اسامة عبد الماجد: لا تلوموا وزير الخارجية
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
□ برع وزير الخارجية علي الصادق – وأرجو التفريق بينه واسرة الوزارة المغلوبة على امرها – برع في خداع الرأي العام وأبهامه إن (إيغاد) تآمرت على السودان، فانصب الهجوم على المنظمة الكسيحة، بينما الأخيرة وأي منبر إقليمي أو دولي يعتبر ساحة للنزال الدبلوماسي والسياسي، تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة المشروعة والمحرمة، والذكي من يوظف المؤسسة لمصلحة بلاده، مثلما قامت مشكورة بعثة السودان بنيويورك بقيادة السفير الحارث ادريس بجهود جبارة، تكللت بانهاء مهمة (يونتامس) وإجبار فولكر – أحد المساهمين في اشعال الحرب – على حزم حقائبه.
□ ظل الصادق يرافق الرئيس ونائبه في كل جولاتهما الخارجية، خاصة عند حضور قمم – وآخرها (إيغاد) بجيبوتي – دون اصطحاب لجان فنية من الوزارة ذات صلة بالملف، غيب الصادق عن القمة مدير إدارة المنظمات شبة الاقليمية بالوزارة (مسؤول ملف إيغاد) السفير ابوبكر الصديق، الذي يعتمر طاقية اخرى (الناطق باسم الوزارة ) ويقيم بالقاهرة مما يعني سهولة حركته.
□ يعمد الصادق على تغييب الوزاره في حله كذلك، فلا يوجد معه في بورتسودان أيا من المدراء العامين أو مدراء الادارات، فقط سفيرين من ابناء الثغر، وربما لولا ذلك لما سمح لهما بالبقاء الى جواره، علاوة على وزير مفوض يقوم بمهام التوثيق وإداري – للمفارقة اصطحبه معه في رحلة خارجية.
□ بالمقابل فان الوزراء الذين تم توجيههم بمزاولة العمل من مدينة الثغر مثل وزير المالية د. جبريل ابراهيم، استقدم معه كبار قيادات ومدراء الادارات بالوزارة، ووفق اوضاعهم.
□ سألت مسؤولا بالمالية لماذا لم ترتبوا احوال الخارجية؟ اجاب ساخرا: (ماطلبوا).
□ لأن على الصادق لايريد – وهذة من عندي – وقد نجح في زرع الالغام في طريق البرهان ونصب له الكمائن، دون ان تحوم حوله الشكوك.
□ وصل الصادق برفقة البرهان الى جيبوتي، وسفارتنا هناك يقوم عليها شاب في بدايات السلم الدبلوماسي، لأن السفيرة رحمة العبيد بلغت سن التقاعد ومنحت قبل نحو اسبوعين خطاب شكر من الوزارة، ويتردد انها غادرت الى القاهرة، لتضاف جيبوتي الى قائمة اكثر من ثلاثين محطة دون سفير، في سابقة قد تعد الاولى من نوعها في العالم.
□ كان بمقدور الصادق (غير الصادق) ومنذ وقت مبكر ابتعاث سفير، ليكون قائما بالأعمال أو فريق من خمسة سفراء – وما اكثرهم في القاهرة دون مهام – الى جيبوتي ليرتبوا جيدا للقمة، التي تتعلق بمصير السودان، ويكونوا جزءا من سكرتارية القمة ولجنة صياغة البيان الختامي، ويحرسوه، ويتأكدوا من احتوائه انشغالات السودان وماورد في خطاب الرئيس، فهذا من البديهيات في أعمال القمم والمؤتمرات، لكن لم يحدث لأن على الصادق لايريد.
□ دون ان يطرف جفن للوزير، الذي يلف الحبل حول رقبة البرهان، ويشده بهدوء على نسق الحفر بـ (الإبرة)، عاد الى البلاد برفقة الرئيس وكشف ظهر السودان، وصدر البيان الذي خرجت منه فقرات كالرصاص اخترقت صدر بلادنا.
□ ولكن واصل الصادق التموية وتضليل البرهان ووجه الخارجية باصدار بيان هاجمت فيه(إيغاد)، ومن السخف أن جاء فيه: (فور استلام مسودة البيان أبلغ السودان سكرتارية إيغاد أن لديه ملاحظات وتحفظات عليها).
