جاكرتا- بدايات ساخنة للحملات والمناظرات الانتخابية في إندونيسيا قبل شهرين من إجراء الاقتراع الرئاسي والتشريعي أواسط شهر فبراير/شباط المقبل بمشاركة نحو 206 ملايين ناخب.

ولأن الانتخابات تجمع بين اختيار الرئيس ونائبه وآلاف من أعضاء المجالس التشريعية المركزية والمحلية في يوم واحد، فإن التحالفات تشكلت منذ البداية لتكون المواجهة الرئاسية التشريعية بين 3 تكتلات رئيسية، بعد مخاض ومفاوضات استمرت شهورا.

ونظمت مفوضية الانتخابات أولى المناظرات بين مرشحي الرئاسة، مساء أمس الثلاثاء، هي أولى 5 مناظرات رئاسية، وانطلق خلالها مرشح تحالف التغيير أنيس باسويدان بخطاب يسعى إلى الإصلاح القانوني، مشددا على جعل إندونيسيا دولة عدل لا دولة تتحكم فيها السلطة وتلوي عنق القانون.

مرشح تحالف التغيير أنيس باسويدان في الانتخابات الرئاسية الإندونيسية (رويترز) محاولة استرجاع الثقة

وأكد المتحدث نفسه عدم إهمال قضايا العنف وتحقيق العدل في حوادث مختلفة وإنفاذ حكم القانون، وقال إن العنف في أقاليم بابوا لن ينتهي بمحاولات إيقافه دون تحقيق العدالة لسكانها.

كما أكد باسويدان أهمية الشفافية، مع عدم الإفلات من العقاب، وضرورة التواصل مع كل فئات المجتمع وحفظ حرية التعبير للجميع.

وشدد المتحدث في السياق ذاته على ضرورة إشراك المجتمع في مكافحة الفساد، وانتقد تراجع الحياة الديمقراطية بسبب تراجع الثقة بالمؤسسات القائمة.

ولاسترجاع ثقة الشارع، أكد باسويدان على ضمان حق المعارضة من أجل التوازن في النقد والمراقبة، ودعا لانتخابات عادلة ونزيهة وشفافة وانتقد التسلط على الناقدين.

ووعد المرشح الرئاسي بالتركيز على تحقيق روح العدالة من قبل المؤسسات القضائية وليس فقط تنفيذ القوانين، وأن الدولة ستسعى لحل المشاكل لا تركها، كما وعد بجعل ما يحتاجه الناس أولوية، بإشراك مجتمعي واسع في صياغته، يطرح للمواطنين بعد إقراره.

خطاب برابوو يوبيانتو (72 عاما) حمل وعودا بترسيخ القانون ودافع عن أداء الرئيس الحالي (رويترز) خطاب الاستمرارية

في المقابل، كان لافتا أن يحمل خطاب المرشح برابوو سوبيانتو (72عاما) دفاعا عن أداء الرئيس الحالي جوكو ويدودو بينما كان الرجلان يتنافسان ويتناظران في اثنتين من الانتخابات الماضية، خلال عقد مضى.

وامتدح سوبيانتو الرئيس جوكو ويدودو بقوله إنه زار بابوا 19 مرة خلال عقد مضى أي أكثر من زيارات أي رئيس سابق لتلك الأقاليم، ونفى عنه صفة الدكتاتورية أو السلوك التسلطي.

وأكد سوبيانتو -في مناظرته- محاور رئيسية هي ترسيخ دولة القانون والعدل، وتحسين خدمات الدولة للمواطن، ومع إقراره بوجود جوانب قصور فإنه ذكّر الناخبين بأن إندونيسيا أفضل من دول كثيرة تشهد حروبا.

ووعد سوبيانتو بفرض القانون وحماية المواطنين ممن وصفهم بالإرهابيين وتحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإجراء حوار موسع في بابوا شرقي البلاد، مشيرا إلى أن ملف أقاليم بابوا قديم ومعقد للغاية ويستلزم التعامل مع قضايا حقوق الإنسان فيها، قائلا إن هناك قوى تحاول تقسيم إندونيسيا.

