"هذا الكتاب هو تفنيد للكذبة الكبيرة من خلال الكشف عن كلّ واحدة من الأكاذيب الصغيرة".

هكذا يصف أستاذ العلوم السياسية الأميركي "نورمان فنكلستاين" كتابه المعنون: "غزة: بحث في استشهادها" (Gaza: An Inquest into Its Martyrdom)، ويُعلِّل ذلك عبر المثل الإنجليزي الشهير "الشر يكمن في التفاصيل"، ومن ثمّ فإن مواجهة ذلك الشر والتخلص منه يستلزم الاستخدام المنهجي للمنطق والأدلة (1).

صدر الكتاب عام 2018 عن مطبعة جامعة كاليفورنيا الأميركية، وتوفرت نسخته العربية عام 2020 عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت بترجمة "أيمن حداد"، ويأتي في 4 أقسام تقدم توثيقا دقيقا لـ"ما ارتُكب بحق غزة" على حد تعبير "فنكلستاين"، من خلال تناول العمليات العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال في غزة ما بين أعوام 2008-2014.

عبر صفحات كتابه، يرصد "فنكلستاين" دوافع تلك العمليات والآثار المترتبة عليها عبر تحليل مجموعة الأدلة المتاحة، ويسلط الكتاب الضوء على عمليتَيْ "الرصاص المصبوب 2008" و"الجرف الصامد 2014″، كذلك مهاجمة سفينة الإغاثة الإنسانية "مافي مرمرة" (Mavi Marmara) من قِبَل قوات البحرية الإسرائيلية في مايو/أيار 2010.

 

مَن هو نورمان فنكلستاين؟

قبل الخوض في تفاصيل الكتاب، دعونا نقدم تعريفا موجزا بالكاتب. "نورمان فنكلستاين" من مواليد بروكلين في نيويورك عام 1953 لأبوين يهوديين، درس التاريخ في كلية بينغامتون، ثم حاز درجة الماجستير عام 1980، ثم الدكتوراه في الدراسات السياسية عام 1988 من جامعة برينستون الأميركية (2). وتجدر الإشارة إلى أن أطروحته لنيل درجة الدكتوراه المعنونة بـ"المسألة اليهودية للدولة اليهودية: مقالة عن نظرية الصهيونية"، مَثَّلت فيما بعد أساسا لكتابه الأول "صورة وواقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" (Image and reality of the Israel Palestine conflict)، وهو الكتاب الذي وجَّه فيه تحليلا نقديا لكتاب "منذ زمن سحيق" (From time immemorial)، للصحفية الأميركية "جوان بيترز" الصادر عن دار "هاربر" عام 1984، الذي ادّعت خلاله "بيترز" أن الفلسطينيين المعاصرين ليسوا السكان الأصليين لفلسطين.

شغل "فنكلستاين" مناصب تدريسية في جامعات مختلفة، بما في ذلك جامعة نيويورك وكلية بروكلين وكلية هانتر، وعُرف بدفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني وانتقاده ممارسات دولة الاحتلال. ويشير "فنكلستاين" إلى أن اهتمامه بالقضية الفلسطينية جاء على خلفية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وآنذاك لم يسعه إلا احترام أي شخص يقاوم الاحتلال الأجنبي ويسعى إلى تحرير بلاده.

وفي عام 2003 نشبت معركة أكاديمية بين "فنكلستاين" وأستاذ جامعة هارفارد "آلان ديرشوفيتز"، بعدما نشر الأخير كتابه "القضية بالنسبة لإسرائيل" (The case for Israel)، حيث أشار "فنكلستاين" إلى أن "ديرشوفيتز" سطا على أجزاء من كتاب جوان بيترز "منذ زمن سحيق"، كما شكَّك في أن الكتاب من تأليف "ديرشوفيتز" من الأساس، الأمر الذي دفع الأخير إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية.

