حضر لبنان بقوّة في مؤتمر الأطراف المنعقد في دبي Cop28، حاملاً في جعبته الأزمات البيئية التي تعصف به إلى أكبر اجتماع بيئي علمي في العالم. وفي حين عبّر الوفد اللبناني عن اهتمامه بمعالجة أزمة التغير المناخي وتداعياته على المجتمعات كافة، أكد وزير البيئة ناصر ياسين أن لبنان هو من الدول المتأثرة جداً بالتغيرات المناخية.

فكيف ذلك؟ 

جهوزية متدنية جداً  
لم يكتفِ وزير البيئة بالتحذير من تأثير التغير المناخي على لبنان، بل عاد وشدّد على أن جهوزية البلاد لا تزال متدنية جداً من حيث التكيف مع هذه المشكلة البيئية، إذ أن لبنان يحتلّ المرتبة 161 من أصل 192 دولة من حيث الجهوزية. 
ولفت في حديث له، إلى سيناريوهات مخيفة يعيشها لبنان تمثّلت على سبيل المثال بموجات الحرّ الأكثر حدّة الصيف الماضي وتدنّي نسبة المتساقطات، ما سيغيّر نوعية المحاصيل الزراعية. 
كما شدد على ضرورة تحسين الوضع الاداري وحوكمة القطاعات من أجل التكيف مع التغيرات المناخية من خلال ادارة الموارد، مع اشارته إلى أن "انبعاثات لبنان قليلة وهناك التزام لتخفيفها بنسبة 20% والانتقال الى الطاقة البديلة، فيما المشكلة الأبرز هي وسائل النقل غير الصديقة للبيئة". 
بين الأمس البعيد واليوم
رئيس حزب البيئة العالمي دوميط كامل، اعتبر أن لبنان ليس فقط في المرتبة التي حددها وزير البيئة، إنّما هو بحدود المرتبة 190 لأن الجهوزية مفقودة بشكل تامّ في ظلّ غياب خطط مواجهة التغير المناخي، معتبراً أن هذه الأمور بحاجة إلى ثقافة وعلم والقدرة على التعامل مع هذا الملف بخطط واضحة وعلمية. 
وفي حديث لـ"لبنان 24"، استذكر كامل فترة الستينيات في لبنان، مبيّناً الدرك المنخفض الذي وصل إليه المجال البيئيّ في "بلد الأرز"، مشدداً على أنه كان خالياً تماماً من التلوث بسبب الجهوزية الصحيحة. 
وأشار إلى أن مدينة بيروت في تلك الحقبة كانت العاصمة الأولى في الشرق الأوسط التي استخدم سكانها "الترامواي" الذي كان يعمل بالطاقة الكهربائية وبالتالي "صفر تلوّث" على حدّ تعبيره، كما لفت إلى أن الغابات في حينه كانت تتعدّى الـ63% من مساحة الوطن والهواء كان نظيفاً، وعوامل أخرى كثيرة كانت كفيلة بتوفير مناخ صحيّ. 
وفي مقارنة مع الواقع الحالي، شدد كامل على أنه خلافاً لما نشهده اليوم، لم تكن هناك معامل كهرباء تحرق آلاف الأطنان يومياً من الفيول، ولا عشرات المولّدات في جميع الأحياء السكنية، ولا كان النقل يعتمد على حوالى مليوني سيارة للتنقل بالتزامن مع عدد هائل من الشاحنات، فضلاً عن المصانع وحرق النفايات المستمر على مدار الساعة في لبنان. 
مظاهر التغير المناخي في لبنان
واعتبر أنه فيما لو استمرّ الوضع على ما هو عليه، فمرتبة لبنان ستتدنى فعلاً إلى الرقم 190 على الأقل، مشدداً على أن المواطن اللبناني لن يدفع بمفرده ثمن هذه العوامل، بل معه كل الكائنات الحيّة على أرض هذا الوطن. 
وقال: "الأنهار والمياه الجوفية باتت عبارة عن صرف صحيّ وصناعي، المجارير تملأ الشواطئ من دون أي معالجة، محطّات التكرير لو وُجدت على غرار محطة زحلة، عملت لفترة قصيرة ثمّ جرى رمى المياه مع تلك الآسنة في نهر الليطاني، بينما تصرف رواسب المياه المكررة من محطّة حمّانا في نهر بيروت". 
وعن مظاهر التغير المناخي في لبنان، كشف كامل أنه "مع حلول شهر كانون الأول، كان يجب أن تكون الثلوج على علوّ 1000 متر في حين أن هذا الأمر غائب، فضلاً عن أن الأمطار تهطل بشكل غزير مشكّلة فيضانات سريعة جداً ذات آثار مدمّرة على الطرقات والمحاصيل والناس، الجفاف يتوسّع في مناطق عدّة في وقت كان فيه عدد كبير من المزارعين يعتمد على الأمطار لريّ مواسمه الزراعية". 
كما تطرّق إلى ظاهرة سلبية جداً في لبنان وهي قطع الأشجار، قائلاً إنه في هذا العام فقط تمّ قطع مليون و200 ألف شجرة صنوبر بهدف التدفئة خلال فصل الشتاء، كما تمّ قطع آلاف أشجار اللزّاب وصولاً إلى بعض أشجار الأرز. 
وحذّر كامل من أن لبنان يمرّ بفترة خطيرة جداً على الصعيد البيئي على الرغم من أن التغير المناخي يطال دولاً عدّة من حول العالم في ظل التصحّر وانخفاض في مستوى المتساقطات. 
وأكّد أن الوضع قابل للتحسّن فقط في حال وجود استراتيجيات يضعها علماء البيئة بطريقة علمية بعيداً من السياسة، معرباً عن تخوّفه من استمرار التدهور البيئي، أمّا على المدى الأبعد فالخوف هو من تدمير الثروة الحرجية وتدمير الموارد الطبيعية، المتجددة وغير المتجددة.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التغیر المناخی ر المناخی أن لبنان فی لبنان على أن

