أكد فرديناند فارغا، مدير مفوض وشريك أول بشركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع برؤية إيجابية تجاه التحول في مجال الطاقة. وتهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة بمعدل ثلاث أضعاف واستثمار ما بين 150 و200 مليار درهم بحلول عام 2030. وتم تحديث الاستراتيجية عام 2023، تزامناً مع تحديد أهداف عام 2030 وطموحات عام 2050 لتحقيق الحياد الكربوني.

وتشجع الاستراتيجية المحدثة عمليات نشر الطاقات المتجددة والنووية، وتعزيز كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى دفع الأبحاث ذات الصلة بالبحث والتطوير والابتكار في تقنيات الطاقة، مع زيادة قدرات الطاقة النظيفة المحلية، وتشجيع الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة على مستوى الدولة.

وتتخذ الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة نحو مستقبل يرتكز على استخدام الطاقة النظيفة. وتشهد الدولة استثمارات مكثفة في مجال الطاقة المتجددة مع تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، والالتزام بتحقيق أهداف الحياد الكربوني. ويتماشى هذا التحول مع الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وتوفير مستقبل مستدام وعادل للجميع.
وأوضح فارغا: يتطلب التحول نحو مستقبل الطاقة المستدامة جهوداً تعاونية من مختلف القطاعات. وينبغي لصناع السياسات التركيز على خلق بيئة داعمة لضمان تحول الطاقة على النحو الأمثل. ويتطلب هذا المسار ضرورة الوعي بالفوائد طويلة الأجل للانتقال، على الرغم من النفقات التي سيتم تكبدها على المدى القصير، مع الاهتمام بسد الفجوة القائمة على مستوى التكلفة.
• من المفترض أن يقوم صانعو السياسات بتحديد أهداف نشر سنوية واضحة لتوجيه عملية الانتقال. ولابد في هذا الإطار من إعادة تصميم أسواق الطاقة على نحو يساهم في جذب الاستثمارات منخفضة الكربون في إطار تجربة سلسة. ويعد تبسيط عمليات التخطيط والتصاريح أمر بالغ الأهمية. كما يجب إعادة النظر في أطر المسؤولية عن التقنيات الجديدة، ومن المهم في هذا الإطار إجراء انتقال عادل يوازن بين الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
• يجب على الجهات المنتجة والمزودة للطاقة، قيادة مسار التحول لإنتاج الطاقة منخفضة الكربون. وينبغي عليها ضمان توفير إمدادات طاقة آمنة ومنخفضة التكلفة، تزامناً مع العمل على التخلص تدريجياً من الوقود الأحفوري. وتعد عملية تطوير محافظ إمدادات الطاقة المخصصة ومساعدة العملاء على إيجاد مسارات انتقال فعالة أمر أساسي في هذا الإطار.
• ويتعين على كبار مستهلكي الطاقة ومزودي خدمات البنية الأساسية الوعي بالنفقات القصيرة الأجل المترتبة على الانتقال إلى الطاقة منخفضة الكربون، مع التركيز على الفوائد طويلة الأجل. ويعد تحديد أهداف النشر، وإعادة تصميم أسواق الطاقة، وتبسيط عمليات التخطيط، وتكييف أطر المسؤولية للتقنيات الحديثة من العناصر الأساسية لتسريع عملية الانتقال.
الجدير بالذكر، أن اتباع نهج متعدد لأصحاب المصلحة أمر بالغ الأهمية لضمان انتقال ناجح للطاقة. ومن المفترض أن يتعاون واضعو السياسات مع منتجي الطاقة والموردين والمستهلكين على نحو متكامل لوضع السياسات الهادفة والاستثمار في التقنيات الجديدة والتكيف مع حقائق السوق الجديدة من أجل مستقبل الطاقة المستدامة.
وأضاف: يتعين على الجهات الرائدة عبر قطاع الهيدروجين، تحمل المخاطر وتحديد أولويات تطوير المشروع لدفع القطاع نحو المستقبل. وتشمل الإجراءات الأخرى الواجب تبنيها، التركيز على خفض تكلفة الهيدروجين الأخضر، وهو أمر حيوي يجب اعتماده على نطاق أوسع. ويمكن تسريع عملية خفض التكلفة عبر تبسيط عمليات تطوير المشروع والتعاون مع مصنعي المحللات الكهربائية. ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه الشراكات إلى تعزيز الابتكارات وخفض نفقات الإنتاج على نحو ملحوظ. ويعتبر الاطلاع المستمر على أحدث المستجدات ذات الصلة، والتشجيع على استخدام الهيدروجين من أهم الممارسات في هذا الإطار. وتحتاج الجهات الرائدة على مستوى القطاع إلى تعزيز الوعي بالمشهد الحالي، وتسليط الضوء على الدور الحيوي للهيدروجين في مجال التحول الطاقي، لا سيما لناحية توسيع نطاق استخداماته في المجالات الأكثر تعقيداً، وذلك تزامناً مع التطور المستمر للبيئة التنظيمية وإعادة تشكيل سوق الطلب على الهيدروجين. أخيراً، يعد التعاون أمر أساسي في قطاع الهيدروجين، ويشمل ذلك الحكومات التي تعمل مع مصنعي المعدات الأصلية (OEMs) ومزودي الخدمات التقنية والمتعهدين والشركات لتسريع عملية تطوير بنية تحتية شاملة لتجارة الهيدروجين. ويشمل ذلك إنشاء الشبكات وحلول التخزين والمحطات الطرفية التي تعتبر ضرورية لتوزيع الهيدروجين واستخدامه بشكل فعال. ومن المؤكد أن تساهم هذه الجهود التعاونية في التغلب على التحديات الحالية وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة وكفاءة للطاقة.

