البابا تواضروس يشرح تاريخ نشأة الكنيسة المسيحية
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
قال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، "الكنيسة أسسها السيد المسيح، "وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي" (مت ١٦: ١٨)، عندما اختار تلاميذه الاثني عشر ثم السبعين رسولًا ثم بولس الرسول، وصار هؤلاء الثلاثة وثمانين شخصًا هم بداية الكنيسة الواحدة، وفي يوم حلول الروح القدس أصبح هناك الآلاف".
وشرح البابا تواضروس خلال عظته الأسبوعية، تاريخ نشأة الكنيسة المسيحية، موضحًا أن الكنيسة استمرت واحدة لمدة ما يقرب من خمسة قرون، وفي تلك القرون الأولى تعرّضت لاضطهاد شديد من الملك دقلديانوس إمبراطور روما، وأكثر شهداء كانوا في مصر وفلسطين، ثم أصدر الملك قسطنطين في عام ٣١٣ قرارًا أن المسيحية ديانة معترف بها، إلى أن ظهر أريوس في عام ٣٢٣ الذي نشر تعاليم خاطئة، لذلك أقامت الكنيسة مجمع نيقية في عام ٣٢٥ وحضره ٣١٨ أسقفًا والبابا أليكسندروس البابا رقم ١٩ وتلميذه أثناسيوس (البابا الـ ٢٠)، وتم حرم أريوس وأصدروا قانون الإيمان، وصارت هذه العلامة مهمة، لأن أي كنيسة تقول قانون الإيمان هي كنيسة مسيحية، وفي عام ٣٢٦ اكتشفت الملكة هيلانة مكان خشبة الصليب المقدس، وبعد ما يقرب من ٥٠ عامًا عُقد مجمع القسطنطينة، وفيه أكملت الكنيسة شرح قانون الإيمان، "نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق.."، وفي عام ٤٣١ عُقد مجمع أفسس لمناقشة أفكار نسطور وأوطاخي، وكان المجمع في زمن البابا كيرلس عمود الدين وهو الأشهر في الشرح اللاهوتي، ووضع ثيؤطوكيات الأسبوع، وتم نفي نسطور وأوطاخي، ولكن في عام ٤٥١ حدث الانشقاق في الكنيسة بعد أن كانت واحدة، وانعقد مجمع خلقيدونية – الكنيسة الأرثوذكسية لا تؤمن به - ليناقش قضايا لاهوتية، والذي تدخلت فيه ثلاثة عوامل، هي:
- الخلاف السياسي، روما والإسكندرية والقسطنطينية وأنطاكية.
- اللغة، بعض التعابير لم تكن مفهومة جيدًا.
- العظمة وإحساس الإنسان بذاته، "إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت ١٨: ٣).
وأكمل قداسته أنه نتج عن مجمع خلقيدونية انشقاق الكنيسة، فصارت الإسكندرية وأنطاكية هم الأرثوذكس، وروما والقسطنطينية هم الكاثوليك، وهذا أول انقسام حدث في الكنيسة، ثم في القرن الحادي عشر انفصلت القسطنطينية عن روما، لأن روما أضافت كلمة "والابن" في قانون الإيمان، وفي القرن السادس عشر ظهر الانشقاق البروستانتي من روما، وأيضًا حدث انشقاق أنجليكاني في انجلترا، فصارت هناك أربعة تجمعات كبيرة في العالم، بينما يقول السيد المسيح "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ" (يو ١٧: ٢١، ٢٢).
وأشار قداسة البابا إلى أنه برغم حدوث الانقسامات المتتالية في الكنائس في العالم، إلا أنه توجد عوامل مشتركة، هي:
- كل كنائس العالم تؤمن بالمسيح الواحد.
- كل كنائس العالم لديها الكتاب المقدس.
- كل كنائس العالم تسعى من أجل الملكوت السماوي.
