مراسلون بلا حدود للجزيرة نت: غزة مقبرة للصحفيين والأكثر خطورة في العالم
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
باريس- في سبيل إيصال صوت الحقيقة إلى العالم والكشف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، يدفع الصحفيون ثمنا باهظا يودي بحياتهم ويُفقدهم أهاليهم في قطاع غزة المحاصر.
وتسعى منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، الذي نشرته اليوم الخميس، إلى تتبع ملامح الانتهاكات التي تلحق بمهنة الصحافة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك عمليات الاغتيال والسجن والاختفاء.
ووصفت المنظمة الدولية قطاع غزة بـ"مقبرة الصحفيين" حيث "تتعمد إسرائيل خنق عمل الصحفيين وقتلهم، وممارسة مختلف الطرق لإعاقتهم في الميدان، فضلا عن التهجير والحصار ومنع الصحفيين الأجانب من الدخول إلى غزة وقطع الإنترنت، ورسائل التهديدات التي تصلهم".
مراسلون بلا حدود: "الاستهداف المباشر للصحفيين في غزة ومناطق أخرى يعد جريمة حرب (رويترز) أخطر دولة في العالمومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد 17 صحفيا حياتهم أثناء قيامهم بعملهم، 13 منهم في فلسطين و3 صحفيين في لبنان وآخر في إسرائيل، وفق تقرير المنظمة.
وأوضح مسؤول مكتب الشرق الأوسط في منظمة مراسلون بلا حدود جوناثان داغر، أن هذه الأرقام تشير إلى "الصحفيين الذين قتلوا أو استهدفوا خلال تأديتهم لعملهم فقط".
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد داغر أن "فلسطين تعد أخطر دولة في العالم بالنسبة للصحفيين في عام 2023، حتى لو تضمن تقريرنا 13 صحفيا فقط بدل العدد الفعلي الذي وصل إلى 89 صحفيا"، في إشارة إلى عشرات الصحفيين الفلسطينيين الآخرين الذين استشهدوا مع عائلاتهم في قصف إسرائيلي استهدف منازلهم بقطاع غزة أيضا.
وفي مقارنة واضحة، قُتل في أوكرانيا 12 صحفيا أثناء قيامهم بعملهم على مدار سنتين من الحرب، في المقابل، أودى القصف الإسرائيلي بحياة 13 صحفيا في فلسطين قبل 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري في مدة لا تتجاوز الشهرين، بحسب التعداد السنوي للمنظمة.
كما نشرت "مراسلون بلا حدود" تقريرا قبل أسبوعين بشأن الاضطهاد الذي يواجهه الصحفيون بالضفة الغربية، والضغوطات التي يتعرضون لها، حيث تم توقيف ما لا يقل عن 14 منهم بشكل احتياطي، "وللأسف، هذا الرقم مرشح للارتفاع"، وفق المتحدث.
وتابع داغر قائلا "هذا يعني أن ما نشهده اليوم من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة يعتبر أحد أكثر الحروب المميتة للصحفيين على مستوى العالم".
تراجع عدد القتلى عالمياويكشف التقرير السنوي، الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود منذ عام 1995، عن عدد الصحفيين الذين قُتلوا أثناء ممارستهم لمهنتهم. وخلال هذا العام، تم إحصاء 45 صحفيا، أي أقل بـ16 صحفيا عن العام الماضي.
ويعود هذا الانخفاض التدريجي في عدد الوفيات أثناء أداء الواجب الصحفي خلال السنوات الخمس الماضية جزئيا إلى زيادة الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها، ونهاية التوترات في العراق وسوريا، حيث قتل ما يقرب من 600 صحفي بين عامي 2003 و2022.
لكن هذه الإجراءات تبقى غير كافية في بعض الدول، فعلى الرغم من تراجع عدد القتلى الصحفيين في أميركا اللاتينية من 26 العام الماضي إلى 6 هذا العام، فهم لا يزالون يعانون من عمليات الاختطاف والهجمات المسلحة في المكسيك مثلا، وفق بيانات التقرير.
وتعتبر دول الشرق الأوسط من أكثر الدول التي يتعرض فيها الصحفيون للقتل في عام 2023، حيث بلغ عددهم 18 صحفيا هذا العام و67 صحفيا طوال الخمس سنوات الماضية، خاصة في فلسطين ولبنان.
