عربي21:
2025-03-03@10:50:23 GMT

الخطاب الديني وانتخابات الرئاسة المصرية

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

انتهى الفصل الثالث من مسرحية الانتخابات الرئاسية في مصر، وهي مسرحية بكل ما تعنيه الكلمة، سواء من حيث إخراجها السياسي، أو من حيث اللاعبون على المسرح، وبخاصة من الرموز والمؤسسات الدينية، الإسلامية والمسيحية على حد سواء للأسف.

فقد جاءت أحداث الجارة الموجوعة غزة، فرصة غير متوقعة من السيسي ونظامه لتكون مصائب غزة فوائد عنده، فقد تابع الإعلام العالمي قبلها ما دار حول هذه المسرحية، وكيف حارب كل من سولت له نفسه الترشح، ممن يمثل تهديدا شعبيا ولو نسبيا، وقد كان ذلك هو الإجراء المتبع في فصول المسرحية الثلاثة، بداية من الفصل الأول سنة 2014م، حين ترشح وحده، وأتى بحمدين صباحي كومبارس، ووجه له إهانة بالغة، حين جعل الأصوات الباطلة أعلى من أصواته.



ثم في الفصل الثاني من المسرحية، سنة 2019م، إذ به يحدد إقامة الفريق أحمد شفيق، ويمنع سامي عنان رئيس الأركان السابق أيضا، ولا يبقي سوى على موسى مصطفى كمرشح كومبارس ثاني للعرض الثاني، وهو نفس ما تم في الفصل الثالث.

جاءت أحداث غزة، لتصرف العالم عن متابعة ما يجري من عرض مسرحي في مصر، وهي أحداث كانت جديرة بتأجيل الانتخابات لو كانت جادة، إذ كيف تهدد حدود بلد بحرب ومجازر بهذا الكم والحجم، ولا تكون داعية لتأجيل، خاصة وأن الانتخابات قد قدمت عن موعدها بالأساس.

لكن ما يلفت النظر في هذه المسرحية هو أداء رموز المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، فباستثناء مشيخة الأزهر، والتي جنبت نفسها الدخول في هذه المهزلة، ولم يرصد لها سوى صورة التقطت لشيخ الأزهر في لجنة الانتخابات يدلي بصوته، عدا ذلك وجدنا الأوقاف والإفتاء ومشايخ السلطة، وكذلك قساوسة وباباوات الكنيسة، اجتمعوا على عزف نشيد سياسي واحد، كله تمجيد في السيسي، والحشد لانتخابه، لأن التحدي أمامهم في حشد عدد يكون لقطة مهمة.

تحول بعض الرموز الدينية التابعة للسلطة، لهتيفة، أو بلغة المصريين العامية: نبطشي، وهو شخص يقوم في العرس على خشبة المسرح، ليهتف وتهتف وراءه الناس، أو يشجع على جمع النقوط (أموال) لصاحب الفرح، فقام الشيخ علي جمعة المفتي السابق ليهتف ويهتف الناس وراءه: يا عليم يا فتاح، انصر عبدك عبد الفتاح، وكلنا وراءك يا سيسي.نظام اعتاد وقام على اللقطة والصورة، منذ الثالث من يوليو، وحتى الآن، يتم استدعاء الجماهير سواء بالخطاب الوطني، أو الخطاب الديني، لالتقاط صورة تصدر للإعلام المحلي والعالمي أن الناس تهتف بالسيسي رئيسا، وبأن انتخابه واجب وطني وديني!!

بل تحول بعض الرموز الدينية التابعة للسلطة، لهتيفة، أو بلغة المصريين العامية: نبطشي، وهو شخص يقوم في العرس على خشبة المسرح، ليهتف وتهتف وراءه الناس، أو يشجع على جمع النقوط (أموال) لصاحب الفرح، فقام الشيخ علي جمعة المفتي السابق ليهتف ويهتف الناس وراءه: يا عليم يا فتاح، انصر عبدك عبد الفتاح، وكلنا وراءك يا سيسي.

وما قام به علي جمعة وكل الرموز الدينية الرسمية، قامت به أيضا عمائم ولحى شعبية كحزب النور. ورأينا مثله في الكنائس المصرية، بدءا من البابا تواضروس، وانتهاء بكل القساوسة، ولأن الخطاب الكنسي لا توجد فيه رموز خاصة، بل كلهم رسميون، كما هو الحال في الخطاب الإسلامي، فهو له رأس يضع النوتة للعزف، وخلفه كل المؤدين.

