أستاذ أزهري لأئمة لبنان: تعلم مهارات إعمال المقاصد ضرورة في إصدار الفتاوى
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
قال الدكتور محمود عثمان - الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن القضايا المعاصرة التي تواجه المفتين في العصر الحالي تعتمد على الاجتهاد الذي يحتاج إلى مهارات يجب أن تتوافر في المفتي، مؤكدا على أهمية التحلي بمهارات إعمال المقاصد في إصدار الفتوى.
جاء ذلك خلال محاضرته تحت عنوان (مهارات إعمال المقاصد في إصدار الفتاوى) ضمن الدورة التدريبية التي تعقدها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر لأئمة وواعظات لبنان بالتعاون مع أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، عبر الفيديو كونفرانس.
وبين الدكتور عثمان شروط المجتهد ومنها أن يكون ذكيا فطنا ملما بالمعارف الأولية وهي القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة، وأن يعرف دلائل الفقه إجمالا وملما بقضايا الإجماع والاختلاف لدى الفقهاء وكيفية استنباط الفقهاء لتلك المصادر، مؤكدا على أهمية المصادر المعرفية لما لها من قيمة كبرى لدى المجتهد.
أضاف، أن الشرائع من لدن آدم عليه السلام إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاءت لتحقق مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم، مؤكدا أن الأحكام التي نزلت بها الشرائع عللها الله بمصالح الناس تفضلا منه ورحمة بالبشر وهو ما ينبه الفقهاء على ضرورة الأخذ بالأسباب والعلل جنبا إلى جنب مع النصوص في استنباط أحكام القضايا المعاصرة.
أضاف الدكتور عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من أشار إلى مهارات الاجتهاد وكان يرسخها في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم، فسيرته صلى الله عليه وسلم مليئة بالاعتماد على مهارات الاجتهاد وترسيخها في أذهان وأفعال الصحابة رضوان الله عليهم في مواقف كثيرة، مؤكدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين ولتحقيق مصالح الناس ودفع الضرر عنهم وهذا ما يؤكد عليه القرآن الكريم في قوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
في ختام المحاضرة، نبه الدكتور عثمان على أهمية مهارة معرفة تعارض المصالح والمفاسد وكيفية إيجاد التوازن بينهما كما حثهم على ضرورة تعلم مهارة (إزالة الضرر ودفع المشقة والحرج) مؤكدا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخير بين أمرين إلا واختار أيسرهما مالم يكن إثما أو مفضيا إلى الإثم.
كما أجاب على أسئلة المتدربين وأوصاهم بضرورة قراءة كتب التراث وتعلم مهارات المقاصد لما لها من أهمية قصوى في إصدار الفتاوى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم فی إصدار
إقرأ أيضاً:
كنز عظيم لمن واظب على هذه الصلاة.. حاول أن تصليها
فضل صلاة قيام الليل، يبحث كثيرون عن فضل صلاة قيام الليل على مواقع البحث والتواصل الاجتماعى، ولا شكّ أنّ صلاة قيام اللّيلِ من أعظمِ الطّاعات عند الله - سبحانه وتعالى-، وهي كنزٌ عظيمٌ لمن أدركها؛ فتتحصَّلُ فيها الطُّمأنينة والرِّضا، ويحصل العبد منصلاة قيام الليلعلى الأجر الوفير والخير الكثير حيث تشهدها الملائكة وتكتبها السَّفرة الكِرام البررة.
صلاة قيام الليلتُعد من أعظمِ الطّاعات عند الله سبحانه وتعالى، كما أن صلاة قيام الليل هي أيضًا سرٌ من أسرار الطُمأنينة والرِّضا في قلب الإنسانِ المؤمن؛ وكذلكصلاة قيام الليلمن فضائلها أنها ترسم نورًا على وجه المؤمن، حيث إنّ الله عز وجلّ يَنزل كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل إلى السّماء الدُّنيا فيقول: «هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له»، حتى يطلع الفجر، ومن هنا تتضح أهميةصلاة قيام الليلولكن ماذا لو استيقظت قبل أذان الفجر بدقائق هل يمكنك اغتنام فضلصلاة قيام الليللعله سؤال يبحث عنه كثير من الناس خاصة في هذه الأيام والظروف الصعبة لعل الله يرفع بها البلاء.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص علىقيام الليل، وكان يتخير الأدعية الجامعة الشاملة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأدعية التي كان يدعو بها فيقيام الليل.
وقد علم العارفون أنَّ قيامَ الليل مدرسةُ المخلصين، ومضمارُ السابقين، وأنّ الله تعالى إنما يوزّع عطاياه، ويقسم خزائن فضله في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنَّيام، وما بلغ عبدٌ الدرجات الرفيعة، ولا نوَّر الله قلبًا بحكمة، إلاّ بحظ من قيام الليل.
والسرُّ في ذلك أن العبد يمنع نفسه ملذّات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبّد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيرًا مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وأربعة تجلب الرزق: قيام الليل، وكثرة الاستغفار بالأسحار، وتعاهد الصدقة، والذكر أول النهار وآخره."
وقال: "ولا ريب أنَّ الصلاة نفسها فيها من حفظ صحة البدن، وإذابة أخلاطه، وفضلاته، ما هو من أنفع شيء له، سوى ما فيها من حفظ صحة الإيمان، وسعادة الدنيا والآخرة، وكذلك قيام الليل من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن، والروح، والقلب".
ولهذا لا تجد أصح أجسادًا من قوَّام الليل، ولا أسعد نفوسًا، ولا أنور وجوهًا، ولا أعظم بركة في أقوالهم، وأعمالهم، وأعمارهم، وآثارهم على الناس، وقوَّام الليل أخلص الناس في أعمالهم لله تعالى، وأبعدهم عن الرياء، والتسميع، والعجب، وهم أشدّ الناس ورعًا، وأعظمهم حفظًا لألسنتهم، وأكثرهم رعاية لحقوق الله تعالى، والعباد، وأحرصهم على العمل الصالح.
ولا بد من تذكرة أخيرة، وهي أنه "صلى الله عليه وسلم" لم يترك هذه السُّنَّة قطُّ في حياته، لا في مرض، ولا في كسل، ولا في غيره، وهي سُنَّة قيام الليل، حيث روى أبوداود - وقال الألباني - صحيح: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليه، وعدم التذبذب في أدائه، حيث روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرِو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِيّ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».
وتتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وإلى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لجميع المسلمين أن يؤدوا هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلًا على الجميع، فلم يشترط طول القيام، إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاع، حيث روى أبو داود - وقال الألباني - صحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ».
فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته، ولا تنسوا شعارنا الدائم قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور:54