ازدواجية معايير أم صراع حضارات.. كيف نفسر سلوك الغرب تجاه المشرق في ضؤ الحرب؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
تشكِّل الحرب الدامية على غزة- والتي تجاوزت حتى الآن أكثر من شهرين- اختبارًا حقيقيًا لمواقف عدد من الدول في الانتصار للقيم الإنسانيَّة الكبرى في الحرية والعدالة والمساواة، مما غذَّى المنظور السائد بالانتقائية في التضامن والتعاطف، وازدواجية المعايير في الحكم والموقف من الأحداث التي تجري في الشرق والغرب، إذ يكون الحافز فيها، عادة، خاضعًا للمصالح على حساب المبادئ، تلك المبادئ والقيم التي تعتبر دستور العصر في تقرير المصير وحقوق الإنسان.
الإنسان بمعناه المطلق، حيثما كان ومهما كانت خلفيته الدينية والثقافية والعِرقية؛ كما هو متداول، خطابيًا على الأقلّ، في الفكر والمواثيق الدولية.
انكشفَ على مدار هذين الشهرين حجمُ التناقض- إن لم نقل الزيف- الذي يعتري هذه القيم الإنسانية الغربية؛ ذلك أن الناظر لما تمت مراكمته في مدونة حقوق الإنسان وفلسفة الحريات والمساواة والعدالة مع نموذج الديمقراطية الليبرالية في أميركا وأوروبا، انهار تمامًا على مستوى التجليات في الواقع العملي، حيث تسود المصلحة الخالية من القيمة، والقوة العارية من الأخلاق، ليس في رؤية الشعوب العربية والإسلامية وحسب- والتي لها تجارب مريرة مع أشكال القوة والاستعمار والخراب باسم تلك الشعارات نفسها – وإنما لدى لفيف عريض من الرأي العام الغربي نفسه.
استيقظ الرأي العام الغربي على رسالة معمّدة بشلال الدم في غزة، مصحوبة بمواقف سياسية عبَّرت عن انتكاسة أخلاقية عميقة، قد تكون لها آثارٌ ممتدة على مدى الزمن في المواقف النفسية والمعرفية للشعوب العربية والإسلامية، من هذه الدول التي لم تتخلص من عقدة الاستعلاء في النظر إلى الآخر، حضارة وثقافة وشعوبًا، مما قد يدفع للواجهة حدة التباين بين الشرق والغرب، ويذكي الاختلاف والتمايز على أساس ثقافي وحضاري.
فهل يمكن أن تدفع مواقف أوروبا وأميركا- المنحازة لإسرائيل انحيازًا مطلقًا- إلى رسم خريطة جديدة للعالم على أسس ثقافية حادة، ومن ثم تعميق الهوة بين الغرب والشرق؟ أم أن يقظة الضمير لدى الرأي العام الغربي- والتي تجلت في تعاظم التعاطف مع القضية الفلسطينية- يمكن أن تحدث توازنًا في الأمد المنظور، ومن ثم الدفع بالسردية السائدة إلى التغيير؟
كانت رؤية هنتغتون الصدامية للحضارات والثقافات قائمة على تغذية النزاع والصراع على أسس ثقافية حادة بين الشرق والغرب، تقدم الإسلام والثقافة العربية والإسلامية في صبغة العنف المستلهم من الأصول الدينية
عودة الانقسام الحاد بين الغرب والشرقلم يكن بالنسبة للرأي العام العربي والإسلامي- وهو يتابع مواقف عدد من الدول الغربية الكبرى، وتقديمها الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل – أن يفهم ذلك بعيدًا عن التحالف بصبغة حضارية وثقافية، بالإضافة إلى المصالح المشتبكة من حيث الدور الوظيفيّ الذي تقوم به في الشرق الأوسط.
كان الأمر مريبًا بالنسبة للبعض، وهو يشهد زيارات الدعم والمساندة، والتماهي مع الرواية الإسرائيلية وتوفير الغطاء السياسي التام لعملية عسكرية أودت بحياة الآلاف من الأطفال، منهم الخدج، والنساء والشيوخ، مع التهجير القسري، وتدمير المستشفيات ودور العبادة؛ من مساجد وكنائس على من فيها من الراغبين في الاحتماء بقدسية أماكن العبادة والرعاية الصحية.
