العدو يُستنزف في غزة.. هل فقد القدرة على متابعة عدوانه؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
شارل ابي نادر
اذا أراد قادة العدو الإسرائيلي، من سياسيين أو عسكريين، أو مسؤولي الدول الداعمة للعدو في هذه الحرب الهمجية – اللانسانية على الشعب الفلسطيني، وبعد مرور حوالي الشهرين على بدء عدوانهم على قطاع غزة، إجراء تقييم موضوعي لنتائج هذه العملية وما حققته حتى الآن من الأهداف التي وضُعت لها، سيكون حتمًا هذا التقييم في غير مصلحة العملية برمتها، وستكون فترة الشهرين من هذه من الحرب، والتي عاكست بمدتها الطويلة كل مبادىء وعقيدة العدو العسكرية تاريخيا – اي سعيه الدائم للحرب القصيرة الخاطفة – ستكون حربًا خاسرة بكل ما للكلمة من معنى، ومن كافة النواحي العسكرية والميدانية والسياسية.
صحيح أن العدو حقق نسبة غير بسيطة من السيطرة الميدانية والجغرافية على بعض مناطق القطاع، في شماله أو في جنوبه في محيط خان يونس، وصحيح أنه وصل إلى بعض الكراكز التي قال إنها لحماس والجهاد الإسلامي في الشمال والوسط، وصحيح أيضًا أن هناك عددًا من الشهداء من عناصر وكوادر المقاومة قد ارتقوا في مواجهة هجوم وحدات العدو ولكن، المؤشر الرئيسي الذي يمكن تقييم عملية الاحتلال على اساسه، بين النجاح وبين الفشل، ليس الجغرافيا المحدودة التي سيطر عليها حتى الان، وليس خسارة المقاومة بعض الشهداء أو بعض المراكز أو حتى الأنفاق، بل المؤشر الرئيسي لهذا التقييم هو نسبة الخسائر الضخمة التي تسقط للعدو في هذه المواجهة العنيفة، لناحية الضباط والجنود الذين يُقتلون أو يصابون أو يصبحون معاقين، أو لناحية العدد الضخم من الآليات المدرعة من دبابات وناقلات جند، والتي تدمر كليا أو جزئيا.
طبعًا هذه الخسائر الضخمة التي تسقط للعدو، هي التي تؤكد أنه يُستنزف في هذه العملية، وخاصة في عديد الجنود والضباط، والتي لا يمكن له تعويضه أو تقبله، وذلك لعدة اسباب واهمها:
اولا: بسبب حاجته الماسة اليوم لكل جندي وضابط في الميدان، وهذه الخسائر تخفّض يوميًا وبشكل دراماتيكي، عدد المنخرطين من عناصر العدو في المعركة دون وجود بديل، كونه زج باغلب وحدات الاحتياط لديه، بعد أن طور معركته نحو خان يونس قبل أن يُقفل معركته في شمال القطاع. فالمعركة في شمال غزة تتطور سلبًا أيضًا ضده تلك التي شهدتها بداية العملية.
وايضا، يصعب عليه تغطية هذه الخسائر في عديده المقاتل، بسبب الجهوزية الضخمة التي فرضتها عليه وحدة ساحات محور المقاومة، وبسبب الاستنفار الكامل الذي تعيشه وحداته، والموزعة بين جبهته الشمالية مع لبنان أو مع سوريا، أو بمواجهة جبهته الحساسة ضد اليمن، بين البحار والمعابر شرقا، والضغوط المتواصلة من تهديدات المسيّرات والصواريخ باتجاه جنوب فلسطين المحتلة في ايلات ومحيطها، وبين الضفة الغربية التي تشكل له الخاصرة الأضعف بين هذه المواجهات، حيث يعطيها جهودا ضخمة لمحاولة ضبط أي خطر يمكن أن يخرج من الضفة باتجاه المستوطنات أو الاراضي المحتلة المحيطة بالضفة الغربية.
ثانيًا: لناحية الضغط الخانق الذي تسببه على قيادته السياسية والعسكرية الخسائر من الضباط والجنود داخل “مجتمعه”، والذي يعيش ايضًا صدمة ودوامة الأسرى والذين بأغلبهم من العسكريين، حيث أصبح أغلب أهاليهم شبه مقتنعين باستحالة عودة أبنائهم في ظل هذه المناورة المجنونة والفاشلة التي يخوضها نتنياهو في هذه الحرب.
أما لناحية خسائره اللافتة في الآليات، والتي اقتربت من الخمسماية آلية، بين التي تم تدميرها كليا لتخرج نهائيا من المعركة، أو جزئيا لتخرج مؤقتا مع تسببها بإشغال عدد كبير من قدراته اللوجستية التي تحتاجها معركته المباشرة بقوة، فإن هذا الشق من الخسائر، وصل ايضًا إلى الحد الذي يصعب تعويضه، أقله في المدى المنظور لمسار المعركة.
