الرؤية- مريم البادية

في إطار الزيارة المُرتقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- إلى جمهورية الهند الصديقة، أولت وسائل الإعلام الهندية اهتمامًا واسعًا بالزيارة السامية، التي من المقرر أن تشهد مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في إطار حرص البلدين على الارتقاء بأوجه التعاون القائمة في مختلف المجالات، وسبل تطويرها؛ بما يخدم المصالح المشتركة ويُحقق لشعوب الدول الثلاث الصديقة مزيدًا من الخير والازدهار حاضرًا ومُستقبلًا.

وذكرت وسائل إعلام هندية أنَّ من المُرتقب توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع سلطنة عُمان؛ حيث نشر موقع "بزنس ستاندرد" الهندي أن الجمهورية الهندية من المتوقع أن توقع هذه الاتفاقية التجارية المُهمة مع سلطنة عُمان، التي تُعد الشريك التجاري الـ29 للهند. وأشار الموقع في تقرير له إلى أنَّ المفاوضات مُستمرة مع الجانب العماني للوصول إلى الصيغة النهائية لهذه الاتفاقية. وأضاف التقرير الإخباري أن وزارة التجارة الهندية حددت موعدًا داخليًا لإنهاء الصفقة بحلول نهاية ديسمبر الجاري.

وتشير التقارير إلى أنَّ هذا النوع من الاتفاقيات يعمل على تحسين الاستقرار المالي والتنويع الاقتصادي، والإسهام في زيادة الصادرات العمانية مما يرفع العوائد في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعزيز مكانة السلطنة كمركز تصنيع إقليمي واعد، وإتاحة المجال أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة لتعزيز التعاون مع نظيراتها الهندية. وتؤكد مثل هذه الاتفاقيات وما تتبعها من نتائج الدور المحوري للدبلوماسية الاقتصادية في نمو الاقتصاد الوطني.

وتشهد التجارة الثنائية بين عُمان والهند نموًا قويًا؛ حيث زادت من 3.15 مليار دولار في عام 2022 إلى 4.48 مليار دولار في عام 2023؛ أي بزيادة 42%. وخلال السنة المالية المنصرمة، احتلت المنتجات البترولية مقدمة الصادرات الهندية إلى عمان، والتي مثلت 50% منها.

وبحسب الموقع الإخباري، فإنَّ مبادرة "أبحاث التجارة العالمية"- التي تتخذ من دلهي- مقرًا لها قالت إن الهند تأمل زيادة صادراتها إلى ما بعد اتفاقية التجارة الحرة؛ حيث تدخل حاليًا أكثر من 80% من سلعها إلى سلطنة عُمان بمتوسط 5% رسومًا جمركية. ويواجه أكثر من 83.5% من صادرات السلع الهندية، التي تبلغ قيمتها 3.7 مليار دولار حاليًا رسوم استيراد بنسبة 5% في عُمان. ومع هذه الاتفاقية ستستفيد هذه المنتجات بما في ذلك الصادرات الرئيسية مثل وقود السيارات والحديد والصلب والإلكترونيات والآلات والمنسوجات من إلغاء الرسوم. وأضافت المبادرة أن حوالي 16.5% من صادرات الهند إلى عمان مُعفاة من الرسوم الجمركية. وأشارت المبادرة إلى أن القيمة الحقيقية لهذه الاتفاقية المرتقبة تكمن في قدرتها على فتح الأبواب أمام الهند في الشرق الأوسط وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية في منطقة ذات أهمية بالغة.

 

وتعكف حكومة السلطنة على تعزيز الانفتاح الاقتصادي، وهو ما بدا جليًا في تصريحات العديد من المسؤولين فضلًا عن الزيارات لمختلف دول العالم، ومن بينها زيارة صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب إلى جمهورية روسيا الاتحادية ولقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقد ذكر سموه في تصريحات صحفية بعد هذا اللقاء أن سلطنة عمان تتفق مع روسيا في عدم الثقة في النظام الاقتصادي الغربية مع ضرورة البحث عن بدائل. وأضاف سموه: "أن ما يمر به العالم الآن من مُتغيرات متسارعة يستدعي التركيز على تعزيز آليات التبادل المالي والتجاري غير المقيدة بالآيديولوجيات المختلفة وتحكم المعايير المزدوجة القائمة على إرادة أحادية". واعتبر سموه أن تشكيل مراكز اقتصادية ومالية جديدة "أمر ملح، ويدفع الثقل السكاني والثروات التي تتمتع بهما قارتا آسيا وأفريقيا".