جرت العادة والعرف الأخلاقي في الحروب وحسب المواثيق والقوانين، أن لكل حرب حدودًا أخلاقية لا تتجاوزها، وأماكن لا يُتجرَّأ عليها، لكن الذي حدث على مرأى من العالم هو نقيض ذلك تمامًا، كل ذلك والدول التي أبدعت في صياغة المفاهيم والنظم الأخلاقية المعاصرة، توفر الغطاء لانتهاك هذه المفاهيم والنظم، مما يرسخ حالة الازدواجية والتناقض.
يكشف ذلك أنّ المواقف في كثير من الأحيان، تتحدد على أرضية بعيدة عن الدوافع الأخلاقية والقيمية، وهو ما عززته سردية الخطاب السياسي والإعلامي الذي يبرّر الحرب، ويعتبر كل نقد سياسي وأخلاقي- يذكر بمشكلة الاحتلال والاستيطان وهضم حقوق الشعب الفلسطيني- معاداةً للسامية، تستوجب التجريم قانونًا، وتحاصر على مستوى الإعلام وفي الواقع.
لم يتم الانتباه إلى أن طبيعة هذا الانزياح- في المواقف والسياسات الداعمة للتطهير العِرقي والتنكيل بالفلسطينيين بأكثر الأنماط بشاعة ودموية في التاريخ- ستزيد من الهوّة بين الشرق والغرب، وتعمق الاختلافات على أسس حادة وتهدم جسورًا من علاقات هذه الدول مع شعوب العالم العربي والإسلامي، التي تحتفظ في وجدانها وثقافتها وتاريخها بمكانة خاصة لفلسطين والمسجد الأقصى.
بل إنّ الاختلالَ على مستوى المعايير المحددة للمواقف السلبية والاصطفافات التي جرت على بساط الدم الفلسطيني، هو تاريخٌ من الاصطفافات المشابهة، سواء مع محنة الشعب الفلسطيني الممتدة، أو مع أحداث مشابهة عديدة منذ زمن المد الاستعماري، والتي تكون فيها الديناميات والبواعث للمواقف- كما هو متداول في حديث الساسة والإعلاميين ــ قائمةً على الـ "نحن" والـ"هم"، بخلفية تتداخل فيها الثقافة بالسياسة بالجوانب الحضارية والدينيّة العامة، بكثير من التعميم والحدية، بعيدًا عن الحس الأخلاقي والعقلاني، مما يستدعي جذورًا للصراع تشكل خطرًا على المستقبل.
ينتعش الصدام الحضاري حينما تنعدم المعايير الإنسانية والأخلاقيةأعاد الاصطفاف لدى معظم الدول الغربية- في الموقف الرسمي مما يجري من الحرب على غزة- إلى الأذهان طبيعة العلاقة بين الغرب والشرق، التي اتسمت تاريخيًا بكثير من أوجه المد والجزر: التوافق حينًا والصدام أحيانًا أخرى، وقد كانت أوجه النزاع السياسي والعسكري، بشكل مستمر، عاملًا رئيسيًا في تغذية التباين الثقافي وإبراز عناصر الاختلاف الديني والحضاري.
وعلى الرغم من أن الغرب ليس كتلة واحدة، وإنما هو كتل متنوعة متداخلة، والشرق ليس كما هو متخيل لدى العديد من الساسة والمثقفين الغربيين، فإن الموقف الحاد الذي تشكل من حضارة العرب والمسلمين- على مسرح التاريخ منذ القرون الوسطى إلى الأندلس، ثم الاستعمار لاحقًا – جعل العلاقة مضطربة، ومنح الاختلاف والتباين أولوية على محاولات التواصل والتعاون.
أخذ هذا التوجه الجيوسياسي في التشكل عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، مع هندسة خريطة العالم على أسس ثقافية وحضارية، من طرف من يحملون هذه النزعة الثقافية، من أمثال: برنارد لويس، وصامويل هنتغتون.
