عين ليبيا:
2024-11-25@00:23:50 GMT

ليبيا واقع مأزوم ولا أمل في فتح الانسداد السياسي

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

اتصف الوضع المتأزم الراهن والمستمر في ليبيا لمدة تجاوزت 10 سنوات بالتخبّط والتراجع أو الثبات المعرقل لكل مبادرات الانفراج أو الحلحلة في كافة قطاعات الدولة؛ مما حال دون تحقيق حلم ثوار (فبراير 2011) المنشود: الحرية والتداول السلمي على السلطة من خلال الاحتكام لصناديق الاقتراع والقبول بنتائجها، وأحدث هذا الوضع الواقع الانسدادي؛ انعكاسا سلبيا مُحبطا على الأداء السياسي والاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، بسبب صراع الساسة الموجودين والمتشبثين بمقاعدهم ومكاسبهم في واقع المشهد الليبي المأزوم.

أسباب الانسداد

السبب الأول والرئيس: هو تلك التركة المثقلة التي خلفها نظام انقلاب سبتمبر 1969، التي استمرت لأكثر من أربعة عقود متتالية كان هدفها الأول تجريف وتدمير الحياة السياسية الضعيفة أصلا في فترة الحكم الملكي (1951- 1969).

السبب الثاني: هو بنية وتركيبة المجتمع القبلية القائمة على الولاء القبلي قبل أي ولاء، وهذا ما عززه ونظمه بل وثبته وعمل على دعمه ورعايته طوال سنوات حكم الانقلاب.

السبب الثالث: هو نتيجة طبيعية للسببين الأولين وهو عدم ظهور نخبة سياسية وفكرية قادرة على التأثير في المجتمع الليبي وإقناعه، وتشكيل العقول بأفكار وقيم سياسية تتماشي مع مقتضيات العصر، وتلبي حاجة البلاد من الأفكار المعاصرة التي تسهم في إعادة صياغة تكوين العقل السياسي الليبي، ودعوته للنهوض والسير إلى الإمام نحو مشروع حضاري يرتقي بالبلاد من التخلف والضعف إلى مكانة تليق بإمكانيات وقدرات هذا الشعب الكامنة في أبنائه من حب للحرية ورغبة في التعليم والارتقاء لمستوى الدول المتقدمة.

نتيجة الانسداد

كانت نتيجة هذه العوامل مجتمعة حينا ومنفردة أحيانا أخرى بعد أن سنحت الفرصة بزوال نظام انقلاب “سبتمبر 1969” فطفحت على السطح السياسي الليبي نخب جديدة أرادت أن تدخل المعترك السياسي ويكون لها نصيب أو تستحوذ على السلطة وإدارة البلاد وفق رؤية بعيدة عن الفهم السياسي والخبرة والتجربة السياسية؛ بل جاءت بقرار مسبق هو الاستحواذ والمغالبة لا المشاركة.

هذه النخب ليس لها علاقة لا بالسياسة ولا بالفكر بقدر ما إنّ علاقتها أصيلة بمبدأ الغلبة والغنيمة والقبيلة.

كانت لظهور هذه النخبة الساذجة قصيرة الرؤية متضخمة الأنا سبب كبير في انسداد سياسي وصراع ثقافي وتمزق اجتماعي اتسع حتى عجز الجميع عن رتقه.

إن فقدان الأمل في هؤلاء الساسة وعدم الثقة في الحاضر ولا أمل في مستقبل قريب يمكن التنبؤ به أو انتظاره. ذلك ناتج عن فقدان رؤية سياسية جامعة لكل أطياف ومكونات الشعب الليبي تلبّي الحد الأدنى من طموحاته في الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية المكانية.

وهذا ما عجزت كل الأطياف والنخب المتصدرة للمشهد عن تقديمه وإقناع الليبيين به وفق عرض قائم على البيانات والأرقام والدراسات وبعيدا عن التموضع الجهوي أو الثقل القبلي أو التبعية لأطراف خارجية مجاورة أو إقليمية أو دولية أو كلها مجتمعة، وهو السائد والمهيمن على الواقع الليبي المحزن، والفاعل في أزمته التي طال عليها الزمن دون حدوث أي تقدم مما سبب في تعطيل حركة التنمية وإهدر ثروات طائلة تبني دولة متقدمة وترتقي بشعب محتاج إلى نقلة نوعية في كافة مجالات حياته التي تعرضت للهدم طوال أكثر من نصف قرن حتى الآن، وما زال الحبل على الجرار كما يقولون.

