الاتحاد الأوروبي يفرج عن 10 مليارات يورو لهنغاريا عشية قمته
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
أعلنت المفوضية الأوروبية الأربعاء الإفراج عن نحو عشرة مليارات دولار من أموال الاتحاد الأوروبي لهنغاريا، عشية قمة للتكتل هدّد رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان بإخراجها عن مسارها.
وأثار الإعلان ردود فعل قوية في البرلمان الأوروبي، حيث يشعر عدد من أعضائه بالقلق من "استسلام" المفوضية "لابتزاز" الزعيم القومي الهنغاري.
لكنّ المفوضية قالت إنّ صرف هذه الأموال جاء نتيجة للإصلاحات التي أجرتها بودابست استجابه لسلسلة من الشروط الرامية إلى تحسين استقلال النظام القضائي الهنغاري.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون العدل ديدييه ريندرز لوكالة فرانس برس إنّ "الهنغاريين بذلوا كلّ ما في وسعهم لضمان تلبية مطالبنا الأخيرة من خلال النصوص التي تمّ اعتمادها هذا الأسبوع".
وأضاف "أودّ الإشارة أيضاً إلى أنّ هذه هي المرة الأولى، بفضل الضغوط المالية، التي نحصل فيها على إصلاحات في النظام القضائي في هنغاريا"، داعياً إلى النظر إلى "النصف الممتلئ من الكوب".
وفي المجمل، لا يزال الاتحاد الأوروبي يجمّد تمويلات أوروبية بقيمة 21 مليار يورو مخصّصة لهنغاريا في إطار إجراءات مختلفة بسبب انتهاكات لسيادة القانون.
وهدّد أوربان بعرقلة اتّخاذ قرارات رئيسية بشأن أوكرانيا مدرجة على جدول أعمال القمة الأوروبية يومي الخميس والجمعة، وبينها فتح مفاوضات انضمام كييف إلى الاتّحاد الأوروبي، والموافقة على مساعدات أوروبية لها بقيمة 50 مليار يورو على شكل هبات وقروض.
وأوربان هو الزعيم الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي حافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وهو يدعو إلى تنظيم "نقاش استراتيجي" بين دول التكتل الـ27 حول مستقبل العلاقات مع كييف.
"إشارة كارثية"
وقال عضو البرلمان الأوروبي الألماني عن الخضر دانيال فرويند إثر الإعلان عن صرف الأموال، إنّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا "فون دير لايين تدفع أكبر رشوة في تاريخ الاتحاد الأوروبي للحاكم المستبدّ وصديق بوتين، فيكتور أوربان. الرسالة كارثية: الابتزاز (...) يؤتي ثماره".
وكتب رؤساء أربع كتل في البرلمان الأوروبي، مانفريد فيبر من حزب الشعب الأوروبي (يمين)، وإيراتكس غارسيا بيريز من كتلة الاشتراكيين والديموقراطيين، وستيفان سيجورنيه من كتلة تجديد أوروبا، وفيليب لامبرتس وتيري رينتكي من الخضر، رسالة الأربعاء إلى رئيسة البرلمان للإعراب عن معارضتهم للقرار، معتبرين أنّ شروط ضمان استقلال القضاء في المجر "غير مستوفاة".
واعتبر بالازس غال من لجنة هلسنكي الهنغارية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّه "في ما يتعلّق بسيادة القانون، تظل المجر مختلفة عن دول الاتحاد الأوروبي".
وسيتمّ صرف الـ 10.2 مليار يورو المفرج عنها إلى هنغاريا على شكل أقساط ممتدة حتى عام 2030، مع دفعة أولى بقيمة 500 مليون يورو "في الأسابيع المقبلة"، بحسب ما أوضح ديدييه ريندرز الذي حذّر من أنه "إذا حدثت مشاكل أخرى في القضاء، فيمكن للمفوضية في أي وقت تعليق سداد المبالغ مجددا".
وفي المجموع، جمّد الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2022 حوالي 21,7 مليار يورو من أموال صندوق التماسك المخصصة لهنغاريا خلال الفترة من 2021-2027، في انتظار استكمال بودابست لعدد من الإصلاحات.
"أوفت بالتزاماتها"
واعتمدت هنغاريا بعض التغييرات التي تلبّي مطالب بروكسل المتعلقة بالسلطة القضائية، ودخلت حيّز التنفيذ في يونيو، وتهدف خصوصاً إلى استعادة سلطة المجلس الوطني للقضاء واستقلاله، وتعديل عمل المحكمة العليا، والحدّ من إمكانية عودة الحكومة إلى المحكمة الدستورية للطعن بقرارات المحاكم.