وذلك من خلال تجسيد التحدي الجديد أمام الولايات المتحدة الأميركية في الأيديولوجيا التي يحملها الإسلام، تجسيدًا يتسم بالتعميم المخلّ والسطحي وينظر للعالم على أسس وقوالب حضارية وثقافية أحادية وجامدة، وليس على محددات ديناميكية تعددية ومتفاعلة تستطيع أن تنمي جسور التواصل بعدالة وإنصاف، والتشبيك بين الثقافات والشعوب على أسس وقواعد من الفهم والاحترام المتبادل.
مثلت رؤية هنتغتون الصدامية للحضارات والثقافات- والتي هيمنت على وعي المحافظين الجدد مدة من الزمن- تعبيرًا عن توجّه إستراتيجي لدى الولايات المتحدة الأميركية حينها، وهي رؤية قائمة على تغذية النزاع والصراع على أسس ثقافية حادة بين الشرق والغرب، تقدم الإسلام والثقافة العربية والإسلامية في صبغة العنف المستلهم من الأصول الدينية.
على الرغم من اندثار هذا الرأي على المستوى الخطابي لدى الأكاديميين والسياسيين، فإن الممارسات التي يشهدها النزاع الحالي في فلسطين اليوم، أعادت هذا الرأي إلى الواجهة من جديد.
بل إن البعض اتّجه رأسًا إلى الحديث عن ضرورة تعديل مناهج التربية والتعليم من أجل نزع بذور العنف من وعي الفلسطينيين، وإلى تصوير الصراع كأنه صراع ديني صرف، وفي ذلك أمران جديران بالملاحظة:
أولًا: إغفال حقيقة الدين الإسلامي ومدى ما تستبطنه قيمه ونصوصه وتجربته الحضارية من تأسيس للتعايش والتسامح والرحمة على أسس أخلاقية متينة. ثانيًا: هذا فيه نوع من الالتفاف والتعمية على أصل المشكلة التي أصبحت موضع تعاطف إنساني شامل بمن فيهم ساسة دول غربية.وأصل المشكلة قائمٌ في الاحتلال والاستيطان والفشل الأممي في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وَفق ما نصت عليه واعترفت به القرارات الأممية كحد أدنى وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي، وضرورة رفع الحصار عن مليوني إنسان في غزة على المدى الطويل.
ما يتوجب القيام به الآن، إنقاذ غزة من لهيب النار ومن آلاف الأطنان من المتفجرات التي تدمر العمران وتحرق الإنسان أمام مرأى ومسمع من العالم.
إن ما نشهده من قلب للحقائق وتزييف الوعي يجعل، من هذا الحجم من الدم المتدفق دون مراعاة لحرمة الإنسان وقدسيته وحقه في الحياة وتقرير مصيره، واحدة من أبشع ما مر على الإنسانية من جرائم.
كان الأحرى بالوعي الإنساني أن يستيقظ حينما اعتبر وزير في حكومة الحرب، أن الفلسطينيين مجرد حيوانات بشرية، فالوصف بما هو دون الإنسان، أو نزع صفة الإنسانية والآدمية، هو مقدمة لممارسة عملية تطهير وقتل جماعي.
لكن هذا التصريح ورد في سياق كان فيه التسابق جماعيًا لتقديم الغطاء لما نرى فصوله من مأساة راهنة، ستكون آثارها عميقة على العلاقة بين الشرق والغرب على المدى الإستراتيجي إذا لم يتم وقف آلة القتل، بل إن نتيجة التضامن الإنساني في كل العالم، ستجعل من الانعكاس ممتدًا للتأثير في دول كبرى.
ختامًا: تتشكل المواقف الحساسة للشعوب في معين الأزمات والنزاعات وفي سياقات الضغط بفعل ديناميات سيكولوجية ومعرفية وسياسية، ونظرًا لرمزية فلسطين في الوعي العربي والإسلامي، فإن ما يجري بها يمتد أثره إلى كل جغرافيا العالم الإسلامي.