وأوضح مسؤول مكتب الشرق الأوسط أن المنظمة تقدمت بشكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، للتأكيد على أن "الاستهداف المباشر للصحفيين في غزة ومناطق أخرى، يعد جريمة حرب بحسب معاهدة جنيف وقوانين المحكمة الدولية".
وأضاف "ندرس اليوم كيفية التحرك لتحقيق العدالة للصحفي عصام عبد الله الذي قتل في جنوب لبنان، حيث أشارت التحقيقات الأخيرة إلى أنه قتل بقصف من دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي، وتعرض الموقع الذي كان فيه الصحفيون إلى استهداف مباشر".
وعلى الرغم من أن التقرير السنوي يذكر انخفاض عدد الصحفيين الذين قتلوا مقارنة بالسنوات الماضية، فإن هذا التراجع يسلط الضوء في الوقت ذاته على حجم الكارثة الموجودة في فلسطين حاليا.
وقال داغر للجزيرة نت "منذ أن توقفنا عن العدّ في 1 ديسمبر الجاري، لا يزال الصحفيون في القطاع يتعرضون للقتل ولا يوجد شيء يحميهم من القنبلة التي قد تقع عليهم من السماء سوى قرار سياسي، وهو قرار غير موجود بحسب المؤشرات".
تعتبر دول الشرق الأوسط من أكثر الدول التي تعرض فيها الصحفيون للقتل في عام 2023 (الفرنسية) صحفيون معتقلونيبدأ 521 صحفيا حول العالم عامهم المقبل خلف القضبان، بعد أن كان عددهم 569 العام الماضي، وتعد الصين أكبر سجن للصحفيين في العالم حيث تحتجز 121 صحفيا، أو ما يقرب من 23% من إجمالي الصحفيين المحتجزين.
وفي منطقة الشرق الأوسط، تأتي سوريا في المقدمة حيث يصل عدد الصحفيين المحتجزين في سجونها إلى 25 صحفيا، تليها المملكة العربية السعودية بـ 24 صحفيا، ثم مصر بـ 19 آخرين.
ولا تعيش الصحافة في شمال أفريقيا حالا أفضل، إذ اعتقل وسجن عشرات الصحفيين في تونس عقب وصول قيس سعيد إلى السلطة، ولا يزال اثنان منهم رهن الاعتقال، هما شذى حاج مبارك وخليفة القاسمي.
وفي الجزائر، يقبع الصحفيان مصطفى بن جامع وإحسان القاضي خلف القضبان حاليا، في حين لا يزال يواجه 3 صحفيين في المغرب أحكاما مشددة بالسجن، وهم توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني.
وفي المجمل، يعود انخفاض عدد الصحفيين المحتجزين على مستوى العالم إلى إطلاق سراح 24 صحفيا في إيران و23 آخرين في تركيا، حيث يتعرض الصحفيون إلى حكم السجن بشكل متكرر.
وعلى صعيد الصحفيات، اُعتقلت 67 صحفية حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وتم سجن 8 صحفيات في عام 2023، وتعد الصين وبيلاروسيا وبورما أكبر 3 سجون للصحفيات حيث يُحكم عليهن بأحكام مشددة، وفي الشرق الأوسط، تعتبر إيران معنية أكثر في هذا الشأن.
حالات اختفاء للصحفيينوأظهر تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" أن 54 صحفيا محتجزون كرهائن حول العالم، بانخفاض نسبته 16.9% عن العام الماضي.
ويوجد اليوم ما لا يقل عن 54 صحفيا أسيرا، منهم 38 في سوريا و9 في العراق و4 في اليمن واثنان في مالي وصحفي واحد في المكسيك، فيما اختطف ما يقرب من النصف (25) على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بين عامي 2013 و2015.
ولا يزال صحفيان في الأسر في شمال مالي منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني، وهما الصحفيان سالك آغ جدو ومصطفى كوني، وأطلق سراح الصحفي الفرنسي أوليفييه دوبوا في نفس المنطقة. ويشير تقرير "مراسلون بلا حدود" إلى عدم وجود أي معلومات أو دلائل عن وضع الصحفيين المحتجزين في العراق أو سوريا.
ولا تزال المكسيك تضم أكبر عدد من الصحفيين المفقودين في العالم، حيث تشهد 31 حالة اختفاء من أصل 84 حالة، وبشكل عام، تعد أميركا اللاتينية المنطقة التي تضم أكثر من نصف الصحفيين المفقودين (43) في العالم، وفق التعداد السنوي للمنظمة الدولية.
ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة، لا يزال المصوران الصحفيان الفلسطينيان هيثم عبد الواحد ونضال الحميدي في عداد المفقودين، حيث شوهدا آخر مرة في بيت حانون بالقرب من نقطة تفتيش عند تغطيتهما للأحداث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عند معبر بيت حانون (إيرز).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الصحفیین المحتجزین مراسلون بلا حدود عدد الصحفیین العام الماضی الشرق الأوسط للصحفیین فی فی فلسطین فی العالم فی العراق فی عام 2023 قطاع غزة لا یزال
إقرأ أيضاً:
قيادي بكتيبة جنين للجزيرة: سلاحنا موجه للاحتلال ولن نسمح بنزعه
قال أبو وطن القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إن سلاح المقاومة في مخيم جنين بالضفة الغربية موجه فقط ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن الكتيبة لن تسمح لأي جهة بانتزاع هذا السلاح مهما بلغت التضحيات.
وتستمر منذ أزيد من أسبوعين اشتباكات عنيفة في المخيم بين المقاومين الفلسطينيين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية أدت إلى مقتل فلسطينيين -بينهم قائد ميداني في كتيبة جنين واثنان من عناصر أجهزة السلطة- وإصابة آخرين من الجانبين.
وأضاف أبو وطن في مداخلة عبر شاشة الجزيرة "نحن صامدون على أرض المخيم، ولن نحيد عن قرار المقاومة حتى لو كلفنا ذلك حياتنا".
وأوضح القيادي في كتيبة جنين أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في المخيم منذ 18 يوما، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحاصره من جميع الاتجاهات وتستخدم أسلحة جديدة مثل قذائف "آر بي جي"، كما تستهدف المنازل عشوائيا وتعتلي أسطح المباني المحيطة.
وتابع أن الحصار المفروض يطال جميع مناحي الحياة الأساسية، إذ تم استهداف محولات الكهرباء وخطوط المياه، وتعطيل المراكز التعليمية والطبية، مما تسبب في تدهور الوضع الإنساني داخل المخيم.
إعلانوأوضح أبو وطن أن هذه العمليات أسفرت عن مقتل 3 أطفال وأحد المقاومين المطلوبين للاحتلال الإسرائيلي منذ 4 أعوام، وإصابة العشرات، معظمهم من الأطفال.
بنادق المقاومةوأشار أبو وطن إلى أن السلطة الفلسطينية تنعت المقاومين بأنهم "خارجون عن القانون"، لكنه شدد على أن بنادق كتيبة جنين لا تزال موجهة ضد الاحتلال فقط، مؤكدا أن محاولات السلطة لإنهاء المقاومة تأتي ضمن مخطط أميركي صهيوني بعدما فشل الاحتلال في ذلك.
وأضاف "نحن نواجه مخططات تستهدف منع المقاومة المستمرة منذ أكثر من 4 سنوات، ولن نخضع لأي قرار سياسي أو عسكري يهدف إلى نزع سلاحنا".
وأكد أبو وطن أن المقاومة في جنين مستمرة، قائلا "سلاحنا سيبقى موجها نحو الاحتلال الصهيوني، ولن نتراجع مهما تكالبت علينا الأطراف".
وتعتبر مدينة ومخيم جنين للاجئين معقلا لفصائل المقاومة الفلسطينية التي تدين بشدة استمرار التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والاحتلال الإسرائيلي.
وبدأت أحداث جنين باعتقال أجهزة السلطة إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا أوائل الشهر الجاري، مما تسبب في إثارة غضب كتيبة جنين التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما.
ورفضت السلطة المطلب، وبعثت رسالة واضحة بأن هدفها إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، وهو ما رفضه المقاومون.
وتصاعدت الأحداث مع مقتل الشاب ربحي الشلبي خلال عمليات أمن السلطة التي حاصرت مستشفى جنين وقطعت الكهرباء والمياه عن المخيم.
وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة -خاصة في جنين وطولكرم- تزامنا مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
يشار إلى أن كتيبة جنين التابعة لحركة الجهاد الإسلامي ظهرت للوجود في 2021 في أعقاب استشهاد مؤسسها جميل العموري في 10 يونيو/حزيران، وحينها نشطت للدفاع عن مدينة جنين ضد أي اقتحام لقوات الاحتلال، ثم انتشرت نشاطاتها وشملت مدنا أخرى.
إعلان