وصوّت البرلمان المجري مساء الثلاثاء على التعديل التشريعي الأخير الذي تتوقعه بروكسل والمتعلّق بإحالة القضاء الأوروبي إلى المحاكم المجرية، بحسب نتائج التصويت البرلماني الذي اطلعت عليه فرانس برس.
وقالت وزيرة العدل الهنغارية السابقة جوديت فارغا عبر منصة إكس "تعاملنا مع معارضة هائلة وكثير من الضجيج الإعلامي، لكنّ المفوضية اضطرت للاعتراف بأنّ المجر أوفت بالتزاماتها".
وأوضحت المفوضية أنّ بقية الأموال المخصصة لهنغاريا لا تزال مجمّدة بسبب المخاوف بشأن قانون مناهض للمثليين، والاعتداءات على الحرية الأكاديمية وحقوق اللجوء، وشروط المشتريات العامة وتضارب المصالح.
وقام الاتحاد الأوروبي، في إجراء منفصل، بتعليق خطة الإنعاش الهنغارية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 10.4 مليار يورو (6.5 مليار في شكل منح و3.9 مليارا في شكل قروض) مشترطاً أيضاً إحراز تقدّم في مجال سيادة القانون.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات البرلمان الأوروبي المفوضية هنغاريا الاتحاد الأوروبي تمويلات أوكرانيا هنغاريا الاتحاد الأوروبي دول الاتحاد الأوروبي هنغاريا اقتصاد هنغاريا البرلمان الأوروبي المفوضية هنغاريا الاتحاد الأوروبي تمويلات أوكرانيا هنغاريا اقتصاد الاتحاد الأوروبی ملیار یورو
إقرأ أيضاً:
هل تؤثر قضية صنصال على اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟
الجزائرـ لاتزال الأزمة بين الجزائر وفرنسا مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة بعد دخول البرلمان الأوروبي على خط التوتر وذلك على خلفية اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال في الجزائر بتهمة المساس بأمن الدولة.
وصوّت أعضاء البرلمان الأوروبي -الخميس الماضي- على قرار يدعو إلى إطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال، المسجون في الجزائر منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى جانب "جميع النشطاء الآخرين والسجناء السياسيين والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وتأتي لائحة البرلمان الأوروبي بخصوص الكاتب بوعلام صنصال، في وقت ترفض فيه الجزائر "التدخل الفرنسي السافر وغير المقبول في شأنها الداخلي كونها تتعلق بقانون دولة مستقلة وذات سيادة".
كما تتزامن مع انطلاق التحضيرات بهدف مراجعة اتفاق الشراكة الإستراتيجية المبرم بين الجزائر والاتحاد الأوروبي العام 2005.
وخلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء أمس الأحد، وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن التوجه نحو مراجعة هذا الاتفاق تفرضه معطيات اقتصادية واقعية، إذ منذ دخوله حيز التنفيذ في 2005، كانت صادرات الجزائر تعتمد أساسا على المحروقات بينما اليوم تنوعت وتوسعت صادراتنا خارج المحروقات لاسيما في مجال الإنتاج الفلاحي، المعادن، الإسمنت والمواد الغذائية وغيرها.
إعلانونفى الرئيس الجزائري أن تكون مراجعة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على خلفية نزاع وإنما دعما للعلاقات الطيبة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي، ترتكز على مبدأ "رابح رابح".
تبون ينفي أن تكون مراجعة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على خلفية نزاع (الرئاسة الجزائرية) إدانة اللائحةوأثارت اللائحة الأخيرة للبرلمان الأوروبي، التي دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الكاتب الجزائري بوعلام صنصال ومعتقلين آخرين في الجزائر، ردود فعل واسعة في الأوساط الجزائرية والعربية والأفريقية.
ففي الجزائر، نددت أحزاب سياسية على غرار حزبي "التجمع الوطني الديمقراطي" و"جبهة التحرير الوطني" باللائحة، معتبرًا إياها تدخلا سافرًا في الشؤون الداخلية للجزائر، وانتهاكًا لسيادتها واستقلال نظامها القضائي.
من جانبها، أدانت حركة مجتمع السلم (حمس) أكبر الأحزاب الإسلامية، هذه اللائحة، واعتبرتها تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد، كما دعت الحركة إلى حذف النسخة الفرنسية من الجريدة الرسمية الجزائرية كخطوة لتعزيز السيادة الوطنية.