وفي حين يمثل ترشيح غانجار برانوو قرارا متوقعا من الرئيسة السابقة ميغاواتي سوكارنو بوتري وحزبها، فإنها تبدو غير راضية عن خروج أسرة الرئيس جوكو ويدودو من عباءة حزبها واختياره توجها مختلفا لصالح تقديم أبنائه حزبيا ورئاسيا.

وكان واضحا من خطاب غانجار في مناظرته الحذر واختيار الكلمات بدقة، فهو من الحزب الحاكم وفي نفس الوقت يواجه مرشحا مدعوما من رفيقه في الحزب رئيس البلاد جوكو ويدودو والأحزاب الأخرى التي كانت حليفة معه.

وحاول غانجار النيل من شعبية المرشح برابوو، مع الحديث عن ضرورة السعي للتحسين والتطوير، وكأنه خطاب معارض لجذب أصوات الناخبين ولكنه من داخل السلطة.

ووعد أيضا بتحسين الخدمات اللازمة وإشراك المواطنين في اتخاذ القرار، وبالاهتمام بالمرأة والطفل، ومحاكمة الفاسدين وإقرار قانون استرجاع أصول الدولة.

تحالفات وانقسامات

وكان لافتا أن يتشكل تحالف ليس معارضا خالصا، بل مزيجا بين حزب معارض وآخرين كانوا لوقت قريب مشاركين في الحكم الحالي، وأول هذه التحالفات "التغيير من أجل الوحدة" الذي شكله ابتداء الحزب القومي الديمقراطي، أحد الأحزاب المشاركة في التحالف الحاكم.

ومعه حزب العدالة والرفاه المعارض، ذو التوجهات الإسلامية، الذي ظل معارضا خلال عشرية الرئيس الحالي جوكو ويدودو، وبعد مناقشات طويلة انضم إليهما حزب نهضة الشعب كممثل لتيار نهضة العلماء كبرى الجمعيات الإسلامية التقليدية والقديمة في البلاد.

كما توجد 3 أحزاب محلية من إقليم آتشيه الوحيد المسموح لمواطنيه بتأسيس أحزاب محلية ضمن حدوده، وأخرى دينية جديدة هي: حزب الأمة الذي أسسه السياسي الإصلاحي ورئيس مجلس الشعب الاستشاري السابق أمين رئيس ومعه إسلاميون آخرون.

إلى جانب حزب المصباح الذي يتزعمه محمد سراج الدين الرئيس الأسبق لمجلس العلماء الإندونيسي وجمعية المحمدية ومعه مثقفون وناشطون آخرون، وحزب ماشومي.

وينقسم التحالف الحاكم إلى اثنين: مرشح عن حزب النضال بزعامة ميغاواتي في مواجهة أنيس باسويدان وتحالفه، وانقسم بفعل مخالفة الرئيس ويدودو لقرار حزبه النضال من أجل الديمقراطية بزعامة ميغاواتي سوكارنو بوتري، وهو الحزب الذي قاده إلى منصب والي مدينة صولو، ثم حاكم جاكرتا قبل وصوله إلى الرئاسة.

واختارت زعيمة الحزب ابنة أول رئيس لإندونيسيا والرئيسة السابقة ميغاواتي، حاكم إقليم جاوة الوسطى وأحد كوادر حزبها ذي التاريخ البرلماني غانجار برانوو (55 عاما) مرشحا للرئاسة، مدعومة بحزب التنمية المتحد ذي الخلفية الدينية التاريخية، وحزب الوحدة الإندونيسية لرجل الأعمال، وحزب ضمير الشعب الإندونيسي.

في حين كان للرئيس الإندونيسي ويدودو خيار آخر في الانتخابات الرئاسية، وأظهرت تحركاته تأييد ترشيح منافسه السابق، الجنرال المتقاعد برابوو سوبيانتو.

تحركات الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أظهرت تأييد ترشيح برابوو سوبيانتو (الفرنسية) دعم وتوافق

ورشح  الرئيس جوكو ويدودو لمنصب نائب الرئيس نجله غيبران راكابومينغ راكا (36 عاما)، بعد تعديل قانوني مثير للجدل قضت به المحكمة الدستورية قبيل موعد انتهاء تسجيل المرشحين، فتح المجال لمن هم دون سن الـ40 من المسؤولين المنتخبين للترشح لأعلى منصبين في البلاد.

