هل يجب وقوف الجالسين حال مرور الجنازة.. أستاذ فقه يفند خلاف العلماء
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر ، أن حكم الوقوف للجنازة التي مرت على قوم جالسين يتنازعه رأيان لأهل العلم ما بين قائل بالإباحة أي التخيير بين القيام وعدمه فهما في الحكم سواء، وما بين قائل بالاستحباب وهذا إجمال يعقبه بيان وتفصيل على النحو الآتي:
استدل القائلون باستحباب القيام للجنازة والوقوف لها عند مرورها بما روى الإمام مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه قال :(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا يعني في الجنازة )٠
قال الترمذي:حديث علي حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وقال الشافعي: هذا أصح شيء في هذا الباب
ولفت لاشين، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، إلى أنه يؤخذ من هذا الحديث أن القيام للجنازة حينما تمر بالإنسان مندوب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بل يأمره بذلك أيضا في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن علي رضي الله عنه (أمرنا بالقيام للجنازة ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس )قال الإمام النووي رحمه الله: (والمختار أنه مستحب)٠
وقال ابن حزم :( ويستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء وإن كانت جنازة كافر)٠ وأما عن القائلين بالتخيير فقد قال الإمام أحمد بن حمد : أن شاء قام وإن شاء لم يقم، ووافقه ابن الماجشون من المالكية.
وتابع أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية: نختم الفتوى عن هذا السؤال ببيان الحكمة من القيام للجنازة وإن كانت لغير مسلم فنقول: لقد بينت السنة النبوية المطهرة الحكمة من ذلك كما جاء في رواية أحمد ،وابن حبان والحاكم مرفوعا ( إنما تقومون إعظاما لله تعالى الذي يقبض النفوس)، ورواية ابن حبان (إعظاما لله تعالى الذي يقبض الأرواح)٠
هل يوجد فائدة من إقامة الأربعين أو السنوية للمتوفى؟.. الإفتاء توضح راتبك الشهري عليه زكاة مال في هذه الحالة.. علي جمعة يكشف عنهاهل كثرة الأشخاص في صلاة الجنازة تعود بالنفع على الميت؟
قالت دار الإفتاء إن صلاة الجنازة من فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء، وقد رغب الشرع الشريف فيها، وندب اتباع الجنازة حتى تدفن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان»، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين» متفق عليه.
وأضافت الافتاء: قد تواردت النصوص من السنة النبوية، أن كثرة المصلين على الميت شفاعة ومغفرة له؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين، إلا أوجب»، قال: فكان مالك رضي الله عنه إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث. أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يموت أحد من المسلمين، فيصلي عليه أمة من المسلمين لم يبلغوا أن يكونوا مائة، فيشفعوا له إلا شفعوا فيه» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي في "سننه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة الجنازة دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه رضی الله عنه الإمام أحمد
إقرأ أيضاً:
حكم لبس الكمامة في الصلاة بالشرع الشريف
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يوجد مانع شرعًا من لبس الكمامة أثناء الصلاة؛ تحرُّزًا من وجود عدوى أو فيروس، ولا يدخل ذلك تحت تغطية الفم والأنف المنهي عن تغطيتهما في الصلاة؛ بل هو عذرٌ من الأعذار المبيحة، وحالة من الحالات المستثناة من الكراهة؛ كالتثاؤب المأمور بتغطية الفم طروِّه من المصلي.
وأجاز الفقهاء حالات أخرى يستثنى فيها تغطية الفم والأنف في الصلاة؛ كالحرِّ والبرد ونحوهما من الأعذار العارضة؛ لأن النهي هو عن الاستمرار فيه بلا ضرورة؛ بل أجاز بعضهم استمراره في الصلاة لٍمَن عُرفَ أنه من زيِّه، أو احتيجَ له لعمَلٍ أو نحوه. وقد ثبت ضرر هذا الفيروس وسرعة انتقاله عن طريق المخالطة؛ فيكون اتِّقاؤه والحذر منه أشد، فتتأكد مشروعية تغطية الأنف والفم بالكمامة في جماعة الصلاة؛ حذرًا من بلواه، واجتنابًا لعدواه، واحترازًا من أذاه.