وأشار إلى أن التنفيذ السريع لعمليات إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR) يعد أمر بالغ الأهمية في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. مع تقدم الوقت، تزداد كمية الكربون التي يجب إزالتها من الغلاف الجوي للأرض، ما يعزز أهمية هذا الموضوع. وتشير التقديرات إلى أن 5-16 جيجا طن (Gt) من ثاني أكسيد الكربون يجب إزالتها سنوياً بحلول عام 2050 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية، وتبرز عملية التقاط الهواء المباشر (DAC) كتقنية رئيسية نظراً لقابليتها للتوسع وديمومتها وإمكانية التحقق منها. وتعتبر عملية التقاط الهواء المباشر DAC أكثر كفاءة من إعادة التحريج، ما يجعلها حلاً مثالياً قابلاً للتطوير لتلبية احتياجات عملية إزالة ثاني أكسيد الكربون CDR واسعة النطاق. وفي الإطار ذاته، يمكن اعتماد تقنية التقاط الهواء المباشر DAC على نطاق واسع، عبر الحد من النفقات اللازمة للتخلص من ثاني أكسيد الكربون على نحو تام، والتي تتراوح قيمتها حالياً من 600 دولار إلى 1000 دولار للطن. ويتمثل الهدف الرئيسي من هذا التوجه في خفض هذه التكاليف إلى أقل من 200 دولار، ومن الناحية المثالية أقرب إلى 100 دولار، بحلول عام 2050، ما يجعل التقنية قابلة للتطبيق اقتصادياً وأكثر سهولة للنشر على نطاق واسع.

واختتم قائلا: إن تحقيق نظام طاقة محايد كربونياً أمر ممكن مع التقنيات المتاحة، لكنه يتطلب جهوداً متسارعة واستثمارات كبيرة. في الوقت الحالي، تعد التقنيات التي أثبتت جدواها مثل كفاءة الطاقة والكهرباء والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، من العوامل الأساسية التي تسهل عملية الانتقال، والتي ستبقى ذات فعالية عالية حتى عام 2030. ومن المتوقع أن يتحول التركيز عام 2030 لتوسيع نطاق التقنيات الناشئة، بما في ذلك البطاريات على نطاق الشبكة، والمفاعلات النووية الجديدة، والهيدروجين منخفض الكربون، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه. وتعد هذه التقنيات ضرورية لنظام طاقة محايد كربونياً ولكنها تتطلب استثمارات وجهداً مناسبين للتوسع بفعالية.
وتشكل وتيرة هذا التحول عاملاً إضافياً، إذ يجب أن يحدث التحول نحو طاقة محايدة كربونياً بمعدل 3 أضعاف من التحولات الرئيسية السابقة للطاقة. في حين أن التحولات التاريخية إلى الفحم والنفط استغرقت 50 و35 عاماً، فإن الهدف الحالي يتطلب تحولا كبيراً في الطاقة المتجددة خلال 13-18 عاماً فقط. وتمثل هذه الوتيرة المتسارعة تحدياً كبيرا يتطلب تعاوناً عالمياً منسقاً ودعماً ملحوظاً للسياسات.
من ناحية أخرى، يعتبر سد الفجوة التمويلية الكبيرة أمر حتمي لهذا التحول. وعلى الرغم من الاستثمار العالمي البالغ 19 تريليون دولار من قبل الجهات الرائدة على مستوى قطاع الطاقة والحكومات والمستثمرين، لا تزال الحاجة ملحة لسد العجز المقدر بـ18 تريليون دولار لنجاح عملية الانتقال. وسيكون سد هذه الفجوة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف الطموحة المحددة لمستقبل محايد كربونياً، ما يتطلب زيادة الالتزامات المالية العالمية من القطاعين العام والخاص.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون أمر بالغ الأهمیة الطاقة المتجددة عملیة الانتقال فی هذا الإطار على مستوى على نطاق على نحو فی مجال عام 2030

