سواليف:
2024-11-16@08:28:15 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 154 من سورة البقرة: “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”.
أسمى أنواع التضحية هي الجهاد في سبيل الدفاع عن العقيدة (منهج الله)، لأن المجاهد إنسان باع حياته التي هي أغلى ما يملك، لينال رضوان الله، لذلك يتقبله الله، ليثيبه عليه أعلى المراتب.


قال بعض المفسرين أن حياة الشهيد هنا معنوية أي ببقاء ذكره بعد موته، لكن من استعراض قوله تعال في الآية 169 من سورة آل عمران: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، يتأكد لنا أنها تأكيد آخر على أنها حياة مادية لكن بطبيعة أخرى.
المعروف للبشر هي الحياة، لكن الموت وماذا بعده، فمعرفته مغلقة تماما، فلم يعد أحد مات ليخبر عنه، ولا سبيل لمعرفته بالبحث العلمي والتجريب، لذلك فلا علم للبشر عنه إلا بما أخبرنا به تعالى في كتابه الكريم من معلومات محدودة.
صحيح أن موت الإنسان معروف لدينا بأنه انفصال للروح عن الجسد الذي سكنته منذ بداية تكون الجنين كائنا حيا في رحم أمه، لكنه ليس معروف علميا كيف تدب الحياة في المادة المكونة للكائن الحي، فقد اكتشف التركيب الدقيق للخلايا، وتبين أن المكونات الأولية للخلية هي ذاتها المكونات العضوية للجوامد، لكن لم يمكن معرفة ما الذي جعل تلك المركبات الكيميائية التي تشكلت العضيات الدقيقة المكونة للخلية النباتية والحيوانية منها حية، وما الذي يسحب تلك الحيوية منها فتموت وتعود الى المكونات الجامدة من جديد.
سر الحياة هذا أعلمنا الله تعالى أنه من أمره وحده، أي أنه لا يمكن للبشر لمعرفته مهما بحثوا، وسماه الروح.
هاتان الآيتان تتناولان حالة محددة من الموت، وهي من مات قتلا في سبيل الله، والذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهيد.
من التأمل فيهما يمكننا استخلاص ما يلي:
1 – رغم أن آلية الموت واحدة لكل الكائنات الحية، وأساسها انقطاع تزويد الأنسجة بالأكسجين والغذاء اللازمين لعملياتها الحيوية، إلا أن هنالك استثناء خاص لمآلات ما بعد الموت، اختص الله به الشهيد، وهي أنه وان انقطعت عنه الحياة الدنيا، لكنه ينتقل فورا الى حياة ذات طبيعة مختلفة، لكنها بلا شك مختلفة عن الحياة الآخرة التي سيعيشها كل البشر بلا استثناء بعد يوم القيامة، الصالحون في نعيم، والطالحون في جحيم.
2 – لطالما استوقفني قوله تعالى “وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”، وكنت أتساءل لماذا لم تأت (ولكن لا تعلمون)، طالما أن علم البشر بطبيعة ما بعد الموت مقطوع عنهم البتة؟.
من سياق الآيتين نفهم أن حياة الشهيد بعد الموت مقطوع بها، وللتأكيد فقد وردت بصيغتين: في الأولى نهي عن القول بأن الشهيد مات كما يموت باقي البشر، بل هم أحياء، ولكن هذه الحياة ذات طبيعة مختلفة عما يعرفونه، فهي خارج قدرات البشر الحسية، مثلما أن الملائكة والجن موجودون بينهم لكنهم لا يشعرون بهم ، فكذلك هم لا يشعرون بوجود الشهداء أيضا.
وفي الآية الثانية تأكيد على بقاء الشهيد حيا بعد مقتله، ولأن الكائن الحي لا يمكن أن يعيش بدون الرزق (الماء والهواء والغذاء) الذي قدره الله ليكفيه طوال حياته، فقد جاء تعالى بصيغة “يرزقون”، لأن الرزق لا يكون الا للحي، لكنه مختلف عن الرزق الدنيوي آنف الذكر.
3 – المفسرون القدامى، لم يكونوا قد وصل بهم العلم لمعرفة المتطلبات الحيوية للكائن الحي، التي سماها الله الرزق، فاعتقدوا أن قوله تعالى (عند ربهم) تعني أنها الجنة، لكنهم غفلوا عن أن الجنة والنار لا تفتح إلا بعد يوم الحساب “حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا” [الزمر:73]، كما أن (عند) لا تستعمل فقط ظرف مكان، بل تعني أيضا التقدير والاعتبار كما جاء في قوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” [آل عمران:19].
لذلك فإن العندية هنا ليست شرطا أن تكون في السموات العلى، فكل شيء في الكون في قبضة الله، أي عنده وفي متناوله أينما كان.
نستخلص أن تكريم الله للشهيد أعظم من كل تكريم، إذ يبقيه حيا الى يوم القيامة، فيشهد نتاج تضحيته، وثمراتها في انتشار الدعوة، وتوسع رقعة الأمة.
وربما كان ذلك مراد تسميته بالشهيد.