ورغم أن كتاب "ما يفوق الوقاحة" (Beyond Chutzpah) الذي أصدره "فنكلستاين" عام 2005 لم يتضمن اتهام "ديرشوفيتز" بالسرقة الأدبية، واكتفى خلاله بتفكيك حججه المتعلقة بسجل حقوق الإنسان في إسرائيل (3)، فإن "ديرشوفيتز" بدأ في الاتصال بالعديد من موظفي وخريجي جامعة "ديبول" الأميركية (حيث يعمل "فنكلستاين")، في محاولة لمنع الأخير من البقاء في منصبه، مما أدى إلى أن تضعه إدارة الجامعة في إجازة مفتوحة، ثم لم يجد "فنكلستاين" مفرا من تقديم استقالته في سبتمبر/أيلول 2007، رغم الدعم المستمر من طلابه وأغلب زملائه في هيئة التدريس، وفي أعقاب الاستقالة عاد "فنكلستاين" إلى بروكلين حيث يواصل من هناك نشر مؤلفاته.

 

النمط العدواني واستعراض قوة الردع الإستراتيجية الإسرائيلية الحريصة على تصعيد العنف بصفة دورية تقوم بأمور من شأنها أن تستفز المقاومة للردّ، وهو ما تتخذه إسرائيل ذريعة لعمليتها التالية (الفرنسية)

الطبعة العربية من كتاب "غزة: بحث في استشهادها" جاءت بتقديم أستاذ اللغويات الأميركي "نعوم تشومسكي"، الذي يرى أن "فنكلستاين" اعتمد في كتابه على تحليل مجموعة من التقارير والإفادات الحية والدراسات الصادرة عن لجان تحقيق رفيعة المستوى تصل إلى نحو 1500 مصدر. وحسب رأي "تشومسكي"، فإن قراءة "فنكلستاين" تنفرد بمنزلة خاصة بين الجهود والأبحاث التي تناولت الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لأن كتابه يتميز باتساع نطاقه وتحليله النقدي الحاذق.

ويشير "تشومسكي" إلى أن "فنكلستاين" استخلص النمط الأساسي في عدوان إسرائيل المتكرر على قطاع غزة، وهو النمط المتمثل في التزام المقاومة الفلسطينية بوقف إطلاق النار إثر كلّ حرب على القطاع، لكن الإستراتيجية الإسرائيلية الحريصة على تصعيد العنف بصفة دورية تقوم بأمور من شأنها أن تستفز المقاومة للردّ، وهو ما تتخذه إسرائيل ذريعة لعمليتها التالية، ويترافق ذلك مع استخدام آلة الدعاية الصهيونية لتبرير تصرفات إسرائيل ووضعها في سياق "الرد على الإرهاب والانتقام من مرتكبيه".

ويؤكد "فنكلستاين" أن "العمليات الإجرامية التي تشنها إسرائيل على القطاع لا تتعلق بصواريخ المقاومة قدر ما هي قرارات إسرائيلية ناتجة عن حسابات سياسية"، تهدف في المقام الأول إلى ترسيخ فكرة الردع الإسرائيلية وإشاعة الخوف، كذلك تثبيط التنمية في غزة أو "جزّ العشب" وفق التعبير الإسرائيلي، مما يؤدي إلى فقدان مقومات الحياة في غزة، بحيث يصبح أهلها في حالة اعتماد دائم على المُحتل، ومن ثم يكفل ذلك خضوعا للإملاءات الإسرائيلية دون أية مقاومة.

ووفق رأي "فنكلستاين"، يحتل إبراز قدرة الردع مكانة كبيرة في الإستراتيجية الإسرائيلية. وفي هذا الصدد يشير إلى تقرير مراسل صحيفة نيويورك تايمز، "إيثان برونر"، الذي نقل عن مصادر إسرائيلية قولها إن "الشاغل الأكبر في عملية الرصاص المصبوب كان إعادة تأسيس قوة الردع الإسرائيلية، لأن أعداءها باتوا أقل خوفا منها". ويدلل "فنكلستاين" على ذلك بالعودة إلى حرب 1967، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تدرك جيدا أن الرئيس المصري "جمال عبد الناصر" لم يكن عازما على الهجوم، فيما أن المشكلة الحقيقية تمثَّلت في تنامي القومية الثورية في العالم العربي وتناقص الخوف من إسرائيل، مما دفع "أرييل شارون"، الذي كان قائد فرقة عسكرية آنذاك، إلى تحذير أعضاء مجلس الوزراء المترددين في شن ضربة إسرائيلية، وبرر "شارون" ذلك بقوله: "إن سلاحنا الرئيسي هو الخوف منا".

