حقبة جديدة في العمل المناخي دشنها COP28، بعد دبلوماسية مكوكية نشطة قادتها الإمارات، لتنجز باقتدار جميع المتطلبات التفاوضية، وتخرج بـ "اتفاق تاريخي" سيكون له أثره الإيجابي في إحداث فرق حقيقي في العالم.
فلقد كتب "مؤتمر الأطراف" قصة نجاح جديدة في سجل بلادنا، سبقها عزم أكيد على قيادة تحوّل فاعل وجذري لتشكيل مستقبل عالمي مشترك، وفق إجراءات جريئة وحاسمة، ساهمت في الوصول للمستهدفات وتجاوز الطموحات المحددة، بل وتجاوزت بنود النص التفاوضي."نجحنا في مفاجأة المشكِّكين وإلهام المتفائلين"، وأثبتنا من جديد قدرتنا على قيادة التحول الإيجابي، وترسخت سمعتنا دولة حاضرة بقوة في المشهد الدولي، وشريكاً رئيساً ومؤثراً يستطيع استشراف آفاق المستقبل، ويضع الخطط الفاعلة للتعامل مع آفاقه وتحدياته وفرصه.
لقد أصغى العالم كله لصوت بلادنا، وشاهد عن قرب رؤيتنا حول المستقبل، والتحديات التي تواجهه، والفرص التي نراها الطريق لتدارك قضية المناخ، قبل أن تخرج عن السيطرة.
"ولأننا نقول ما نفعل ونفعل ما نقول"، أطلقنا صندوقاً للاستثمار المناخي برأسمال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، مع فتح 200 مليون دولار لحقوق السحب الخاصة، لتبني على مجموعة من الإنجازات، وتضيف مزيداً من الزخم للعمل المناخي الجاد.
ولأننا دولة شابة، آمنت بإمكانات الشباب وقوتهم ودورهم، فقد كان للشباب دورهم الحاسم في «cop28»، حيث كان أكثر من ثلثي الفريق التفاوضي الخاص بالإمارات تحت سن الـ 35 عاماً.
وكمتابع، أرى أن أهم ما خرج به COP28 هو تلك الرسالة الواضحة التي وجهها للعالم بأننا جميعاً وعلى اختلاف إمكاناتنا وظروفنا قادرون على صنع تغيير إيجابي، وأنه على العالم أن يمضي في المسار الجديد الذي رسمه "اتفاق الإمارات".
كل العرفان لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي وفر الدعم لتخرج هذه التظاهرة العالمية بشكل يليق بالإمارات ومسؤولياتها التاريخية تجاه منطقتها والعالم.
ونرفع القبعة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد، ومعالي الدكتور سلطان الجابر وفرق عمل المؤتمر الذين استطاعوا أن يضعوا الإمارات في قلب المشهد الدولي، ومثّلوا وجه بلادنا الحضاري بكل ملامحه، والعقل الإماراتي بكل تجلياته.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة
إقرأ أيضاً:
الخاسر الذي ربح الملايين !
رغم مرور أيام على النزال الذي أقيم فـي تكساس بالولايات المتحدة بين الملاكم الشهير مايك تايسون ومنافسه الملاكم واليوتوبر، جيك بول، إلّا أنّ تداعياته ما زالت تشغل وسائل الإعلام، وقد تعرّض تايسون لانتقادات كونه دخل نزالًا خاسرًا سلفًا، فقد بلغ من الكبر عتيّا، بينما منافسه يصغره بأكثر من «31» عامًا، وجيك بول صانع محتوى وممثل، والأمر بالنسبة له زيادة أعداد متابعين، وشهرة وثراء، وخوض هذا اليوتوبر النزال يعني أنّ صنّاع المحتوى قادرون على دخول مختلف المجالات، لِمَ لا؟ وسلطة الإعلام الجديد بأيديهم! النزال، وها هو يوتوبر يعيد بطلًا من أبطال العالم للملاكمة لحلبة النزال بعد انقطاع بلغ «19» سنة! والواضح أن تايسون دخل ليس بنيّة الفوز، بل لكسب المال، بعد أن مرّ بأزمات عديدة، وتراكمت عليه الديون، خصوصا أن هذه النزالات تدرّ على المتبارين مبالغ طائلة، يجنونها من أرباحها، ويكفـي أنّ سعر تذكرة كبار الزوار بلغت مليوني دولار، ولنا أن نتخيّل الأموال التي كسبها القائمون على هذا النزال الذي أعاد إلينا أمجاد الملاكم محمد علي كلاي وهناك عدّة نقاط تشابه، بين كلاي وتايسون، فكلاهما من ذوي البشرة السمراء ونشآ فـي ظروف صعبة بمجتمع عنصري، وكلاهما أعلن إسلامه وانتماءه لقضايا كبرى، فكلاي رفض انضمامه للجيش الأمريكي أيام حرب فـيتنام عام 1967م ودفع ثمن موقفه غاليا، فقد أُنتزع منه لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وكان نجمه قد لمع بدءًا من عام 1960 عندما حصل على ذهبية الوزن الثقيل فـي دورة روما الأولمبية 1960، فـيما لف تايسون جسمه بعلم فلسطين، وكلاهما عاد ليجرب حظّه بعد توقف، مع اختلاف النتيجة، فكلاي عاد للملاكمة فـي 30 أكتوبر 1974، فـي زائير (جمهورية الكونغو) بعد انقطاع عن خوض النزالات والتدريب استمرّ سنوات، ليخوض نزالًا أمام جورج فورمان الذي يصغره بسبع سنوات (فورمان ولد عام 1949م فـيما ولد كلاي عام 1942م)، وصار النزال حديث الناس، فأسمته وسائل الإعلام «قتال فـي الغابة»، وُعدّ أعظم حدث رياضي فـي القرن العشرين، شاهده حوالي مليار مشاهد، فـي وقت لم تكن به فضائيات ولا وسائل تواصل اجتماعي، وحقّق إيرادات بلغت 100 مليون دولار فـي ذلك الوقت، لكن نهاية النزالين كانت مختلفة، فقد انتهت مباراة مايك تايسون (58 عامًا) مع جيك بول الملاكم واليوتوبر (27 عامًا)، بهزيمة تايسون بالنقاط، فـي الجولة الثامنة، فـيما تمكّن محمد علي كلاي من إلحاق الهزيمة بفورمان بالضربة القاضية فـي الجولة الثامنة، فـي مباراة أبهرت العالم، يقول فورمان: إنه كاد أن يحقّق الفوز لولا أن كلاي همس بأذنه «أهذا كل ما لديك؟» فأثار فـي نفسه الرعب، وتغيّرت موازين المعادلة، فقد هزمه نفسيا قبل أن يهزمه على حلبة النزال، فكسب القتال، واستعاد اللقب وصار حديث الناس ومنهم الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كتب فـي عام 1976 م قصيدة عنوانها «رسالة إلى محمد علي كلاي»: شِسْع لنعلِك كلُّ موهبةٍ وفداء زندك كلُّ موهوبِ كم عبقرياتٍ مشت ضرمًا فـي جُنح داجي الجنْحِ غِربيب! يا سالبًا بجماع راحتيه أغنى الغنى، وأعزَّ مسلوبِ شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافـيةٍ دوّت بتشريق وتغريبِ وشدا بها السُّمار ماثلةً ما يُفرغُ النَّدمان مِن كوبِ وفـيها سخرية من العالم الذي يمجّد القوّة، ولا يرعى الموهوبين، فالجواهري، كما يقول الباحث رواء الجصاني: كان يحسب ألف حساب فـي كيفـية تسديد إيجار شقة صغيرة فـي أثينا، وكان لا يملك الكثير لتسديد الإيجار وفجأة يقرأ أن كلاي ربح الملايين من الدولارات لأنه أدمى خصمه»! أمّا تايسون، فقد عاش سنوات المجد، فـي شبابه، وحمل لقب «الرجل الأكثر شراسة فـي التاريخ، الذي لا يهزم «كما وصفه زملاؤه الملاكمون، وحين عاد، عاد كهلا حتى أن منافسه أشفق عليه وصرّح أنه كان يستطيع أن يوجّه إليه لكمات موجعة لكنه خشي أن يوجّه إليه مثلها ويحتدم الصراع! وهذا يعني وجود اتفاق ضمني بأن يستمر النزال ثماني جولات وتحسم نقاط الفوز. وإذا كان العالم قد تذكّر كلاي بعد أن اعتزل الملاكمة، وأصيب بمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، فأسند إليه إيقاد الشعلة الأولمبية فـي دورة أتلانتا 1996 وعاد ثانية ليحمل العلم الأولمبي فـي دورة لندن 2012م، فقد كاد أن ينسى تايسون، فعاد لحلبة النزال ليذكّر العالم بنفسه، ولو بهزيمة وخسارة ثقيلة فـي نزال استمرّ لدقائق ربح خلالها (20) مليون دولار، وبذلك بطل العجب. |