باريس- في سبيل إيصال صوت الحقيقة إلى العالم والكشف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، يدفع الصحفيون ثمنا باهظا يودي بحياتهم ويُفقدهم أهاليهم في قطاع غزة المحاصر.

وتسعى منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، الذي نشرته اليوم الخميس، إلى تتبع ملامح الانتهاكات التي تلحق بمهنة الصحافة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك عمليات الاغتيال والسجن والاختفاء.

ووصفت المنظمة الدولية قطاع غزة بـ"مقبرة الصحفيين" حيث "تتعمد إسرائيل خنق عمل الصحفيين وقتلهم، وممارسة مختلف الطرق لإعاقتهم في الميدان، فضلا عن التهجير والحصار ومنع الصحفيين الأجانب من الدخول إلى غزة وقطع الإنترنت، ورسائل التهديدات التي تصلهم".

مراسلون بلا حدود: "الاستهداف المباشر للصحفيين في غزة ومناطق أخرى يعد جريمة حرب (رويترز) أخطر دولة في العالم

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد 17 صحفيا حياتهم أثناء قيامهم بعملهم، 13 منهم في فلسطين و3 صحفيين في لبنان وآخر في إسرائيل، وفق تقرير المنظمة.

وأوضح مسؤول مكتب الشرق الأوسط في منظمة مراسلون بلا حدود جوناثان داغر، أن هذه الأرقام تشير إلى "الصحفيين الذين قتلوا أو استهدفوا خلال تأديتهم لعملهم فقط".

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد داغر أن "فلسطين تعد أخطر دولة في العالم بالنسبة للصحفيين في عام 2023، حتى لو تضمن تقريرنا 13 صحفيا فقط بدل العدد الفعلي الذي وصل إلى 89 صحفيا"، في إشارة إلى عشرات الصحفيين الفلسطينيين الآخرين الذين استشهدوا مع عائلاتهم في قصف إسرائيلي استهدف منازلهم بقطاع غزة أيضا.

وفي مقارنة واضحة، قُتل في أوكرانيا 12 صحفيا أثناء قيامهم بعملهم على مدار سنتين من الحرب، في المقابل، أودى القصف الإسرائيلي بحياة 13 صحفيا في فلسطين قبل 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري في مدة لا تتجاوز الشهرين، بحسب التعداد السنوي للمنظمة.

كما نشرت "مراسلون بلا حدود" تقريرا قبل أسبوعين بشأن الاضطهاد الذي يواجهه الصحفيون بالضفة الغربية، والضغوطات التي يتعرضون لها، حيث تم توقيف ما لا يقل عن 14 منهم بشكل احتياطي، "وللأسف، هذا الرقم مرشح للارتفاع"، وفق المتحدث.

وتابع داغر قائلا "هذا يعني أن ما نشهده اليوم من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة يعتبر أحد أكثر الحروب المميتة للصحفيين على مستوى العالم".

تراجع عدد القتلى عالميا

ويكشف التقرير السنوي، الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود منذ عام 1995، عن عدد الصحفيين الذين قُتلوا أثناء ممارستهم لمهنتهم. وخلال هذا العام، تم إحصاء 45 صحفيا، أي أقل بـ16 صحفيا عن العام الماضي.

ويعود هذا الانخفاض التدريجي في عدد الوفيات أثناء أداء الواجب الصحفي خلال السنوات الخمس الماضية جزئيا إلى زيادة الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها، ونهاية التوترات في العراق وسوريا، حيث قتل ما يقرب من 600 صحفي بين عامي 2003 و2022.

لكن هذه الإجراءات تبقى غير كافية في بعض الدول، فعلى الرغم من تراجع عدد القتلى الصحفيين في أميركا اللاتينية من 26 العام الماضي إلى 6 هذا العام، فهم لا يزالون يعانون من عمليات الاختطاف والهجمات المسلحة في المكسيك مثلا، وفق بيانات التقرير.

وتعتبر دول الشرق الأوسط من أكثر الدول التي يتعرض فيها الصحفيون للقتل في عام 2023، حيث بلغ عددهم 18 صحفيا هذا العام و67 صحفيا طوال الخمس سنوات الماضية، خاصة في فلسطين ولبنان.

