخالدة، غنى لصاحب (البحر القديم) مصطفى سند في نسخته الدارجة: (زمان غنينا لي عينيك غناوي تحنن القاسين هدينالك معزتنا ومشينا وراك سنين وسنين.. بنينالك قصور بالشوق فرشنا دروبا بالياسمين وقلنا عساك تزوريها ترشي البهجة في ساحتا وبي عينيك تضويها حلاتك وانت ماشة براك شايلة الدنيا بي أشواقا وبالفيها).
(4)
الغناء عند محمد ميرغني وثيقة تأمين ضد شيخوخة الكلمات وهبوط المفردة و(الألحان المسيخة)، حملت صوته زاداً من الذكريات، وهرباً من رمضاء الأسى التي لا ترحم، أحببناه وألفناه ونصّبناه سيداً للنغم وناطقاً باسم مشاعر تربت في كنفه وذائقة طوّعها لحنه حتى باتت (تستمسخ) ما عداه، وأذن هوت كل ما دلقه على المسامع من (حلو الكلام).
(5)
كان ميرغني قاسما مشتركا فى كل افراحنا ، تفتحت ذائقنا على جرس صوته الطروب وتفتقت اسماعنا والرجل يسكب فيها من عسل اسماعين فى ( اشتقت ليك) ، وانا والاشواق ل( السر دوليب).. ولصلاح حاج سعيد ( شوف كم زمن ما شلنا هم ولا عشت يا قلبي العذاب، الحب طريق محفوف صعاب وانت لسة فى اولو، وما قلنا ليك الحب طريق قاسي وصعيب من اولو وما رضيت كلامنا وجيت براك اهو دة العذاب اتحملو)..
وداعا ايها الصوت الذى رسخ فى الروح والذاكرة واصبح جزء من المزاج السوداني الجميل بموهبته ووسطيته واتحاديته، واستاذيته، مازالت ترن فى اذني وانا اكتب ( لاهماك وعيد لاخشيت الزمن ، يا شعبا غناهو نفديك ياوطن تسلم ياوطن)، رحلت والوطن نازف وتركتنا وتركته للاحزان التى سنكون عليها الى ان نلتقيك، انا لله وانا اليه راجعون تغمدك الله بواسع الرحمة والمغفرة ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.. والي ان نلقاك..
ح(تبقي سيرتك هي الكلام
ويبقي اسمك هو الغنا ..
هو البخفف لي عذابات الضنا..
الشفت منك يامنى الروح يا انا…
وصفوا بيصعب ياجميل..
وبعدت عنك..
ولما طال بي النوى..
بقى لي اسيبك مستحيل) …
محمد عبدالقادر
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: محمد میرغنی
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس: الصلاة المسيحيّة ليست أن نتكلم مع الله من طرف واحد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، صباح اليوم الأربعاء، إن عمل الروح القدس التقديسي، بالإضافة إلى كلمة الله والأسرار المقدسة، يتم التعبير عنه في الصلاة، وهذا ما نود أن نخصص له تأمل اليوم، حيث إنَّ الروح القدس هو في الوقت عينه رائد الصلاة المسيحية وموضوعها. أي أنه هو الذي يعطي الصلاة وهو الذي يُعطى بالصلاة. نحن نصلّي لكي ننال الروح القدس، ونحن ننال الروح القدس لكي نصلّي حقاً، أي كأبناء لله، وليس كعبيد.
وأضاف البابا فرنسيس خلال مقابلته العامة في ساحة القديس بطرس، وقامت بنشره الصفحة الرسمية للفاتيكان، منذ قليل، أنه علينا الصلاة لكي ننال الروح القدس، هناك كلمة دقيقة جدًا ليسوع في الإنجيل: "فإذا كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا العطايا الصالحة لأبنائكم، فما أولى أباكم السماوي بأن يهب الروح القدس للذين يسألونه". في العهد الجديد نرى الروح القدس ينزل دائمًا أثناء الصلاة. نزل على يسوع في المعمودية في الأردن بينما "كان يصلي"؛ ونزل على التلاميذ في يوم العنصرة بينما "كانوا يواظبون جميعا على الصلاة بقلب واحد".