وتعد الهند حليفًا تجاريًا مهمًا لسلطنة عُمان؛ حيث تمثل ثاني أكبر سوق لصادرات النفط العمانية بعد الصين، ويعد السوق الهندي رابع أكبر سوق للصادرات العمانية غير النفطية، إضافة إلى كونها ثاني أكبر مورّد للسوق العماني بعد دولة الإمارات العربية المتحدة. كما إنها ثامن أكبر مستثمر في سلطنة عمان؛ حيث تجاوزت قيمة الاستثمار الأجنبي الهندي 600 مليون ريال عماني. ولدى جهاز الاستثمار العماني صندوقان استثماريان مشتركان مع الجانب الهندي للاستثمار في قطاعات مختلفة؛ أهمها الخدمات المصرفية والمالية والسيارات وتقنية المعلومات والتعدين وغيرها.

وأشارت آخر الاحصائيات أن إجمالي الصادرات إلى الهند حتى سبتمبر 2023، بلغت 573 مليون ريال عماني عبر المنفذ البحري، فيما بلغت قيمة الصادرات عبر المنفذ الجوي 5 ملايين ريال عماني، و798 ألف ريال عبر المنفذ البري. وتصدرت الواردات من الهند عبر المنفذ البحري بقيمة 703 ملايين ريال عماني، ثم الواردات عبر المنفذ الجوي بقيمة 33 مليون ريال عماني، ثم الواردات عبر المنفذ البري بقيمة 11 مليون ريال عماني.

فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 8 مليارات دولار في عام 2022، وارتفع حجم الصادرات العمانية إلى الهند بنسبة 62% بالمقارنة مع 2021. كما شهد حجم الواردات من الهند ارتفاعا بنسبة 60.8% بالمقارنة مع ذات العام.

وتشمل مجالات التعاون بين البلدين في الأمن الغذائي وسلاسل التوريد والرعاية الصحية والأدوية وأمن الطاقة والطاقة المتجددة؛ بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والرقائق وأشباه الموصلات والتكنولوجيا وغيرها. وبلغت إجمالي عدد الشركات الهندية العاملة في سلطنة عُمان 6000 شركة حتى مطلع هذا العام.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: ملیون ریال عمانی هذه الاتفاقیة عبر المنفذ من الم

إقرأ أيضاً:

ما هي معاهدة نهر السند بين باكستان والهند التي أعلنت نيودلهي تعليقها

تعتبر المعاهدة المبرمة قبل 65 عامًا نجاحا دبلوماسيا نادرا بين باكستان والهند الخصمين النوويين اللذين خاضا حروبا عدة.

مع تصاعد التهديدات المتبادلة، يتفق الخبراء على جانبي الحدود أنه رغم أهميتها، لن يكون لتعليق المعاهدة سوى تأثير فوري محدود على تدفق المياه.

ما الذي حصل؟
نهر السند هو أحد أطول الأنهر في آسيا، ويمر عبر خطوط ترسيم حساسة للغاية بين الهند وباكستان في إقليم كشمير ذي الأغلبية المسلمة والمتنازع عليه. ويطالب البلدان بكامل الإقليم الواقع في جبال الهيمالايا.

وعلقت نيودلهي مشاركتها في المعاهدة بعد أن قتل مسلحون في الجزء الهندي من كشمير 26 سائحا في 22 نيسان/ أبريل.



اتهمت الهند باكستان بدعم "الإرهاب عبر الحدود"، في حين نفت إسلام أباد ذلك.

وقالت باكستان إن الهند انتهكت القانون الدولي، مؤكدة أنها سترد "بكل قوة" على أي محاولة لوقف تدفق المياه.

ما هي تفاصيل المعاهدة؟
تنص المعاهدة المبرمة عام 1960 بعد مفاوضات رعاها البنك الدولي على مدى سنوات، على "الاستخدام المنصف" لستة روافد تغذي نهر السند.

وتعتبر قضية المياه حساسة للغاية بالنسبة لكلا البلدين.

والمياه ضرورية للشرب والزراعة في باكستان التي تعاني الجفاف.

وبموجب المعاهدة، تم الاتفاق على أن تسيطر الهند بشكل كامل على ثلاثة من روافد شرق نهر السند، وهي نهر رافي، ونهر سوتليج، ونهر بياس.

وللهند حق غير محدود في استخدام الروافد الثلاثة لأغراض الري وتوليد الطاقة.

رغم استغلال الهند معظم مياه الروافد، فإنها لا تزال تتدفق إلى باكستان، وخصوصا خلال موسم الأمطار عندما تمتلئ السدود.

في المقابل، تقع ثلاثة روافد غربية هي نهر تشيناب، ونهر جيلوم، ونهر السند، في باكستان.

لكن يمكن للهند استغلالها لأغراض غير استهلاكية، مثل توليد الطاقة الكهرومائية.

ومن المتوقع أن تؤدي السدود التي تعمل الهند على إقامتها على نهر تشيناب إلى زيادة استفادتها منه.