تفكيك الانسداد

إن أي محاولة لتفكيك وحلحلة هذا الانسداد المُطبق على كل  سياسي أو حزب أو تكتل يرغب في أن يكون له مكان ومكانة في المشهد الليبي لابد له أن يتقدم بمشروع حقيقي واقعي ملموس متكامل وقابل للتنفيذ على الأرض الليبية يستفيد منه كل الليبيين ويلمسونه بأيديهم يُنسب له ويُذكر به، ويصبح نموذجا ناجحا له التأثير والقبول لدى الليبيين أو أكبر عدد منهم؛ لا مشروعا دعائيا غير واقعي مبني على وعود براقة كاذبة معلوم مسبقا أنها عبارة عن وعود لن تتحقق، فقد سئم المواطن الليبي هذا الاجترار وأصبح من خلال التجربة أنها مجرد وعود لا طائل منها!.

بالإضافة إلى حلحلة مشكلة التشكيلات العسكرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها والمتحكمة في كثير من مفاصل مؤسسات الدولة ومهيمنة عليها حتى أصبحت مؤسسات ووزارات ومجالس تشريعية محسوبة على هذه التشكيلات بل تأتمر بأمرها، ولا تستطيع أخذ أي قرار يخالف إرادتها من تعيين وتغيير موظف إلى قرار سيادي يمس أمن واستقرار البلاد وسيادتها، وحتى السكوت عن اقتطاع أجزاء من أراضيها؛ ناهيك عن سكوتها أو تأييدها لدخول قوات أجنبية لا تملك السيطرة عليها، ولا تملك أن تحدد مكان وجودها وتحركاتها.

أثبت الواقع وعلى مر أكثر من عقد من الزمان فشل النخب السياسية السطحية التي طفت على المشهد دون أن يكون لها تجربة أو تاريخ؛ بل هم ساسة انحدروا من سلالة نظام سبتمبر وذهنيته وعقليته، وإن كانوا ينطقون بمصطلحات مختلفة بل بعضهم كان من المنظومة السابقة ثم كفر بها والبعض الآخر ترسخت فيه المفاهيم (السبتمبرية الخضراء) في لا شعوره وإن كان يلعنها؛ فواقعه يعمل بها وينطلق من أسسها في ترسيخ القبلية والقرعة والحصة والجهوية، وانتزاع ما يمكن انتزاعه لصالحه الشخصي قبل القبلي أو الجهوي.

الحلول المتوقعة والمأمولة

البعض يعوّل على جهود الأمم المتحدة ولكن كل الجهود التي بُذلت لجمع الفرقاء السياسيين الليبيين باءت بالفشل الذريع؛ نتيجة ارتهان الساسة الليبيين لقوى أجنبية خارجية متعددة التوجهات ومتناقضة المصالح، ولديها تصفية حسابات فيما بينها جعلت من ليبيا مسرحا لها.

وهو ما سبب إربكا للأمم المتحدة بل تسبب في إفشال أي مقترح للتسوية تقدمه، وحتى النجاح النسبي الذي تحقق على يد ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة (ستيفاني وليامز) الذي نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يرأسه “محمد المنفي” وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة” سرعان ما رده البرلمان بحجب الثقة من هذه الحكومة في فترة لا تقل عن أربعة أشهر من التصويت عليها من الأعضاء أنفسهم الذين صوتوا على اعتمادها في مدينة سرت بعدد أصوات يشكل شبه إجماع، لإنها لم ترُق لبعض من لديهم نفوذ على الأرض ويستمدون قوتهم من القوى الإقليمية المهيمنة على المشهد في ليبيا.

وهذا زاد الأزمة الليبية تعقيدا وجعل حلحلتها من الصعوبة بمكان؛ نظرا لاحتدام الصراع بين هذه الأطراف الذي يظهر في فترات انتهاء مدة ممثلي الأمين العام للأمم المتحدة، وما يحدث من نزاع وخلاف وتعطيل اختيار ممثل ترضى عنه هذه الأطراف، وهذا ما يزيد الموقف تأزيما.

وآخر مشهد لم تنجح فيه بعثة الأمم المتحدة التي قدم مبعوثها السيد “عبدالله بتيلي” مقترحا يجمع بين خمسة من أهم القوى الفاعلة في المشهد الليبي على طاولة حوار لإيجاد حل لهذه الأزمة المتفاقمة وكل يوم تزداد تفاقما وتعقيدا، ولكن إلى الآن واجه هذا المقترح الذي عُرف (بالخماسية أو خماسية باتيلي) بالرفض من بعض الأطراف والتحفظ من البعض الآخر.

