قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة يحتاج إلى أن يتكاتف العالم كله في سبيل وقف هذه الحرب ووقف إطلاق النار، وهذا ما نادت به الدولة المصرية من أول لحظة، وكذلك العمل على إغاثة المنكوبين وإزالة المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني وضرورة حل القضية الفلسطينية حلًّا عادلًا بما يعطي للفلسطينيين حقوقهم، فلا بدَّ من المؤتمرات والحوارات حتى يتم الضغط لحل هذه القضية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية ترفض تهجير سكان غزة إلى مصر وهو الرأي الرسمي والشعبي للدولة المصرية، فضلًا عن أن الشعب الفلسطيني متمسك بالأرض ولا يقبل التهجير.

جاء ذلك خلال حواره في برنامج "نيوزميكر" على فضائية "روسيا اليوم" في معرض رده على سؤال يتعلق بدور مؤسسة دار الإفتاء في نصرة غزة مضيفًا فضيلته أننا بذلنا جهودًا كثيرة. وقد أجمع المؤتمرون في مؤتمر الإفتاء الأخير -منتصف أكتوبر الماضي- على ضرورة وقف إطلاق النار ورفض تهجير أهل غزة، وهو الموقف المتسق والمؤيد للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن التعاون بين دار الإفتاء المصرية وبين الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية بقيادة سماحة الشيخ راوي عين الدين هو تعاون كبير، وأكَّد: تربطني علاقة شخصية بسماحته، وأيضًا علاقة مهنية إدارية من التعاون الثنائي فيما بين دار الإفتاء المصرية والإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية.

وأردف قائلًا: إن العلاقة بين دار الإفتاء المصرية والإدارة الدينية بروسيا الاتحادية قديمة وعميقة وتوجت منذ سنوات بعقد اتفاقية لمذكرة تفاهم وتعاون فيما بين دار الإفتاء المصرية وبين الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية وتم العمل على تنفيذ كل ما اتفقنا عليه فيها.

وذكر المفتي أن هذه المذكرة تشمل عدة نقاط، منها تبادل الإصدارات فيما بين الطرفين وقد تم التبادل بالفعل، وقدَّم فضيلته لكتاب الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ شلتوت الذي تمَّت ترجمته إلى الروسية، وكذلك ترجمة فتاوى للإمام محمد عبده، مفتي الديار المصرية الأسبق -رحمه الله تعالى- إلى الروسية، ثم توج ذلك أيضًا بتعميق التدريب للسادة علماء الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، فقد عُقدت -ولا زالت- أكثر من دورة، مشيرًا فضيلته إلى أن حضوره لهذا المؤتمر هذه الأيام في روسيا هو تعميق للعلاقات الثنائية.

وعن القضايا الشرعية التي تواجه دور الإفتاء في العالم، قال فضيلته: لا شك أن هناك تحديات كبيرة تواجه الإنسان في الألفية الثالثة بسبب التقدم العلمي، حيث إنه نعمة من الله سبحانه وتعالى، وعلى الإنسان أن يتعامل معها بالشكر والاستخدام الحسن والأخلاقي، فسقف الأخلاق هو الحد الفاصل في الاستخدام، فإذا تجاوزنا الحد الفاصل تنقلب النعمة إلى مفسدة ومضار، تضر بالنشء وبالقيم وبالعلاقات الأسرية.

وتابع المفتي قائلًا: ونحن بفضل الله منتبهين لهذه المخاطر والأضرار فسارعنا إلى عقد مؤتمر عالمي في 18 و19 أكتوبر الماضي ودُعي إليه الكثير من علماء ومفتي العالم بما يقرب من 100 دولة وكان المحور الأساسي الذي انعقد المؤتمر من أجله يدور حول التحديات التي تواجه الألفية الثالثة، فمهمة العلماء والمؤسسات الدينية وخاصة الإفتائية أن تبين للناس بالنصح والإرشاد وتبصرهم بالمخاطر وبيان وجه الصواب في أي مسالة وهذا من صميم مقاصد التشريع الإسلامي والأديان على وجه العموم، حيث إن هدف الدين هو الحفاظ على المقاصد العليا للشريعة والحفاظ على ضروريات الحياة بفهم سديد قويم.