إقرأ أيضاً:

مع توسع حرائق اللاذقية.. دعوة إلى إعلان حالة الطوارئ البيئية

دعا "البرنامج السوري للتغير المناخي" إلى إعلان حالة الطوارئ البيئية جراء الحرائق الضخمة التي تجتاح غابات ريف اللاذقية، والتي "تهدد المستقبل البيئي" في سوريا.

وأعرب البرنامج السوري للتغير المناخي في بيان، عن "بالغ القلق إزاء ما آلت إليه الأوضاع البيئية والإنسانية في الأيام الماضية، في ظل تصاعد موجة الحرائق غير المسبوقة التي تجتاح مناطق واسعة من محافظة اللاذقية وعموم أرجاء الوطن".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 2 of 416 قتيلا مع استمرار حرائق لوس أنجلوسlist 3 of 4الجفاف المتزايد يؤجج حرائق كاليفورنياlist 4 of 4ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في تركياend of list

وبحسب البيان، تشير البيانات الميدانية إلى اندلاع أكثر من 3000 حريق خلال الأشهر الماضية، وأدت إلى احتراق أكثر من 5700 هكتار من الغابات الطبيعية والأراضي الزراعية.

وأشار إلى أن هذه الكارثة تأتي في سياق مناخي متسارع يتميز بارتفاع درجات الحرارة، وتزايد فترات الجفاف، وسرعة الرياح، ما يضع البيئة السورية في حالة هشاشة غير مسبوقة.

وحذر البيان من أن الكارثة التي تواجهها سوريا اليوم "ليست عابرة، بل إنذار حقيقي لما سيأتي في ظل تغير مناخي عالمي لا يرحم"، داعيا المؤسسات والأفراد إلى تحمل المسؤولية البيئية والمجتمعية والتكاتف في وجه هذا التهديد الذي لا يفرق بين منطقة وأخرى.