كان الاصطفاف في الحرب على غزة تحت مسمى الدفاع عن النفس، دون النظر في الحق الفلسطيني المُهدَر، تعبيرًا عن خلل فادح في المنظومة السياسية الغربية والوعي الذي تتشكل على أساسه وعلائقها التي تعيد التذكير بجذور مشكلة وثقافة الاستعمار، ما قد يعمق الشرخ ويذكي الهوة على أسس ثقافية وحضارية حادة بين الغرب والشرق، تزيد من تخليق المشاكل في المستقبل إذا لم يتم الانزياح عن هذا الموقف الذي يعبر عن انتكاسة أخلاقية.
لكن في صلب هذه المأساة استطاعت القضية الفلسطينية أن تخلق دينامية جديدة في صفوف الرأي العام الغربي نفسه، الذي أحدث توازنًا مع الموقف السياسي السلبي لعدد من الدول، ويرجح آفاق التعاون على أسس أخلاقية وإنسانية. وذلك موضوع المقالة المقبلة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة الرأی العام الغربی بین الشرق والغرب
إقرأ أيضاً:
الحرب القادمة في اليمن… ما الذي تعنيه أوامر ترامب؟!
المصدر: مركز الخليج العربي في واشنطن، جريجوري دي جونسن
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
في 23 كانون الثاني/يناير، استمرت فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية بالضبط من حيث توقفت فترة ولايته الأولى، وأعادت تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. وبدا أن الأمر التنفيذي يهدد بحرب موسعة في اليمن، مشيرا إلى أن “سياسة الولايات المتحدة الآن هي التعاون مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين وعملياتهم، وحرمانهم من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتهم على الأفراد والمدنيين الأمريكيين وشركاء الولايات المتحدة والشحن البحري في البحر الأحمر”.
ويأتي قرار ترامب في أعقاب وقف إطلاق النار المعلن في غزة وبيان الحوثيين في 19 كانون الثاني/يناير الذي تعهد فيه بوقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر طالما أن وقف إطلاق النار مستمر. أطلق الحوثيون في وقت لاحق سراح طاقم سفينة شحن غالاكسي ليدر، وهي سفينة شحن استولوا عليها منذ أكثر من عام.
من نواح كثيرة، يعد الأمر التنفيذي لترامب محاولة لإنكار انتصار الحوثيين في البحر الأحمر. لأكثر من عام ، استهدفت الجماعة السفن التجارية والسفن البحرية الأمريكية. لكن استراتيجية إدارة الرئيس السابق جوزيف بايدن للدفاع والردع والإحاطة لم تفعل شيئا لردع الحوثيين أو إضعافهم. في الواقع، في الأسابيع الأخيرة، وسع الحوثيون قائمة أهدافهم، وأطلقوا صواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى عدد من الضربات الإسرائيلية المضادة.
على عكس حماس وحزب الله، وهما ميليشيات أخريان مدعومتان من إيران تم تخفيضهما بشكل كبير منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تكبد الحوثيون خسائر قليلة نسبيا خلال الأشهر ال 15 الماضية. وبدلا من ذلك، يبدو أن الجماعة استفادت بطرق عديدة من حملتها الصاروخية.
على الصعيد المحلي، عززت الدعم وأسكت المنتقدين الداخليين من خلال الانخراط عسكريا ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وكلاهما لا يحظى بشعبية كبيرة عبر الطيف السياسي في اليمن. استفاد الحوثيون أيضا من تأثير “الالتفاف حول العلم”. وكلما زاد قصف الولايات المتحدة وإسرائيل للحوثيين، زادت شعبية الجماعة.
على الصعيد الإقليمي، أظهر الحوثيون أنهم حليف فعال لإيران، وحولوا مكونات الصواريخ التي هربتها إيران إلى البلاد إلى ضربات على إسرائيل. وبمرور الوقت، وإذا لم يتمكن «حماس» و«حزب الله» من الانتعاش، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الدعم الإيراني للجماعة.