ومنذ عام 2006 صارت إستراتيجية الردع تتلازم ومبدأ آخر يُعرف بـ"عقيدة الضاحية"، وهو تعبير مألوف بين ضباط الجيش الإسرائيلي. ويوضح "فنكلستاين" أن العقيدة تشير إلى استخدام قوة غير متناسبة ضد كل قرية يُطلق منها الرصاص تجاه إسرائيل، مما يتسبب في ضرر ودمار هائلين دون حاجة فعلية. ورغم أن الاحتلال صاغ المذهب بالأساس إبان عدوانه على الضاحية الجنوبية لبيروت، فإنه استفرد بغزة لقمةً سائغةً. وفي هذا الصدد يُبرز "فنكلستاين" تعليق المراسل العسكري الإسرائيلي على قتل 300 فلسطيني في الدقائق الأربع الأولى من عملية "الرصاص المصبوب"، حيث أوضح الأخير أن إسرائيل لا تُخفي حقيقة أنها "ترد على نحو غير متناسب".

 

الحق في الكفاح المسلح لا يوجد قانون يمنع الفلسطينيين من استخدام القوة أو الحصول على الأسلحة من دول صديقة بغرض إنهاء الاحتلال (مواقع التواصل)

أحد التساؤلات المميزة التي يطرحها الكتاب تتعلق بحق الفلسطينيين في استخدام القوة المسلحة بهدف إنهاء الاحتلال. ويبدأ الكاتب في مناقشة ذلك بالإشارة إلى أن الجميع في الغرب، بمَن فيهم منتقدو حصار غزة، أقرّوا بحق إسرائيل في منع وصول الأسلحة إلى الفلسطينيين، قبل أن يفند هذه الرؤية عبر مجموعة من الأدلة القانونية، وهو يورد تصريح محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام 2004 المتعلق بمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وقد أقرت المحكمة بأن مسألة وجود شعب فلسطيني باتت مسألة محسومة، مما يحتم على إسرائيل احترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير. ويشير "فنكلستاين" إلى أن القانون الدولي يحظر استخدام القوة العسكرية من جانب سلطة مهيمنة لقمع ثورة شعبية في مساحة مخصصة لتقرير المصير، وبما أن تلك المساحة في الحالة الفلسطينية تشمل بوضوح مناطق غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، فإن المساعدة المقدمة من الدول لحركات التمرد في تلك المساحة تُعَدُّ أمرا جائزا من الجهة القانونية، وفق رأي أستاذ القانون الدولي الأسترالي "جيمس كروفورد".

ويذهب "فنكلستاين" إلى فرضية أخرى أثناء مناقشة هذا التساؤل، وكأنه أخذ على عاتقه محاصرة كل المزاعم من أجل الوصول إلى إجابة واضحة، إذ يقول إن بوسع المرء أن يزعم أن الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يندرج ضمن الحق بتقرير المصير، وإنما يخضع لقانون الاحتلال الحربي القائم على قوة البندقية، ووفقا كلامه، فإن الحق في التحرر الوطني هو العُرف القطعي في القانون الدولي، وهو ما يحدد نطاق قانون الاحتلال. أضف إلى ذلك أن رفض إسرائيل للتفاوض من أجل إنهاء النزاع يفقدها أي حقوق قد تُطالب بها بموجب قانون الاحتلال الحربي، وبالتالي فلا يوجد قانون يمنع الفلسطينيين من استخدام القوة أو الحصول على الأسلحة من دول صديقة بغرض إنهاء الاحتلال.

ويفنّد الكتاب محاولات التلاعب التي يمارسها أنصار دولة الاحتلال حين يلومون الفلسطينيين على عدم اعتناق مبادئ الزعيم الهندي "غاندي" والتخلي عن طُرق المقاومة العنيفة. ويشير الكاتب إلى أن "غاندي" صنّف المقاومة القائمة على القوة في مواجهة آفاق مستحيلة باعتبارها مقاومة رمزية تشير إلى رفض الانحناء أمام القوة والرغبة في الموت بكرامة، ومثالا على ذلك، حين يقاوم رجل أعزل التعذيب الذي تُوقعه به عصابة مسلحة، أو حين تصفع امرأة شخصا يحاول اغتصابها. كما أن "غاندي" الذي حث على مقاومة العنف باللا عنف قال أيضا: "إن لم تستطيعوا ذلك فكافحوا العنف بأي وسيلة، حتى لو أدى ذلك إلى إبادتكم تماما. لكن لا يجوز بأي حال أن تتركوا بيوتكم عُرضة للسلب والحرق" (4).