وأوضح مسؤول مكتب الشرق الأوسط أن المنظمة تقدمت بشكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، للتأكيد على أن "الاستهداف المباشر للصحفيين في غزة ومناطق أخرى، يعد جريمة حرب بحسب معاهدة جنيف وقوانين المحكمة الدولية".

وأضاف "ندرس اليوم كيفية التحرك لتحقيق العدالة للصحفي عصام عبد الله الذي قتل في جنوب لبنان، حيث أشارت التحقيقات الأخيرة إلى أنه قتل بقصف من دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي، وتعرض الموقع الذي كان فيه الصحفيون إلى استهداف مباشر".

وعلى الرغم من أن التقرير السنوي يذكر انخفاض عدد الصحفيين الذين قتلوا مقارنة بالسنوات الماضية، فإن هذا التراجع يسلط الضوء في الوقت ذاته على حجم الكارثة الموجودة في فلسطين حاليا.

وقال داغر للجزيرة نت "منذ أن توقفنا عن العدّ في 1 ديسمبر الجاري، لا يزال الصحفيون في القطاع يتعرضون للقتل ولا يوجد شيء يحميهم من القنبلة التي قد تقع عليهم من السماء سوى قرار سياسي، وهو قرار غير موجود بحسب المؤشرات".

تعتبر دول الشرق الأوسط من أكثر الدول التي تعرض فيها الصحفيون للقتل في عام 2023 (الفرنسية) صحفيون معتقلون

يبدأ 521 صحفيا حول العالم عامهم المقبل خلف القضبان، بعد أن كان عددهم 569 العام الماضي، وتعد الصين أكبر سجن للصحفيين في العالم حيث تحتجز 121 صحفيا، أو ما يقرب من 23% من إجمالي الصحفيين المحتجزين.

وفي منطقة الشرق الأوسط، تأتي سوريا في المقدمة حيث يصل عدد الصحفيين المحتجزين في سجونها إلى 25 صحفيا، تليها المملكة العربية السعودية بـ 24 صحفيا، ثم مصر بـ 19 آخرين.

ولا تعيش الصحافة في شمال أفريقيا حالا أفضل، إذ اعتقل وسجن عشرات الصحفيين في تونس عقب وصول قيس سعيد إلى السلطة، ولا يزال اثنان منهم رهن الاعتقال، هما شذى حاج مبارك وخليفة القاسمي.

وفي الجزائر، يقبع الصحفيان مصطفى بن جامع وإحسان القاضي خلف القضبان حاليا، في حين لا يزال يواجه 3 صحفيين في المغرب أحكاما مشددة بالسجن، وهم توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني.

وفي المجمل، يعود انخفاض عدد الصحفيين المحتجزين على مستوى العالم إلى إطلاق سراح 24 صحفيا في إيران و23 آخرين في تركيا، حيث يتعرض الصحفيون إلى حكم السجن بشكل متكرر.

وعلى صعيد الصحفيات، اُعتقلت 67 صحفية حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وتم سجن 8 صحفيات في عام 2023، وتعد الصين وبيلاروسيا وبورما أكبر 3 سجون للصحفيات حيث يُحكم عليهن بأحكام مشددة، وفي الشرق الأوسط، تعتبر إيران معنية أكثر في هذا الشأن.

حالات اختفاء للصحفيين

وأظهر تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" أن 54 صحفيا محتجزون كرهائن حول العالم، بانخفاض نسبته 16.9% عن العام الماضي.

ويوجد اليوم ما لا يقل عن 54 صحفيا أسيرا، منهم 38 في سوريا و9 في العراق و4 في اليمن واثنان في مالي وصحفي واحد في المكسيك، فيما اختطف ما يقرب من النصف (25) على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بين عامي 2013 و2015.

ولا يزال صحفيان في الأسر في شمال مالي منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني، وهما الصحفيان سالك آغ جدو ومصطفى كوني، وأطلق سراح الصحفي الفرنسي أوليفييه دوبوا في نفس المنطقة. ويشير تقرير "مراسلون بلا حدود" إلى عدم وجود أي معلومات أو دلائل عن وضع الصحفيين المحتجزين في العراق أو سوريا.

ولا تزال المكسيك تضم أكبر عدد من الصحفيين المفقودين في العالم، حيث تشهد 31 حالة اختفاء من أصل 84 حالة، وبشكل عام، تعد أميركا اللاتينية المنطقة التي تضم أكثر من نصف الصحفيين المفقودين (43) في العالم، وفق التعداد السنوي للمنظمة الدولية.

ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة، لا يزال المصوران الصحفيان الفلسطينيان هيثم عبد الواحد ونضال الحميدي في عداد المفقودين، حيث شوهدا آخر مرة في بيت حانون بالقرب من نقطة تفتيش عند تغطيتهما للأحداث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عند معبر بيت حانون (إيرز).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الصحفیین المحتجزین مراسلون بلا حدود عدد الصحفیین العام الماضی الشرق الأوسط للصحفیین فی فی فلسطین فی العالم فی العراق فی عام 2023 قطاع غزة لا یزال

إقرأ أيضاً:

خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين

القاهرة- وسط توترات إقليمية ودولية غير مسبوقة، أطلق الجيشان المصري والصيني مناورات جوية مشتركة تُعد الأولى من نوعها، باسم "نسور الحضارة 2025″، بمشاركة آليات ومعدات ومقاتلات متعددة المهمات.

وتُجرى المناورات في قاعدة عسكرية مصرية لم يفصح عنها، من منتصف أبريل/نيسان حتى أوائل مايو/أيار المقبل. وقد انطلقت فعلا أولى طلعاتها التدريبية يوم الجمعة الماضي.

وفي حين تعد "نسور الحضارة" أول تدريب جوي مشترك من نوعه بين البلدين، إلا أن الجانبين أجريا -أكثر من مرة- "تدريبات بحرية عابرة"، وهي تمرينات عابرة وغير مجدولة مسبقًا.

ما أهداف ورسائل مصر من مناوراتها الجوية الأولى مع الصين؟

ثمة مجموعة من الأهداف والرسائل المشتركة، يطرحها اللواء الدكتور سيد غنيم -زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، والأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية ببروكسل– لهذه المناورات، أبرزها:

باعتبار القاهرة الحليف الرئيسي لواشنطن خارج الناتو، فهي تجري مناورة جوية مع "عدو أميركا المتصاعد"، وكأنها تساوي بين شراكاتها الإستراتيجية مع الحليف القديم الأهم ومع شريك واعد لا يقل أهمية. كلا البلدين يسعى لإظهار المناورة وكأنها تمثل علامة في التكامل العسكري العملي، بما يتيح منصة مشتركة لتحسين تنسيق القتال الجوي، وتقييم المعدات في الظروف التشغيلية، وبناء الألفة المؤسسية بين قواتهما. إعلان هل تحمل المناورات رسائل إلى طرف أو أطراف محددة؟

يقول اللواء سمير فرج، الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، إن المناورات كان مخططا لها منذ بداية العام، وفي حين يشدد على أنها ليست موجهة لأي طرف حاليا، وغير مرتبطة بأحداث إقليمية على غرار الحرب في غزة، يؤكد أنها تبقى "رسالة إلى من يهمه الأمر".

ويوضح أنها تستمد أهميتها من كونها:

تعد شكلا من أشكال "الردع المعنوي"؛ لتظهر قوة مصر وقدرتها على ردع أي تهديد محتمل. تجري مع مقاتلات تنتمي لمدرسة عسكرية مختلفة عن المدارس الغربية. تشمل مهارات إعادة الإمداد والتموين، وهي قدرات مطلوبة في المرحلة الراهنة. رفع الجاهزية العسكرية، خاصة تجاه سيناريوهات محتملة في العمق الأفريقي أو حوض نهر النيل.

ويتفق الخبير العسكري والإستراتيجي العميد سمير راغب، مع القول السابق، إن المناورات لا تستهدف طرفا بعينه، ويضيف أنها تعكس توجها لإعادة التوازن في العلاقات العسكرية، كما تتيح لمصر اختبار المقاتلات الصينية في بيئة قتالية واقعية، من حيث:

قدرتها على المناورة. والإقلاع والهبوط في أقصر مدى وممر. واستخدام أنظمة الرصد والحرب الإلكترونية. وكفاءة التسليح الذكي.

ويعتقد راغب أن الصين تمتلك ميزة نسبية في تحديث المعدات وتطوير التكتيكات القتالية، ما يكسب الدول المتعاونة معها خبرات قتالية حديثة ومتقدمة.

مشاهد من التدريب الجوي المصري-الصيني المشترك "نسور الحضارة 2025″، الذي ينفذ في إحدى القواعد الجوية المصرية.

