عربي21:
2024-07-08@14:21:37 GMT

في معنى الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

جاء الفيتو الأمريكي الأخير على مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزة تتويجاً لما بدأه الرئيس بايدن في السابع من تشرين الأول بالدعم غير المشروط لحرب إسرائيل الإبادية على قطاع غزة. كل التصريحات الأمريكية بشأن مطالبة إسرائيل بـ»التقليل من عدد الضحايا المدنيين» الفلسطينيين لا قيمة لها، فواشنطن تعرف أن المستهدفين بالقتل هم المدنيون أساساً، لأن مقاتلي حماس أو الفصائل لن يقفوا في العراء بانتظار سقوط القنابل عليهم، ولأن المباني والمستشفيات والمدارس التي يحتمي بها المدنيون هي التي تقصفها القوات الإسرائيلية كل يوم.



وتعرف إدارة بايدن أن الهدف المعلن لحرب إسرائيل، تدمير حماس، هو هدف لا يمكن تحقيقه إلا بتدمير القطاع مع جميع سكانه الذين تقول إسرائيل إن حماس تستخدمهم كدروع بشرية. وما الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن على وقف إطلاق النار إلا إجازة لآلة القتل الإسرائيلية لقتل كل ما ومن تجده في طريقها من «دروع بشرية» هي لحم أطفال غزة ومدنيوها عموما.

لم يفوّت نتنياهو هذه الفرصة التي منحها الفيتو الأمريكي ليعلن عن الخلاف مع المنظور الأمريكي لمرحلة «ما بعد حماس»الأسوأ من ذلك أن هذا الفيتو قد جاء بعد قلب إسرائيل لطاولة المفاوضات حول تحرير الأسرى وإنهاء الهدنة التي سمحت بتبادل قسم منهم، والعودة إلى الحرب من حيث توقفت. ذلك أن الهدنة، على محدوديتها الزمنية واشتراطاتها الإسرائيلية التعجيزية، كانت فسحة للسياسة في وسط الحرب، ونافذة يمكن البناء عليها لوقف الحرب وعودة إلى مفاوضات أكثر شمولاً تمنح الأمل لحل سياسي حقيقي هو وحده الكفيل بأن ينهي الهواجس الأمنية الإسرائيلية المزعومة مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة حتى لو لم تلبَّ كامل تطلعات الشعب الفلسطيني.

لم يفوّت نتنياهو هذه الفرصة التي منحها الفيتو الأمريكي ليعلن عن الخلاف مع المنظور الأمريكي لمرحلة «ما بعد حماس» أو ما يسمى باليوم التالي بعد انتهاء الحرب، فقال إنه لا يريد أن يرى في غزة، بعد الحرب، «لا حماسستان ولا فتحستان»! أي أنه يرفض تسليم الحكم في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية التي من المفترض أن إسرائيل ترتبط معها باتفاق سلام. وكمن يريد شرح الأمر لمن لم يفهمه بعد أضاف أنه لن يعود إلى ارتكاب «غلطة أوسلو»! وهذا على أي حال هو إعلان ما هو معلن في الأفعال منذ سنوات، بالكلام الصريح هذه المرة. فنتنياهو بكلام أوضح لا يريد للفلسطينيين أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم. مع أنه يكرر القول، هو وأركان حكمه، بأنه لا يريد إعادة احتلال غزة. ليس لدى إسرائيل ما تقدمه إذن غير الحرب الدائمة بلا أي أفق سياسي. ففي الجينات الإسرائيلية إدراك بأنها كيان غير طبيعي مزروع بالقوة في هذه منطقةٍ لا يمكن لشعوبها القبول بوجودها، وهو ما يعني الحرب الدائمة مع التوسع في الاستيلاء على الأراضي المجاورة كلما سنحت الفرصة، والتخلص من العبء الديموغرافي للفلسطينيين بقدر المستطاع.

سواء أعلنت حكومة نتنياهو أو لم تعلن، من الواضح أن هذا القتل المهول للمدنيين له غاية لم تعد تخفى على أحد، ألا وهي تهجير الفلسطينيين إلى أي مكان خارج حدود القطاع (حالياً). تحدثت تقارير إعلامية متواترة، على أي حال، عن دراسات لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تدعو لانتهاز فرصة الحرب القائمة لتهجير أكبر عدد ممكن من سكان قطاع غزة في اتجاه الأراضي المصرية، وثمة وزراء يمينيون في حكومة نتنياهو يتحدثون علناً عن ذلك. وإذا نظرنا إلى مجريات الحرب منذ بدايتها سنلاحظ تطبيقاً تدريجياً لخطة التهجير بكل وضوح. في البداية طلب جيش الاحتلال من السكان النزوح جنوباً لتفادي القصف، ثم واصلت القوات البرية تقدمها جنوباً وصولاً إلى خان يونس، ويستمر القصف اليومي لمدينة رفح في أقصى الجنوب. أضف إلى ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع مصر، مع قطع الماء والكهرباء منذ بداية الحرب. هذه الشروط كفيلة بدفع السكان المدنيين للهروب عبر الحدود، وهي مقفلة في وجوههم إلى الآن.