 

مجزرة الحرية السفينة "مافي مرمرة" التي كانت من ضمن سفن الأسطول (المعروف باسم أسطول الحرية) لفك الحصار عن غزة عام 2010 (رويترز)

في مايو/أيار 2010 (5)، انطلقت قافلة من السفن التابعة لمنظمات دولية غير حكومية إلى قطاع غزة بهدف فك الحصار عنه، وكان من ضمن سفن الأسطول (المعروف باسم "أسطول الحرية") السفينة "مافي مرمرة"، التابعة لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، التي حملت على متنها أكثر من 500 ناشط ومتضامن أغلبهم من الأتراك. وقد انطلق الأسطول من موانئ متعددة في جنوب أوروبا وتركيا، واتُّفِقَ على الالتقاء عند ساحل مدينة ليماسول جنوب قبرص ثم الإبحار باتجاه غزة. وخلال وجود الأسطول في المياه الدولية، تعرضت "مافي مرمرة" لهجوم من قِبَل القوات الخاصة (الكوماندوز) التابعة للبحرية الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل 10 من النشطاء ومنع السفينة من بلوغ غزة.

وأمام ما أثاره الحادث من غضب دولي؛ زعم الاحتلال أن قواته اضطرت للدفاع عن نفسها بعدما تعرضت لهجوم من قِبَل ركاب السفينة، فيما اقتحم جنود الاحتلال مطابخ السفينة وجلبوا من داخلها السكاكين، في محاولة لتضليل الرأي العام وإقناعه بأنهم تعرضوا لهجوم بالسلاح الأبيض مما أدى إلى ردهم بالرصاص الحي. وبلغ التبجح بدولة الاحتلال أوْجه، حين طالب نائب رئيس الوزراء "إيلي يشاي" منح ميداليات لجميع الجنود الذين شاركوا في الهجوم باعتبارهم محاربين يستحقون التكريم.

"فنكلستاين" يتطرق إلى الحادث ويدحض مزاعم الاحتلال، مشيرا إلى أن حملة التشهير الإسرائيلية التي طالت "مافي مرمرة" وادَّعت بأنها سفينة تابعة لمنظمة إرهابية لا تتفق مع توزيع إسرائيل لكتيبٍ معلوماتي قبيل الهجوم بفترة وجيزة، وصفت خلاله هيئة الإغاثة الإنسانية بالمنظمة الحقوقية المهتمة بمناطق الحروب والنزاعات. ويقول "فنكلستاين" إن إسرائيل لم يكن لديها مخاوف بشأن حمولة السفينة، إذ عرضت قيادة السفن إجراء تفتيش من جانب هيئة محايدة للتأكد مسبقا من الطبيعة الإنسانية للحمولة. ويطرح "فنكلستاين" تساؤلا عن أسباب تنفيذ ذلك الهجوم ليلا، وكان الأجدر بالجنود الصعود إلى ظهر السفينة في وضح النهار بمرافقة طاقم من الصحفيين، كي تُظهر إسرائيل نِيَّاتها السلمية للعالم. كذلك لماذا اختار الاحتلال استخدام فرقة خاصة كي تهبط فوق السفينة من المروحيات، وهي طريقة من شأنها أن تؤدي إلى الفزع وإثارة الفوضى؟ ولعل الإجابة عن ذلك السؤال تكمن في نمط التصعيد الذي أوضحه "فنكلستاين"، فعلى الأرجح تعمَّد الجنود استفزاز الركاب وإثارة ذعرهم أملا في أن يؤدي ذلك إلى رد من جانبهم، مما يكفل للجنود ذريعة للهجوم على النشطاء.

