شبكة اخبار العراق:
2025-03-10@09:52:12 GMT

إلى بغداد والقباب التركواز

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

إلى بغداد والقباب التركواز

آخر تحديث: 14 دجنبر 2023 - 11:23 صطالب عبد العزيز  بين السنة والثانية، ومثلُ أيِّ سائح،  أجيء بغداد، أدخلها مثقلا بوجد طاغ، وأوهام لا تحد، أقلها عشقي لدجلة، وتلمس خطى البغادة الغابرين. تلقي سيارة الأوباما بي عند نهاية الجسر الطويل، أنا لا أتفلت في بغداد، أنا اتنفسُ حسب، فيحملني سائق آخرُ إلى فندق تطلُّ واجهتُه على الشارع، ولا تطل أحياناً.

وكالعادة، سيسألني السائق عن وجهتي، التي قدمت منها، وأجيب: من البصرة. فيطري أهلها، يقول: طيّبون وكرماء، فأشكره، فيما تزوغ عيني، تبحث في الساحات عن يافطة ما عادت تدل، وعن وهم لم أجعله في قائمة أوهامي الطويلة.   كان عبد الأمير الحصيري- الشاعرُ النجفيُّ- لا يرى بغدادَ المدورة مدينة لملِك ولا جمهورية لرئيس، هي عباسيّة في عين قلبه، توقف الزمان عندها وانتهى، وما الشارع الرشيد والمستنصرية المدرسة وابو نؤاس والمنصور وراغبة خاتون والمأمون وغير ذلك من الشوارع والضواحي إلا ما كانت عليه، وكان أهلها قبل الف عام.  لذا أدمن التَّيهَ والضَّلال في أزقّتها، يبحث في حاراتها عمّن يدلّه عليه، ويأخذ بيده إلى الواقفين على حاناتها، يتبضع خطوة أخيرةً من المشاة السكارى المتسكعين في دروبها. كذلك أكون، وما أنا بحديث عهد فيها، فقد دخلتها قبل نصف قرن، أخذني بصفّارته قطارُ السادسة عصراً، من محطته في المعقل، وانزلني في السابعة من صباح اليوم الثاني، بمحطتها العالمية، كان القاشانُ في سقفها ما طالعني آنئذ، وحين تركت حقيبتي في فندقٍ بالباب الشرقيِّ حملتني قدماي إلى مقهى، بأرائك من خشب عتيق، يميل عليه مسجد، ويهرسه المارةُ بأنظارهم، هناك جلستُ، استحسنتُ مِقعداً، فكان وجهي يطالعُ وعبْرَ الزجاج المتعجّلينَ.  هناك نصفُ قرن آخر بين زيارتي الأولى لدائرة الشؤون الثقافية، التي بسبع أبكار، ثم بحيِّ تونس وزيارتي الأخيرة قبل نهاية العام الحالي. لا أقول بأنَّ الدار تغيّرت، لكنَّ خمسين سنةً كانت كافية لكي تتغيَّر وجوهٌ كثيرة، فلا أتبين في أروقتها وسواقيها شتلاتَ الورد الأحمر، واسيجةَ الآس، والنساءَ الجميلات، تأخذهن المماشي إلى الغرفات، ويأتين منها بلا اسئلة عن النَّهار.. وحين أخذتني قدماي إلى ما تظلله قبابُها كانت السقوف قد شاخت، ومخارجُ المكاتب التي كان الوردُ يضيِّقُ بها على الماشين حزينةً، ولم أسمع الهمسَ المعهودَ عند عتباتها. هناك من يستعصي عليه تزويل الذكرى في هاتف الزمن، من لا يرى في الابيض القطني أجنحةً للنوارس .. أشهدُ اللهَ أنَّ العشبَ في الحديقة كان رطباً، وأقواسَ المبنى نحيلةٌ تصارع البِلى، ومن فسحة زرقاء في السماء يتنفسُ الذاهبون والآيبون عبقَ ماضٍ، لم يعد، فيما يحاول أحدُهم، مع من يحاولون استعادةَ مباهج التركواز أعلى القباب.  أنا سائحٌ في بغداد إذنْ، دخلتُ المتحفَ مع الداخلين، وتركت خطاي عريضةً، على العشبة بابي نؤاس، صحبة الشجر المطرمح، ورائحة السمك المسقوف، ومثل كل الغادين بلا أملٍ للسرور ذهبتُ إلى الشارع المتنبي، أبحث في أطنان الورق عن خليفةٍ لا أحبُّه، وعن شهرزاد همَّ بقتلها أميرٌ غاضب، وعن شاعرٍ يتخذ من النهر مرقاةً لعظمته، فكانت الناس تصطك بالناس، وباعة المباهج يحملون بعضهم إلى بعضهم، فيما النسوةُ الجميلات، بشَعْرهنَّ المنسرح والطويل يكتبن القصيدة التي أردت. وفي بار هوازن، الذي يختبئ بأحد أزقّةِ البتاويين جلستُ ليلةً، لا لأكمل القصيدة، حيث أبتدأت، إنّما لأحلمَ، بعيداً عن البنادق، التي خلّفتها هناك، في الجنوب الرطب، حيث كنتُ وأتيتُ، كانَ صديقي الطبيبُ الشاعرُ يهبني ابتسامتَه باذخةً، وقد أنزلني منزلي الذي أحبُّ، وأعطاني من أسارير قلبه ما يثقل عنقي به. الصبيّاتُ الجميلاتُ في البار، بسراويلهن الجينز أعدنَّ ما تساقط من تركواز الروح، وما تراجع بالكياسة والجبن في الجسد، وحين صرتُ إلى الفندق ثانيةً، قبيل فجر ليلتي الأخيرة، هناك، حين حملتني سيارة الأوباما إلى البصرة وجدتني كاتباً : لست بعيداً عن دكّانة بائع الحلوى، أنا في نهر خوز، التي على الجادَّة الآن، تقودني الأرضُ إلى البصرة، كان أخي قد كلّفني بنقل جثمانه إلى الزبير، لكنَّ سيّارة الحاج عبد الدائم تعثرت بالماء، خالطه طينٌ وقصبٌ كثير، فخطر لي أن افتح ثقباً في الحائط، الذي يحجبني عن الشمس، أطلُّ منه على كلِّ ذاهب وآيب من النخل، أنا ارتدي قميصاً من قطنٍ تراجعت ألوانه في الشمس، وسروالاً ابيض لا يجدني أحدٌ فيه قرب البيت. أكونه كلما صرت إلى الفجر. المصلّون يرونني خارجا من المسجد، لكنني ما دخلت بعدْ. تمسَّك اخي بمخاضة القصب والحلفاء التي في المعامر، على النَّهر الكبير ذات يوم ، لكنَّ الرصاص لم يُمهله، فأتاه من جهات الماء الأربع، كانت البنادق تقصده أيضاً، والنخل يترصده، والخنازير تنوشه، أما هو فقد ظلَّ واقفاً، مصغيا للسلاحف الغُبر وهي تعبر الطريق، وللسفرجل وهو يتطرمح في السماء، وللمغيب وهو يصطبغ بالاحمر والازرق التركواز، وإلى يده وهي تومئ للفواخت والسنادين. كان أحدُهم قد إِئتمنه على ابتسامة ابنته فصَدَعَ بالأمر. 

