أُطلق عليه مضيق ( باب المندب) من قبل الرومان والبرتغاليين الذين كانوا يشنون حملاتهم الاستعمارية، لكن قواتهم كانت تصل إلى هذا المضيق الأسطوري ثم تختفي غرقاً على يد المقاومين الأبطال من أصحاب الأرض الذين يتصدون لحملات الغزاة، وحين كان كل من يصل للمضيق لا يعود فإن أهله يبقون ( يندبون) رحيله وفراقه، فأطلقوا على المضيق ( مضيق باب المندب) لكثرة ما ( يندبون) من قضى نحبه فيه، مع أن الاسم المفترض للمضيق هو ( مضيق باب اليمن)، والمفترض قانونيا أن المضيق يمني ويخضع للسيادة اليمنية بالمطلق وليس ممراً دولياً، غير أن المؤامرات الاستعمارية والمصالح الاستعمارية وضعف الدولة اليمنية، عوامل جعلت المضيق ( دوليا) وفق منطق الاستعمار ومصالحه وحصيلة لضعف الدولة اليمنية، مع أن البعض من العرب حين يتعرض للخطر يعود للإقرار بحق اليمن ويطالبها بالتحكم بالمضيق كما حدث في حرب أكتوبر عام 1973م حين طلبت مصر إغلاق المضيق أمام حركة الملاحة الصهيونية وأرسلت قواتها التي رابطت في عدد من الجزر اليمنية المطلة علي المضيق وخاصة جزيرة ميون.
ما أقدمت عليه حكومة صنعاء بتوجيهات السيد القائد العلم والرمز وزعيم اليمن السيد المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي، من منع السفن الصهيونية أو المتجهة للموانئ الصهيونية نصرة لأشقائنا في فلسطين عامة ولقطاع غزة التي تواجه حرب إبادة وتطهيراً عرقياً، وربط الإجراءات اليمنية بإدخال المساعدات للقطاع وفتح المعابر، هذا الفعل الشجاع وغير المتوقع والذي أربك ليس الصهاينة بل ودول العالم التي أصابها الذهول والخوف من هكذا إجراء وهكذا خطوة أقدمت عليها صنعاء في زمن الذل العربي والارتهان والتطبيع، زمن العربدة الإجرامية الصهيونية والغطرسة الاستعمارية الأمريكية – الغربية، حيث فاجأتهم اليمن من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون ولم يكن في حسبانهم أن في اليمن رجالا أولي بأس وقوة ولديهم القدرة على قلب المعادلات والانتصار لمظلومية المظلومين من الأشقاء الذين تركوا لوحدهم يواجهون آلة الموت والدمار الصهيونية الأمريكية في حرب إبادة مجرمة وفي ظل حصار مطبق وتجويع وتشريد واستهداف ممنهج للأطفال والنساء والشيوخ في سبيل أن يستعيد الصهاينة كرامتهم وهيبتهم المفقودة صباح يوم 7 أكتوبر الماضي، وهي ملحمة أرعبت العدو وحلفاءه فهرولت أنظمة العالم الاستعمارية وفي طليعتها أمريكا لإنقاذ الكيان اللقيط وإطلاق يده لإبادة شعبنا العربي في فلسطين، ومهددين كل من يقدم لهم يد العون وإن إنسانيا بالويل والثبور فخافت أنظمة الذل والارتهان العربية – الإسلامية والتزمت بتحذيرات أمريكا والصهاينة، فجاء المدد والغوث من اليمن التي بقرارها أحدثت هزة في الوعي الجمعي لأنظمة العالم التي وجدت نفسها مجبرة على مراجعة مواقفها من الإجرام الصهيوني وبدأت تتحدث عن أهمية وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، إلى أن اضطر الشيطان الأكبر أن يعيد حساباته ويدرك أن دعمه الأعمى للصهاينة لن يحقق أهدافه الاستراتيجية وإنما سيحول المنطقة بكاملها إلى ساحة حرب مفتوحة، بعد أن أيقن أن صنعاء لا تناور ولا تزايد في مواقفها ولا تبحث عن شهرة أو حضور إعلامي ولكنها جادة فيما أعلنت عنه من مواقف وأثبتت هذا ميدانيا أولا بحجر سفينة (جالاكسي لودر)، وثانيا باستهداف ناقلة النفط النرويجية، واستهداف سفن أخرى وإجبارها على تغيير مسارها، ناهيكم عن العمليات العسكرية الداعمة لأبطال فلسطين، من خلال إطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو المغتصبات الصهيونية.
