الإمارات العربية – كشفت الرئاسة الإماراتية لمؤتمر تغير المناخ عن مسودة جديدة تدعو دول العالم إلى “التحول” نحو التخلي عن الوقود الأحفوري بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني في عام 2050.

وتشير المسودة التي نشرت بعد مناقشات استمرت طوال الليل ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة، إلى جميع أنواع الوقود الأحفوري المسؤولة إلى حد كبير عن تغير المناخ، في القرار الذي يتعين اعتماده بالتوافق.

ويدعو النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى “التحول من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيا مع ما يوصي به العلم”.

وهذه الدعوة إلى تسريع العمل خلال العقد الحالي كانت مطلب الاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان الأخرى. لكن المشروع لا يتحدث عن “الاستغناء” عن النفط والغاز والفحم، وهو ما طالبت به أكثر من مئة دولة.

ولكي يدخل التاريخ ينبغي أن توافق نحو 200 دولة على هذا النص التوفيقي الذي جاء نتيجة مفاوضات شاقة وخاصة بين الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية الصغيرة والولايات المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية.

ولهذا الغرض، ستعقد جلسة عامة في التاسعة والنصف صباحا (05:30 ت غ)، في اليوم التالي للموعد المقرر لاختتام مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين “كوب 28″، برئاسة رئيس شركة النفط الإماراتية “أدنوك”، سلطان الجابر.

ومن ثم، يمكن لأي دولة أن تعترض على اعتماد أي قرار في مؤتمر الأطراف، وفقا لأنظمة هيئة الأمم المتحدة للمناخ.

وأثارت المسودة الأولى المقترحة للاتفاق الاثنين احتجاجات لأنها لم تدع إلى “الاستغناء” عن مصادر الطاقة الملوثة التي يعدّ حرقها منذ القرن التاسع عشر مسؤولا إلى حد كبير عن الارتفاع الحالي في درجات الحرارة العالمية بمقدار 1,2 درجة مئوية.

وطالبت نحو 130 دولة بينها الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية والولايات المتحدة والبرازيل بصياغة نص طموح يرسل إشارة واضحة للبدء في مسار التخلي عن الوقود الأحفوري.
ورفضت السعودية والكويت والعراق أي اتفاق يمس بالنفط والغاز. وندد وزير النفط الكويتي سعد البراك خلال مؤتمر في الدوحة بـ”هجمة شرسة” يشنها الغرب.

وقالت بعض الدول المطالبة بالاستغناء عن النفط إنها مستعدة للتضحية بهذه العبارة في مقابل التزامات كبيرة تجاهها.

وأعلنت رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 عن نشر النسخة الأحدث من نص الاتفاقية النهائية التي ناقشها المفاوضون على موقع مؤتمر الأطراف، فيما ستستضيف رئاسة COP28 الجلسة الأخيرة في وقت لاحق اليوم.

ويتضمن نص الاتفاقية النهائية 196 بندا موزعا على 21 صفحة، ويعد أحدث نص أصدرته رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 صباح اليوم الموافق 13 ديسمبر، فيما من المتوقع الإعلان عن نتائج المفاوضات الأخيرة اليوم.

 

المصدر: “أ ف ب” + “وام”

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الوقود الأحفوری مؤتمر الأطراف

إقرأ أيضاً:

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تواجه مستقبلا هشا في ظل التخلي عن أوكرانيا

لم تكن مقولة هنري كيسنجر الشهيرة: "قد يكون من الخطر أن تكون عدوا لأمريكا، لكن أن تكون صديقا لها قد يكون قاتلا" أكثر دقة مما هي عليه اليوم، مع استمرار الولايات المتحدة في إعادة رسم دورها كقوة عالمية، وأصبحت تحالفاتها، التي كانت تُعدّ في الماضي ثابتة لا تتغير، أكثر هشاشة من أي وقت مضى، ويبدو هذا واضحا في المسارات المتباينة لحليفين رئيسيين: إسرائيل وأوكرانيا.

والفارق بينهما، أن إسرائيل تمتعت على مدار عقود، بدعم ثابت من الحزبين في واشنطن، مستفيدة ومعززة بنفوذ قوي لجماعات الضغط، أما أوكرانيا، فقد اعتمدت على تحالفات جيوسياسية عابرة للحصول على الدعم.

لكن مع تغيّر السياسة الأمريكية، بدأ الموقع المميز الذي تمتعت به إسرائيل يتقلص، فهناك مواجهة متزايدة بين الأجيال، وإحباط أخلاقي بين الشباب الأمريكي، إلى جانب شبح التخلي عنها كما حدث مع أوكرانيا، وكل ذلك يهدد بتفكيك هذا التحالف التاريخي (بين إسرائيل والولايات المتحدة).