ما هو أثر تعليق المشاركة؟
يقول هيمناشو تاكار، منسق شبكة جنوب آسيا للسدود والأنهر والشعوب ومقرها الهند، إنه "في الأمد القريب، قد لا تكون هناك أي آثار عملية مباشرة".

ويضيف أن إقامة "أي بنية تحتية آمنة لتحويل المياه، بخلاف ما يحدث الآن، تستغرق سنوات عدة، وغالبا أكثر من عقد".

ولا تتيح السدود القائمة حاليا في الهند قطع المياه أو تحويل وجهتها.

بدوره، يقول خبير المياه الباكستاني حسن عباس: "لا تستطيع الهند وقف تدفق هذه الأنهر على الفور، لأن ذلك غير ممكن من الناحية الفنية وغير مستدام اقتصاديا".

والفائدة الأكبر للمعاهدة كانت إيجاد آلية لحل النزاعات، لكن تاكار يشير إلى أنها كانت بالفعل "في حالة جمود" منذ سنوات.

لماذا علقت الهند مشاركتها؟
يرى برافين دونثي من مجموعة الأزمات الدولية أن قرار الهند بمثابة خطاب تهديدي لإظهار تحركها بطريقة "تفهمها الجماهير".

يضيف دونثي أن "الجمهور كان يطالب بالانتقام، لكن الانتقام العسكري يستغرق وقتا".

ويتابع: "قد يستغرق أسبوعا أو أسبوعين، ولكن هناك حاجة إلى رد فعل فوري".

وبالتالي فإن الرأي العام الهندي سينظر إلى هذا الأمر باعتباره "عقابا جماعيا يتم فرضه على باكستان"، وفق الخبير.

سبق أن هدد رئيس الوزراء القومي الهندوسي ناريندرا مودي باستخدام المياه سلاحا في عام 2016 بعد هجوم في الجزء الذي تديره الهند من كشمير.

وقال حينذاك: "لا يمكن للدم والماء أن يتدفقا معا".

هل هناك أثر بعيد الأمد؟
جاء في رسالة التعليق التي بعثت بها الهند إلى باكستان أن هناك "تغييرات جوهرية في الظروف" منذ توقيع المعاهدة، من بينها "ديناميات السكان" فضلا عن "الحاجة إلى تسريع تطوير الطاقة النظيفة".

ويتعرض المورد الثمين إلى الاستنزاف نتيجة زيادة عدد السكان وتنامي الاحتياجات الزراعية، فضلا عن مشاريع الطاقة الكهرومائية التي تغذيها احتياجات الطاقة المتزايدة.

ويعد بناء المزيد من السدود التي يمكن أن تعوق تدفق المياه بشكل أكبر مهمة صعبة في التضاريس الجبلية الوعرة، ولكنها ليست مستحيلة.

والتأثيرات المتزايدة لتغير المناخ، وتغير أنظمة الطقس، وذوبان الأنهر الجليدية في منطقة الهيمالايا على نطاق أوسع، تعني أن المياه أصبحت أكثر قيمة من أي وقت مضى.



هل هناك تداعيات أخرى؟
أشارت صحيفة "ذي داون" الباكستانية إلى أن هذه الخطوة "ليست بلا ثمن" بالنسبة للهند.

ولفتت إلى أن الصين تسيطر على منابع نهر براهمابوترا، وهو نهر كبير شديد الأهمية لشمال شرق الهند.

وقالت الصحيفة إن "تعليق المعاهدة والتصرف بشكل أحادي الجانب، يشكلان سابقة يمكن استخدامها ضد (الهند) يوما ما".

مقالات مشابهة

  • "عُمران" تبرم شراكة استراتيجية مع "محسن حيدر درويش" لتطوير منتجع "آلي نيفاس" في مسندم
  • مجموعة عُمران توقع اتفاقية لتطوير منتجع في محافظة مسندم
  • توغل عسكري وشيك من الجارة الهندية.. باكستان تتأهب
  • الإمارات والهند تبحثان تطوير التعاون بقطاعي السياحة والضيافة
  • حلفاء باكستان والهند في صراع محتمل.. نخبرك عن العقيدة القتالية لنيودلهي وإسلام آباد
  • من هم حلفاء باكستان والهند في صراع محتمل؟.. نخبرك عن العقيدة القتالية لنيودلهي وإسلا آباد
  • "تماني العالمية" و"لولو الدولية" توقعان اتفاقية شراكة استراتيجية لدعم أداء "مسقط مول"
  • بحثُ سبل التعاون في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي بين سلطنة عُمان والهند
  • اشتباكات محدودة بين باكستان والهند لليلة الرابعة
  • ما هي معاهدة نهر السند بين باكستان والهند التي أعلنت نيودلهي تعليقها