سواليف:
2024-12-29@08:36:13 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 154 من سورة البقرة: “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”.
أسمى أنواع التضحية هي الجهاد في سبيل الدفاع عن العقيدة (منهج الله)، لأن المجاهد إنسان باع حياته التي هي أغلى ما يملك، لينال رضوان الله، لذلك يتقبله الله، ليثيبه عليه أعلى المراتب.


قال بعض المفسرين أن حياة الشهيد هنا معنوية أي ببقاء ذكره بعد موته، لكن من استعراض قوله تعال في الآية 169 من سورة آل عمران: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، يتأكد لنا أنها تأكيد آخر على أنها حياة مادية لكن بطبيعة أخرى.
المعروف للبشر هي الحياة، لكن الموت وماذا بعده، فمعرفته مغلقة تماما، فلم يعد أحد مات ليخبر عنه، ولا سبيل لمعرفته بالبحث العلمي والتجريب، لذلك فلا علم للبشر عنه إلا بما أخبرنا به تعالى في كتابه الكريم من معلومات محدودة.
صحيح أن موت الإنسان معروف لدينا بأنه انفصال للروح عن الجسد الذي سكنته منذ بداية تكون الجنين كائنا حيا في رحم أمه، لكنه ليس معروف علميا كيف تدب الحياة في المادة المكونة للكائن الحي، فقد اكتشف التركيب الدقيق للخلايا، وتبين أن المكونات الأولية للخلية هي ذاتها المكونات العضوية للجوامد، لكن لم يمكن معرفة ما الذي جعل تلك المركبات الكيميائية التي تشكلت العضيات الدقيقة المكونة للخلية النباتية والحيوانية منها حية، وما الذي يسحب تلك الحيوية منها فتموت وتعود الى المكونات الجامدة من جديد.
سر الحياة هذا أعلمنا الله تعالى أنه من أمره وحده، أي أنه لا يمكن للبشر لمعرفته مهما بحثوا، وسماه الروح.
هاتان الآيتان تتناولان حالة محددة من الموت، وهي من مات قتلا في سبيل الله، والذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهيد.
من التأمل فيهما يمكننا استخلاص ما يلي:
1 – رغم أن آلية الموت واحدة لكل الكائنات الحية، وأساسها انقطاع تزويد الأنسجة بالأكسجين والغذاء اللازمين لعملياتها الحيوية، إلا أن هنالك استثناء خاص لمآلات ما بعد الموت، اختص الله به الشهيد، وهي أنه وان انقطعت عنه الحياة الدنيا، لكنه ينتقل فورا الى حياة ذات طبيعة مختلفة، لكنها بلا شك مختلفة عن الحياة الآخرة التي سيعيشها كل البشر بلا استثناء بعد يوم القيامة، الصالحون في نعيم، والطالحون في جحيم.
2 – لطالما استوقفني قوله تعالى “وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”، وكنت أتساءل لماذا لم تأت (ولكن لا تعلمون)، طالما أن علم البشر بطبيعة ما بعد الموت مقطوع عنهم البتة؟.
من سياق الآيتين نفهم أن حياة الشهيد بعد الموت مقطوع بها، وللتأكيد فقد وردت بصيغتين: في الأولى نهي عن القول بأن الشهيد مات كما يموت باقي البشر، بل هم أحياء، ولكن هذه الحياة ذات طبيعة مختلفة عما يعرفونه، فهي خارج قدرات البشر الحسية، مثلما أن الملائكة والجن موجودون بينهم لكنهم لا يشعرون بهم ، فكذلك هم لا يشعرون بوجود الشهداء أيضا.
وفي الآية الثانية تأكيد على بقاء الشهيد حيا بعد مقتله، ولأن الكائن الحي لا يمكن أن يعيش بدون الرزق (الماء والهواء والغذاء) الذي قدره الله ليكفيه طوال حياته، فقد جاء تعالى بصيغة “يرزقون”، لأن الرزق لا يكون الا للحي، لكنه مختلف عن الرزق الدنيوي آنف الذكر.
3 – المفسرون القدامى، لم يكونوا قد وصل بهم العلم لمعرفة المتطلبات الحيوية للكائن الحي، التي سماها الله الرزق، فاعتقدوا أن قوله تعالى (عند ربهم) تعني أنها الجنة، لكنهم غفلوا عن أن الجنة والنار لا تفتح إلا بعد يوم الحساب “حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا” [الزمر:73]، كما أن (عند) لا تستعمل فقط ظرف مكان، بل تعني أيضا التقدير والاعتبار كما جاء في قوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” [آل عمران:19].
لذلك فإن العندية هنا ليست شرطا أن تكون في السموات العلى، فكل شيء في الكون في قبضة الله، أي عنده وفي متناوله أينما كان.
نستخلص أن تكريم الله للشهيد أعظم من كل تكريم، إذ يبقيه حيا الى يوم القيامة، فيشهد نتاج تضحيته، وثمراتها في انتشار الدعوة، وتوسع رقعة الأمة.
وربما كان ذلك مراد تسميته بالشهيد.

