التطبيع السعودي مع إسرائيل.. هل تغير شيء بعد حرب غزة؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
تناول مقال رأي، نشره الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان، مصير ملف محادثات التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، الذي كان قد وصل لمراحل متقدمة قبل أن تشن حماس هجومها على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي.
وقال فريدمان في مقاله الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الثلاثاء، إنه زار الرياض مؤخرا وتحدث قبل ذلك مع مسؤولين أميركيين.
وأضاف فريدمان أن "الشيء الأكثر تفاؤلا الذي يمكنني نقله من الرياض، ومن التحدث مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن، هو أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، ستظل السعودية ملتزمة من حيث المبدأ باستئناف المفاوضات التي كانت جارية قبل السابع من أكتوبر".
فريدمان أشار كذلك إلى "وجود انطباع قوي للغاية بأن السعوديين يريدون من الأميركيين إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن، لأن صور الموت والدمار في غزة يمكن أن تؤدي إلى تطرف سكانهم من الشباب".
والأربعاء، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن إدارته ما زلت تعتقد بأن هناك أملا في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
كذلك يعتقد السعوديون أن استمرار الحرب سيخيف المستثمرين الأجانب ويعرقل بشكل عام خطط المملكة المتمثلة برؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وفقا للكاتب.
ويؤكد الكاتب الأميركي أن "القادة في السعودية ليسوا متعاطفين على الإطلاق مع حركة حماس، ولن يشعروا بالحزن في حال اختفت من الوجود، إلا أنهم يشككون في الوقت ذاته في قدرة إسرائيل على القضاء عليها بشكل نهائي ويشعرون بالقلق من أن الضرر الذي يلحق بغزة سوف يؤدي إلى تفاقم العواقب السيئة غير المقصودة".
ويرى فريدمان أن "استعداد السعودية، في حال ظل قائما، للمضي قدما في الحوار الأميركي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني عندما تتوقف هذه الحرب، يمثل أمرا في غاية الأهمية".
يقول فريدمان أن هذا الأمر (المفاوضات) ليس مجرد عمل خيري يقوم به السعوديون، بل هو استراتيجية بات يتبعها هذا الجيل من القادة في المملكة، وكذلك في الإمارات والبحرين والمغرب وهي ثلاث دول وقعت اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل.
يصف الكاتب هذه الاستراتيجية بأنها تتمثل في أنها لا تركز كثيرا على العواطف عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم التعقيدات.
ويؤكد الكاتب أن "هؤلاء القادة ملوا من القول إن عليهم تأجيل أولوياتهم وتركيز طاقتهم واهتمامهم ومواردهم على القضية الفلسطينية".
ولكن في الوقت نفسه، يشير الكاتب إلى أنهم "مرعوبون" من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول إن "الخبر السار يتمثل في أنه قبل بضعة أشهر، أجرت الحكومة السعودية استطلاعا خاصا لسؤال السعوديين عن شعورهم تجاه التطبيع مع إسرائيل، إذا جرى في سياق الدعم السعودي لإقامة الدولة الفلسطينية".
ينقل الكاتب عن مسؤول مسؤول كبير القول إن "سبعين بالمائة من المستطلعة آرائهم وافقوا على ذلك".
أما الخبر السيئ، وفقا للكاتب، فإن المسؤول ذاته أبلغه أن "الحكومة السعودية لن تجرؤ على إجراء هذا الاستطلاع اليوم بالنظر إلى الصور القادمة من غزة الآن".
وفي مطلع الشهر الماضي ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن "السعودية لا تزال مهتمة" بمحاولة التوصل لاتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لافتا إلى أن وفدا من الكونغرس الأميركي زار المملكة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال "أكسيوس" إن "وفدا من الكونغرس زار السعودية في زمن الحرب، حيث التقى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
وقال مصدر مطلع على المحادثات في السعودية للموقع الأميركي، إن "الرسالة التي سمعها وفد الكونغرس الذي يترأسه السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، من المسؤولين السعوديين، هي أنهم ما زالوا مهتمين بمحاولة التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تسعى لإبرام صفقة كبيرة بالشرق الأوسط، تتمثل في إبرام اتفاقية تعترف بموجبها السعودية بإسرائيل، وذلك قبل اندلاع الحرب بين الأخيرة وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007.
في هذا الإطار يقول المحلل السياسي السعودي، سعد بن عمر، إن "الأحداث في غزة غيرت الوضع الجيوسياسي في المنطقة، وبالتالي ستكون هناك ترتيبات ومقترحات جديدة".
ويضيف بن عمر في حديث لموقع "الحرة" أن "القضية الفلسطينية سترمي بثقلها على المباحثات السعودية الأميركية المستقبلية، لما لهذا الملف من حيوية وتأثير واضح على المنطقة".
ويشدد على أن "ما بعد أحداث غزة ليس كما قبلها بالنسبة للمفاوضات السعودية الأميركية"، مبينا أن "السعودية لها دور مؤثر على الجانب الفلسطيني ولاشك أن هناك تنسيق على أعلى مستوى بين السلطة الفلسطينية والقيادة السعودية".
ويرى بن عمر أن "السعودية تربط الاعتراف بالوضع القائم في فلسطين بالتحرك على الأرض تجاه الفلسطينيين ومنحهم حقوقهم في اقامة دولة مستقلة وكذلك مناقشة وضع اللاجئين في الخارج".
ويؤكد المحلل السعودي أن "هناك تمديد في المفاوضات، وكذلك إضافة ملفات جديدة وطرح استفسارات أكثر".
ويلفت بن عمر إلى أن "السعودية هي الورقة الأخيرة بالنسبة للشرق الأوسط فيما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل.. لذلك لا اعتقد أن المملكة ستفرط بهذه الورقة".
وفي سبتمبر الماضي، قال الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الاميركية، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل "يقترب كل يوم أكثر فأكثر"، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.
ولا تعترف السعودية بإسرائيل، ولم تنضم لمعاهدة إبراهيم التي أقامت بموجبها الإمارات والبحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة.
وبعد أيام من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر مقرب من الحكومة السعودية قوله، إن "الرياض قررت تعليق المحادثات بشأن التطبيع المحتمل (مع إسرائيل) وأبلغت المسؤولين الأميركيين بذلك".
ولم تدن السعودية هجمات حماس، الحركة الفلسطينية المصنفة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، دانت الرياض مرارا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وكان بايدن قد صرح في أكتوبر الماضي، أن جزءا من أهداف هجوم حماس على إسرائيل، كان "لإحباط جهود إسرائيل لتطبيع العلاقات مع السعودية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مع إسرائیل بن عمر فی غزة
إقرأ أيضاً:
4 بدائل قاتمة تنتظر إسرائيل في غزة
حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 بدائل وصفتها بالقاتمة أمام تل أبيب للتعامل مع قطاع غزة تمثلت في حكم عسكري مطول أو تهجير السكان أو إقامة حكم فلسطيني "معتدل" أو بقاء الوضع القائم.
وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان "البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة" إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.
وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.
وترى الدراسة أن إسرائيل "تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة".
إعلانأما البديل الثاني فهو "احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل".
وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة "إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة".
كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو "استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها".
وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.
إستراتيجية ثنائية الأبعاد
وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي "جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري".
ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية "تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي".
وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو "أفق استقلال وسيادة محدودين".
إعلانأما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.
واعتبرت الدراسة أن "هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى".
ولفتت الدراسة إلى أنه "من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه"، وفق تعبيرها.
وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.
وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.
وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.
واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.
ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.
وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات "حماس" وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.
إعلان