□ إن طريقة على الصادق وأمثاله، المشبوهة ليست بجديدة، ففي يونيو الماضي شارك نائب الرئيس مالك عقار في قمة (إيغاد) العادية الرابعة عشر بجيبوتي، وعاد عقار الى البلاد قبل صدور البيان الختامي، وفور ميلاده بدا الصراخ والاحتجاج على ماجاء فيه بشان السودان، رغم وجود السفيرة رحمة وقتها، لكنها مثل الوزير، وربما كانت تقف خلفه وتعينه على شد الحبل حول رقبة السودان والبرهان.
□ قبل نحو اسبوعين شارك الصادق في اجتماعات الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض بمقره في باريس، لم يصطحب معه مدير الادارة الاوربية السفير المتميز خالد موسى، على الرغم من اهمية فرنسا وتاثيرها المباشر على الامن السوداني من خلال احتضانها للمتمرد عبد الواحد نور وابتلاعها للجارة تشاد، رغم الجهود المقدرة لسفير السودان الهمام لدى باريس د. خالد فرح، لكن الوزير درج على التحرك بمعزل عن الوزارة مما يدعو للريبة.
□ يؤدي علي الصادق دوره في كسر عظم الحكومة، وتلطيخ سمعة السودان باتقان – لا يحسد عليه – يتفوق بذلك على المليشيا واعوانها من المتآمرين والرخيصين وحتى الجواسيس.
□ ومهما يكن من امر: لماذا يصمت الرئيس البرهان؟ والمشرف على وزارة الخارجية عضو السيادي شمس الدين كباشي على افعاله؟!
اسامة عبد الماجد
○ الثلاثاء 12 ديسمبر 2023م
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
البرهان … إياك و(البيض الممزر)!
في 2018 تم استدراج البشير الى توهم أن الخطر كل الخطر فيمن يرفضون ترشيحه في 2020 أو من لم يعلنوا تصفيقهم للفكرة حتى لو كانوا متعايشين معها بغير قناعة، لايمانهم أن تقويم الاعوجاج أفضل من كسر العود، وأن الاصلاح أفضل التغيير.
المهم، انصرف البشير من حل المشكلات الاقتصادية والتنفيذية، وصار يقرب ويؤخر بناء على الموقف من 2020، وأغفل أن النجاح الاقتصادي والتنفيذي هو (بطاقة التأهيل) الحقيقية، وليس المقالات والحملات الاعلامية والمخاطبات واللقاءات الجماهرية، بل الأسوأ من ذلك (التهجيس) الذي جعله يحضن (البيض الممزر) منتظرا أن يفقس له كوادر يحكم بها بعد 2020 من مختلف الأطياف، من الذين انحازوا لترشيحه علنا، وبدأ فعلا في التخلص ممن تم تصويرهم له أنهم غير مخلصين، لأنهم أذعنوا لأمر واقع وغير مقتنعين ب 2020.
بكل صراحة ووضوح، مطلوب من البرهان وقيادة الدولة الآن تأمين الأداء الاقتصادي من الفساد والاختراق، وإدارة دولاب الدولة التنفيذي والولائي، والنزول بطاقم متكامل فورا من رئيس وزراء للمعتمد ومدراء الوحدات الادارية ومنسق احتياطي شعبي وشرطة مجتمعية في اي قرية .. غير كدا سيضيع السودان قولا واحدا.
يجب أن يتقدم هذا الملف للأمام بذات التقدم المحرز عسكريا أو أسرع، والعنصر البشري أهم من الرضا الخارجي، ولا بد من إسقاط الكوزوفوبيا فورا ودون تردد، وليس المقصود هو اعادة نظام سابق ولا يحزنون حسب كلام (المهجسين)، ولكن المطلوب أن تكون يد الحاكم غير مغلولة في اختيار الشخص المناسب والمجرب لأي موقع، لا توجد هواجس داخله، ولا قيود خارجه.
على سبيل المثال، في مستوى الحكم المحلي، السودان فيه 133 محلية، وكان فيها 133 معتمد، وكان الناجحين والمخلصين هم النصف أو أكثر. وعليه، أي معيار غير النجاح السابق، أي تصنيف مؤسس على هواجس (أجنبية أو قحاتية) يعتبر جريمة في حق السودان لا تقل عن جرائم الجنجويد في ذبح وسرقة المواطنين.
أي محاولة ترقيعية للتجريب وصناعة كوادر وتحويل نظاميين لموظفين، لا يمكن أن تكون هي الأساس .. لا بد أن تبني الحكومة على الموجود وتراعي رغبة المجتمعات الأهلية، بحكم تجربتهم مع المعتمدين السابقين والخيارات الناجحة، وبعد ذلك تضيف بالتجريب.
أساسا الوصول لرقم 133 من المستوى المعقول أو الجيد كلف الانقاذ تجارب مريرة وخسارات واتفاقيات عبر سنين عددا، ولم يكن الموضوع تعيينات تنظيم، هذا كذب صراح، بل عدد من الناجحين تم ادخالهم تدريجيا في المؤتمر الوطني ولا صلة لهم بالتنظيم، يعني الموضوع كان فحص ودخول إجرائي وليس تجنيد، وهذا معروف، لأن الدولة بعد الرابع من رمضان باتت أقوى من التنظيم.
هذا مجرد نموذج في الحكم المحلي، وينطبق على كافة مستويات الدولة.
أي محاولة للتركيز على شخص البرهان وجعل الالتفاف حول ذاته هو (عقيدة الولاء والبراء) ضارة بالبرهان نفسه قبل غيره، وكل من يروجون لهذا الأمر هم (البيض الممزر) الذي لن يفقس، أو النحل الميت الذي لا ينتج العسل.
Dead bees don’t make honey
في حال عدم الإسعاف العاجل للأداء التنفيذي والاقتصادي والولائي حسب الوصفة أعلاه، لا جدوى من التحشيد والتهجيس.
التذاكي والتحايل والوصفات المعقدة بالاستفادة من شخصيات مع إستمرار ابعادهم، أو وجود رجال في الظل لمساعدة آخرين بالريموت كنترول، كلام فارغ، وفاشل.
مما أذكره أن أحدهم من الوطنيين، في عهد قحت، أغلق الأبواب وهمس لي دايرين اعلاميين منكم بس ما يكونوا ظاهرين، قلت له (اعلامي ما ظاهر) دا فاشل، زي عطر لا رائحة له أو (بيرفيوم برائحة الماء) لن يشتريه إلا مغفل!
أساسا الإعلامي الناجح ظاهر ومعروف وحوله دائرة من الجدل هي جزء من ظهوره وفعاليته، وتقاس جدواه بأثره وليس بانتماءه حقيقي كان مزعوما.
واضفت له من عندي نعم صحيح أن هنالك وظائف ليس من ضمن مواصفاتها الظهور، مثل (مهندس بترول شاطر) لكن الاعلام والدبلوماسية مثلا غير ذلك تماما .. الشخص هو نفسه أداة التنفيذ، لا يوجد معه بوكلين ولا ورشة لحام بالأوكسجين، من تراه أمامك الآن ويحدثك هو نفسه (عدة الشغل) لو دايره بدون عدة معناها ما دايره، ولن يسلمك علاقاته ولا شبكاته، لأنها هي ذاتها متغيرة ومتجددة غير ثابته و السيطرة عليها Manual.
هذا ليس في السودان، بل في العالم الاول نفسه لضمان النفاذ في المجتمع السياسي والمدني، يتم التعاقد مع الفاعل وليس شراء علاقته ووزنه وشهرته، ولا حتى (خطته المدونة)، لأن العمل جزء كبير منه قائم على ثغرات العدو وهي مسألة متغيرة أثناء الصراع، وليست وفق خطة، مثل قصة (أبوالقدح بعرف محل يعضي رفيقه)!
هم أنفسهم يقولون Results-oriented يعني التقييم بالنتائج وليس الخطة وأرقام هواتف الاصدقاء هذا جهل مريع بالعمل الإعلامي والمدني.
نصيحتي للبشير حول الاداء الاقتصادي والتنفيذي كانت مشابهة، في مقال (كلمات لا بد منها عن ترشيح البشير) في أول تعليق، مقالي في هذا البوست نشر في اغسطس 2018.
شاء الله أن تكون نصيحتي التالية هي لحمدوك في أغسطس 2019، في أربع نقاط، ونشرت سكرين من نصيحتي ورده علي (أتفق معك يا صديقي) في بوست سابق.
وكان رده مجرد مجاملة، أو كلام الواتس تمحوه (المزرعة)!
ونصيحتي للبرهان الآن … البيض الممزر لن يفقس ولو حضنته العنقاء في قمة جبل.
مكي المغربي