وعن دور مؤسسة دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف، قال فضيلة مفتي الجمهورية: إنه مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 والذي أرهب العالم وأجبر الناس على الهجرة من أماكنهم، استشعرنا هذا الخطر على الأمة وأنشأنا مرصد "الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" وهذا المرصد يسير على نهج الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما في جداله وحواره مع الخوارج بالحجج والبراهين، وهو مرصد يعمل على مدار الساعة من خلال محاور تقوم على الرصد والتحليل مشيرًا إلى أن المرصد أصدر أكثر من 1000 تقرير حتى الآن كلها تعكس الخبرة التي اكتسبناها من خلال تحليل الأحداث والفتاوى، وقد تطور هذا المرصد إلى مركز سلام لدراسات التطرف.

وأكد مفتي الجمهورية أن بعض هذه التقارير كانت محل اهتمام مراكز دراسات أجنبية مما يؤكد أن لدار الإفتاء المصرية ولمؤسساتها خبرة وإدراكًا فعليًّا وعمليًّا في مواجهة الفكر المتطرف، فضلًا عن أننا زرنا أماكن بعيدة وكثيرة لإثبات أن الإسلام دين يعيش الإنسان معه وبه.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن الاختلاف سنة كونية، فالاختلاف المنضبط ليس شرًّا بل هو سنة كونية، وهذا التنوع مقصود في الخلق ومن ثم لا بد أن تتعدد الرؤى والأفكار.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإدارة الدينية في روسيا التقدم العلمي التهجير الدولة المصرية الشعب الفلسطيني القضية الفلسطينية اللغة الروسية تهجير أهل غزة تهجير سكان غزة إلى مصر دار الإفتاء سكان غزة مؤتمر الإفتاء مؤتمر ا عالمي ا مصر مفتي الجمهورية الدینیة لمسلمی روسیا الاتحادیة بین دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية لطلاب أسيوط: الدين واحد منذ سيدنا آدم إلى سيدنا محمد

ألقى الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيسُ الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، كلمة في ندوة: "القِيَم المشتركة بين الأديان" لطلاب مدارس أسيوط باستضافة كريمة من مدرسة الجامعة الإعدادية الموحَّدة بمحافظة أسيوط.

واستهلَّ مفتي الجمهورية، الكلمة بتقديم التهنئة للحاضرين بمناسبة قُرب حلول شهر رمضان المبارك، سائلًا اللهَ أن يعيده على الوطن والأمة الإسلامية بالخير والبركات.

كما توجَّه بالشكر للدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم، ومحمد إبراهيم الدسوقي وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط، وأمين السيد الدسوقي مدير الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية بوزارة التربية والتعليم وجميع الحاضرين.

وأشاد بأهمية هذا اللقاء الذي يجمع بين الأساتذة والطلاب لبيان المشتركات الإنسانية بين الأديان، والتأكيد على الواجب نحو الوطن.

وفي هذا السياق، أكد أن الدين واحد منذ سيدنا آدم إلى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم-، وأن معناه الحقيقي هو السلام والاستسلام لله. 

وأوضح أن مفهوم الإسلام يمتدُّ ليشمل كل رسالة سماوية، رغم اختلاف الشرائع والأمم التي أُرسلت إليها الأديان.

وأشار إلى أن الشرائع السماوية اتفقت على أصول العقيدة، والشريعة، والأخلاق، مستشهِدًا بما ورد في الكتب السماوية حول الدعوة إلى التوحيد؛ حيث قال الله- عز وجل-، لموسى- عليه السلام-: "أنا الرب إلهك إله واحد لا يكن لك صنم تعبده أو تمثال"، وقال لعيسى- عليه السلام-: "أنا الرب إلهك أَحِبَّ الربَّ من كل قلبك، لا يكن لك إله غيري"، وقال مخاطبًا نبيَّه سيدنا محمدًا- صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].