وتناول قداسته جهود الكنيسة التي بدأت لوحدة الإيمان، عندما نشأت مجالس الكنائس، كالتالي:
- مجلس كنائس العالم تأسس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٨، ومقره يوجد في چنيڤ، والكنيسة القبطية هي أول مَنْ شاركت فيه، ويضم معظم كنائس العالم، وهذا المجلس لا يناقش العقيدة واللاهوت، ولكنه يهتم بالمشاركة والتعاون على المستوى الاجتماعي بين كنائس العالم، وبالتالي قراراته غير مُلزِمة للكنائس، ونيافة الأنبا توماس مطران القوصية هو ممثلنا في اللجنة المركزية بهذا المجلس.
- في عام ١٩٧٤ تأسس مجلس كنائس الشرق الأوسط في لبنان لكل كنائس الشرق الأوسط، وتعب في تأسيسه المتنيح نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الذي استشهد في حادثة اغتيال الرئيس السادات، وفي عام ١٩٧٥ نقل المجلس مقره إلى قبرص، حتى انتهت الحرب الأهلية في لبنان وعاد مرة أخرى إلى بيروت، وفي العام الماضي استضفنا الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط لأول مرة في تاريخ المجلس.
- منذ ما يقرب من عشر سنوات أو اثني عشر سنة تأسس مجلس كنائس مصر، ويتكون من خمسة أعضاء، هم: الأقباط الأرثوذكس، والجريك الأرثوذكس، والكاثوليك، والبروستانت، والأنجليكان، وهذا المجلس لا زال ناشئًا.
- مجلس كل أفريقيا The All Africa Conference of Churches (AACC)، ومقره في كينيا، ونحن أعضاء فيه أيضًا، والكنيسة القبطية هي نائب رئيس المجلس.
وأشار قداسة البابا إلى أن كنيستنا تشارك في هذه المجالس ولها دور عملي فيها من أجل عودة الكنيسة الواحدة التي يريدها السيد المسيح مننا، لأن الانقسام والتحزب هي أكثر خطية تُغضب قلب الله.
وأوضح قداسته أننا ككنيسة قبطية نؤمن بأن وحدة كنائس العالم تمر بأربعة خطوات، متمثلة في أضلاع الصليب كالتالي:
١- إقامة علاقات محبة مع جميع كنائس العالم، وتُمثل الضلع الرأسي السفلي من الصليب، "بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا" (يو ١٥: ١٧)، "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت ٥: ٤٤)، وأن نُظهر عمل المحبة، وأن نفتخر بأننا كنيسة راسخة وثابتة وقوية، لذلك نحن نستقبل أي أحد من كنائس العالم.
٢- الدراسة المتخصصة لكل كنائس العالم، وتُمثل الضلع الجانبي من الصليب، وينبغي أن ندرس الكنائس الأخرى، كالكنيسة السريانية والأرمينية والروسية والهندية، وأن يكون لدينا الدارسين المتخصصين لنفهم عقيدتهم وثقافتهم وتقاليدهم، وبالفعل كنيستنا أرسلت طلبة في منح دراسية خارج مصر، مثل روسيا وأثينا وانجلترا.
٣- إقامة حوارات لاهوتية، وتُمثل الضلع الجانبي الآخر من الصليب، وأن نشرح إيماننا وتاريخه وكذلك الكنيسة، ولآخر بالمثل، وتوجد حوارات بالفعل، والتي بدأت منذ أيام البابا كيرلس السادس، وهذه الخطوة تبدأ بعد الخطوتين السابقتين.
٤- الصلاة، وتُمثل الضلع الرأسي الأعلى من الصليب، "لتنقضِ افتراقات الكنيسة"، الصلاة من أجل وحدة الكنيسة، ولذلك تُعقد صلوات مسكونية.
وتناول قداسة البابا دور كنيستنا القبطية كالتالي:
١- لدينا مشاركة في جميع مجالس العالم، وفي وقت من الأوقات كان البابا شنوده الثالث وصل لرئاسة مجلس الكنائس العالمي.
٢- نتبادل الزيارات، مثال زيارة البابا شنوده لأول مرة للكنيسة الكاثوليكية في روما، وكذلك استقبلنا كاردينال النمسا وبطريرك إثيوبيا، والكثير.