يؤكد "فنكلستاين" أن تلك الغارة كانت متعمدة بغرض إرهاب كل مَن يفكر في مد يد العون إلى غزة، كما يشير مجددا إلى عقيدة الردع، موضحا أن البراعة العسكرية الإسرائيلية لم تُثر شعورا بالرهبة أثناء عملية "الرصاص المصبوب" بالقدر الذي كانت تأمل فيه، وبالتالي أرادت استعراض تلك البراعة أمام ركاب مدنيين. ويسوق الكتاب استطلاعا للرأي جرى في العالم العربي عام 2010، أوضح أن 44% من العرب يعتقدون أن إسرائيل أضعف مما تبدو عليه، وهي نتائج من شأنها أن تثير قلق إسرائيل التي تتخذ من التخويف سلاحا أساسيا.

ويسخر "فنكلستاين" من مآل تلك الرغبة الاستعراضية، إذ إن القوات البحرية الخاصة التي تُعَدُّ أفضل وحدة قتالية إسرائيلية سمحت بوقوع 3 أفراد منها في الأسر حين واجهت عددا مماثلا من المدنيين المسلحين بأسلحة ارتجالية، وانتشرت على مواقع الإنترنت صور لهؤلاء وهم يتلقون العلاج من قِبل طاقم السفينة الطبي بعد وقوعهم في الأسر، وبات الانطباع أن السحر تبخر، وأن كل ما يلمسه ذلك الجيش يعود بالأذى على إسرائيل.

————————————————————————

المصادر:

1) كتاب "غزة: بحث في استشهادها Gaza: An Inquest into Its Martyrdom"، نورمان غاري فنكلستاين، 2018.

2)  Guide to the Norman Finkelstein Collection, Center for Brooklyn history.

3)  Reviewed Work: Beyond Chutzpah: On the Misuse of Anti-Semitism and the Abuse of History, Norman G. Finkelstein, Review by: Amal Bishara, JSTOR.

4) Speech at Goalundo, November 1946, collected works of Mahatma Gandhi, Vol 86

5) إسرائيل هاجمتها وقتلت 10 من الأتراك.. قصة سفينة "مافي مرمرة" – موقع الجزيرة – يونيو/حزيران 2022.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: استخدام القوة مافی مرمرة التی ت إلى أن

إقرأ أيضاً:

زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد

لم يكن في مخيلة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، الذي تباهى بإعادة اعتقال أسرى "نفق الحرية" عام 2021، أن يأتي اليوم الذي يُفتح فيه باب الزنزانة لزكريا الزبيدي، ليعود حراً إلى مدينة جنين، بقرار فرضته المقاومة الفلسطينية.

وتحرر اليوم الخميس زكريا الزبيدي أحد أبرز قادة "كتائب شهداء الأقصى" بالضفة الغربية، ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة.

وخرج ابن جنين من السجن، في وقت تتعرض فيه المدينة ومخيمها لعدوان إسرائيلي متواصل منذ 10 أيام، مخلفة شهداء وجرحى ودمارا هائلا بالمنازل، شمالي الضفة الغربية.

وأطلق سراح الزبيدي إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما أربيل يهود وآجام بيرغر إضافة إلى أسير ثالث وهو غادي موزيس، وفق ما أعلن متحدث كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أبو عبيدة مساء الأربعاء.​​​​​​​

والزبيدي (49 عاما) عضو سابق في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وهو من أبرز الأسماء الفلسطينية بالسجون الإسرائيلية، ومن خلال أطروحته للماجستير، يفضل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد".

نجح الزبيدي بتنفيذ فرار "أسطوري"من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد التحصين عام 2021 (رويترز) هروب أسطوري

وفي 6 سبتمبر/ أيلول 2021 نجح الزبيدي في الهروب من زنزانته برفقة 5 من رفاقه في الأسر، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، وأعيد اعتقالهم بعد أيام. في عملية وصفت حينها بـ"الأسطورية".

إعلان

واعتقل جيش الاحتلال الزبيدي عام 2019، ووصفه مسؤول كبير بالمخابرات الإسرائيلية، بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة".

لم يصدر حكم بحقه حين اعتقل، ولكن صدر ضده حكم بالسجن 5 سنوات على هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية لم يصدر أحكام ضده بشأنها.

وللقيادي الفلسطيني تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، حيث قضى سنوات من عمره داخل السجون الإسرائيلية.

وفي عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق مع الاحتلال وحصل على "عفو إسرائيلي".

وعقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع إسرائيل.

