هل أعضاء الكافر تسبح الله؟.. أسرار عظيمة يكشفها علي جمعة
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
هل أعضاء الكافر تسبح الله؟ سؤال يكثر البحث عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وذلك في بيان قوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.
هل أعضاء الكافر تسبح الله؟وقال علي جمعة: كل الكائنات تسبّح فلا تكن أنت النغمة النشاذ التي لا تسبح من ضمن هذه الكائنات، لا تنسى الله ولا تنس ذكر الله واجعل لسانك رطبًا بذكر الله.
أما أن تنسى فقد دخلت في إطار أقوامٍ آخرين {نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ} وكانوا من المنافقين والله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده الكفر، والكفر أنواع: كفر عقيدة ،وكفر عشيرة ،وكفر شكران. فلا تكفر بنعم الله عليك {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}.
وأضاف في بيان هل أعضاء الكافر تسبح الله؟: يأتي الرجل إلى رسول الله ﷺ ويقول له: يا رسول الله تشعب بنا الإسلام فقل لي في الإسلام قولاً لا أسأل أحدًا بعدك فيه. فيقول: (لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله) إذًا فعليك أن تذكر الله قيامًا وقعودًا وعلى جنبك وفي كل حال، اجعل لسانك يذكر الله حتى مع عدم استحضار القلب؛ فإن ذكر الله سبحانه وتعالى يرجعك التارة بعد الأخرى إلى حظيرة القدس.
وأوضح: ذكر الله مع الغفلة خير من عدم ذكره بالمرة لا بالقلب ولا باللسان، اذكر ربك باللسان واتلُ القرآن واجعل بينك وبينه حصة في كل يوم، اجعل وردًا بينك وبين القرآن حتى لو لم تتدبر معانيه فإنك في يومٍ سوف تتدبر، لا تترك الصلاة لأنك لا تخشع فيها ، صل وداوم على الصلاة حتى يأذن الله سبحانه وتعالى أن يملأ هذا الوعاء بالنور ، وأن يملأه بالأسرار ، وأن يملأه بالأنوار ، وأن يملأه بالملك والملكوت، فإن قلب المؤمن لا يسعه شيء في هذا الكون من اتساعه لله.
وجاء في تفسير قوله تعالى: «وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»، وقوله تعالى: «وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»، أي أن كل شيء في هذا الكون يسبح بحمد الله تعالى ويسجد له، إلا أن ذلك يكون من الكافر كرها، ومن المؤمن طواعية.
وقد استثنى الله الكافر بقوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء».
وذكر الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: «وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»، أن الحق أن المؤمن يسجد ببدنه طوعاً، وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع، وهذا كقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده. وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة.
أمَّا عن هبة ثواب التسبيح وقراءة القرآن للمتوفى: فقد جاء الأمر الشرعي بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، ومن المقرَّر أنَّ الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ فلا يجوزُ تقييدُ هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدين بتضييق ما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى ذلك: فقراءة القرآن الكريم في المسجد وعند القبر قبل الدفن وأثناءه وبعده مشروعة ابتداءً بعموم النصوص الدالة على مشروعية قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى ورودِ أحاديثَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآثارٍ كثيرة عن السلف الصالح في خصوص ذلك؛ ذكرها الإمام أبو بكر الخلَّال الحنبلي [ت: 311هـ] في جزء "القراءة على القبور" من كتاب "الجامع"، ومثلُه الحافظ شمس الدين بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي في جزءٍ أَلَّفه في هذه المسألة، والإمام القرطبي المالكي [ت: 671هـ] في كتابه "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"، والحافظ السيوطي الشافعي [ت: 911هـ] في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور"، والحافظ السيد عبد الله بن الصِّدِّيق الغماري [ت: 1413هـ] في كتابه "توضيح البيان لوصول ثواب القرآن"، وغيرهم ممَّن صنّف في هذه المسألة.
فمن الأحاديثِ الصحيحة الصريحة في ذلك:
ما رواه عبد الرحمن بن العلاء بن اللَّجْلاجِ عن أبيه، قال: قال لي أبي -اللَّجْلاجُ أبو خالد- : يا بُنَيَّ! إذا أنا متُّ فأَلْحِدْني، فإذا وضَعْتَني في لحدي فقل: بسم الله، وعلى ملَّة رسول الله، ثم سُنَّ عليَّ التراب سنًّا -أي ضَعْه وضعًا سهلًا- ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها؛ فإني سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ ذلك. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون.
وقد رُوي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما. كما أخرجه الخلَّال في جزء "القراءة على القبور" والبيهقي في "السنن الكبرى" وغيرهما، وحسَّنه الإمامان النووي وابن حجر.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، وَلْيُقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح"، وفي رواية «بِفَاتِحَةِ البَقَرَة» بدلًا من «بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة ذكر الله التسبيح قراءة القران للميت قراءة القران الكريم صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله م ن ف ی ال
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 106 من سورة البقرة: : “مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
شكل موضوع النسخ في القرآن الكريم أهم المسائل الخلافية طوال العصور، ومن قالوا به استندوا الى هذه الآية، وكان الدافع الوحيد لاجتهادهم هذا، هو تجاوز بعض الأحكام القرآنية الصريحة، التي يرونها متساهلة الى البحث عن بديل أكثر صرامة في الحديث.