جزء من نجاح الحوثيين، بطبيعة الحال، هو نتيجة للجغرافيا اليمنية. تسيطر الجماعة على جزء كبير من الساحل اليمني على طول البحر الأحمر ولا تشترك في حدود مع إسرائيل، مما يجعل الضربات الانتقامية أكثر تحديا. ومن خلال مواجهة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وضعت الجماعة أيضا خصومها العرب، مثل المملكة العربية السعودية، في موقف صعب. على الرغم من أن السعودية منخرطة في حرب مع الحوثيين منذ ما يقرب من عقد من الزمان ، إلا أن المملكة رفضت الانضمام إلى التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الحوثيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الجماعة كان ينظر إليها على أنها تدافع عن الفلسطينيين. في حالة انسحاب السعودية بالكامل من اليمن، من المرجح أن يتحرك الحوثيون نحو حقول النفط والغاز في مأرب، الأمر الذي من شأنه أن يعزز قبضتهم على السلطة بالكامل. الشيء الوحيد الذي منع ذلك حتى الآن هو وجود غطاء جوي سعودي في مأرب. من مأرب، سيكون الحوثيون في وضع جيد للانتقال إلى شبوة ومن هناك إلى حضرموت، مما يدمر فعليا أي آمال في إقامة دولة غير حوثية في جنوب اليمن.
على الصعيد الدولي، تمكن الحوثيون من تعميق علاقاتهم مع روسيا، التي كانت تبحث عن مواجهة فعالة للدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا. وإذا نضجت هذه الروابط إلى معدات ومساعدات، فقد يتحول الحوثيون إلى تهديد عسكري أكثر أهمية للروس. كما تسبب الحوثيون في نزيف المخزونات الأمريكية من خلال إجبارها على إطلاق أكثر من 200 صاروخ بتكلفة تزيد عن 500 مليون دولار. والأهم من مجرد التكلفة الباهظة هو حقيقة أن الصواريخ التي تطلقها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا يمكن استخدامها في المحيط الهادئ، وقد تستغرق المخزونات سنوات لتجديدها. أخيرا، وربما الأهم من ذلك، أنهى الحوثيون الحرب بشروطهم الخاصة، وسمحوا لأنفسهم بإعلان النصر على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
يهدف الأمر التنفيذي لترامب إلى التراجع عن هذا الانتصار الذي زعمه الحوثيون بطريقتين. أولا، والأكثر وضوحا، يهدد الأمر بعمل عسكري مباشر ضد الحوثيين، مما يزيد من احتمال انغماس الولايات المتحدة في صراع آخر طويل الأمد في الشرق الأوسط. هذا القلق هو إلى حد كبير سبب اتخاذ إدارة بايدن نهجا حذرا في محاربة الحوثيين.
ثانيا، أصدر ترامب تعليماته إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “بإنهاء علاقتها مع الكيانات التي دفعت مدفوعات للحوثيين، أو التي عارضت الجهود الدولية لمواجهة الحوثيين بينما تغض الطرف عن إرهاب الحوثيين وانتهاكاتهم”. وإذا ما فسر ذلك على نطاق واسع، فقد يدفع الولايات المتحدة إلى قطع الدعم عن الأمم المتحدة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ومتابعة فرض عقوبات على المنظمات والكيانات التي تقدم المساعدات في تلك المناطق.
لطالما استخدم الحوثيون المدنيين اليمنيين كبيادق لابتزاز المجتمع الدولي، واستخدموا المساعدات الإنسانية كسلاح فعليا. ووافق المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، على هذا الأمر لأنه لم يرغب في رؤية الوضع الإنساني الكارثي بالفعل يزداد سوءا. تضع إدارة ترامب فعليا الاعتبارات السياسية قبل المخاوف الإنسانية، تراهن على أنه إذا أصبح انعدام الأمن الغذائي والمجاعة سيئا بما فيه الكفاية في اليمن، فإن قبضة الحوثيين على السلطة ستضعف.
ينطوي كلا الجانبين من أمر إدارة ترامب على مخاطر كبيرة. يمكن للولايات المتحدة أن تجد نفسها بسهولة منجرة إلى حرب أوسع في اليمن لا تستطيع أن تجد طريقها للخروج منها. وبالمثل، ليس هناك ما يضمن أن الأشخاص الجائعين سيكونون في هذا الموقف أو لديهم الرغبة في الانتفاض ضد الحوثيين. ومع ذلك، فإن ما هو مؤكد هو أن الحوثيين يمثلون الآن تحديا كبيرا للولايات المتحدة، وأن النهج الحذر لم ينجح.