وكان يرأس المحكمة الدستورية عند صدور هذا الحكم القاضي أنور عثمان صهر جوكو ويدودو، الذي نحي من منصبه بقرار هيئة قضائية بعد موافقته على ذلك الحكم القضائي.

وهكذا تشكل تحالف منفصل عن تحالف الحزب الحاكم، يضم خليطا من أحزاب ذات خلفية علمانية وقومية ودينية، معظمها مشاركة في التحالف الحاكم، وفي مقدمتها حزب حركة إندونيسيا العظمى وزعيمه سوبيانتو، والحزب الديمقراطي الذي ارتبط اسمه بالرئيس الأسبق سوسيلو بامبانغ يوديونو الذي كان شبه معارض ثم قرر ترك تحالف التغيير بسبب عدم اختيار رئيسه ليكون مرشحا لمنصب نائب الرئيس.

بالإضافة إلى حزب الأمانة الوطني، وحزب موجة الشعب الإندونيسي وهو حزب إصلاحي جديد يتزعمه أنيس متى ومعه البرلماني فخري حمزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جوکو ویدودو

إقرأ أيضاً:

كيف يؤثر ترامب على تحالف "الخمس عيون"؟

في 2 مارس (آذار)، اتهمت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالسعي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة "أو حتى حرب نووية".

وفقاً لمجلة "إيكونوميست"، أثار تعيين غابارد، المعروفة بتاريخيها الطويل في تبني نظريات المؤامرة والماقف المؤيدة لروسيا،  قلق وكالات الاستخبارات الأمريكية وحلفائها، لكنها ليست المصدر الوحيد للتوتر في شبكة تحالفات الاستخبارات الأمريكية، إذ أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً تبادل المعلومات الاستخبارية مع أوكرانيا لمدة أسبوع، في محاولة للضغط عليها لتقديم تنازلات. كما هدد بضم كندا وطردها من اتفاقية "العيون الخمس" للتجسس. ورغم أن تبادل المعلومات الاستخبارية لا يزال مستمراً بحرية بين الولايات المتحدة وحلفائها، فإن التساؤلات تُطرح حول مدى استمرارية هذا الوضع في المستقبل. 

3 احتمالات

يرتبط الجواسيس الأمريكيون بحلفائهم من خلال شبكة واسعة من العلاقات، إذ تحتفظ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي إيه، بضباط اتصال مع جميع الأجهزة الحليفة تقريباً، وتتعاون معهم في أعمال التجسس والعمليات السرية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، أنشأت أمريكا وأستراليا وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا تحالف "العيون الخمس"، لجمع الاتصالات والبيانات المعترَضة بشكل مشترك، ويُعد هذا الاتفاق الأكثر طموحاً في التاريخ المخابرات، ويفترض أن يثق كل طرف بالآخر ثقة كبيرة. 

Will America’s president damage the world’s most powerful intelligence pact? https://t.co/Sgg84AGEWf

— The Economist (@TheEconomist) March 16, 2025

ويخشى البعض من أن هذا التحالف الحيوي بات في خطر. ويمكن تقسيم السيناريوهات إلى ثلاثة احتمالات:

احتمال أن تُعطل الولايات المتحدة هذه الترتيبات، ربما تنفيذاً لتهديداتها بطرد كندا من تحالف العيون الخمس. احتمال أن يبدأ الحلفاء، القلقون من تراخي إدارة ترامب في حماية أسرارهم، بالتراجع أو بالبحث عن شركاء بديلين. إذ في ولايته الأولى، على سبيل المثال، كشف ترامب أسراراً إسرائيلية لوزير خارجية روسيا. السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن تؤدي سياسات ترامب التي تهاجم البيروقراطية الفيدرالية وتسييس مجتمع الاستخبارات إلى اضطراب وشلل بين الجواسيس الأمريكيين، مما ينتقل أثره إلى الحلفاء. طبيعة عمل

يختلف الخطر الذي يهدد الاستخبارات البشرية اختلافاً جذرياً عن تهديدات استخبارات الإشارات. فالعلاقة بين وكالات مثل سي آي إيه والمخابرات البريطانية إم آي 6 متينة وعميقة.