مواقف اليمن الاستثنائية وغير المسبوقة التي فاجأت دول العالم وأربكت خططهم المتعلقة بالتغطية على الجرائم الصهيونية، فجاءت مواقف اليمن بمثابة ترجمة للإرادة الشعبية اليمنية، وأيضا ترجمة للمشاعر الشعبية العالمية التي تمردت على أنظمتها وخرجت للشوارع تندد بالجرائم الصهيونية وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار في القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر ومحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة، ولم يأت موقف الرئيس الأمريكي مؤخراً إلا حصيلة طبيعية لما أحدثه الموقف اليمني وجسدته صنعاء ميدانيا، ورغم الحديث عن تشكيل قوات دولية وموافقة حكومة المرتزقة من صهاينة اليمن الجدد، الذين هرولوا مرحبين بطلب أمريكا رغم أن مشغليهم وأسيادهم في دول الجوار تحفظوا على دعوة أمريكا ولم يتحمسوا لها لإدراكهم لمخاطرها، وهذا أيضا ما تدركه أمريكا ذاتها التي رغم أنها من أطلقت الدعوة من باب جس النبض، لكنها على يقين أن الحضور العسكري بحد ذاته سوف يشكل أزمة للملاحة الدولية وأن تحويل المضيق والبحرين الاحمر والعربي إلى مناطق توتر، هذا بحد ذاته منهك لحركة التجارة الدولية، خاصة وأن 95% من حركة الملاحة الصهيونية تمر عبر المضيق، و15% من النفط العالمي يمر عبر المضيق، وهذا ما جعل العالم يراجع مواقفه بما فيهم أمريكا التي لم يكن موقف رئيسها الأخير إلا نتاجاً لصمود المقاومة والشعب في فلسطين وللضغط الذي أحدثته صنعاء بمواقفها، لأن أمريكا والغرب يدركون ماذا يعني إحداث توتر عسكري في المضيق والبحرين الأحمر والعربي وانعكاس ذلك على حركة الملاحة والتجارة الدولية.
ما أقدمت عليه صنعاء كان حلم الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي دفع حياته ومعه الرئيس الشهيد سالمين ثمناً لموقفهما من مضيق باب المندب والبحرين العربي والأحمر ورفضهما عسكرة البحرين والتحكم الدولي بمضيق باب اليمن وليس باب المندب.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سياسيون وحقوقيون يفتحون النار على تقرير الخبراء الأممي بشأن اليمن
خالد الصايدي
تزايدت الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة على خلفية غياب المهنية والحيادية عن قراراتها وتقاريرها بشأن الأوضاع في اليمن وتعاملها بمعايير مزدوجة.
يأتي ذلك على خلفية تقرير فريق الخبراء الأممي الذي تناول مزاعم عن انتهاكات وسوء إدارة للمساعدات الإنسانية في صنعاء.
سياسيون ومنظمات حقوقية اعتبروا التقرير بمثابة أداة سياسية لخدمة أجندات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني، في الوقت الذي كان يجب أن يظهر حيادية المنظمة التي أُنشئت لتكون مرجعا عالميا للعدالة والسلام.
التقرير أثار تساؤلات جدية حول مصداقية المنظمة الأممية ودورها الحقيقي في إدارة النزاعات الدولية، حيث اعتُبر محاولة لتبرير الحصار والعقوبات المفروضة على اليمن تحت غطاء أممي.
استهداف المواقف الوطنية
عدد من القيادات في صنعاء ربطوا بين توقيت التقرير والضغوط المتزايدة على اليمن بسبب موقفه المبدئي من دعم القضية الفلسطينية؛ فقد أشار عبد القادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى، إلى أن التركيز على البحر الأحمر وباب المندب في التقرير يمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة اليمن ويخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ونوه المرتضى بأن التقرير يحمل في طياته أهدافا سياسية واضحة تستهدف مواقف صنعاء المبدئية، خاصة دعمها للقضية الفلسطينية، ويظهر عداء صريحا للمواقف اليمنية المناهضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ورغبة في الضغط على صنعاء لإيقاف دعمها لفلسطين، خصوصًا في البحر الأحمر وباب المندب.
وأضاف المرتضى أن التقرير يمثل انعكاسا لمحاولات تشويه صورة صنعاء أمام المجتمع الدولي، ويمهد الطريق لمزيد من التدخلات الأجنبية في اليمن..
ضعف المصداقية
من جانبه قال محمد عياش قحيم، وزير النقل بحكومة التغيير والبناء، إن الأمم المتحدة تعتمد في معلوماتها على مصادر غير موثوقة، معتبرًا أن التقرير الاممي دليل على عجز المنظمة الأممية عن تحقيق الشفافية والحيادية.. ويؤكد أن هذا التقرير لا يمتلك أي مصداقية، وأن الأمم المتحدة أصبحت أداة تخدم أجندات معينة.”
مشيرا الى أن التقرير بدلًا من أن يكون أداة لدعم الحلول، بات وسيلة لإثارة الفوضى وتبرير الحصار والعدوان على اليمن.