تابع البابا فرنسيس يقول إنها "السلطة" الوحيدة التي نملكها على روح الله. على جبل الكرمل، كان أنبياء البعل الكذبة يرقصون لكي يُنزلوا نارًا من السماء على ذبيحتهم، ولكن لم يحدث شيء؛ أما إيليا فصلى ونزلت النار وأكلت المحرقة. والكنيسة تتبع هذا المثال بأمانة: فهي تضع على شفتيها على الدوام التضرع "تعال!"، في كلِّ مرّة تتوجّه فيها إلى الروح القدس. وهي تفعل ذلك بشكل خاص في القداس لكي ينزل كالندى ويقدّس الخبز والخمر من أجل الذبيحة الإفخارستية.
واستطرد البابا فرنسيس، هناك أيضاً الجانب الآخر، وهو الأهم والأكثر تشجيعاً لنا: الروح القدس هو الذي يعطينا الصلاة الحقيقية. وكذلك فإن الروح أيضا – يؤكد القديس بولس – يأتي لنجدة ضعفنا لأننا لا نحسن الصلاة كما يجب، ولكن الروح نفسه يشفع لنا بأنات لا توصف. والذي يختبر القلوب يعلم ما هو نزوع الروح فإنه يشفع للقديسين بما يوافق مشيئة الله". صحيح أننا لا نعرف كيف نصلي. وسبب هذا الضعف في صلاتنا تمَّ التعبير عنه في الماضي بكلمة واحدة، استُعملت في ثلاث طرق مختلفة: صفة واسمًا وظرفًا. من السهل أن نتذكّر هذه الكلمة حتى لمن لا يعرف اللغة اللاتينية، وهي جديرة بأن تُذكر، لأنها وحدها تحتوي على أطروحة كاملة. نحن البشر، كما يقول المثل: " mali, mala, male petimus"، أي: لكوننا أشرار (mali)، نطلب الأشياء الخاطئة (mala) وبالطريقة الخاطئة (male). يقول يسوع: "اطلبوا أولا ملكوت الله وبره تزادوا هذا كله"؛ أما نحن، من جهة أخرى، فنطلب الزائد أولاً، أي مصالحنا الخاصة، وننسى أن نطلب ملكوت الله.
تابع البابا فرنسيس : إنَّ الروح القدس يأتي، نعم، لنجدة ضعفنا، لكنه يفعل شيئًا مهمًّا جدًّا أيضًا: هو يشهد أننا أبناء الله ويضع على شفاهنا الصرخة: "أبا، يا أبت!". لأن الصلاة المسيحيّة ليست أن نتكلّم مع الله من طرف واحد، لا، وإنما الله هو الذي يصلّي فينا! نحن نصلّي إلى الله من خلال الله. في الصلاة تحديدًا يُظهر الروح القدس نفسه كـ "بارقليط"، أي محامٍ ومدافع. هو لا يتهمنا أمام الآب، بل يدافع عنا. نعم، هو يقنعنا بحقيقة أننا خطأة، ولكنه يفعل ذلك لكي يجعلنا نتذوق فرح رحمة الآب، لا لكي يدمّرنا بمشاعر الذنب العميقة؛ وحتى عندما توبخنا قلوبنا على شيء ما، هو يذكرنا بأن "الله هو أكبر من قلوبنا".
واختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول إنَّ الروح القدس يشفع ويعلمنا أيضًا أن نشفع بدورنا من أجل إخوتنا وأخواتنا؛ هو يعلمنا صلاة الشفاعة. هذه الصلاة هي مرضية لله بشكل خاص لأنها صلاة مجانية وبدون مصالح. فعندما يصلي كل فردٍ من أجل الجميع، يحدث - كما لاحظ القديس أمبروسيوس - أن يصلي الجميع من أجل الجميع؛ فتتضاعف الصلاة. إنها مهمة ثمينة وضرورية جدًا في الكنيسة، لاسيما في زمن الاستعداد لليوبيل: أن نتحد بالبارقليط الذي "يشفع فينا جميعًا بحسب مخطط الله".