وفي هذا السياق، تتبادل وحدة "بيت روسيا" التابعة لسي آي إيه، المسؤولة عن التجسس على الكرملين، معلوماتها مع نظيراتها الأوروبية بشكل يفوق ما تقدمه مع رؤساء أجهزتها. ومع ذلك، تظل لهذه العلاقة حدود واضحة، إذ تُشارك المعلومات الاستخبارية، حتى مع الوزراء وكبار المسؤولين، بصورة مقتضبة مع إخفاء أسماء وتفاصيل المصادر البشرية. 

ويشير مسؤولون غربيون إلى أن الوضع يسير بشكل طبيعي حالياً، لكن في عالم الاستخبارات البشرية يمكن توسيع نطاق المعلومات أو تقليصها أو إخفاؤها استجابةً لمخاوف سياسية بشأن تسرب المعلومات الأمريكية ومصداقيتها.  

Five Eyes works when trust holds. ???? Trump’s chaos—tariffs, insults, and policy wrecking—puts that alliance on shaky ground. Enemies are watching. ????????⚠️ #FiveEyes #AlliesMatter #NationalSecurity #Geopolitics https://t.co/V0tjjhEUUu

— Robert Morton (@Robert4787) March 17, 2025

ويختلف عمل استخبارات الإشارات اختلافاً جوهرياً. فرغم أن تحالف العيون الخمس ليس ترتيباً قانونياً صارماً، فإن النظام المشترك لجمع المعلومات وشبكات التوزيع الآمنة يضمن درجة مشاركة تلقائية تفوق ما هو موجود بين أجهزة الاستخبارات البشرية.

هزات ارتدادية

ويقول مسؤول استخباراتي بريطاني سابق، إنه وباستثناء نيوزيلندا التي "لا تساهم كثيراً" في المجهود الاستخباري، سيكون من المستحيل "اقتطاع" أي دولة من تحالف "العيون الخمس" بدون تعطيل التحالف بأكمله، فالهزات.

وعلى سبيل المثال، قادت كندا استخبارات الإشارات في القطب الشمالي منذ أربعينات القرن الماضي، فيما استثمرت بريطانيا بكثافة في التشفير، ويُعد موقع أستراليا حيوياً لتتبع النشاط الصيني في آسيا.

وضع فريد وفي الماضي، حُلت الأزمات داخل تحالف "العيون الخمس" لأن الوكالات الأمريكية أدركت قيمة هذه الشراكات، أما اليوم يشعر الجواسيس الأمريكيون "بخوف غير عادي من المستقبل بسبب إجراءات إدارة ترامب".
ففي الأيام الأخيرة، بدأت سي آي إيه بفصل ضباط، كما يبدو أن حملة خفض التكاليف التي يقودها إيلون ماسك قد ساهمت بالفعل في خلق ثغرات أمنية متعددة، من ضمنها كشف منشأة تابعة لسي آي إيه، والإصرار على التواصل مع الموظفين السريين ومعرفة مهامهم وأسمائهم عبر البريد الإلكتروني، مما قد يساعد أجهزة الاستخبارات الأجنبية على تحديد هويتهم.

مقالات مشابهة

  • زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب مقاطعة سومطرة الشمالية غربي إندونيسيا
  • إندونيسيا.. زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب مقاطعة سومطرة الشمالية
  • زلزال قوي يهز منطقة في إندونيسيا
  • صدمة ترامب تدفع سويسرا لنزع عباءة الحياد والدخول في تحالفات عسكرية
  • كيف يؤثر ترامب على تحالف "الخمس عيون"؟
  • بايرن ميونخ يودع فريتز شيرير.. الرئيس الأسبق الذي رسم طريق المجد
  • إندونيسيا تعتزم رفع الحظر عن سفر العمالة إلى السعودية
  • مليار جنيه لدعم البحث العلمي.. تفاصيل مبادرة تحالف وتنمية برعاية الرئيس السيسي
  • مشهد «جحيم» في إندونيسيا.. تمساح يحمل امرأة بين «فكيه» ويستعرض جثتها!
  • 2500 متر.. صور مذهلة لأطول مائدة إفطار أقامتها المملكة في إندونيسيا