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

حازم إمام عن مواجهة القمة: هناك قلق من مباراة الأهلي

كشف حازم إمام لاعب الزمالك السابق عن قلقه بشأن لقاء القمة المرتقب بعد فوز فريقه على مودرن سبورت مساء أمس ببطولة كأس مصر.

وقال إمام في تصريحات خاصة لقناة أون سبورت: “هناك قلق من مباراة الأهلي لأن الزمالك لعب 120 دقيقة، وهذا الأمر يقلق الجمهور لأن الزمالك لعب 120 دقيقة”.

وأكمل: “وهذا الأمر يقلق الجمهور، أن يلعب عبد الله السعيد وزيزو 120 دقيقة، وأكثر ما يقلقني في الزمالك عدم وجود صانع ألعاب جيد، عبد الله السعيد يلعب مدافع وناصر ماهر عائد من الإصابة، فالمشكلة عدم خلق فرص، الزمالك عندما يضغط قد يشكل خطورة”.

وتابع: “الزمالك جبهاته جيدة لكن لا بد أن يعمل من العمق بشكل جيد، وهناك مشكلة في وسط الملعب، ولكن بالتأكيد لن يلعبوا بهذا الشكل أمام الأهلي”.

واختتم حديثه: “الزمالك لم يلعب بشكل جيد اليوم، والخسارة هي اللعب 120 دقيقة، لكن أريد أن أشيد بـ محمد صبحي، يلعب بقدمه بشكل رائع، أتمنى أن يظل في حالة التركيز، هو سبب فوز الزمالك اليوم وعلى بيسيرو أن يعطيه مكافأة، صبحي رائع في كل شيء اليوم”

الزمالك يتأهل لدور الثمانية ببطولة كأس مصر 

وتأهل الزمالك  لدور الثمانية لبطولة كأس مصر بعد الفوز على مودرن سبورت بهدفين مقابل هدف في المباراة التي أقيمت بينهما على ستاد القاهرة الدولي، في إطار مباريات دور الـ16 للبطولة، ليضرب موعدا مع سموحة في الدور القادم .

جاء تأهل الزمالك بعد الفوز بهدفين مقابل هدف فى الوقت الاضافى بعد انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل الايجابي 1 / 1 .

وأوضح مسئولو نادي مودرن سبورت أن المباراة أقيمت فى غياب تقنية الفار رغم أن هناك مباريات فى نفس الدور شهدت تقنية الفار بالاضافة الى وفقا لتأكيدت مسئولى مودرن أن الحكم تغاضى عن احتساب ضربة جزاء لصالح مودرن سبورت .

مقالات مشابهة

  • إذ أراد الجيش انتصار بالخرطوم عليه التصدي بشكل حاسم لظاهرة الشفشفة في المناطق التي يستعيدها
  • أحمد الشرع : هناك محاولات لجر سوريا إلى حرب أهلية
  • نائب: المليارات التي خصصت إلى أمانة بغداد لمعالجة مياه الأمطار ذهبت إلى جيوب الفاسدين
  • عظم شهيدك| الفريق عبدالمنعم رياض.. “سلم على الشهدا اللي معاك.. سلم على كل اللي هناك”
  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام الأحد بسبب الأمطار
  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام الأحد بسبب الأمطار - عاجل
  • زيلينسكي: هناك مقترحات واقعية لتحقيق سلام في أوكرانيا
  • حازم إمام عن مواجهة القمة: هناك قلق من مباراة الأهلي
  • شقة تشتعل في مدينة صور.. هل من غارة إسرائيلية هناك؟ (صورة)
  • ترامب يهدد إيران: هناك شيء سيحصل قريباً