حكم تغطية الفمِ والأنف في الصلاة
ونهى الشرع الشريف عن تغطية الفمِ والأنف في الصلاة؛ لِما في ذلك من شغل عن الخشوع وحُسن إكمال القراءة وكمال السجود؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ" أخرجه أبو داود في "السنن"، والبزار في "المسند"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَضَعَنَّ أَحَدُكُمْ ثَوْبَهُ عَلَى أَنْفِهِ فِي الصَّلَاةِ، إِنَّ ذَلِكُمْ خَطْمُ الشَّيْطَانِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير"، ورواه ابنُ وهب في "الجامع" و"الموطأ" وأبو داود في "المراسيل" عن وهب بن عبد الله المعافري مرسلًا.
وعن عبد الرحمن بن الْمُجَبَّرِ "أنه كان يرى سالم بن عبد الله، إذا رأى الإنسان يغطي فاه وهو يصلي، جبذ الثوب عن فيه جبذًا شديدًا، حتى ينزعه عن فيه" رواه مالك في "الموطأ".
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (2/ 336، ط. دار الفكر): ["وأن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ"، أي: فمه في الصلاة، كانت العرب يتلثمون بالعمائم، ويجعلون أطرافها تحت أعناقهم، فيغطون أفواههم كيلا يصيبهم الهواء المختلط من حرٍّ أو برد، فنهوا عنه؛ لأنه يمنع حسن إتمام القراءة وكمال السجود] اهـ.
والكراهة الواردة في هذه الآثار كراهة تنزيهية لا تمنع صحة الصلاة، والفقهاء مختلفون علة النهي التي يدور معها وجودًا وعدمًا؛ فقيل: لأنها عادة جاهلية، وقيل: لِما فيها من التشبه بالمجوس، وقيل: لِما فيها من معنى الكِبر. كما أن النهي عن تغطية الفم في الصلاة ليس على إطلاقه؛ فالفقهاء متفقون على أنه يُشرَعُ للمصلي إذا تثاءب في صلاته أن يغطي فَمَهُ؛ التزامًا بالأدب في مناجاة الله، ودفعًا للأذى والضرر، وذهب بعضهم إلى أن أصل الكراهية لمن أكل ثومًا ثم تلثَّمَ وصلى على تلك الحالة:
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (1/ 39، ط. دار المعرفة): [إن ترك تغطية الفم عند التثاؤب في المحادثة مع الناس تعد من سوء الأدب؛ ففي مناجاة الرب أولى] اهـ.
وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 216، ط. دار الكتب العلمية): [ويكره أن يغطي فاه في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك؛ ولأن في التغطية منعا من القراءة والأذكار المشروعة؛ ولأنه لو غطى بيده فقد ترك سنة اليد، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ»، ولو غطاه بثوب فقد تشبه بالمجوس؛ لأنهم يتلثمون في عبادتهم النار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن التلثم في الصلاة، إلا إذا كانت التغطية لدفع التثاؤب: فلا بأس به] اهـ.
والتثاؤب عذرٌ من الأعذار التي تُعرض للمصلي، يدخل فيه من كان في معناه، مما تدعو إليه الحاجة؛ كالحَرِّ أو البردِ أو نحوهما؛ فيأخذ حكمه من استثناء التغطية والاتِّقاء، فالمراد من النهي عن التغطية: الاستمرار فيه بلا ضرورة، أما عروضها ساعة لعارضٍ أو لحاجة؛ يدخل ضمن الرخصة والجواز، ولذلك أجاز العلماء التلثم في الصلاة لٍمَن عُرفَ أنه من زيِّه، أو أُحتيجَ له لعمَلٍ أو نحوه:
فعن قتادة: "أن الحسن كان يُرَخِّصُ في أن يصلي الرجل وهو متلثم إذا كان من بردٍ أو عذرٍ" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".