مقالات ذات صلة حادثة التكنو وإدارات الجامعات 2023/12/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية

إقرأ أيضاً:

3 يحبهم الله ويضحك لهم .. حاول أن تكون منهم

ثلاثة يحبهم الله ويضحك لهم يوم القيامة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ، قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا، فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ»، رواه الحاكم فى المستدرك، حديث حسن.

الله يضحك لرجلين

أَلَا إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ قَامَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ وَلِحَافِهِ وَدِثَارِهِ ، فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلَاةٍ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي هَذَا عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا رَجَاءَ مَا عِنْدَكَ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا ، وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ ))

ثلاثة يحبهم الله ويضحك لهم 

ذكر علماء الحديث فى شرح مستدرك الحاكم، أن المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ» هو إخبار المسلمين بأن هؤلاء الثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم تعالى، فالأول: رجل قاتل في سبيل الله فإذا انهزمت فئة من أصحابه ثبت هو وقاتل من ورائها صابرا محتسبا يحمي المسلمين، ولم يفر أو يجبن أو يضعف؛ لأنه موقن بنصر الله أو الموت في سبيله.

وتابعوا: «ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم- في الحديث:«وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ»، أى يكفيه عدوه ويحفظه ويكلؤه، فيقول الله عز وجل : « انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ» أي كيف حبسها لله وهيأها للقتل في سبيله» .

وأضاف العلماء أن قوله –صلى الله عليه وسلم-: « وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ»، أى أن الثاني هو الرجل الذى له زوجة حسنة وفراش ناعم مريح فترك ذلك لله وقام للتهجد بالليل، فيقول الله تعالى: « فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ»أى يدع شهوته وحاجة نفسه إلى النوم أو إلى امرأته من أجل مناجاتي وذكري ولو شاء نام ولم يقم .

وأوضح العلماء فى شرح المستدرك، أن الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله- قال: "إن من فضائل التهجد: أن الله تعالى يحب أهله، ويباهي بهم الملائكة ويستجيب دعاءهم "، أما قوله –صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا»، أى أن الثالث هو رجل سافر مع رفقة، فسهروا بالليل حتى تعبوا ثم هجعوا أي ناموا ولا شيء هو أحب وأشهى للمسافر من النوم بعد التعب والسهر.

وأشاروا أن قول رسول الله: « فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ »، أى فقام هو من دونهم يصلي بالسحر وهو جوف الليل الآخر وترك النوم لله تعالى وقام يناجيه بالسحر ويدعوه فى السراء والضراء وهذا القول يدل على أن حاله مع ربه لا يختلف يذكر الله على كل حال سواء كان في مسرة أو في مضرة .

وبينوا أن هؤلاء الثلاثة يحبهم الله تعالى، لأن كلا منهم آثر أمر الله على شهوته وحظ نفسه وأعظمهم درجة الأول الذي قاتل بعد انهزام أصحابه؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الحياة، ويليه الثاني؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الزوجة ومن النوم، ثم الثالث الذي آثر أمر الله على حظ واحد من حظوظ نفسه.