٣- توجد حوارات مع كنائس كثيرة، مثل الكنيسة الكاثوليكية والروسية.
٤- أسبوع الصلاة العالمي في مصر، لكي نقترب من بعض جميعًا.
واختتم قداسته بأن معظم الانشقاقات تنشأ من داخل الإنسان وذاته، لذلك في هذه العلاقات ينبغي أن نضع "لتنقضِ افتراقات الكنيسة" في صلواتنا الخاصة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية السيد المسيح الكنيسة الروح القدس مصر فلسطين المسيحية قداسة البابا مجلس کنائس من الصلیب فی عام
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس يختتم سلسلة طِلبات من القداس الجريجوري في اجتماع الأربعاء
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة السيدة العذراء والقديس البابا كيرلس السادس بأغاخان بشبرا، التابعة لقطاع كنائس شبرا الشمالية.
اجتماع البابا تواضروسوتفقد قداسته طوابق الكنيسة الاثني عشر، ثم التقى كهنة الكنائس الثلاث الموجودة بمنطقة الخلفاوي وأسرهم، وهي كنائس السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بالخلفاوي، والسيدة العذراء والشهيد مار جرجس بأرض أيوب، والسيدة العذراء والقديس البابا كيرلس السادس بأغاخان، وألقى عليهم كلمة روحية مناسبة.
وتفقد قداسة البابا كذلك معرض دار الكتاب المقدس المقام بالطابق الأرضي بالكنيسة، وأبدى إعجابه بالمنتجات المتنوعة الموجودة في المعرض، وشجع العاملين في الدار.
ثم توجه إلى داخل الكنيسة يتقدمه خورس الشمامسة وهم يرتلون ألحان استقبال الأب البطريرك، بينما علت الزغاريد ترحيبًا بقداسته وسط مشاعر فرحة من قبل شعبها، وصلى صلاة العشية بمشاركة عدد من أحبار الكنيسة ووكيل عام البطريركية بالقاهرة، والآباء كهنة كنائس قطاع شبرا الشمالية.
وعقب العشية ألقى نيافة الأنبا أنجيلوس الأسقف العام لكنائس قطاع شبرا الشمالية كلمة ترحيب بقداسة البابا، أشار خلالها إلى أن زيارة قداسة البابا للكنائس هو نوع من العمران لها من كل النواحي، لافتًا إلى أن كنيسة السيدة العذراء والقديس البابا كيرلس السادس، وُلِدت بالحب، حيث تولت كنيسة العذراء والملاك بالخلفاوي بناءها هي وكنيسة العذراء ومار جرجس بأرض أيوب.
ثم قدم نيافته ومعه كهنة الكنيسة هدية تذكارية لقداسته. رتل بعدها كورال من أبناء الكنائس الثلاثة مجموعة من الترانيم والتسابيح الكنيسة.
وكرم قداسة البابا مجموعة من النواب ونائب محافظ القاهرة، ورؤساء الأحياء وعدد من القيادات التنفيذية والحزبية، إلى جانب تكريم مجموعة من العاملين في دار الكتاب المقدس، وذلك بعد عرض فيلم قصير عن أنشطة الدار.
كما كرم المتفوقين من أبناء الكنيسة من الحاصلين على درجات علمية: الدكتوراه والماچستير والحائزين على ميداليات وبطولات في عدد من الرياضات الذهنية والبدنية.
وألقى القمص بولس فهيم أقدم كهنة الكنيسة كلمة شكر وترحيب بقداسة البابا وشكر كذلك كل من كل له جهد في تأسيس الكنيسة وبناء وتجهيز الكنيسة، تلا الكلمة فيلم تسجيلي عن مراحل بناء الكنيسة.