وتسببت حرائق الغابات المتواصلة منذ 4 أيام في محافظة اللاذقية الواقعة غرب سوريا في خسائر كبيرة، وسط استمرار محاولات فرق الإطفاء احتواءها بدعم تركي وأردني.

وامتدت الحرائق إلى مناطق سكنية في قرى قسطل معاف، وكسب، والبسيط، وبيت القصير، وفرنلق، وزغرين، وجبل التركمان، وتضم في معظمها مناطق حرجية.

وتعد محمية الفرنلق، من أهم المحميات الطبيعية في سوريا، وتضم أشجارا نادرة ومعمرة، وغطاء نباتيا يتميز بتنوعه البيولوجي الفريد في المنطقة، كما توجد محميات أخرى، أهمها، الأرز، وأم الطيور، وهي مقصد سياحي ومناطق زراعية مهمة.

وتضم غابات اللاذقية 31% من مساحة الغابات الموجودة في سوريا، وتتميز بأشجارها المعمرة، ومنها السرو، والصنوبر بأنواع، والسنديان، والبلوط، والتفاح البري، والكينا وغيرها.

إعلان

وفي السنوات الأخيرة تعرضت هذه الغابات إلى عدة حرائق بسبب عوامل طبيعية ناجمة عن التغير المناخي، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والرياح. كما يعزى تكرارها أيضا إلى عوامل بشرية، منها تعمّد إشعال الحرائق، وإهمال هذه الغابات، وكذلك انتشار الألغام ومخلفات الحرب داخلها خلال سنوات الحرب.

وقال وزير الطوارئ والكوارث في سوريا، رائد الصالح، أن موجة الحرائق التي تضرب المنطقة أتت على أكثر من 5600 هكتار (نحو 56 كيلومترا مربعا) من الأراضي الزراعية والغابات، مشيرا إلى أن اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة كانا السبب وراء انتشار النيران.

وأضاف أيضا أن التضاريس الصعبة وبعد مصادر المياه، ووجود الألغام ومخلفات الحرب، كلها عوامل تعيق بشكل كبير عمليات الإطفاء.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) قد أكدت في يونيو/حزيران الماضي، أن سوريا "لم تشهد ظروفا مناخية بهذا السوء منذ 60 عاما"، محذرة من أن الجفاف غير المسبوق يهدد أكثر من 16 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي.

ومع ارتفاع نسبة الجفاف وحرائق الغابات في العالم جراء التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري، تعرضت سوريا خلال الأعوام الأخيرة إلى موجات حر شديد وتراجع حاد في الأمطار وحرائق أحراج متكررة، تعد الحرائق الأخيرة أضخمها.

مقالات مشابهة

  • تركيا: 761 حريقًا خلال 10 أيام وتدمير قرى في إزمير
  • مع توسع حرائق اللاذقية.. دعوة إلى إعلان حالة الطوارئ البيئية
  • بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي.. الميرة وبنك الريان يطلقان مبادرة «أنا لستُ مصنوعًا من البلاستيك»
  • الجفاف يتصاعد في لبنان.. هل دخل زمن شحّ المياه الدائم؟
  • "الثروة الزراعية والسمكية" تصدر قرارا وزاريا
  • خشية تهدئة محتملة.. إسرائيل تسرع تهجير وتدمير شمال غزة
  • تبادل القصف بين روسيا وأوكرانيا بالمسيرات وتدمير 120 طائرة
  • تحذير من فشل عضوي مميت بسبب حقن “مونجارو” للتنحيف
  • حرائق ضخمة تدفع السلطات إلى إخلاء قرى في محافظة اللاذقية
  • تركيا تُلمِّح لـفرصة أخيرة للعراقيين بعد قرار اردوغان: انقذوا بلادكم من الجفاف