واعتبرت حركة البناء الوطني أن البرلمان الأوروبي غير مؤهل لإعطاء الجزائريين دروسًا في حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن بوعلام صنصال يحمل الجنسية الفرنسية، مما يثير تساؤلات حول دوافع هذه اللائحة.
وأفريقيا، تأسف البرلمان الأفريقي بشدة كون البرلمان الأوروبي يتسرع لإصدار بيانات دون استشارة نظيره الأفريقي خلافا للاتفاق الذي توصلت إليه المؤسستان في ديسمبر/كانون الأول 2022 والقاضي بضرورة التشاور وتبادل المعلومات قبل إصدار أي حكم أو بيان يخص بلدا من القارتين.
وعربيا، أدان البرلمان العربي بيان نظيره الأوروبي بشأن الجزائر، معتبرًا إياه تدخلا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية للجزائر، مشددا على تضامنه الكامل مع الجزائر، وطالب بعدم تسييس ملف حقوق الإنسان واستخدامه كذريعة للتدخل في شؤون الدول العربية.
إعلان إقحام الهياكل الإقليميةويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار سيغة، إن ما تقوم به فرنسا من خلال اليمين المتطرف هي محاولة لإقحام الاتحاد الأوروبي والهيئات الإقليمية للضغط على الجزائر، إلى جانب الضغط الذي مارسته فرنسا الرسمية مؤخرا من خلال وزراء بحكومتها بغرض الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال.
ويؤكد سيغة للجزيرة نت، أن التلويح بضرورة احترام حرية التعبير هي مناورة فرنسية لطالما استعملتها دوائر فرنسية كلما طفت قضية سياسية على السطح أو زادت مطالب الجزائر باعتراف فرنسا بجرائمها في البلاد أثناء الثورة التحريرية أو استعادة الأرشيف.
ويشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إلى أن استعمال هذه الورقة في مواجهة الجزائر يأتي في ظل غياب مديونية الجزائر في الخارج تمكن المؤسسات المالية الغربية من الضغط بها على البلد.
وقال إن فرنسا تعيش حالة ارتباك سياسي داخلي تحاول تصديرها نحو العمق الأوروبي بهدف جعل مطلبها في الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال شرعيا، ونقله من سجال بين الجزائر وفرنسا إلى تصادم بين منظومة إقليمية تسعى لتكريس حرية التعبير.
الكاتب بوعلام صنصال اعتقل بمطار هواري بومدين الدولي في الجزائر (مواقع التواصل) مراجعة الشراكةمن جانبه، أشار الباحث في الدراسات الإستراتيجية، نبيل كحلوش، إلى ما وصفه بسياق أيديولوجي يعكس الفوضى التي يتسبب فيها اليمين المتطرف بالداخل الأوروبي مما جعلهم يستغلون المؤسسات الرسمية في مواضيع جزئية كقضية الكاتب بوعلام صنصال للتدخل في الشؤون الجزائرية.
كما عاد كحلوش في حديثه للجزيرة نت، إلى السياق الجيوسياسي للائحة البرلمان الأوروبي التي تمثل انعدام الاتساق بين لائحة البرلمان الأوروبي ومواقف وزارات الخارجية للدول الأوروبية مما يعكس توجسا أوروبيا من المساس بالمصالح المختلفة لدول الاتحاد، حيث يغيب الانسجام بين برلمان الاتحاد الذي تحكمه كثيرا الأيديولوجيا، وبين دول الاتحاد والتي تحكمها المصالح أكثر.
إعلانوأكد الباحث في الدراسات الإستراتيجية أن كل المعطيات تشير إلى أن لائحة البرلمان الأوروبي لن تؤثر في مسار مراجعة الشراكة الجزائرية الأوروبية بل قد تكون اللائحة نفسها ورقة تعزز الموقف التفاوضي للجزائر من أجل تخيير الشركاء بين الانسياق للسجال الأيديولوجي أو ترجيح المصلحة الاقتصادية.
واعتبر أن أهم سببين لمراجعة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي هما السبب التنظيمي والسبب الجيوسياسي، كون السبب التنظيمي يتمثل في تركيز الاتفاق على محور (حرية تبادل البضائع) بما يخدم أوروبا أكثر من الجزائر، فهو يرى الجزائر مجرد سوق استهلاكية على ضفاف جنوب المتوسط دون أي توطينٍ للتكنولوجيا أو فتح للاستثمارات.