يمن مونيتور27 يناير، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام "ستكون الأخيرة".. قبائل مأرب اليمنية تحذر الحوثيين من الاستعراضات العسكرية في مناطقها الحوثيون على قائمة الإرهاب.. ماذا يعني ذلك للمساعدات الإنسانية والسلام في اليمن؟! مقالات ذات صلة الحوثيون على قائمة الإرهاب.. ماذا يعني ذلك للمساعدات الإنسانية والسلام في اليمن؟! 28 يناير، 2025 “ستكون الأخيرة”.. قبائل مأرب اليمنية تحذر الحوثيين من الاستعراضات العسكرية في مناطقها 27 يناير، 2025 الاتحاد الأوروبي يقر خريطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا 27 يناير، 2025 الاحتلال الإسرائيلي يوّسع عمليته العسكرية من جنين إلى طولكرم 27 يناير، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية “الزنداني”: الكويت داعم دائم لليمن دون أي أجندات سياسية 27 يناير، 2025 الأخبار الرئيسية الحوثيون على قائمة الإرهاب.. ماذا يعني ذلك للمساعدات الإنسانية والسلام في اليمن؟! 28 يناير، 2025 الحرب القادمة في اليمن… ما الذي تعنيه أوامر ترامب؟! 27 يناير، 2025 “ستكون الأخيرة”.. قبائل مأرب اليمنية تحذر الحوثيين من الاستعراضات العسكرية في مناطقها 27 يناير، 2025 الاتحاد الأوروبي يقر خريطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا 27 يناير، 2025 الاحتلال الإسرائيلي يوّسع عمليته العسكرية من جنين إلى طولكرم 27 يناير، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك الحوثيون على قائمة الإرهاب.. ماذا يعني ذلك للمساعدات الإنسانية والسلام في اليمن؟! 28 يناير، 2025 “ستكون الأخيرة”.. قبائل مأرب اليمنية تحذر الحوثيين من الاستعراضات العسكرية في مناطقها 27 يناير، 2025 “الزنداني”: الكويت داعم دائم لليمن دون أي أجندات سياسية 27 يناير، 2025 “الأوقاف اليمنية” تطلق خدمتين إلكترونيتين لمساعدة الحجاج خلال موسم الحج المقبل 27 يناير، 2025 محكمة حوثية تمدد حبس الصحفي المياحي وترفض إحالته لنيابة الصحافة 27 يناير، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 13 ℃ 22º - 11º 79% 0.69 كيلومتر/ساعة 22℃ الثلاثاء 22℃ الأربعاء 22℃ الخميس 21℃ الجمعة 21℃ السبت تصفح إيضاً الحوثيون على قائمة الإرهاب.. ماذا يعني ذلك للمساعدات الإنسانية والسلام في اليمن؟! 28 يناير، 2025 الحرب القادمة في اليمن… ما الذي تعنيه أوامر ترامب؟! 27 يناير، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬153 غير مصنف 24٬202 الأخبار الرئيسية 15٬600 عربي ودولي 7٬325 غزة 9 اخترنا لكم 7٬191 رياضة 2٬452 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬309 كتابات خاصة 2٬125 منوعات 2٬053 مجتمع 1٬878 تراجم وتحليلات 1٬874 ترجمة خاصة 131 تحليل 17 تقارير 1٬650 آراء ومواقف 1٬573 صحافة 1٬491 ميديا 1٬464 حقوق وحريات 1٬358 فكر وثقافة 927 تفاعل 828 فنون 492 الأرصاد 387 بورتريه 66 صورة وخبر 38 كاريكاتير 33 حصري 27 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية أخر التعليقات عبدالملك قاسماخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
جمالاشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
محمد شاكر العكبريأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
عبدالله محمد علي محمد الحاجانا في محافظة المهرة...
سمية مقبلنحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...