إقرأ أيضاً:

مفوض الأونروا: الوضع في غزة كابوس لا ينتهي

وصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ عام تقريبا بأنها "كابوس لا ينتهي".

وعقب لقاءات مع ممثلي عدة دول بمكتب الأمم المتحدة بجنيف الاثنين، قال المسؤول الأممي "غزة أصبحت غير صالحة للسكن وسكانها يواجهون المرض أو الموت أو الجوع بشكل يومي".

وأشار لازاريني إلى أن سكان غزة محاصرون في 10% من الأرض في القطاع بعد أن كانوا في حالة تنقل دائم بحثا عن الأمان الذي لم يجدوه أبدا، ويعيش 620 ألف طفل وطفلة بين أنقاض المنازل المهدمة في غزة.

وقال إنه طلب أثناء اجتماعاته مع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في نيويورك وجنيف أن "يجعلوا التعليم أولوية جماعية تتجاوز الأنشطة المنقذة للحياة" وذكر أن الأونروا "بدأت بالفعل منذ شهر، وعلى الرغم من البيئة غير العادية والمعقدة، في إعادة بعض الأطفال إلى بيئة تعلمية".

وأضاف "يجب ألا ننسى أبدا أن الأصل الوحيد الذي لم يُنتزع أبدا من الفلسطينيين هو التعليم. لقد تم حرمانهم على مدى العقود الماضية من عدد من الأشياء، ولكن لم يتم حرمانهم من التعليم. وكان التعليم في الأساس مصدر فخرهم كما تطرق لازاريني إلى الأوضاع في الضفة الغربية واصفا إياها بأنها تشهد مأساة صامتة".

وبشأن الاعتداءات الإسرائيلية على المخيمات في الضفة الغربية، أفاد بأنها "أدت إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية. مما أدى بحكم الأمر الواقع إلى فرض عقاب جماعي على السكان وحتى 30 سبتمبر/أيلول، قُتل 223 من موظفي الأونروا في غزة، وتعرض ثلثا منشآتها للتدمير".

وعن التطورات في لبنان، أشار المسؤول الأممي إلى أنهم "استضافوا حتى الآن 3 آلاف و500 شخص في ملاجئ الأونروا في 9 مواقع، من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين الذين فروا من جنوب لبنان".

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عدوانا مدمرا على غزة خلف أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • دعم البرنامج النووي الجزائري.. هذا ما قاله مدير روساتوم الروسية
  • محمد الشرقي يستقبل الرئيس التنفيذي لـ “غانفر جروب” على هامش منتدى أسواق الطاقة الـ13
  • الإقليمي للطاقة المتجددة يؤكد ضرورة تحقيق أمن الطاقة عبر اقتصاد منخفض الكربون
  • السفير ناصر كامل: الاتحاد من أجل المتوسط يقود التحول إلى مستقبل أخضر
  • "الدوسري": أمن الطاقة يتطلب تصرفًا شجاعًا واقتصادًا منخفض الكربون
  • «البترول» تعقد ورشة عمل حول الفرص الاستثمارية فى مجال البحث والاستكشاف والإنتاج
  • مفوض الأونروا: الوضع في غزة كابوس لا ينتهي
  • الإمارات تعرب عن قلقها من التطورات التي تجري في لبنان
  • «أكوا باور» تدعم التحوّل نحو مستقبل مستدام
  • إي آند مصر راعيًا وشريكًا تكنولوجيًا لمؤسسة "حلم"