من هنا، وحيث يمكن القول وبكل موضوعية أن خسائر العدو اليوم في حربه الاجرامية على غزة بدأت تستنزف قدراته الضرورية والأساسية لمتابعة القتال، ومع انسداد أي أفق ميداني وعسكري بوجهه يوحي بامكانية تحقيقه اي من اهداف حربه الاساسية، أي تدمير بنية حماس وتحرير الاسرى بالقوة، وحيث الميدان هنا يحمل التأكيدات الواقعية لهذا الامر، ومع صمود المقاومة الفلسطينية واهاليها الاسطوري، والذي فاق كل التوقعات، ومع ثبات الاخيرة في الدفاع وتعاظم امكانياتها القتالية والهجومية مع مرور الوقت، حيث نسبة خسائر العدو من عمليات المقاومة المختلفة ضد وحداته المتوغلة في بعض مناطق القطاع، قد ارتفعت في الفترة الأخيرة بشكل كبير جدًا مقارنة مع بداية العملية منذ حوالي الشهرين، الامر الذي كان يفترض العكس في ظل هذا الدمار غير المسبوق لكل ما هو فوق الأرض في غزة.. أمام كل ذلك، لا يبدو ان للعدو امكانية في مواصلة حربه الاجرامية هذه، وبالتالي، يبدو ايضا أن امكانية انكفائه عن هذه الحرب (فيما لو اراد وقف هذا النزف الذي يعيشه على كافة المستويات) أصبحت قاب قوسين، وربما يعلنها قريبا.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی هذه
إقرأ أيضاً:
عراقيون: عمليات المقاومة مستمرة وهي فاعلة ومؤثرة على الكيان
على مدى عام والعمليات العسكرية العراقية تطال أهدافاً حساسة وحيوية في مناطق جنوب وشمال فلسطين المحتلة لتشكل ورقة ضغط إضافية على الكيان الصهيوني.
ويُعَدُّ ميناء أم الرشراش (إيلات) مرمى أهداف المقاومة العراقية التي تسجلها بين الفينة والأخرى ملحقةً بالميناء خسائر اقتصادية كبرى، إضافة إلى جعل المنطقة التجارية فيه غير مستقرة أمنياً.
ورغم أن العمليات العسكرية للمقاومة العراقية ضد العدو الصهيوني شهدت نشاطاً متواصلاً وصل للعديد من المستوطنات في الجنوب المحتل، إلا أن الضربة الأكبر كانت في الجولان السوري المحتل فجر الرابع من أكتوبر، حيث قُتل جنديان إسرائيليان وجُرح ٢٤ من الكتيبة ١٣ في “لواء غولاني” عندما أصابت مسيّرةٌ قاعدةً عسكرية شمال الجولان.
وبالرغم من الظروف الصعبة والضغوط الداخلية التي تواجهها المقاومة العراقية إلا أنها لم تُحِد نفسها عن المواجهة القائمة، أو تخرج من محور المقاومة الذي يعمل على حماية وحدة الساحات في مواجهة الكيان الصهيوني والتواجد الأمريكي في المنطقة.
وتستخدم المقاومة العراقية أسلوباً استراتيجياً تصاعدياً -ضمن مراحل- في تنفيذ العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني، حيث تمثلت المرحلة الأولى في تنفيذ العمليات العسكرية في اتجاهين: الأول استهداف القواعد العسكرية الأميركية في كل من سوريا والعراق، والثاني -بوتيرة أقل- ضرب أهداف حيوية وحساسة للكيان الصهيوني في جنوب فلسطين المحتلة.
و بعد الاستهداف المتواصل والمتكرر للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق منها العملية النوعية في الثاني من فبراير 2024م تمثلت في استهداف قاعدة التنف الأمريكية والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى أمريكيين، وعلى أثرها تماماً تزايدت الضغوط الداخلية على المقاومة العراقية، ما اضطرها إلى وقف استهداف القواعد الأمريكية. بشرط جدولة خروج القوات الأمريكية، لتدشن المقامة العراقية المرحلة الثانية وفيها رفع وتيرة العمليات العسكرية جنوب الأراضي المحتلة وشمالها.
أما المرحلة التصعيدية الثالثة فبدأت مع إعلان القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة مع المقاومة العراقية ضد الكيان الصهيوني مستهدفا سفنا وموانئ إسرائيلية.
حالياً تشهد المقاومة العراقية -في مرحلتها التصعيدية الرابعة- تصعيدا كبيرا على المستوى النوعي والكمي في استهداف المستوطنات الصهيونية والتي تتركز بشكل كبير جدا في شمال فلسطين المحتلة.
ووفق خبراء عسكريين فإن عمليات المقاومة العراقية تسهم بشكل كبير في زيادة الضغط على الكيان الصهيوني والتأثير عليه كونه يواجه ساحات متعددة.
تعزيز صمود المقاومة الفلسطينية
وللحديث عن الموضوع يؤكد عضو الرابطة الدولية للمحليين السياسيين قاسم العبودي أن المقاومة الإسلامية العراقية لعبت وما زلت تلعب دورا كبيرا في مساندة غزة والانتصار لمظلوميتها.
ويوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن جبهة المقاومة العراقية بالتعاون مع جبهة المقاومة اليمنية واللبنانية أسهمت بشكل فاعل في تعزيز صمود المقاومة الفلسطينية، وذلك من خلال التأثير الميداني على الكيان الصهيوني.
ويبين أن العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف أهدافاً حساسة وحيوية لدى الكيان الصهيوني في أم الرشراش وحيفا ويافا.
ويشير العبودي إلى أن تنفيذ المقاومة العراقية بالتعاون مع القوات المسلحة اليمنية عملياتٍ عسكريةً مشتركة ضد العدو الصهيوني رفعت نسبة الضغط على الكيان الصهيوني، وتسببت في إنهاك دفاعاته الجوية وتشتيتها. الأمر الذي حقق إصابات دقيقة وناجحة وذات أثر بالغ على الكيان الصهيوني على المستوى المادي والمعنوي.
ويلفت إلى أن فاعلية العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة العراقية دفعت الكيان الصهيوني المؤقت للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي وتقديم شكوى.
ويتطرق إلى أن فاعلية العمليات العسكرية من جبهة الإسناد اليمني والمقاومة العراقية جعلت العدو الصهيوني يستنجد بمعسكر الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكرات الغرب لمساندته في التصدي للعميات العسكرية، موضحا أن أحدث التقنيات الدفاعية الغربية فشلت في التصدي للمسيّرات وصواريخ المقاومة.
ويختتم العبودي حديثه بالقول “العمليات العسكرية للمقاومة العراقية ضد الكيان الصهيوني ستتواصل بشكل متصاعد ونوعي حتى يوقف العدو الصهيوني عدوانه الغاشم والنازي على غزة ويرفع عنها الحصار”.
تجسيد وحدة الساحات
بدوره يؤكد المحلل السياسي ورئيس الاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني الدكتور صالح المياحي أن المقاومة العراقية وقفت موقفاً مشرفاً وتاريخياً مع إخوانها في غزة منذ الوهلة الأولى لاندلاع معركة طوفان الأقصى حيث أكدت وقوفها مع غزة.
ويوضح د. صالح المياحي -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن المقاومة العراقية ترجمت موقفها الداعم لغزة من خلال العمليات العسكرية المنكلة بالعدو الصهيوني والتي وصلت وتصل إلى عشرات الأهداف الحساسة والحيوية لدى الكيان الصهيوني.
ويشير المياحي إلى أن المقاومة العراقية نهجت أسلوباً عسكرياً استراتيجياً محنكاً في المواجهة مع العدو الصهيوني، وذلك وفق مسار تصاعدي يناوئ تصعيد العدو الإجرامي في ارتكابه للجرائم والمجازر الوحشية في قطاع غزة.
ويلفت إلى أن جميع ألوية المقاومة العراقية وفصائلها وكتائبها على قدر عالٍ من التنسيق والتناغم في توجيه أشد الضربات الموجعة والمنكلة بالعدو الصهيوني، مؤكدا أن المقاومة العراقية تعمل بشكل مستمر ومتواصل في تطوير قدراتها العسكرية وتعد العدة اللازمة لمواجهة أي تصعيد صهيوني يمس بالمقاومة العراقية أو يمس بسيادة العراق.
وينوه إلى أن العمليات العسكرية العراقية ضد العدو الصهيوني يؤيدها ويساندها غالبية الشعب العراقي الحر الأبي، وهي محط تأييد واعجاب لدى أحرار العالم بشكل عام.
ويَعُدُّ المياحي تصريحاتِ العدو الصهيوني في تنفيذ أعمال عدائية في العراق دليلاً على الأثر البالغ والموجع الذي تلحقه عمليات المقاومة العراقية بالعدو الصهيوني.
ويشدد بأن المقاومة العراقية ومعها محور المقاومة سيواصلون عملياتهم العسكرية ضد الكيان الصهيوني المجرم النازي حتى يوقف عدوانه الوحشي على قطاع غزة ويقر بالحقوق الشرعية للعرب والمسلمين.
إنهاك الكيان الصهيوني
من جهته يرى عضو الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين إياد مزهر محمود أن أهمية العمليات العسكرية للمقاومة العراقية ضد العدو الصهيوني تكمن في فتح جبهات متعددة على الكيان تسهم في إنهاكه وتشتيته.
ويؤكد -في تصريح خاص لموقع أنصار الله- أن عمليات المقاومة العراقية وكذا عمليات المقاومة اللبنانية وكذا جبهة الإسناد اليمني شكلت ورقة ضغط فاعلة على الكيان الصهيوني.
ويوضح إياد أن عمليات جبهات الإسناد أسهمت في الحفاظ على المقاومة الفلسطينية وأفشلت مخططات العدو الصهيوني الذي كان يحلم بالقضاء التام والنهائي على حركة حماس ومقاومتها الباسلة.
ويلفت إلى أن استمرار عمليات جبهات الإسناد أرغمت الكيان الصهيوني على الرضوخ لبعض المطالب التي تصب في صالح أهالي غزة بغض النظر عن نسبة نجاح هذا الأمر.