ورغم أن إسرائيل تمتعت بنفوذ غير مسبوق في واشنطن، بفضل لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (AIPAC) وجماعات الضغط الصهيونية ذات التأثير العميق، وقد ضمنت هذه القوى مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية السنوية، فضلا عن الحماية الدبلوماسية في الأمم المتحدة، حيث تم تقديم دعم إسرائيل باعتباره واجبا أخلاقيا وضرورة استراتيجية، إلا أن هذا النفوذ لم يكن قائما فقط على قوة هذه الجماعات، بل أيضا على العلاقة التكافلية بين الأقلية اليهودية خاصة الشباب اليهود الأمريكي، الذين رأوا في إسرائيل ملاذا ثقافيا، تأثرا بصدمة "المحرقة" وسياق الحرب الباردة في شرق أوسط مضطرب، وهو ما لم تمتلكه أوكرانيا، وجعل التغيرات في السياسة الأمريكية أكثر تأثيرا عليها.

تتداعى بشدة هذه القاعدة الداعمة الأولى لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتتراجع شعبيتها، خاصة بين الشباب التقدميين الأمريكيين، الذين يرون فيها دولة فصل عنصري أكثر من كونها ديمقراطية حليفة
بدأت تتداعى بشدة هذه القاعدة الداعمة الأولى لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتتراجع شعبيتها، خاصة بين الشباب التقدميين الأمريكيين، الذين يرون فيها دولة فصل عنصري أكثر من كونها ديمقراطية حليفة.

جيل جديد.. وقناعة مختلفة

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا رئيسيا في تغيير الرأي العام وتراجع شعبية إسرائيل، حيث لم يعد الشباب الأمريكي يعتمد على الروايات التقليدية التي قدمتها وسائل الإعلام الكبرى.

فبينما رأى الجيل الأكبر سنا المتأثر بوسائل الإعلام التقليدية وغيرها من وسائل التأثير، إسرائيل كحليف ديمقراطي، يرى الجيل الجديد مشاهد الدمار في غزة: (مستشفيات مقصوفة، عائلات مفجوعة، وأطفال يُنتشلون من تحت الأنقاض)، دولة فصل عنصري.

واليهود الأمريكيون، الذين كانوا في السابق من أشد المدافعين عن إسرائيل، باتوا اليوم في وضع مختلفة، وبعضهم تصدر مقدمة من يوجهون لها الانتقادات.

فظهرت منظمات مثل الصوت اليهودي من أجل السلام، التي تقود احتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتدعو إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والمطالبة بسحب الاستثمارات منها، ورغم أن هذه الحركات لا تزال تنمو، فإن تأثيرها يتزايد مع مرور الوقت.

وكشف استطلاع أجراه مركز "بيو" عام 2023 أن 52 في المئة من اليهود الأمريكيين تحت سن الأربعين يرون أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري، مما يعد تحول في مجتمع تربى على فكرة أن إسرائيل هي "الملاذ الآمن" لليهود.

قيادة نتنياهو.. تعميق الشرخ

وفي الوقت نفسه، تبدو القيادة الإسرائيلية منفصلة عن هذا الواقع الجديد، فحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، إلى جانب إصلاحاته القضائية التي تقوض الديمقراطية، ورفضه انتقادات اليهود الأمريكيين -قائلا إنهم "لا يفهمون احتياجاتنا الأمنية"- أدت إلى نفور الحلفاء الليبراليين داخل الولايات المتحدة.

كما أن قانون الدولة القومية، الذي يكرّس التفوق اليهودي، والتوسع الاستيطاني المستمر، ساهما في توسيع الهوة بين إسرائيل والشباب الأمريكي وخاصة اليهودي، حيث لم يعد الخلاف مجرد نقاش سياسي، بل تحول إلى صراع هوياتي.

وقد تفجر هذا الصدام خلال حرب غزة عام 2021، ففي حين صورت وسائل الإعلام الإسرائيلية القصف على غزة كدفاع عن النفس، ملأ الأمريكيون وسائل التواصل الاجتماعي بصور الضحايا الفلسطينيين، والأمر نفسه تكرر خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

وأصبح رد الفعل العكسي لاذعا، فقد اتهم المسؤولون الإسرائيليون اليهود الأمريكيين بــ"عدم الولاء"، في حين وصفت شخصيات مثل ستيف بانون -المستشار السابق لدونالد ترامب- اليهود التقدميين بأنهم "أسوأ أعداء إسرائيل".

ومع تزايد الانتقادات الدولية، لم تعد إسرائيل تُوصف فقط بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بل أصبحت تواجه اتهامات مباشرة بممارسة الفصل العنصري والإبادة الجماعية، ليس فقط من قبل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بل حتى من منظمة بتسيلم الإسرائيلية نفسها.