مقالات ذات صلة حادثة التكنو وإدارات الجامعات 2023/12/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية

إقرأ أيضاً:

الإلحاح في الدعاء سر الاستجابة.. أقوى 6 أدعية من القرآن والسنة

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أهمية الدعاء في حياة المؤمن، مشددًا على استحباب الإكثار من الدعاء والإلحاح في الطلب من الله تعالى، لما في ذلك من تعبير عن صدق اللجوء وافتقار العبد بين يدي ربه.

 

وأوضح المركز أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى عبده في حالة من التضرع والافتقار أمامه، وهو ما يظهر جليًا في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كان النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا» [رواه مسلم]. هذا الحديث، وفقًا لما ذكره المركز، يحمل في طياته دلالة عظيمة على أهمية الإلحاح في الدعاء عند طلب الحاجات من الله، وبيّن أن النبي ﷺ كان يُلح في دعائه ويكرر السؤال ثلاث مرات، وهو ما يُستحب للمسلم أن يفعله في دعائه.

كما أشار المركز إلى أن الإلحاح في الدعاء لا يعني أن الله عز وجل يتأخر عن الإجابة، بل هو تعبير عن خضوع العبد لله وتأكيد لصدق رغباته في تحقيق الخير لنفسه. وأضاف أن الإكثار من الدعاء هو وسيلة قوية للاقتراب من الله، والاعتراف بحاجات الإنسان العميقة، فيكون الدعاء بذلك عبادة عظيمة يتقرب بها المؤمن إلى ربه.

ويحث المركز المسلمين على أن يكون الدعاء جزءًا من حياتهم اليومية، خاصة في أوقات الشدة والرخاء، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى وموجهًا بقلب صادق ومؤمن بالإجابة.

أقوى الأدعية من القرآن والسنة

1. دعاء الفرج والراحة
قال الله تعالى: {رَبُّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
هذا الدعاء من أعظم الأدعية التي تفتح أبواب الرحمة والمغفرة من الله.

2. دعاء الهداية
قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6].
دعاء الهداية يعتبر من الدعوات اليومية التي يجب أن يرددها المؤمن في صلاته، إذ يطلب الهداية من الله لتحقيق ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.

3. دعاء التوفيق
عن النبي ﷺ قال: "اللهم إني أسالك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً." [رواه ابن ماجه]
هذا الدعاء يستحب أن يدعو به المسلم عندما يسعى لتحقيق هدف معين أو يطلب التوفيق في عمله ودراسته.

4. دعاء الاستغفار
قال الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118].
هذا الدعاء يساعد على تطهير النفس من الذنوب ويجلب رحمة الله على العبد.

5. دعاء الرزق
عن النبي ﷺ قال: "اللهم إني أسالك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت." [رواه مسلم]
دعاء ينبه المسلم إلى ضرورة التوجه لله في كل ما يتعلق بالرزق، سواء في المال أو في العلم أو في العمل.

6. دعاء في وقت الشدة
قال رسول الله ﷺ: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين." [رواه الترمذي]
هذا الدعاء يُستحب عند مرور المؤمن بمواقف صعبة أو شديدة، حيث يُعبّر عن التوكل الكامل على الله.


أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أهمية الإلحاح في الدعاء والإكثار منه، وذلك كما كان يفعل النبي ﷺ في حياته. ويحث المركز المسلمين على أن يتوجهوا إلى الله تعالى في كل وقت وحين، وأن يكون الدعاء جزءًا أساسيًا من حياتهم اليومية، ليحصلوا على بركات الله ورحمته في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • ما هو النذر؟ وما هي أنواعه؟
  • «الحصاد الأسبوعي».. 4863 مقرأة قرآنية و7565 مجلساً لبرنامج «صحح قراءتك» و5546 ندوة ثقافية وعلمية
  • آداب الطعام في الإسلام.. احذر من امتلاء البطن
  • الإلحاح في الدعاء سر الاستجابة.. أقوى 6 أدعية من القرآن والسنة
  • علي جمعة: الطعام له أثر في تصرفات الإنسان وفي الاستجابة لأوامر الله
  • حياة كريمة تطلق مبادرة «أنت الحياة» بقرية دماط في الغربية
  • حكم الشرع في عدم القدرة على الوضوء
  • أسرار القرآن للفرج وزيادة الرزق يكشف عنها الشيخ الشعراوي
  • أمين عام "حزب الله" اللبناني يوجه رسالة إلى المقاتلين
  • آيات قرآنية قبل الغرق.. رسالة مهاجر غير شرعي تلخص مأساة قوارب الموت