طرق التقرب إلى الله تعالى

يسعى المسلم الحق إلى التقرب من الله- تعالى- واتباع أوامره، واجتناب نواهيه؛ فالتقرب من الله – سبحانه وتعالى- يجعلنا نفوز بجنّات النعيم ورضوان الله وتوفيقه في الدنيا والآخرة، ومن أبرز الطرق التي تقربك إلى المولى -عز وجل-:

1- أداء الصلاة في أوقاتها: تعتبر الصلاة الركن الأول من أركان الإسلام، وهي عمود الدين، كما أنّها أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، ومن أحب الأعمال إلى الله أداء الصلاة في وقتها، أي بعد الآذان مباشرة، كما أن الصلاة في المسجد مع الجماعة لها أجر مضاعف أكثرمن أجر صلاة الشخص بمفرده.

2- أداء صلاة التطوع: يقصد بها أداء الصلوات المشروعة وغير الواجبة، مثل صلاة: السنة، والتراويح، والضحى، والتهجّد، والوتر، وتحية المسجد، فينال من يؤدّي مثل هذه العبادات أجرًا عظيمًا، ويتقرّب إلى الله ويفوز برضوانه وجنته يوم القيامة.

3- الحرص على المداومة على الطاعات؛ فمن أحب الأعمال إلى الله هي أدومها، لذلك يجب على المسلم المداومة على طاعة الله، وفعل الخير، فهي السبيل للتقرّب إلى الله ونيل رضاه ومحبته.

4- بر الوالدين: ويقصد ببر الوالدين معاملتهما معاملة حسنة، وطاعتهما في الأمور التي ترضي الله، قال – تعالى-: « وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، [سورة لقمان: الآية 14].

5- الصيام: فقد جعل الله - سبحانه وتعالى- الصوم من الأعمال المحببة إليه، والتي تشفع لصاحبها يوم القيامة، فيتقرب المسلم إلى ربه عن طريق صيام شهر رمضان، وصيام التطوع كصيام يوم عرفة لغير الحاج، وصيام يومي الإثنين والخميس، وصيام الأيام البيض من كل شهر وهي يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر.

6- التوبة عن المعاصي والآثام التي ارتكبها المسلم: ويجب أن تكون توبته صادقة وصحيحة، وأن يعاهد الله على عدم العودة إلى المعاصي.

7 - قراءة القرآن الكريم: لقوله -عليه السلام في الحديث الشريف: « من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها»، [صحيح الجامع].

8- الإكثار من الصلاة على النبي -عليه السلام-: تصديقًا لما جاء في الحديث الشريف التالي: «من صلّى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا»، [رواه مسلم].

9- لزوم الصحبة الصالحة: حيث إن الأصحاب الأخيار يعينون المسلم على طاعة الله، وترك المعاصي والآثام.

10- التصدق على الفقراء والمساكين.

11- الحرص على ذكر الله: فهو من أعظم الأفعال التي يتقرب بها العبد إلى الله -عز وجل-، ومن الأذكار التي جعل الله لها أجرًا عظيمًا التسبيحات الأربعة وهي: سبحان الله، والله أكبر، والحمد لله، ولا آله إلا الله، بالإضافة إلى قراءة الأذكار في الصباح والمساء، وقد جعل الله لمن ذكره الأجر العظيم، وأزال عنه الهموم، وأعانه على قضاء حوائجه، وخصّه الله بمحبته، ووسع له في رزقه، وجعله ممن يدخلون الجنة يوم القيامة، قال – تعالى-: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»، [ سورة الاحزاب: 42،41].

مقالات مشابهة

  • دار الإفتاء تكشف عن وسائل توسعة الرزق.. وأسباب قلة البركة في الحياة
  • عائلات الأسرى الصهاينة: “نتنياهو” ينسف صفقة التبادل من خلال الشروط التي يضعها
  • 3 أدعية نبوية تجلب الرزق وتفتح أبواب الخير
  • “نصر الله على قيد الحياة والأسد سيعود” .. كيف تنجح توقّعات “العرّافين” ومن يُخبرهم بالغيب الجن أم أجهزة المُخابرات؟
  • سنن الفطرة وحكم الالتزام بها في الشرع الشريف
  • حكم الشرع في أداء الصلاة تحت تأثير المخدرات
  • خطيب الأوقاف: العقل أول مظاهر التكريم للإنسان.. فيديو
  • فريق نصر الله يتوج بطلاً لدوري الشهيد بالإصلاحية المركزية بصنعاء
  • 3 يحبهم الله ويضحك لهم .. حاول أن تكون منهم