تظهر اللقطات مشاركة سلاح الجو الصيني بمقاتلات "جيان J-10" بنسختيها الأحدث "C" والأقدم "S"، إضافة إلى طائرة الإنذار المبكر والقيادة والسيطرة KJ-500، وطائرة التزود… pic.twitter.com/iPHpPtJdqA

— Mahmoud Gamal (@mahmouedgamal44) April 20, 2025

كيف تعزز المناورات أهداف مصر في تنويع ترسانتها العسكرية؟

يشدد اللواء غنيم على أن المناورات تكرّس توجه مصر نحو تنويع مصادر التسليح، بعيدا عن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة أو روسيا، خصوصا مع تراجع الثقة بهما في ضوء الحرب الأوكرانية، والدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل.

إعلان

ويقارن بين مرونة الصين البعيدة عن الحساسيات السياسية وعدم الثقة، وتردد شركاء آخرين، مثل فرنسا، التي خضعت سابقا لضغوطات إسرائيلية حالت دون تزويد مصر بصواريخ متقدمة ضمن صفقة مقاتلات "الرافال".

ويرى أن المناورة تتيح فرصة واقعية لاختبار الطائرات الصينية، تمهيدا لاحتمال التعاقد عليها مستقبلا دون قيود سياسية أو شروط غير مرغوب فيها.

يعزز ذلك، حسب اللواء غنيم، إستراتيجية مصر الأوسع في سياستها الخارجية القائمة على عدم الانحياز، بما يسمح لها بالتحوط من الاعتماد المفرط على أي كتلة جيوسياسية واحدة، مع إمكانية نقل التكنولوجيا والتجميع وربما التصنيع مستقبلا.

ويلتقط اللواء سمير فرج الخيط ذاته، موضحا أن المناورات توفر الفرصة لمصر بأن تعاين على أرض الواقع الأسلحة الصينية، وهي تقاتل وتشتبك في ميدان التدريب.

ويتفق معه في الرأي، العميد سمير راغب، مشيرا إلى أن المناورات المشتركة تعد عادة مقدمة لتعاون تسليحي وتعاقدات عسكرية؛ وتسمح باختبار ومعاينة مواصفات الأسلحة ميدانيا عن قرب وليس فقط من خلال المعارض أو الكتيبات أو العروض النظرية أو الملحقين العسكريين.

خبراء يضعون المناورات مع الصين في سياق البحث عن صفقات أسلحة جديدة وتنوع التحالفات (المتحدث العسكري المصري) هل تمهد المناورات لاقتناء مصر مقاتلات "تشنغدو-جي10" الصينية؟

وعن صفقة المقاتلات الصينية متعددة المهام "تشنغدو-جي10" التي قيل إن مصر تفكر في اقتنائها -دون إعلان رسمي- أكد اللواء فرج عدم حدوث أي مشاورات بشأنها، مع ذلك يرى أن المناورات تستكشف ما يملكه الجانب الصيني من أسلحة ومقاتلات، إذا لجأت مصر إليها مستقبلا.

في حين يرى العميد راغب، أن هذه المقاتلات مرشحة بقوة بديلا محتملا لمقاتلات "إف-16"؛ كونها تنفذ مهام مشابهة للمقاتلة الأميركية، ووجودها ضمن المناورات الحالية قد يعكس ذلك التوجه، لكن هذا لا يعني اتخاذ قرار نهائي بشرائها، مشيرا إلى أن بلاده سبق أن تدربت مع الفرنسيين قبل التعاقد على "الرافال"، ومع الروس على "ميغ 29" التي تعادل المقاتلة الصينية.

إعلان

ويوضح أن مصر تبحث عن بديل مستقبلي لمقاتلات "إف-16″، مع توقف إنتاجها، سواء الجيل الرابع منها أو الجيل الرابع المطوّر، وعليه لم يعد ممكنا زيادة عددها ضمن الأسطول المصري.

وفي السياق نفسه، يرى اللواء غنيم، أن مصر تسعى لتحقيق هدف عسكري هام من هذه المناورات، يتمثل في تقييم قدرات الحرب الإلكترونية وأنظمة دمج الاستشعار لطائرات "تشنغدو-جي10" الصينية، إضافة إلى إمكانات الرفع الإستراتيجي لطائرات النقل الصينية "واي-20".