العجيب أن هذه الرموز الدينية ـ الإسلامية منها والمسيحية ـ تحدث على حدود بلادها مجازر يومية في غزة، ولم نسمع عن هذه الرموز أن قامت بتنظيم حملات إغاثة تكفي لهؤلاء الجرحى والشهداء وأسرهم، إلا ما كان من باب ذر الرماد في العين.

ولم نر تحركا يليق بمكانة الكنيسة الأرثوذكسية، تتحرك لأجل المقدسات المسيحية التي دمرها العدوان الإسرائيلي في غزة، وفي هذه الكنائس المدمرة كنيسة هي من أقدم ثلاث كنائس في العالم المسيحي كله، وقبله المستشفى المعمداني، بل لو رحت تحصي كلمات وبيانات البابا تواضروس عن العدوان على غزة، لن يصل إلى عدد أصابع يد واحدة، حوالي مرتين أو ثلاث على الأكثر، بعد الحرب بأيام قليلة، ومنذ بضع أيام، وكلمات محدودة.

لو أن حجرا رمي من شخص مجهول على كنيسة في منطقة نائية في مصر، لقام البابا ورجاله، وصاحوا بكل ما يملكون للتنديد بهذا العدوان الصارخ، والتحذير من نيران الفتنة الطائفية، ولجيشوا أقباط المهجر معهم، وهو حق لا ينكره أحد، لكن هذا الخذلان للمقدسات الفلسطينية، وفي القلب منها الآن غزة، مقارنا بما نراه من هرولة وتسارع وتسابق بين القساوسة والكنائس في الحشد لانتخابات هزلية شكلية، بدأت تضع الخطاب الديني في سياق لا يليق بمكانته عند المؤمنين به.

وهو ما يقال عن خطاب مشايخ السلطة كذلك، وليس الأمر خلطا هنا بين شأن محلي وشأن إقليمي، بل إن الدفاع عن غزة، هو أمن قومي مصري صرف، كان يدرك ذلك كل من توالى على حكم مصر، ليس غزة فقط بل كل حدود مصر، لكن الآن والوضع يصل لهذه الدرجة من المجازر غير المسبوقة، فإنه يهدد هذه المؤسسات في قيمتها وجماهيريتها.

كثيرا ما بذلت هذه المؤسسات جهودا، أو فتحت باب النقاش حول ظاهرة الإلحاد في بلادنا العربية، وقد كانت من أقوى أسباب فقدان الشباب الثفة في الدين، هو الخطاب الديني نفسه، لأنه ـ في غالبه ـ خطاب سلطوي، وخطاب لا يعبر عن آلام الشعوب ولا آمالها، وقد جسد ذلك بوضوح هذا الخطاب في مسرحية الانتخابات الرئاسية، مقارنا بكارثة إنسانية بكل معاني الكلمة في غزة، فقد نشط كل النشاط في اتجاه السلطة، وخمل كل الخمول، في اتجاه الأمة وقضاياها.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات مصر مصر انتخابات سياسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرموز الدینیة الخطاب الدینی

إقرأ أيضاً:

أيوب طارش والتواشيح الدينية في اليمن

يمن مونيتور/العربي الجديد

مع دخول شهر رمضان، تتحول مجالس اليمنيين خلال ليالي هذا الشهر إلى مجالس للذكر وترديد التواشيح والابتهالات.

يحتل التوشيح أو الغناء الديني في اليمن مكانةً نتيجة عاملين: أصالة وتفوق وتنوع مدارس الغناء اليمني، إضافةً إلى مكانة الدين لدى اليمنيين. يحضر هذا الفن في مجالس الذكر والمناسبات الاجتماعية أيضاً، كالأعراس، والعزاءات، والمناسبات الدينية، ويؤدى فردياً أو جماعياً.

يمثل التصوف في حياة الفنان اليمني أيوب طارش عبسي، وفي مسيرته الغنائية، قيمة ثرية، تضاف إلى رصيده فناناً ملتزماً. أيوب طارش من أبرز الفنانين الذين مثلوا إضافة للتوشيح الديني اليمني من خلال الجمع بين الموروث والتجديد، فأنتج عدداً من التواشيح على شكل غناء مصحوب بالموسيقى، ما يمثل إضافة نوعية وتجديداً للتوشيح. أكثر القصائد الدينية التي أدّاها طارش هي من ألحانه وكلمات شعراء معاصرين، إضافة إلى غنائه قصائد تعود إلى شيوخ الصوفية، مثل الشيخ أحمد بن علوان، والشيخ عبد الرحيم البرعي، والشيخ عبد الهادي السودي، والإمام أبي حامد الغزالي.

