العراق يوقع مذكرات عابرة للحدود.. النزاهة النيابية تؤشر 4 إيجابيات - عاجل
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
بغداد اليوم – بغداد
يستمر العراق في ملاحقة المطلوبين للقضاء والأموال المهربة الى الخارج من خلال توسيع دائرة الاتفاقيات ولاسيما "العابرة للحدود" منها، فيما تؤشر لجنة النزاهة النيابية 4 إيجابيات لهذه الاتفاقيات.
عضو اللجنة هادي السلامي أكد، اليوم الخميس (14 كانون الأول 2023)، وجود أربع إيجابيات لتوقيع مذكرات تفاهم "عابرة للحدود" لمكافحة الفساد.
"عابرة للحدود"
وقال السلامي في حديث لـ “بغداد اليوم"، إن "العراق جزء من اتفاقية خاصة للأمم المتحدة تتعلق بمكافحة الفساد والتي نشرت في الوقائع برقم 35 لسنة 2007 والتي تضمنت بنود كثيرة منها التزامات متبادلة بين الدول حول تسليم المتهمين بالفساد ومتابعة قضايا الكسب غير المشروع عبر الحدود وآليات تعامل الشركات وقضايا الفساد بكل عناوينها".
واضاف، أن" الاتفاقية خطوة بالاتجاه الصحيح وتحمل 4 ايجابيات أبرزها، امكانية استرداد المتهمين بالفساد، ومتابعة الاموال المهربة واملاك البلاد في دول كثيرة وفق المسارات القانونية"، لافتا الى أن "العراق من خلال هذه الاتفاقية لديه خطوط مباشرة مع اغلب بلدان العالم في ملف مكافحة الفساد".
واشار الى أن" اغلب الدول التي يحتاج العراق لتوقيع مذكرة تفاهم لمكافحة الفساد معها، موجودة بل أن بعضها وخاصة الدول العربية ساهمت في تسليم مطلوبين متهمين بقضايا فساد كبيرة"،
وبين أن "مكافحة الفساد في البلاد لا تتأثر بالعلاقات الثنائية واشكاليات الدول وعلى سبيل المثال الصين وامريكا"، مبينا أن "العراق نجح من خلال علاقاته مع الدول الاقليمية والعربية في رسم خارطة لتعقب الهاربين بتهم الفساد واسترداد الاموال وتم تحقيق جهود مميزة من خلال هيئة النزاهة التي كانت لها بصمة في هذا الملف".
التجربة البرازيلية
وكان رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة حيدر حنون قد بحث أمس الأربعاء (13 كانون الأول 2013) والمدعي العام البرازيلي الآليات والتقنيات الناجعة لمكافحة الفساد، والسعي لتحجيم هذه الآفة في المؤسسات، فضلاً عن الاتفاق المبدئي لإبرام مذكرة تفاهمٍ بي الطرفين.
وأكد حنون بحسب بيان لهيئة النزاهة تلقته "بغداد اليوم" حاجة جمهوريَّة العراق للإفادة من التجارب الناجحة في ميدان مكافحة الفساد"، مشيداً "بالتجربة البرازيليَّة في ذلك، لاسيما في مجال محاسبة كبار الموظفين".
ونبه حنون الى أن "العراق يحتاج خوض مثل هذه التجربة لاستعادة أموال الشعب من كبار الموظفين الذين أثروا على حساب المال العام"، مبينا ان "التجربة البرازيليّة كانت من التجارب الرائدة في مكافحة الفساد".
وأشار الى أنها "عمدت إلى آليات عدة، منها تعديل المنظومة القانونية لتتمكن الأجهزة المعنية من تقويض الفساد"، داعياً إلى "تعديل قوانين محاربة هذه الآفة في العراق ومنح صلاحيات واسعة للأجهزة الرقابيَّة"، معرباً عن "أمله في إبرام مذكرة تفاهم مع مكتب المراقب العام في البرازيل".
من جانبه، نوه المدعي العام البرازيلي جورج ماسييس بالعلاقات الطيبة بين العراق والبرازيل والروابط المشتركة التي تجمعهما، مشيداً بإجراءات الحكومة المتخذة في مجال مكافحة الفساد وجعلها من أولويات برنامجها الحكومي، مرحباً بإبرام مذكرة تفاهم مع هيئة النزاهة العراقيَّة، والحرص على تبادل الخبرات في مجال مكافحة الفساد.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: مکافحة الفساد مذکرة تفاهم من خلال الى أن
إقرأ أيضاً:
من هو الجدير بالمنصب؟!
د. محمد بن عوض المشيخي **
"الحرس القديم" مصطلح كثُر استخدامه في السنوات الأخيرة في الوطن العربي من جيل الشباب، ويُشير هذا المفهوم إلى كبار المسؤولين في أي دولة والذين يحتفظون بمناصبهم لعقود طويلة، على الرغم من إخفاقاتهم الكثيرة، ولكن هناك إصرار يتمثل في حبهم الشديد وتمسكهم بالكرسي أو المنصب إلى ما لا نهاية.