وشدد على أنه أمر بالغ الأهمية في ظل سعي القاهرة إلى تعزيز قدراتها على الاستكشاف والانتشار العسكري السريع، كما تُسهم هذه المناورات في تعزيز جاهزية مصر وتنسيق القوات المشتركة، وهو أمر ضروري بالنظر إلى البيئة الأمنية المتقلبة الممتدة من ليبيا إلى ممر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

ماذا عن التداعيات على العلاقات المصرية الأميركية والتوازنات الإقليمية؟

بحسب العميد راغب، فإنه لا يخفى أن العلاقات المصرية الأميركية شهدت مراحل من المد والجزر، وكان التراجع في عقود التسليح الأميركي سببا في تأويلات سياسية كثيرة، خاصة مع تنويع مصر مصادر التسليح شرقا وغربا.

ويشدد على أن مصر تدير علاقاتها بما يخدم مصالحها، دون مناكفات، مشيرا إلى أن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول لبلاده، ولديها استعداد ورغبة في نقل وتوطين التكنولوجيا لغيرها، على عكس الولايات المتحدة التي تضيّق على شركائها.

ويرجح العميد راغب تراجع علاقات التسليح المصرية بواشنطن لصالح بكين، التي تُعد خيارا مرنا مقارنة بموسكو، خاصة في ظل العقوبات المشددة المفروضة على الأخيرة، كما حدث أخيرا في صفقة مقاتلات "سوخوي" الروسية.

كما يشدد على أهمية الشراكات المتبادلة مع مصر، في ضوء اعتبار القاهرة بوابة لدخول أي سلاح جديد إلى الأسواق العربية والأفريقية، كما حدث مع "الرافال".

بدوره، يستشرف اللواء سيد غنيم، تأثر العلاقات المصرية الأميركية "تدريجيا"؛ خصوصا مع تزايد التعاون العسكري مع بكين، في ظل توجهات إدارة ترامب التي تجبر الحلفاء على الاختيار بين بلاده والصين.

إعلان

وأكد أن أي صفقة مصرية مرتقبة للمقاتلات الصينية، بديلا محتملا لأسراب "إف-16" الأميركية، قد تؤثر سلبا على الشراكة العسكرية بين البلدين، خصوصا وأن المبيعات العسكرية إحدى ركائز التعاون المصري الأميركي.

وعن الأبعاد الإقليمية للمناورات، يرى أن إسرائيل ترى في التحركات المصرية، ومنها التعاون مع الصين، محاولة لإعادة التوازن العسكري الإقليمي، خاصة بعد تفوق تل أبيب في مواجهات مع إيران وأذرعها بالمنطقة.

أما اللواء سمير فرج، فيرجح عدم تأثر العلاقات المصرية الأميركية بمشاركة مصر في تدريبات مع الصين؛ بعد أن استوعبت الإدارة الأميركية سياسة تنويع مصادر التسليح المصرية وقدرة مصر على المناورة.

إجمالا، يتفق الخبراء العسكريون على أن هذه المناورات "بالغة الأهمية"، وتحمل رسائل "قد تبدو مبطنة" إلى أطراف مختلفة منها واشنطن وتل أبيب، لا سيما ما يتعلق بـ"الجاهزية العسكرية" والتأكيد على أن مصر تعمل على تنويع وتعزيز تحالفاتها وترسانتها، بالنظر إلى البيئة الأمنية المتقلبة الممتدة من ليبيا إلى ممر البحر الأحمر وحوض النيل والقرن الأفريقي.

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية الأردني يعقد مؤتمرا صحفيا بشأن نشاطات تنظيم الإخوان الإرهابي
  • ستفرز الأصلح.. مجدي الجلاد: انتخابات نقابة الصحفيين الأهم والأكثر سخونة
  • أنجلينا جولي تجدد دعمها لغزة: “تحولت إلى مقبرة جماعية”
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • افتتاحية
  • خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين
  • نقيب الصحفيين ينعي البابا فرنسيس: كان صوتًا للضمير الإنساني
  • عاجل | مصادر للجزيرة: قوات من وحدات المستعربين الخاصة تقتحم الحي الشرقي في مدينة جنين
  • أبوظبي.. اكتشاف أول مقبرة تعود إلى العصر الحديدي في منطقة العين
  • من مدينة إلى مقبرة.. كيف حوّل الجيش الإسرائيلي رفح إلى رماد؟