البابا يستقبل وفدًا من طلبة مدرسة "فيلوباتير" بكندا .. صورالبابا تواضروس يستقبل مجموعتين من أبناء الكنيسة في أمريكا وأسترالياوأشاد قداسته في بداية العظة بما رآه في الكنيسة معبرًا عن سعادته بالجهد المبذول في بنائها وتجهيزها، وقال: "أنا في غاية الفرح أن أزور هذه الكنيسة الجديدة، وبأن تلد كنيسة، كنيسة أخرى، وكنيسة ثالثة في أرض أيوب، وأنتم شعب جميل"، وشكر الضيوف والمسؤولين وفريق الكورال وخورس الشمامسة.
طلبات من القداس الغريغوريواختتم قداسته سلسلة "طِلبات من القداس الغريغوري"، وقرأ المزمور الثالث والعشرين، وتأمل في طِلبة "ونحن أيضًا المدعوين بنعمتك إلى خدمتك، ونحن غير المستحقين اِقبلنا إليك"، وأوضح أن هذه الطِلبة مقصود بها جميع الخدام وحتى الآباء الكهنة والأساقفة، وتناول كلماتها كالتالي:
- "المدعوين"، هذه دعوة بلا استحقاق.
- "بنعمتك"، هذه نعمة بلا مقابل.
- "إلى خدمتك"، هذه خدمة بلا افتخار.
- "ونحن غير المستحقين اِقبلنا إليك"، وهذا قبول بلا حدود.
وتأمل قداسة البابا في تلك الكلمات، كالتالي:
- "المدعوين":
١- كل الخدام مدعوين للخدمة.
٢- الخدمة هي ترقية لغسل الأرجل.
٣- الله يدعو الضعفاء للخدمة، مثال داود، "مِنْ خَلْفِ الْمُرْضِعَاتِ أَتَى بِهِ، لِيَرْعَى يَعْقُوبَ شَعْبَهُ" (مز ٧٨: ٧١).
٤- عند قبول مسؤولية الخدمة يجب التأكد من أن الله والكنيسة هما أغلى شيء لدى النفس.
٥- عند تلبية الدعوة للخدمة يجب أن نصلي بحرارة ونفكر جيدًا ونطلب المشورة.
٦- عند الدعوة للخدمة نطلب من الله حارس الدعوة وهو "الاتضاع"، لأنه يحفظ النعمة المعطاة.
- "بنعمتك":
١- النعمة عطية مجانية من الله، لذلك يجب الشكر عليها كل يوم.
٢- النعمة تؤهل الخدمة، مثال السيدة العذراء، وبولس الرسول، "لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا لأَنْ أُدْعَى رَسُولًا، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ. وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً" (١ كو ١٥: ٩، ١٠).
٣- النعمة تُحوّل الضعف إلى قوة، لذلك نعطي المجد لله، "فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ" (يو ٢٠: ١٨).
- "إلى خدمتك":
١- الخدمة مجالها متسع جدًّا.
٢- الخدمة تسبقها محبة المسيح في القلب.
٣- الخدمة هي امتياز يمنحه الله، وليست مجالًا للتفاخر أو التظاهر، "لَيْسَ أَنَّنَا كُفَاةٌ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنْ نَفْتَكِرَ شَيْئًا كَأَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِنَا، بَلْ كِفَايَتُنَا مِنَ اللهِ" (٢ كو ٣: ٥).
٤- الخدمة تكليف وليست تشريف.
٥- الخدمة تضحية وليست مجال للكبرياء، "كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ" (مت ٢٠: ٢٨).
٦- تثبيت النظر على السيد المسيح في الخدمة، "لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي" (١كو ٣: ٧).
- "اِقبلنا إليك":
١- يجب الحذر والانتباه للنفس أثناء الخدمة، "حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا" (١ كو ٩: ٢٧).
٢- ننال القبول بلا حدود من الله عندما ينظر إلى المحبة المقدمة له وللآخرين والمجتمع والنفس.
٣- الثقة في عمل الله تجعلنا ننال القبول لديه.
٤- يقبل الله تعب الخدمة عندما نقدم الآخرين على أنفسنا.
٥- بالاقتراب من الله يوميًّا، بالصلاة والإنجيل والخدمة ننال القبول لديه.