ازدواجية
من جهته لفت حسين العزي نائب وزير الخارجية السابق، إلى أن مجلس الأمن الدولي فقد الكثير من شرعيته بسبب انحيازه المتكرر لصالح القوى الكبرى، واستخدامه كأداة لتبرير التدخلات الأجنبية حيث يقول العزي”مجلس الأمن بات اليوم غطاء سياسيا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، متجاهلا حقوق الشعوب الحرة ومعاناة المدنيين في الدول المستهدفة.”
وأضاف العزي أن ازدواجية المعايير التي تتبعها الأمم المتحدة تسهم في فقدان الثقة الدولية بها، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي لهذا الانحياز السافر.
شرعنة لصالح القوى الكبرى
أما محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لانصار الله فقد أكد أن الأمم المتحدة تتخذ مثل هكذا قرارات وتقارير كأداة لشرعنة الحروب لصالح الدول الكبرى، مشيراً إلى أن صنعاء لن تتراجع عن دعمها لغزة رغم هذه التهديدات. وأوضح البخيتي أن الأمم المتحدة كهيكل تنظيمي يحتوي على مواثيق جيدة، لكن التدخلات السياسية تعرقل تطبيقها.
وقال البخيتي “تقرير فريق الخبراء هو انعكاس لهيمنة القوى الكبرى على الأمم المتحدة، وتحويلها إلى وسيلة لتزييف الحقائق وتبرير الحروب. لكننا في صنعاء سنواصل دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين.”
مصادر غير موثوقة
الدكتور عبد الملك محمد عيسى استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، دعا الجهات الأممية إلى تحقيق توازن وشفافية أكبر في تقاريرها المستقبلية، لتقديم رؤية واقعية تعكس وجهات نظر جميع الأطراف، محذرًا من أن استمرار التحيز سيؤدي إلى تفاقم الأزمة ويعزز مواقف دولية تستهدف اليمن بشكل غير مبرر.
ويرى عيسى أن تقرير فريق الخبراء الامميين الاخير يعكس انحيازا واضحا ويعتمد على مصادر محددة وغير موثوقة، في حين يتجاهل وجهات نظر وأصوات محايدة من الداخل اليمني، مما يقلل من مصداقيته.
أبرز الانتقادات التي ذكرها عيسى في ورقته التي حصلت “الوحدة” على نسخة منها تتعلق بالاعتماد المتكرر على مصادر إعلامية معادية لليمن وتجاهل الروايات الصادرة عن مناطق يسيطر عليها المجلس السياسي الأعلى، مما يشير إلى انحياز نحو التحالف السعودي-الإماراتي.
وأشار عيسى إلى أن التقرير يدعو ضمنيا المجتمع الدولي إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، وهو ما يتعارض مع الأهداف المعلنة للأمم المتحدة في دعم السلم والأمن.
وتطرق أيضًا إلى عدة عبارات تضمنها التقرير، رأى فيها محاولة لربط جماعة أنصار الله بجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة، ووصف هذا الربط بأنه استناد إلى مصادر مغلوطة، مشيرًا إلى أن هناك تقارير تثبت قتال هذه التنظيمات إلى جانب خصوم أنصار الله.
تسييس النزاعات
وكانت منظمة “انتصاف” للحقوق، أكدت أن التقرير الأخير يعكس انحيازًا صارخا، ويستغل سلطات مجلس الأمن الدولي لتحقيق مصالح القوى الكبرى.
وقالت المنظمة في بيان لها حصلت “الوحدة” على نسخة منه “التقرير الأخير ليس إلا أداة لتحقيق السياسات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية، ويتناقض مع مبادئ العدالة والحيادية التي من المفترض أن تمثلها الأمم المتحدة.”
وأوضحت المنظمة أن التقرير يتضمن إشارات ضمنية لدعوات بتشديد العقوبات الاقتصادية على اليمن، مما قد يمثل تمهيدا لاعتداءات جديدة.
وأشارت المنظمة إلى ازدواجية واضحة في المعايير، حيث يتجاهل التقرير جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان، بينما يُسخر لتبرير المزيد من الضغط على صنعاء.
وأكدت المنظمة أن هذا التقرير، إذا لم يواجه بالرفض، قد يفتح المجال لإسرائيل لتنفيذ اعتداءات إضافية بغطاء من الشرعية الدولية. ودعت المنظمة الحقوقية جميع المؤسسات الحقوقية والناشطين العالميين إلى إدانة التقرير، ورفض ما وصفته بـ”الانحياز” السافر، وإظهار حقيقة الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين في فلسطين ولبنان.
وحمّلت “انتصاف” مجلس الأمن والأمم المتحدة وأمينها العام المسؤولية الكاملة عن أي جرائم قد تحدث نتيجة لهذا التقرير، مشيرة إلى أهمية محاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.