هؤلاء المسؤولون يعتقدون؛ بل يجزمون بأحقيتهم بأن يُخلَّدوا في أماكنهم، فلا يُوجد شخص في هذا الكون يستطيع أن يقوم بالواجبات اليومية لتلك الشخوص "الطرزانية" من وجهة نظر الجهات العُليا التي سمحت لهم وعينتهم؛ باعتبارهم أفرادًا جاءوا من عالم آخر، وبأنَّ الوظيفة هنا تشريف وليست تكليفًا. والأهم من ذلك كله، أن هناك شعورٌ بأنَّ حياتهم لا يُمكن أن تستمر بتركهم المنصب؛ بل هم مثل السمك الذي يموت بخروجه من محيط الوظيفة الحكومية. من هنا تأتي المعضلة الكبيرة في معارضتهم للإصلاحات الجديدة التي يفرضها واقع المُتغيرات الجديدة وبالدرجة الأولى مصلحة الوطن والمواطن، وذلك انطلاقًا من القاعدة الصحيحة التي تقول "لكل زمن دولة ورجال"، ذلك لكون أن الإنسان له سنوات معينة في الإنتاج والعطاء؛ بل وحتى في الإبداع يمكن أن يمتد لعقد من الزمن كحد أقصى.
صحيحٌ أن مفهوم "الحرس القديم" يعود لقرون مضت وتحديدًا عصر الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي كانت له مقاييس ومواصفات في حرسه القديم من القادة والشخصيات السياسية في بلاطه الإمبراطوري، إلّا أن الوجود الحقيقي لهم في معظم بلداننا العربية ودول العالم الثالث مزروع من دول أجنبية بهدف المحافظة على مصالح الدول الاستعمارية، التي خرجت من الأبواب بسبب الثورات الوطنية، ثم عادت من النوافذ الخلفية من خلال هؤلاء. كلٌّ من في منظومة الحرس القديم يحارب الأفكار الجديدة وينغلق على نفسه؛ فالخطر الأكبر الذي لا يُمكن تحمله وقبوله هو الدماء الجديدة من الجيل الصاعد الذين يفترض بهم أن يحملوا الراية نحو الغد المشرق وهذه سنة الحياة، انطلاقًا من المبدأ المُتعارَف عليه في الدول التي تُحارب الفساد وتُحقق العدالة الاجتماعية بتخصيص سنوات معينة للمسؤول الحكومي لا تتجاوز الخمس سنوات، ثم يخضع للتقييم الذي يحدد مدى استمراريته في المنصب من عدمه.
في كل مرحلة يحتاج الوطن إلى أصحاب الابتكارات والمشاريع الإصلاحية، فهناك تجارب عالمية ناجحة كان لها الدور الأكبر في انتشال تلك المجتمعات الفقيرة من شظف العيش والانطلاق بأوطانها نحو حجز مكان بارز في مصاف الدول المتقدمة، على الرغم من قلة الموارد الطبيعية واستبدال ذلك بما يعرف بـ"الاقتصاد المعرفي"، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على عقول الأبناء الذين يحولون إبداعاتهم العلمية والبحثية إلى مشاريع إنتاجية واعدة تصدر إلى مختلف دول العالم.
هنا أتذكر تجارب آسيوية وأفريقية من دول مثل ماليزيا التي نجح فيها مهاتير محمد في عقد الثمانينيات لتُصبح ماليزيا دُرة التاج لدول شرق آسيا من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بينما يقود مُؤسس سنغافورة (لي كوان يو) تلك الجزيرة التي تفتقر إلى النفط والغاز والمعادن لتصبح واحدة من أفضل اقتصاديات العالم قاطبة، معتمدًا في بداية عمله على تطوير التعليم ومحاربة الفساد من الأعلى، أو ما أصبح يعرف بـ"تكنيس الدرج من الأعلى" أي التخلص من فساد الحرس القديم ومحاسبتهم وطردهم من مفاصل الدولة.
أما التجربة الثالثة، فأتت من قلب القارة السمراء التي ينخر فيها الفساد؛ إذ كانت جمهورية رواندا لا تملك ثروات طبيعية، ولا منفذًا على البحر، لكن تهيأ لها قائدٌ أمين عمل جاهدًا على اجتثاث الفساد والمُفسدين، ويُدعَى (بول كاغامه) الذي تولى الرئاسة في مطلع هذه الألفية، فقد أصدر قانونًا إجباريًّا يتم تطبيقه ميدانيًّا على خمسة آلاف مسؤول رواندي وعائلاتهم؛ بما فيهم رئيس الجمهورية نفسه؛ وذلك بهدف الكشف عن حساباتهم البنكية وأملاكهم في الداخل والخارج، وتطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟". وبالفعل ذهب إلى حبل المشنقة بعض المسؤولين الذين نهبوا المال العام.
ومن المُفارقات العجيبة أن رواندا خرجت من أسوأ حرب أهلية في التاريخ؛ قُتِل فيها مليون مواطن رواندي في تسعينيات القرن الماضي، لكنها نهضت من مُستنقع الإبادة الجماعية لتتحول إلى أفضل سوق مفتوح في أفريقيا، وبنموٍّ سنوي تجاوز أفضل الاقتصاديات في العالم.
وفي الختام.. من المؤسف حقًا أنَّ دولنا العربية التي تملك الثروات المعدنية والنفط والغاز والزراعة والثروات السمكية الطائلة لم تنجح في انتشال مواطنيها من الفقر والجهل والأُمِّية، إذ نجد الكثير من الدول العربية دولًا فاشلة بسبب نهب الأموال وتحويلها للخارج في البنوك الغربية، وقد لا ترجع يومًا ما للذين أودعوها، فقد أعلن الرئيس الأمريكي عن نيته مصادرة المليارات التي أودعها رموز الفساد في العراق إبان الاحتلال الأمريكي وسقوط بغداد في العقد الأول من الألفية الثالثة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر