طالما أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تتجنب إحراج حلفائها في الداخل اللبناني عبر أي نشاط ميداني، لمعرفتها بحساسية بعض الفرقاء تجاه الحضور الفلسطيني.

ولكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صعدت حماس من تحركاتها الميدانية على جبهة الجنوب اللبناني، وصولا للإعلان مؤخرا عن تشكيلها لطلائع طوفان الأقصى.

فما دلالات هذا النشاط المتصاعد؟

دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها الثالث ملقية بظلالها على المشهد اللبناني بشكل رئيسي، حيث يشهد جنوب لبنان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قصفا متبادلا بين حزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية من جهة، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.

إلى جانب حزب الله، كان اسم "كتائب القسام في لبنان" الأبرز من ضمن الأطراف التي أطلقت سلسلة عملياتها مستهدفة مواقع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته على طول الحدود مع لبنان، مما سلط الضوء على دور حركة حماس في لبنان، الذي شهد تصاعدا ملحوظا في السنوات الأخيرة.

وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت حركة حماس في لبنان عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى"، ودعت أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان للانضمام إلى "طلائع المقاومين" والمشاركة في "تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك".

ردود مستنكرة

يثير نشاط حركة حماس في لبنان ردود فعل داخلية، ذلك أن ذاكرة الأطراف اللبنانية المعارضة لحزب الله وحلفائه تستحضر الدور الذي لعبته فصائل الثورة الفلسطينية وحركة فتح في لبنان بين عامي 1970 و1982، والذي تعده هذه الأطراف سببا في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للبلاد.

ولذا، تعارض هذه الأطراف أي دور عسكري ميداني فلسطيني يستهدف الاحتلال الإسرائيلي انطلاقا من جنوب لبنان.

ورغم أن حضور حماس الميداني لم يبدأ مع الإعلان عن "طلائع طوفان الأقصى"، فإنه مثل تجسيدا رسميا لهذا النشاط، وأثار مخاوف من عملية تجنيد تستهدف أبناء المخيمات الفلسطينية وتتجاوزها إلى أوساط لبنانية مؤيدة لحماس في مناطق الجنوب والشمال والبقاع.

وفي محاولة لتهدئة هذه المخاوف، قالت حماس على لسان القيادي أسامة حمدان إن "طلائع طوفان الأقصى" إعلان عن برنامج تعبوي ثقافي وفكري لجذب الشباب الفلسطيني، لكنه لم يُنهِ بذلك حملة التكهنات والتوجسات والتحليلات.

قفزة نحو الأمام

ووفق مراقبين، فإن الإعلان عن طوفان الأقصى يشكل قفزة نحو الأمام لا بد منها بالنسبة للمقاومة الفلسطينية. وتسعى حماس من خلالها لاستحداث مسار واضح للعمل عبر جبهة لبنان الداعمة لغزة.

ومع تزايد الحديث الإسرائيلي والغربي عن العمل على استئصال حماس وإدراجها على قوائم الإرهاب، يكون من المهم للحركة الظهور في جبهة ثانية تكون بمثابة ورقة جديدة في الصراع مع إسرائيل، وفق بعض التحليلات.

ولا يمكن فصل هذه الخطوة عن استشهاد لبنانيين وتركيين كانوا برفقة نائب قائد كتائب القسام في لبنان خليل خراز (أبو خالد)، حين استهدفتهم طائرة إسرائيلية في جنوب لبنان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويشير الحادث إلى استعداد حماس لاستقبال كوادر من غير الفلسطينيين، بل حتى من خارج لبنان للانخراط في كفاحها المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقد نعت حماس في بيان لها اللبنانييْن أحمد عوض وخالد ميناوي، والتركيين بلال أوزتورك ويعقوب أردال.

بيئة مواتية وشديدة الحساسية

ويشكل لبنان بيئة مناسبة لنشاط حركة حماس خارج فلسطين، فهو على تماس مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتحظى القضية الفلسطينية عموما وحماس خصوصا بتأييد واسع لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين. كما يعد حزب الله اللبناني حليفا طبيعيا للحركة، ويؤمن لها الغطاء المناسب لاستهداف المستوطنات والمواقع الإسرائيلية من الجنوب.

وكذلك، تعد المخيمات الفلسطينية موردا خصبا للكفاح المسلح، فضلا عن العديد من المناطق اللبنانية التي لا يخفي أبناؤها تأييدهم للحركة وجناحها العسكري (كتائب عز الدين  القسام).

علاوة على ذلك، تشكل الخلفية "الإسلامية السنية" لحركة حماس عامل جذب لأولئك المتحمسين للقضية الفلسطينية، والذين يجدون حرجا في العمل مع حزب الله، نظرا لتحفظهم على أدائه في الداخل اللبناني وفي بعض دول الجوار.

وتعني هذه الاعتبارات أن القسام في لبنان ستكون الوجهة الأمثل لهؤلاء، فيما لو دخل لبنان في أي صراع مفتوح مع العدو الإسرائيلي، وفق مراقبين.

لكن لبنان بيئة شديدة الحساسية في الجانب السياسي، حيث سيترك حضور حماس أثره الواضح على التجاذبات الحزبية في البلاد.

ومن الطبيعي أن الأطراف التي ترفض سلاح حزب الله وعمله العسكري في الجنوب وتطالب بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، لن تقبل من باب أولى بنشاط عسكري فلسطيني.

ولذلك، ستكون الحكومة اللبنانية أمام ضغوطات دولية متزايدة، إذ تنشط الوفود الغربية في بيروت خلال الأسابيع الأخيرة مطالبة بالالتزام بالقرار الأممي 1701 الذي أنهى الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو/تموز عام 2006.

وينص القرار 1701 على أن تكون منطقة جنوب الليطاني منزوعة السلاح، مع انتشار كامل للجيش اللبناني تؤازره القوات الدولية (يونيفيل).

ميزان الربح والخسارة

في جبهة لبنان، قد تستفيد حماس من مورد بشري جديد وجبهة مباشرة تدعم غزة، وحليف ميداني كحزب الله يعد من أقوى الجهات غير الحكومية في العالم ومن أثقلها تسليحا، ومن منافذ حدودية متاحة لاستقبال مناصرين من الخارج.

لكنها ستكون مضطرة للتعامل مع ساحة شديدة الحساسية، وسيظل بين ناظريها شبح تجربة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان منتصف القرن الماضي.

ومن شأن الارتباط بحزب الله وحلفائه السياسيين أن يقود إلى الخصومة مع بقية التيارات اللبنانية، مما يضع الحركة في موقف صعب.

لكن سقف التهديدات الذي يواجه الحركة يضعها أمام حرب استئصال، مما يعني أنها ستضع هذه النقاط في ميزان الربح والخسارة وتفاضل بين المصالح والمفاسد المترتبة على عملها العسكري من لبنان، حسب محللين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی طلائع طوفان الأقصى حرکة حماس فی لبنان حزب الله حماس فی

إقرأ أيضاً:

المقاومة اللبنانية: قتل وجرح أكثر من 80 ضابطاً وجندياً من قوات العدو الإسرائيلي

بيروت-سانا

أعلن مصدر ميداني في المقاومة اللبنانية قتل وجرح أكثر من 80 ضابطاً وجندياً من قوات العدو الاسرائيلي وتدمير نحو خمس دبابات “ميركافا” خلال الاشتباكات على أكثر من محور في جنوب لبنان.

وأعلنت المقاومة اللبنانية في بيان لها أنه “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة ودفاعاً عن لبنان وشعبه ورداً على الاستباحة الهمجية الإسرائيلية للمدن والقرى والمدنيين دمر مقاتلونا بصواريخ موجهة ثلاث دبابات ميركافا أثناء تقدمها إلى بلدة مارون الراس”.

وجددت المقاومة استهدافها لقوة إسرائيلية معادية لدى تحركها شرق بلدة مارون الراس بالأسلحة الرشاشة والقذائف ‏الصاروخية كما قام مقاتلو المقاومة بتفجير عبوة معدة ‌‏مسبقا بقوة مشاة صهيونية تسللت إلى منزل في خراج بلدة “كفركلا” وأمطروها بوابل من الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية وأوقعوا أفرادها بين قتيل ‌‏ومصاب.

كما فجرت المقاومة اللبنانية عبوة ناسفة بقوة مشاة إسرائيلية معادية أثناء محاولتها التسلل باتجاه بلدة “يارون” من جهة مرتفع السلس ما أدى إلى وقوع أفرادها بين قتيل ومصاب.

وأطلق مقاتلو ‏المقاومة في وحدات الدفاع الجوي صاروخ أرض جو على مروحية معادية في أجواء ‏مستوطنة “بيت هلل” ما أجبرها على المغادرة على الفور كما استهدفوا تجمعا لقوات العدو الإسرائيلي بين “العديسة” و “مسكفعام” بصاروخ موجه ضد الأفراد وأصابوه إصابة مباشرة ‏وأوقعوا أفراده بين قتيل ومصاب.

وفي بيان آخر استهدفت المقاومة بصلية صاروخية تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستوطنة “أبيريم” وتجمعاً آخر بين “مسكفعام” و”كفر جلعادي” إضافة إلى تجمع في بساتين “المطلة” وأصابتهم إصابة مباشرة كما استهدفت تحشداً لقوات العدو في مستوطنة “يعرا” ومستوطنة “شتولا” بصلية صاروخية كبيرة.

من جهته أقر إعلام العدو الاسرائيلي بمقتل ثمانية من ضباطه وجنوده وإصابة سبعة آخرين بجروح خلال الاشتباكات مع مقاتلي المقاومة اللبنانية أثناء محاولتهم التوغل في جنوب لبنان.

وأشارت إذاعة قوات العدو الإسرائيلي إلى أن وحدة “إيغوز” بدأت بشن هجمات ودخلت إحدى قواتها إلى مبنى في قرية جنوب لبنان حيث واجهتها المقاومة اللبنانية وأطلقت عليها صواريخ مضادة للدروع ما أدى إلى إصابة نحو 30 عنصراً من قوات من الوحدة بينهم 5 إصابتهم خطيرة.

مقالات مشابهة

  • الصحة اللبنانية: قصف الاحتلال الإسرائيلي على لبنان قتل 46 شخصا وجرح 85 خلال الساعات الـ 24 الماضية
  • حزب الله ينفذ 27 عملية لصد التقدم الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية
  • المقاومة اللبنانية: قتل وجرح أكثر من 80 ضابطاً وجندياً من قوات العدو الإسرائيلي
  • ‏وسائل إعلام لبنانية: تقدم للجيش الإسرائيلي باتجاه حاجز للجيش اللبناني في العديسة جنوبي لبنان
  • جبهة الإسناد اللبنانية.. صمودٌ أسطوريّ في زمن الأقزام
  • أستاذ علوم سياسية: عزيمة مصر أفشلت مخطط نتنياهو في إزاحة سكان غزة إلى سيناء.. فيديو
  • "حماس" تدعو إلى أوسع مشاركة في فعاليات ذكرى طوفان الأقصى
  • إعلام أمريكي: 5 مخاطر تنتظر الاحتلال الإسرائيلي بعد اغتيال حسن نصر الله
  • المعمري: جيش العدو الإسرائيلي محكوم بالفشل في أي هجوم بري ضد المقاومة اللبنانية
  • اغتيال قائد حركة حماس في لبنان على يد الإحتلال الإسرائيلي