موقف رسمي وشعبي| مفتي الجمهورية: مصر ترفض تهجير سكان غزة
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة يحتاج إلى أن يتكاتف العالم كله في سبيل وقف هذه الحرب ووقف إطلاق النار، وهذا ما نادت به الدولة المصرية من أول لحظة، وكذلك العمل على إغاثة المنكوبين وإزالة المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني وضرورة حل القضية الفلسطينية حلًّا عادلًا بما يعطي للفلسطينيين حقوقهم، فلا بدَّ من المؤتمرات والحوارات حتى يتم الضغط لحل هذه القضية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية ترفض تهجير سكان غزة إلى مصر وهو الرأي الرسمي والشعبي للدولة المصرية، فضلًا عن أن الشعب الفلسطيني متمسك بالأرض ولا يقبل التهجير.
جاء ذلك خلال حواره في برنامج "نيوزميكر" على فضائية "روسيا اليوم" وردا على سؤال يتعلق بدور مؤسسة دار الإفتاء في نصرة غزة مضيفًا أننا بذلنا جهودًا كثيرة وقد أجمع المؤتمرون في مؤتمر الإفتاء الأخير -منتصف أكتوبر الماضي- على ضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير أهل غزة، وهو الموقف المتسق والمؤيد للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأشار إلى أن التعاون بين دار الإفتاء المصرية وبين الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية بقيادة الشيخ راوي عين الدين هو تعاون كبير، وأكَّد: تربطني علاقة شخصية به، وأيضًا علاقة مهنية إدارية من التعاون الثنائي فيما بين دار الإفتاء المصرية والإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية.
وأردف قائلًا: إن العلاقة بين دار الإفتاء المصرية والإدارة الدينية بروسيا الاتحادية قديمة وعميقة وتوجت منذ سنوات بعقد اتفاقية لمذكرة تفاهم وتعاون فيما بين دار الإفتاء المصرية وبين الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية وتم العمل على تنفيذ كل ما اتفقنا عليه فيها.
وذكر مفتي الجمهورية أن هذه المذكرة تشمل عدة نقاط، منها تبادل الإصدارات فيما بين الطرفين وقد تم التبادل بالفعل، وقدَّم كتاب الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ شلتوت الذي تمَّت ترجمته إلى الروسية، وكذلك ترجمة فتاوى للإمام محمد عبده، مفتي الديار المصرية الأسبق -رحمه الله تعالى- إلى الروسية، ثم توج ذلك أيضًا بتعميق التدريب لعلماء الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، فقد عُقدت -ولا زالت- أكثر من دورة، مشيرًا إلى أن حضوره لهذا المؤتمر هذه الأيام في روسيا هو تعميق للعلاقات الثنائية.
وعن القضايا الشرعية التي تواجه دور الإفتاء في العالم، قال فضيلته: لا شك أن هناك تحديات كبيرة تواجه الإنسان في الألفية الثالثة بسبب التقدم العلمي، حيث إنه نعمة من الله سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان أن يتعامل معها بالشكر والاستخدام الحسن والأخلاقي؛ فسقف الأخلاق هو الحد الفاصل في الاستخدام، فإذا تجاوزنا الحد الفاصل تنقلب النعمة إلى مفسدة ومضار، تضر بالنشء وبالقيم وبالعلاقات الأسرية.
وتابع المفتي قائلًا: ونحن بفضل الله منتبهين لهذه المخاطر والأضرار فسارعنا إلى عقد مؤتمر عالمي في 18 و19 أكتوبر الماضي ودُعي إليه الكثير من علماء ومفتي العالم بما يقرب من 100 دولة وكان المحور الأساسي الذي انعقد المؤتمر من أجله يدور حول التحديات التي تواجه الألفية الثالثة؛ فمهمة العلماء والمؤسسات الدينية وخاصة الإفتائية أن تبين للناس بالنصح والإرشاد وتبصرهم بالمخاطر وبيان وجه الصواب في أي مسالة وهذا من صميم مقاصد التشريع الإسلامي والأديان على وجه العموم؛ حيث إن هدف الدين هو الحفاظ على المقاصد العليا للشريعة والحفاظ على ضروريات الحياة بفهم سديد قويم.
وعن دور مؤسسة دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف، قال مفتي الجمهورية: إنه مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 والذي أرهب العالم وأجبر الناس على الهجرة من أماكنهم، استشعرنا هذا الخطر على الأمة وأنشأنا مرصد "الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" وهذا المرصد يسير على نهج الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما في جداله وحواره مع الخوارج بالحجج والبراهين، وهو مرصد يعمل على مدار الساعة من خلال محاور تقوم على الرصد والتحليل مشيرًا إلى أن المرصد أصدر أكثر من 1000 تقرير حتى الآن كلها تعكس الخبرة التي اكتسبناها من خلال تحليل الأحداث والفتاوى، وقد تطور هذا المرصد إلى مركز سلام لدراسات التطرف.