استعان الفنان اليمني في بعض تواشيحه بالكلمات المتداولة من التراث، واستعان أيضاً ببعض الألحان التراثية في القليل من التواشيح التي غناها، وهي تواشيح متداولة ومتناقلة شفاهياً عبر الأجيال، تستخدم للتضرع والتوسل في المناسبات الدينية المختلفة.

يتربع توشيح “جلاء القلب” (كتب كلماته الشيخ محمد عبد المعطي الجنيد) على رأس التواشيح الدينية لطارش بلحنه الشجي الخاشع. يقول مطلعه: “يا نبياً ما له في الكون مثلُ/ يا حبيباً لي به همٌّ وشغلُ/ عين ذاتٍ عينها روحٌ وعقلُ/ أنت نوري وضيائي/ لك حبي وولائي/ في فنائي وبقائي”.

من التواشيح الدينية التي غناها طارش، نذكر “يا رب بهم وبآلائهم” و”ألا يا الله بنظرة” و”يا الله يا رب لاطف عبدك الحائر” و”يا نور برهاني” و”يا رب صل على محمد” و”أنت العزيز” و”يا رب أسألك بالجلالة وصاد” و”لك الحمد” و”أنت العزيز مدد مدد”.

وتبرز رمضانيات أيوب، وهي التواشيح المخصصة لشهر رمضان، ويتربع على قائمتها “رمضان يا شهر الصيام الأوحدِ” من كلمات الشاعر أحمد الجابري. وضمن رمضانياته تبرز أيضاً تواشيح “رمضان هلَّ على الدنيا” و”ثغر الصيام” و”رمضان يا صائمينا”.

الباحث والمحقق الصوفي عبد العزيز سلطان المنصوب، يقول لـ”العربي الجديد”: “إن طارش يحرص على اختيار النصوص الصوفية المميزة التي كتبها الشيوخ الصوفية، حتى يستطيع دمج الكلمة المعرفية الهادفة مع اللحن الإيقاعي الذي يستوحيه من مجالس السماع الصوفي”.

يشير الباحث إلى أن اليمن يحتضن ذخائر متنوعة ومكتنزات فنية هائلة، صاغها شيوخ كتبوا وألّفوا وأبدعوا دواوين الشعر والأدب الصوفي، وشاركهم صانعو الألحان في إبراز أنغام تهفو إليها القلوب. ونجح الحداة في نشر ونقل هذه المعارف والأنغام إلى مساحات واسعة سارت فيها رحالهم، وكانت الزوايا الصوفية قد أثْرَت هذا الجانب، وحافظت على موروث تراثي كبير جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، وجغرافيته ممتدة على طول وعرض مساحة اليمن. يوضح المنصوب أن هناك تحديات يواجهها التوشيح الديني في اليمن تبدو في الظروف غير المستقرة التي تعيشها البلاد أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، لا تمكّن من التوثيق الجيد والمحافظة على هذا التراث: “صار همُّ الناس مرتكزاً في البحث عن توفير لقمة العيش الضرورية والهجرة من البلاد، ما لا يتيح الفرصة للاهتمام بهذا الجانب وجعلِه معرّضاً للضياع”.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • أيوب طارش والتواشيح الدينية في اليمن
  • السنوار يتسبب بإغلاق “الذكاء الاصطناعي”في التعليم الديني الإسرائيلي
  • إياد نصار لـ«حبر سري»: تعرضت لمحاولة تجنيد بسبب التزامي الديني.. وسؤالي المستمر أنقذني
  • الرئاسة السورية: لجنة خبراء لصياغة إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية
  • إياد نصار: أتقنت اللهجة المصرية من الناس في الشارع المصري
  • العثة الأممية تؤكّد ضرورة وضع حدّ لجميع أشكال «الخطاب التحريضي»
  • المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
  • مصدر بالأهلي: لم نحسم موقفنا من مواجهة الزمالك في العراق.. وننتظر موافقة كولر
  • مؤكداً الثبات على نصرة الشعب الفلسطيني.. الرئيس المشاط يبارك للأمة حلول شهر رمضان المبارك (تفاصيل + نص الخطاب)
  • أبو زيد: أجمل ما في لبنان تلاقي الأعياد والمناسبات الدينية