المعارضون لقولهم يرون أن كلام الله ليس ككلام البشر الذي فيه استدراك ومراجعة، ولأن الله لا يضل ولا ينسى، لذلك فكل ما ورد في كتابه نصوص ثابتة واجبة الاتباع، ولا يمكن أن يوجد فيه نص يتلى ولا يتبع، ويثبت ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم من الفقهاء بمرادات الله في القرآن، لم يقل يوما بأن هذا نص ناسخ لذلك النص.
ولو كان الله تعالى أمره بإلغاء حكم آية واستبدال حكم آية جديدة بها، ما الحكمة من إبقاء نصين متعارضين؟، وإذا كان الله أراد إن ينسيه إياها فلماذا كان يبقيها ولا يأمر كتاب الوحي بمحوها؟.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكثر حرصا على وحدة المسلمين من بعده، والأعظم قلقا من أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من الإختلاف حول النصوص المقدسة، ورغم أنه لا يمكن أن يأتي بما يخالف كتاب الله، إلا أنه وتحوطاً من أن يحدث خلط بين أحاديثه الشريفة والنص القرآني، منع تدوين أحاديثه، ولام من وجده يكتبها، ولهذا صار علم الحديث معتمدا على الثقة بالروايات الشفوية، إذ لا نصوص مدونة.
لذا وإزاء حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم الشديد هذا، ولو كان هنالك حقيقة آيات منسوخة، هل كان ليترك المسلمين حيارى بعده، لا يعرفون الحكم المثبت من المنسوخ!؟.
لنفهم معنى النسخ الوارد في الآية الكريمة، لنستعرض السياق التي وردت فيه، سنجده في معظمه يتحدث عن بني اسرائيل.
منذ الآية 67 الى الآية 75 يبين الله للمسلمين أن من كان طبعهم مع الله المراوغة فلا تطمعوا أن يؤمنوا لكم، ثم يكمل كشف سوء عملهم فيتوعد الذين زادوا على التوراة من عندهم بالعذاب الشديد، ثم يواصل تبيان كفرهم وتكذيبهم لكل الأنبياء وانتهاء بعيسى عليه السلام حتى الآية 90، ثم عبادتهم العجل 92، ثم آية رفع الطور فوقهم 93 ، ثم تتابع الآيات بيان كفرهم وتكذيبهم بالرسل حتى الآية 100، وتكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم 101، ثم الآيات التي أنزلت على سليمان والملكين هاروت وماروت 104، وحسدهم للمسلمين أن أنزل الله عليهم أعظم معجزة وهو القرآن 105.
هنا نصل الى الأية 106 (الآية التي قالوا بأنها سندهم للنسخ).
ثم نتابع الآية 107 وما بعدها، فيسأل الله تعالى في الآية 108 المسلمين “أمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ”، لنجد أننا ما زلنا في سياق الحديث عن بني إسرائيل، وفي الآية 109 عن حسدهم للمسلمين ورغبتهم في أن يردوهم كفارا، وفي الآية 110 يدعو المسلمين لما سينفعهم، وهو أن يقيموا الصلاة ويؤدوا الزكاة.
ويستمر السياق متعلقا ببني إسرائيل حتى الآية 124 فينتقل الى الحديث عن ابراهيم عليه السلام.
هكذا نلاحظ آية النسخ جاءت تقطع سياقا متصلا قبلها وبعدها، لا علاقة له بموضوع خطير وهام وهو إلغاء العمل بأحكام شرعية بنصوص قرآنية.
فهذا أمر غير معهود لمن يعرف الخطاب القرآني.
إذا فالتفسير الأقرب للسياق أن الآيات المقصودة بالنسخ ليست القرآنية، بل المعجزات المادية الخاصة ببني اسرائيل كالعصا والتابوت وإحياء الميت والمائدة، فلم يكن في الرسالة الإسلامية آيات مثلها خارقة للسنن الكونية، فتلك حدث كل منها مرة واحدة وانتهت، لكن ما جاء في الرسالة الخاتمة مثلها إبهارا للعقل كالإسراء والمعراج، وخيرا منها ديمومة وثباتا الى يوم الدين وهو القرآن.
والآيات المقصودة بالإنساء هي الكتب السابقة والشرائع الأولى، فلم يرد الله أن يتكفل بحفظها، فضاعت أصولها جميعا، لأن الله جاء بمثلها مصدرا، لكن خيرا منها شمولية واتساعا لكل البشروالأزمان وهو القرآن.
هذا اجتهادي والله من وراء القصد، وهو أعلم بمراداته.