يريد نتنياهو أن يصرخ الفلسطينيون مستسلمين ويطالبوا بالسماح لهم بعبور الحدود في اتجاه الأراضي المصرية. وبذلك ستتعرض مصر لضغوط كبيرة شعبية ودولية ليصبح التهجير حلاً للهروب من الموت قتلاً أو جوعاً. ثمة تسريبات عن «خطة بـ» للتهجير إذا استمرت مصر في رفضها لاستقبال النازحين، يتحدث بها أركان حكومة الحرب الإسرائيلية، وهي تهجيرهم إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وإذا طرح هذا «الحل» علناً في المداولات الأممية لا نستبعد أن تقبل بعض الدول الغربية باستقبال أعداد من النازحين الفلسطينيين من غزة، وهي تلك الدول التي أمضت سنواتها الأخيرة وهي تضع الجدران العالية أمام أفواج المهاجرين الهاربين من جحيم الحروب والأوضاع المستعصية كحال السوريين والعراقيين والليبيين وغيرهم.

إسرائيل لا تريد أن تصبح دولة طبيعية بعلاقات سلام مع جيرانها، حتى حين يقبل بعض هؤلاء الجيران بالتطبيع معها، لأنها تدرك في قرارة نفسها أنها لا يمكن أن تصبح كذلك.

الفيتو الأمريكي، في الخلاصة، ليس فقط إجازة للقتل والتدمير، بل كذلك لتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين، أي للقضاء على أي فرصة مستقبلية للسلام.

المصدر: القدس العربي



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين امريكا فلسطين غزة الاحتلال الإسرائيلي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفیتو الأمریکی

إقرأ أيضاً:

MENA 2050 مشروع تطبيعي أساسه التعاون غير السياسي

صاحب المشروع هو العقيد الإسرائيلي المتقاعد إيلي بار-أون، كان نائب المستشار القانوني لجيش الاحتلال، ومدربًا في الكلية الوطنية للأمن.

"MENA 2050"هو محاولة لإقامة إطار إقليمي للدول العربية، وشمال أفريقيا، و"إسرائيل" يحاول رسم مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 25 عامًا.

ويزعم تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" أن المشروع يجمع حاليًا مئات العراقيين، واللبنانيين، والأردنيين، والمصريين، والسعوديين، والسوريين، واليمنيين، والليبيين، والأتراك، والتونسيين، والمغاربة، والكويتيين، والبحرينيين، والإماراتيين والفلسطينيين. بعض المشاركين لا يعيشون في هذه الدول؛ لكن الأغلبية يعيشون فيها.


ويقول بار أون: "لقد أنشأنا هذا التحالف بهدف قيادة تحالف من المعتدلين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإعطاء صوت للأشخاص الذين يريدون قيادة معركة ضد التطرف في المنطقة - والتعاون الإقليمي" في مجالات أقل سياسية، مثل تغير المناخ والطاقة والتعليم وتمكين المرأة".

يوضح بار أون أنهم يعملون "بأشكال مختلفة". هناك مجموعات عمل دائمة تحاول بناء استراتيجية إقليمية طويلة المدى في المجالات المذكورة، "وهناك اجتماعات بمواضيع محددة. على سبيل المثال، مؤتمران حول الفرص المتاحة اليوم بعد الحرب من وجهة نظر اقتصادية، أحدهما في برلين والآخر في بون." وحضر المؤتمر في برلين أيضًا منظمة "ELNET" التي تشجع الحوار بين "إسرائيل" والعالم.

في هذه الاجتماعات، يتحدث الخبراء عن التعاون في مجالات مثل الطاقة الشمسية، المياه، تكنولوجيا الغذاء، التعليم، الأمن الشخصي.

وينقل بار أون عن الباحث والصحفي السعودي عبد العزيز الخميس قوله: "أعتقد أن الغالبية العظمى من السعوديين تعتقد أن الإسرائيليين جاؤوا من المريخ.. لديهم صورة أن إسرائيل جيش كبير، وكل إسرائيلي يحمل مسدسًا في جيبه. لا، لديهم تكنولوجيا، ثقافة، جذور في المنطقة. من يريدون إبادة إسرائيل ليسوا كثر، لا نعرفهم بشكل جيد".


بعض الأسماء في المشروع سرية، هؤلاء الناس يعتقدون أن التصريح العلني بمواقفهم سيلحق الضرر بهم، وحتى يعرض حياتهم للخطر، كما يزعم بار أون.

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تشن "إسرائيل" عدوانا شاملا على غزة خلف أكثر من 125 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل "تل أبيب" الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

مقالات مشابهة

  • الكويت تطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائمها وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني 
  • احتياطيات إسرائيل الأجنبية تتراجع بـ232 مليون دولار في يونيو
  • صحيفة عبرية: العثور على سجان إسرائيلي مطعونا
  • الدبابات الإسرائيلية تقتحم أحياء مدينة غزة وتطلق نارا كثيفا
  • الحرب الإسرائيلية على غزة تدخل شهرها العاشر
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية يحدد نقطة "ضعف جيش الاحتلال"
  •  مسيرة حاشدة بطنجة دعما لغزة
  • MENA 2050 مشروع تطبيعي أساسه التعاون غير السياسي
  • اجتماع حزب الله بحماس.. لقاء تصعيد أم تهدئة؟
  • واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تصف التصريحات الإسرائيلية بشأن استئناف المفاوضات بـ«الانفراجة»