وأوضح أن الحق لا يختلف باختلاف الزمان والمكان، وأن التوحيد هو الأصل الذي يجمع الشرائع والأخلاق، وإذا ابتعدت المجتمعات عن قِيَم الأديان، انتشرت الرذائل، مشيرًا إلى رسالة سيدنا شعيب عليه السلام {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} [الأعراف: 85]، ورسالة لوط عليه السلام في مواجهة قوم انتكسَتْ فِطرتهم.

ونبَّه على أن صاحب الدِّين الحقيقي يمتلك ضميرًا حيًّا يضبط أخلاقه؛ إذ يوقن بأنَّ الله مطَّلِع عليه مراقِبٌ أفعالَه، فيمتنع عن مُفسدات العبادة ومساوئ الأخلاق، مشيرًا إلى موقف الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان حريصًا أشدَّ الحرص على إقامة العدل.

وأوضح أن الأديان السماوية اتفقت على الدعوة إلى احترام الإنسان، ومراعاة الدين، والالتزام بأخلاقه، وحُسن المعاملة مع الغير، مشيرًا إلى أن المشتركات الإنسانية في الأديان تضمن المحافظة على النفس والمال والعرض؛ لأنها تأمر الإنسان باحترام المخالف وصيانة نفسه وماله وعرضه، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا».

كما أكد ضرورة احترام الاختلاف بين الأديان دون السعي إلى إذابة الفوارق بينها، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]، ودعا إلى التعارُف والتكامُل لتحقيق البناء والعمران من خلال الإحسان في المظهر والجوهر، مما يُسهم في إشاعة روح المحبَّة والتآلف.

وحذَّر من الأفكار التدميرية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى إثارة الفتن الطائفية والتخريب، مستشهدًا بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى الحبشة عندما اشتد عليهم الأذى، حيث وجدوا فيها ملكًا عادلًا رغم كونه غير مسلم.

وأشار إلى وثيقة المدينة المنورة التي أرسَتْ مبادئ المواطنة والعيش المشترك.

وفي ختام الندوة خاطب المفتي الطلابَ قائلًا: "أنتم حاضر اليوم، ومستقبل الغد، وبكم تُبنَى الأوطان".

ومن جهته، أشاد محمد إبراهيم الدسوقي، وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط، بجهود فضيلة المفتي في رفع الوعي لدى الشباب.

وشهدت الندوة حضور أمين الدسوقي، مدير عام الأنشطة الثقافية والاجتماعية والفنية بوزارة التربية والتعليم، الذي رحَّب بفضيلة المفتي وقدَّم الشكر له ولجميع الحاضرين.

كما شهدت الندوة حضور عدد كبير من المدرسين والإخصائيين والطلاب من مدارس المحافظة.

مقالات مشابهة

  • نقيب محامي شمال سيناء: نرفض مخططات التهجير وندعم جهود القيادة السياسية
  • غدًا .. مفتي الجمهورية يناقش رسالة دكتوراة بجامعة كفر الشيخ
  • مفتي الجمهورية: العلم حصن الوعي وسلاح مواجهة الشائعات
  • مفتي الجمهورية لطلاب أسيوط: الدين واحد منذ سيدنا آدم إلى سيدنا محمد
  • الأمم المتحدة: نرفض أي خطة تتضمن التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم
  • الرئيس الصيني يقبل دعوة بوتين لحضور احتفالات روسيا بـ"يوم النصر"
  • قراصنة مصريون يخترقون بث “القناة 14″ العبرية وينشرون رسالة ” نرفض تهجير سكان غزة من أرضهم”/ شاهد
  • العلاقات المصرية الأمريكية والتحديات الراهنة في ظل مشروع تهجير سكان غزة
  • مفتي الجمهورية عن خطورة الشائعات: تدفع إلى إيذاء الآخرين
  • جنايات طنطا تحيل المتهمة بقتل طفلة صغيرة لفضيلة مفتي الجمهورية