مكافحة الفساد.. بين الممكن والمستحيل
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
لا شك أن كافة المجتمعات في شرق الأرض وغربها، وفي شمالها وجنوبها، تشهد قدرًا معينًا من الفساد، فليس هناك مدينة فاضلة خالية تمامًا من الفساد ومن الفاسدين والمفسدين.. وحتى الآن لم يتم التوصل إلى "دواء أو مضاد" قوي لاقتلاع جذوره ووضع حد لخبثه، كما في أمراض البشر، ولكن هناك وسائل لاكتشافه، والتقليل من آثاره، وربما ردعها في بعض الأحيان.
وإذا كان استئصال الفساد أمر مستحيل، فإن السيطرة عليه أمر ممكن، إذا توافرت شروطها، وهي كثيرة ومتنوعة بتنوع أشكال الفساد والبيئات التي يوجد فيها، ولعل أهمها الإرادة الحقيقية والتعاون الجاد بين سلطات الدولة الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالإضافة إلى تعاون المجتمع مع مؤسسات الدولة، لأنه من غير مشاركة فاعلة من المواطنين ووسائل الإعلام الحرة، يصعب بل يستحيل السيطرة على الفساد.
والفساد يعني إساءة استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، والفساد فسادان أحدهما صغير، ويمارسه الموظفون العاديين وبعض صغار المديرين، والآخر هو الفساد الكبير الذي يمارسه المسئولين الكبار بدءًا من الرشاوي إلى الاختلاس والتزوير وغسيل الأموال.
والحقيقة إن ممارسات الفساد الكبير هي سبب أساسي في الأزمة الاقتصادية والمجتمعية التي تواجهنا الآن، فهي ليست ممارسات فردية، وإنما نجدها تتحرك من خلال "شبكة" أو "شلة" أو "مافيات منظمة" تجعل من الفساد "مؤسسة" توزع الدخول بشكل غير مشروع، وتسهل عمل الفاسد وتمهد الطريق له والتستر عليه لممارسة فساده.
ولعل المثال الواضح على فساد الكبار، شبكة الفساد بوزارة التموين، والتي أعلنت الرقابة الإدارية منذ أيام قليلة عن ضبطها، وهي مكونة من (9) متهمين، بينهم مستشار وزير التموين للرقابة والتوزيع، وقد وجهت نيابة أمن الدولة العليا لهم (6) اتهامات، وهي الفساد، الرشوة، استغلال النفوذ، إهدار المال العام، حجب السلع، احتكار السلع (السكر والأرز والزيت).
والعجيب في الأمر، أن هذا المستشار موجود في الوزارة من 2015، وتمت ترقيته منذ شهر.. وهنا تُثار تساؤلات عديدة، لعل أهمها: ما الذي يدفع مسئولًا كبيرًا كهذا يتقاضى آلاف الجنيهات شهريًا إلى المتاجرة بمأكل ومشرب المواطنين البسطاء؟ ومن الذي اختاره لهذه المهمة؟ وعلى أي أساس تم اختياره وترقيته؟ وأين إقرارات الذمة المالية له؟ وكم تبلغ أرصدته البنكية؟ وما هي قيمة ممتلكاته؟
يجب علينا الاعتراف بوجود فاسدين في بعض المؤسسات الحكومية والخاصة، استطاعوا النفاذ من ثغرات قانونية وإجرائية غير محكمة، لتحقيق منافعهم الشخصية على حساب مصالح الوطن والمواطنين، وعلينا أيضًا محاربة كافة أشكال الفساد وتوقيع الجزاء العادل والرادع لفاعليه، ووضع آلية من الحوافز المادية والمعنوية المجزية يُثاب من خلالها من يشارك في محاربة الفساد، سواء بالفعل المباشر أو الإبلاغ عنه. وبذلك نستطيع الحد منه أو السيطرة عليه وخاصة في ظل إعطاء السيد الرئيس عبد الفتح السيسي الضوء الأخضر للأجهزة الرقابية لمكافحته.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرئيس السيسي الرقابة الإدارية مكافحة الفساد المؤسسات الحكومية الأجهزة الرقابية شرق الأرض
إقرأ أيضاً:
جوزيف عون: لبنان «دولة منهوبة»
بيروت (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكد الرئيس اللبناني جوزف عون، أمس، أن الفساد بات ثقافة ولن يتوقف إلا بـ«المحاسبة»، مشيراً إلى أن «لبنان ليس مفلساً بل دولة منهوبة».
وقال عون، خلال استقباله أمس، وفد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة القاضي كلود كرم: «همي الكبير هو مكافحة الفساد الذي نخر إدارات الدولة وصار ثقافة، ولا يوقف هذا الفساد إلا المحاسبة».
وأضاف: «أنا أراهن على دوركم في هذا المجال، لأن الهيئة يجب أن تقوم بدورها كاملاً، وأعملوا وفق ضميركم ونصوص القانون، ولا تترددوا في مواجهة الفاسدين وكشفهم تمهيداً لمحاسبتهم».
وأشار إلى أن «لبنان ليس مفلساً بل دولة منهوبة، تحكم به أشخاص أساؤوا إدارة مقدراته، ودوركم اليوم تصحيح هذا الواقع، والكل تحت القانون بدءاً من رئيس الدولة، لن تستقيم الأمور إلا من خلال مكافحة الفساد والمفسدين».