وأكد المفتي أن بعض هذه التقارير كانت محل اهتمام مراكز دراسات أجنبية مما يؤكد أن لدار الإفتاء المصرية ولمؤسساتها خبرة وإدراكًا فعليًّا وعمليًّا في مواجهة الفكر المتطرف، فضلًا عن أننا زرنا أماكن بعيدة وكثيرة لإثبات أن الإسلام دين يعيش الإنسان معه وبه.
واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن الاختلاف سنة كونية، فالاختلاف المنضبط ليس شرًّا بل هو سنة كونية، وهذا التنوع مقصود في الخلق ومن ثم لا بد أن تتعدد الرؤى والأفكار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدینیة لمسلمی روسیا الاتحادیة بین دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتة وتوحيده هو لبّ الرسالات
ألقى الدكتور نظير مُحمَّد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كلمة في الندوة التثقيفية الأولى لعلوم الوافدين، التي نظمتها كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر تحت عنوان: «مواجهة الشبهات الإلحادية».
وأشاد المفتي في بداية الندوة باختيار الكلية لهذا الموضوع الذي يتعلق بالإلحاد والانحراف عن الحق، الذي لم يعد الحديث عنه من نافلة القول، بل أصبح ضرورة من ضروريات الحياة، قد تصل إلى حد الفريضة على أهل العلم والمعرفة.
وبين المفتي أن وجود الله حقيقة بدهية لا تحتاج إلى دليل لإثباتها؛ فالرسالات السماوية جميعها تؤكد على الوحدانية المطلقة لله في الذات والصفات والأفعال، وهذه الوحدة هي المقصد الرئيس للأنبياء في دعواتهم، وليس مجرد حديث عن وجود الله يغلب عليه السفسطة والجدل، فالعقل يقضي بأنه لا بد للبناء من بانٍ، وفي خلق الله دليل على وجوده سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، وقد أخذ الله تعالى على بني آدم العهد في عالم الذر: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] وهذا دليل على إقرارهم بوجوده، كي لا يحتج أحد بالنسيان أو الغفلة.
وأكد على وجود الله سبحانه وتعالى من خلال الأدلة التجريبية والعقلية والنقلية، وأن تعدد الأدلة على إثبات وجود الله ليس من باب الشك أو الريبة بل هو من باب تعدد الأدلة على نفس المدلول.
وأشار إلى أن فطرة الإنسان السوية التي فطره عليها تقضي بأن لهذا الكون إلهًا ومدبرًا، فهي العنصر الأساسي الذي يدفع الإنسان إلى الإيمان بوجود الله، حتى في أصعب الظروف وأحلَكِها يعود الإنسان إلى الله، ويستشعر حاجة قلبه إلى خالقه؛ لأنه بهذه الفطرة يستطيع التمييز بين الخير والشر، ويشعر بالراحة عندما يقترب من الحق، ويشعر بالتعاسة عندما يبتعد عنه، هذه الفطرة هي التي تدفع الإنسان للبحث عن الحقيقة والعدالة في حياته، وتجعله يقر بوجود الله من خلال ما يراه في الكون وفي نفسه.
وأكد أن البيئة والمجتمع يمكن أن يؤثرا في الفطرة، ولكن إذا كانت الفطرة سليمة فسيبقى الإنسان قادرًا على العودة إلى طريق الله.
وأشار إلى أن تأثير البيئة المحيطة قد يغير من سلوك الإنسان، لكنه لا يمكن أن يغير جوهر الفطرة التي هي أقوى من أي تأثير خارجي، مضيفًا أن الفطرة تستمر في دفع الإنسان نحو الحق مهما كان بعيدًا عن ذلك، مؤكدًا أن الإنسان الذي ينحرف عن فطرته يحتاج إلى تذكير دائم وإرشاد للعودة إلى تلك الفطرة.
وتطرق إلى الأدلة العقلية، مشيرًا إلى قول الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابه "اللمع" الذي أشار فيه إلى أن دليل وجود الله هو التغير المستمر في الإنسان والمخلوقات الأخرى، الذي يدل على الحدوث والحاجة إلى خالق، مشيرًا إلى أن حركة الليل والنهار، وحركة المادة وسكونها، لا بد لها من منظم، كما يقول الفيلسوف الكندي.
وأضاف أن هناك أيضًا أدلة حسية على وجود الله، مثل رؤية الإنسان للكون، والسماء، والأرض، والجبال، التي تدل على أن هذا الكون قائم على قانون التسخير الذي وضعه الله، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21].
واختتم بالحديث عن بعض الأدلة العملية، مثل تعقيد بنية الإنسان الذي هو بمثابة بناء هندسي معقد، وأيضًا وفرة العناصر الكيميائية في الكون التي تتفاوت بنسب مقصودة، مما يدل على قدرة الله عز وجل. كما تحدث عن ظاهرة الموت التي هي مفارقة للحياة، والتي تدل أيضًا على وجود الله وحكمته في خلقه.
وحضر اللقاء الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور السيد بكري، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون التعليم والطلاب، والدكتورة نهلة الصعيدي، عميدة الكلية، والدكتور خالد راتب، بمجمع البحوث الإسلامية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.