في حين هناك طرف ثالث يعول على حل يطلقون عليه (ليبي- ليبي)، وهذا يكاد يكون مستحيلا بسبب ما ذكرنا أن ساسة الأمر الواقع لا يملكون أي قرار بسبب ارتهانهم لقوى خارجية إقليمية ودولية متصارعة ومتباينة المصالح.

من خلال النظر للحالة الليبية وما ذكرناه من تناقضات وخلافات بينية بين الساسة المحليين وارتهانهم ورهن مواقفهم لجهات خارجية لا يمكن إيجاد حل للأزمة إلا من خلال حل وحيد يتمثل في انطلاق “هبة شعبية عارمة” تقتلع كل الكيانات والشخصيات المُعرقلة والمُؤزِمة من جذورهم، وتقتلعهم من كراسيهم التي التصقوا بها، كما اقتلع ثوار 17 فبراير  2011 نظام انقلاب سبتمبر 1969 الذي ورثه هؤلاء الساسة الذين زادوا الأمر تعقيدا أكثر مما كان عليه نظام العقيد المُباد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

طبيب يوضح.. ضيق التنفس يشير إلى أمراض الرئة الخطيرة

قال عالم أمراض الرئة سيرجي أفديف إن مرض الرئة الخطير مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن يتجلى في ضيق التنفس الذي يحدث بسرعة.

 

وأوضح الدكتور أفديف ما يشير ضيق التنفس إلى أمراض الرئة الخطيرة ووفقا له، إذا كان الشخص يعاني من صعوبة في التنفس حتى في ظل ظروف النشاط البدني القليل، فقد يشير ذلك إلى أنه مصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن.

 

وأشار أفديف إلى أن مرض الانسداد الرئوي المزمن له مراحل مختلفة من التطور ولا تسبب المرحلة الأولى من المرض أعراضًا حادة، ويلجأ المرضى إلى الأطباء عندما يتطور هذا المرض الخطير في الرئة. 

 

وفي البداية، يشعرون بمشاكل في التنفس تحت الأحمال الثقيلة، لكنهم لا يعلقون أهمية كبيرة على هذا، وإدراك هذه الصعوبات كشيء طبيعي ومع ذلك، يستمر مرض الانسداد الرئوي المزمن في التطور، مما يسبب ضيقًا في التنفس مع بذل جهد أقل فأقل ويحد بشكل خطير من الحياة اليومية (بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة، حتى المحادثة العادية يمكن أن تسبب التعب) بالإضافة إلى ذلك، فإن ضيق التنفس ونقص الهواء الناجم عن المرض غالباً ما يثير الخوف والذعر.

 

وحذر طبيب الرئة في تعليق لموقع Gazeta.Ru : "إذا حدث ضيق في التنفس أثناء الراحة، فهذا بالفعل وضع غير مناسب للغاية، مما يعني استنفاد جميع احتياطيات الجسم".

 

ولفت أفديف الانتباه إلى حقيقة أن العلامة الأكثر دلالة على وجود مرض رئوي خطير ليس ضيق التنفس، بل السعال.

 

وأضاف طبيب الرئة أن السعال المستمر يجب أن ينبه المدخنين في المقام الأول ووفقا للطبيب، فإن الأشخاص الذين يدخنون غالبا ما يتعاملون مع السعال بشكل طبيعي ولا يرون أنه من الضروري فحص رئاتهم ومن العلامات المثيرة للقلق بشكل خاص السعال الذي يحدث في الصباح الباكر ويصاحبه مخاط وضيق في التنفس، وقد يشير الصفير المستمر أيضًا إلى وجود مرض رئوي أساسي ويتطلب استشارة الطبيب.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: لا نقبل تحول المنظمات إلى أداة للضغط السياسي
  • بيريز يكشف عن الدول التي لم تصوت لفينيسيوس
  • وزير الخارجية التركي: بيئة عدم الصراع في ليبيا التي بدأتها تركيا بدأت تؤتي ثمارها
  • ردا على الاستغلال السياسي لمحافظي الوكالة الذرية..إيران تطلق أجهزة طرد مركزي متطورة
  • قاليباف: إيران ردت على الاستغلال السياسي لمجلس المحافظين بإطلاق أجهزة الطرد المركزي
  • ليبيا.. انتخابات بلدية بلا نتائج ومفوضية تفاقم الانقسام السياسي
  • طبيب يوضح.. ضيق التنفس يشير إلى أمراض الرئة الخطيرة
  • برشان: الخلاف السياسي فتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية في ليبيا
  • الحكومة العراقية لـبغداد اليوم: علينا التكيف مع الوضع السياسي الجديد بالولايات المتحدة
  • طرابلس | اجتماع أممي يناقش نزع السلاح وإعادة الإدماج بمشاركة المجتمع المدني الليبي