وبحسب تقارير فلسطينية فإن إسرائيل هدمت منزل الزبيدي 3 مرات.

اعتقل جيش الاحتلال الزبيدي منذ طفولته عدة مرات وظل مطاردا لسنوات (رويترز) من هو الزبيدي؟

ولد زكريا بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 قتلت القوات الإسرائيلية والدته سميرة وشقيقه طه.

وفي 15 مايو/ أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داوود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمال إسرائيل، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين.

وفي سبتمبر/ أيلول 2024 قتلت إسرائيل نجله محمد مع عدد من المقاومين في غارة جوية بمدينة طوباس شمال الضفة الغربية.

كما أصيب زكريا بعمر 13 عاما بالرصاص خلال مشاركته في رجم القوات الإسرائيلية بالحجارة، واعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر.

بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على القوات الإسرائيلية، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.

في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005)، بات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" في حينه.

إعلان

وقاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه "الحاكم الفعلي لجنين".

وعام 2002، وإبان إعادة الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شن معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.

تعرض الزبيدي لعدة محاولات اغتيال من قبل الاحتلال الإسرائيلي (رويترز) محاولات اغتيال

استطاع الزبيدي أن ينجو 4 مرات من محاولات اغتيال، أبرزها في 2004، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.

وفي العام ذاته، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة مخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.

عام 2005، كُشف كمين لقوات إسرائيلية خاصة قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل وتمكن زكريا من الفرار.

عفو وإعادة اعتقال

شكلت وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، نقطة تحول في عمل المقاومة المسلحة، حيث أعلن الرئيس الجديد في حينه محمود عباس، حل كتائب "شهداء الأقصى"، والبدء بفتح مسار سياسي مع إسرائيل.

وفي 15 يوليو/ تموز 2007، أعلنت إسرائيل عفوا عن مسلحي "كتائب شهداء الأقصى"، بينهم الزبيدي بناء على اتفاق مع السلطة الفلسطينية سلم مسلحون سلاحهم للسلطة.

وعن ذلك يقول الزبيدي في مقابلة تلفزيونية حينها "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".

وبعد 4 سنوات، أعلنت إسرائيل في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2011، إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه.

بقي زكريا بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله من قبل قوات إسرائيلية بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 2019.

إعلان

واتهمت إسرائيل الزبيدي والمحامي الفلسطيني طارق برغوث في حينه بالتورط في "أنشطة تحريضية جديدة".

وآنذاك، وصف الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي يتسحاق إيلان الزبيدي، بأنه "قط شواع، لطالما حاولنا الإمساك به لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله لانخراطه مرة أخرى في أنشطة إرهابية".

تسلم الزبيدي قيادة كتائب "شهداء الأقصى" في جنين خلال الانتفاضة الثانية (الفرنسية) التنين

حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، رغم حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".

وتقمّص الزبيدي شخصية "التنين" المستمد من أسطورة قديمة، تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد، بعد مطاردة طويلة وصعبة، في إشارة إلى تجربته الشخصية مع الاحتلال.

وفي أطروحة الماجستير، تطرق زكريا إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.

وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل، "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه".

وعن عدم قدرة زكريا على إتمام رسالة الماجستير، يقول حويل "اليوم استطاع زكريا أن ينهي رسالته، بتجربة عملية (من خلال فراره من السجن)، حتى تكون رسالة للأجيال القادمة".

ويسترجع حويل ذكرياته مع الزبيدي، وخاصة في معركة جنين 2002، حيث يقول "نفدت الذخيرة معنا، قلت وقتها لزكريا انتهت اللعبة، قال لي لم تنتهِ، نحن من يكتب لها النهاية، رفض الاستسلام، واختبأ بين الركام حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونجا".​​​​​​​

وبعد سنوات من الأسر والمطاردة، يعود الزبيدي إلى جنين حراً ، ليجد المخيم كما عهده: يقاوم ولا ينحني.

مقالات مشابهة

  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
  • زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • “السلاح الإسرائيلي” الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها رهينة بجباليا..!
  • ما السلاح الإسرائيلي الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها أسيرة بجباليا؟
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • تقرير: الفلسطينيون يستعدون لمزيد من العنف مع توسيع الاحتلال لهجومه على الضفة