كما تحقق المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في جرائم حرب محتملة في غزة، بينما تكتسب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) زخما في الجامعات الأمريكية والعالمية.

أما بالنسبة للشباب الأمريكي، فقد بدأ في إعادة تقييم علاقة بلاده بإسرائيل، حيث أظهر استطلاع عام 2022 أن 25 في المائة من اليهود الأمريكيين تحت سن 35 يعارضون فكرة إسرائيل كدولة يهودية حصرية، وهو موقف كان يُعد مستحيلا قبل سنوات قليلة.

درس أوكرانيا: التحالفات ليست أبدية

لكن التحذير الأكثر خطورة يأتي من التجربة الأوكرانية، فقد تلقت كييف في البداية دعما عسكريا أمريكيا هائلا، لكن مع تراجع الاهتمام الأمريكي، وجدت نفسها تتوسل للحصول على أنظمة دفاع جوي من أوروبا، بعدما فقدت دعم الحزب الجمهوري في الكونغرس.

وبينما كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نجما ويُحتفى به في الكونغرس، أصبح الآن مثالا على هشاشة التحالفات القائمة على المصالح العابرة، التي تتبخر عندما تتغير الأولويات، وإسرائيل ليست بمنأى عن هذا المصير.

ورغم أن ترامب منح نتنياهو مكاسب كبيرة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلا أن دعمه لإسرائيل كان دائما مشروطا بالمصلحة، وقد يجد نتنياهو نفسه في مواجهة واقع جديد، لا تعد فيه إسرائيل أولوية أمريكية، خاصة مع سياسة "أمريكا أولا" وحركة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى (MAGA)".

التشابه مع أوكرانيا أكثر وضوحا، فكما جفّت المساعدات عن كييف مع تغيّر الأولويات الأمريكية، قد تجد إسرائيل نفسها خارج الحسابات إذا تزايد ضغط الشباب الأمريكي على صناع القرار، ومن ثم الدعم الرسمي من واشنطن
مفترق طرق خطير

اليوم، تجد الدولة المحتلة نفسها أمام مفترق طرق مصيري، لا تزال تمتلك آلة ضغط سياسية قوية، لكنها تفقد رأسمالها الأخلاقي بسرعة، فاليهود الأمريكيون، الذين كانوا يوما ما أقوى داعميها وحلفاء راسخين، لم يعودوا مستعدين لتقديم الولاء غير المشروط، ويتخلون بشكل متزايد عن التضامن العرقي.

كما أن تصاعد النزعة القومية داخل الولايات المتحدة زاد من الضغط على إسرائيل، حيث بات الشباب اليهودي الأمريكي يركز على قضايا العدالة الاجتماعية، وتغير المناخ، وعدم المساواة، بدلا من الدفاع عن سياسات إسرائيل العدوانية.

هل تصبح إسرائيل حليفا منسيا؟

التشابه مع أوكرانيا أكثر وضوحا، فكما جفّت المساعدات عن كييف مع تغيّر الأولويات الأمريكية، قد تجد إسرائيل نفسها خارج الحسابات إذا تزايد ضغط الشباب الأمريكي على صناع القرار، ومن ثم الدعم الرسمي من واشنطن.

وبالنظر إلى المسار الحالي لإسرائيل، ليس من المستبعد أن تنضم إسرائيل إلى قائمة الحلفاء الذين تخلّت عنهم أمريكا، تماما كما حذّر كيسنجر قبل عقود، وكما تجسد اليوم مأساة أوكرانيا اليوم.

(ترجمة من الإنجليزية عن ميدل إيست مونيتور)

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدعو للمحاسبة: تقارير عن “إعدامات طائفية” من كلا الطرفين بأحداث الساحل السوري
  • البيئة: مصر تستضيف مؤتمر الأطراف الـ 24 لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث
  • العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تواجه مستقبلا هشا في ظل التخلي عن أوكرانيا
  • “الزكاة” تدعو المنشآت إلى تقديم إقراراتها الضريبية عن شهري يناير وفبراير
  • ما مستقبل اتفاق السلام في دولة جنوب السودان؟
  • الخارجية الأمريكية تدعو إلى محاسبة “مرتكبي المجازر” ضد الأقليات في سوريا
  • من دولة عربية.. الجيش تسلّم الشحنة الأولى من هبة الوقود
  • توكل كرمان تدعو في مؤتمر دولي إلى إنهاء الحروب المنسية في اليمن والسودان ومحاسبة مجرمي الحرب
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر “ساوث باي ساوث ويست” SXSW في تكساس
  • من دولة نفطية وازنة إلى لاعب دبلوماسي رئيسي: كيف برزت السعودية كوسيط عالمي؟