عُمان ترسم مسارات جديدة نحو الشرق
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
لا شك أن المتغيرات الجذرية التي يشهدها العالم خاصة في المنطقة العربية وأوروبا وأفريقيا وما يصاحب ذلك من تحولات ديناميكية جيوسياسية تفرض معها تحولات استراتيجية في إدارة الشراكات الاقتصادية والسياسية. ويبدو واضحا أن الزيارة التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إلى كل من جمهوريتي سنغافورة والهند تجسد هذا التحول الاستراتيجي نحو الشرق، وهي خطوة تحمل فرصا كبيرة للمشهد الاقتصادي المستقبلي في سلطنة عمان.
إن تحول سلطنة عمان من الاعتماد على النفط بوصفه مصدرا وحيدا للدخل إلى استراتيجية فعالة لتنويع مصادر الدخل تستلزم تنويع القاعدة الاقتصادية والاستثمارية، ويمثل التحول نحو آسيا، وخاصة نحو الاقتصادات الصاعدة مثل سنغافورة والهند، نهجا عمليا في تطبيق هذا التنويع.
ويمكن فهم أهمية التوجه شرقا عبر مستويات عدة، فعلى الصعيد الاقتصادي توفر الأسواق الآسيوية سريعة النمو فرصاً هائلة للتجارة والاستثمار، وتقدم سنغافورة، وهي مركز مالي عالمي، سبلاً للتعاون التكنولوجي والمالي، في حين تفتح الهند، بقاعدتها الاستهلاكية الضخمة وقطاعها الصناعي المتنامي، الأبواب أمام مجموعة واسعة من الاحتمالات التجارية. ويمكن لهذه الشراكات أن تساعد سلطنة عُمان على توسيع محفظة صادراتها إلى ما هو أبعد من النفط، والاستفادة من قطاعات مثل السياحة والتصنيع والتكنولوجيا.
ومن الناحية السياسية، فإن تعزيز العلاقات مع القوى الآسيوية يتماشى مع سياسة سلطنة عمان المعروفة بالحياد ودعم التعايش السلمي ونشر ثقافة السلام بين الشعوب. ومن خلال توسيع شراكاتها الدولية، لا تقوم سلطنة عُمان بتنويع شراكاتها الاقتصادية، فقط، بل تعزز استقلالها الاستراتيجي على الساحة العالمية.
ومن الناحية الاجتماعية والثقافية، فإن هذا التحول نحو آسيا يمكن أن يعزز المزيد من التبادل بين الثقافات، ويعزز التفاهم والتعاون بما يتجاوز الجوانب الاقتصادية فقط. ومن الممكن أن يعود طريق الحرير التاريخي، الذي شهد تبادلات تجارية وثقافية قوية بين العالم العربي وآسيا وكانت موانئ عُمان التاريخية أحد أهم محطاته، وكان بمثابة مصدر إلهام لهذا الترابط الاقتصادي والثقافي في العصر الحديث.
إن تعزيز سلطنة عُمان لشراكاتها السياسية والاقتصادية والثقافية مع الشرق يعكس فهما عميقا للتحولات التي تحدث في العالم والتي يقودها الاقتصاد.. ويمكن أن يوصف هذا الأمر بأنه اعتراف من سلطنة عمان بالنظام الاقتصادي العالمي المتغير والتكيف مع تحولاته لضمان النمو والاستقرار المستدامين.
إن هذه الزيارة التي يقوم بها جلالة سلطان البلاد المفدى إلى سنغافورة والهند ليست مجرد علاقات دبلوماسية روتينية بل ترمز إلى تطوير المعايرة الإستراتيجية لسياسات سلطنة عمان الخارجية والاقتصادية وعبر إقامة علاقات أوثق مع الاقتصادات الآسيوية، لا تسعى سلطنة عُمان إلى تقليل اعتمادها على الطاقة فحسب، بل تضع نفسها أيضًا كلاعب استباقي في المشهد الاقتصادي العالمي المتغير.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
طلبة سلطنة عمان يشاركون في أولمبياد الفيزياء الآسيوي
العُمانية: يشارك طلبة سلطنة عُمان في النسخة الخامسة والعشرين من أولمبياد الفيزياء الآسيوي "25 APhO"، الذي يُقام خلال الفترة من 4 إلى 12 مايو المقبل بمدينة الظهران في المملكة العربية السعودية، بمشاركة 240 طالبًا وطالبة يمثلون 30 دولة آسيوية.
ويمثل سلطنة عُمان في هذه المنافسة القارية البارزة مجموعة من الطلبة من مختلف المحافظات، وهم: أيهم بن مصطفى الخياري (مدرسة الحارث بن خالد للتعليم الأساسي بمحافظة مسقط)، وعمر بن حمدان الفلاحي (مدرسة الإمام بركات بن محمد بمحافظة جنوب الباطنة)، والغالية بنت محمد الطويرشية (مدرسة عاتكة للتعليم الأساسي بمحافظة شمال الباطنة)، والعفراء بنت سيف العوفية (مدرسة آمنة بنت الأرقم المخزومية للتعليم الأساسي بمحافظة الداخلية)، وريم بنت ناصر الجديدية (مدرسة عائشة الريامية للتعليم الأساسي بمحافظة الداخلية)، ونعمة بنت غصن البوسعيدية (مدرسة الشموس بنت النعمان الأنصارية للتعليم الأساسي بمحافظة شمال الشرقية)، وشهد بنت إبراهيم العبرية (مدرسة وادي السحتن للتعليم الأساسي بمحافظة جنوب الباطنة)، وفاطمة بنت حافظ البوسعيدية (مدرسة الشعثاء بنت جابر البوسعيدية بمحافظة الداخلية).
وتعكس مشاركة سلطنة عُمان في هذه المنافسة العلمية الدولية المرموقة مكانتها الريادية في رعاية المواهب وتعزيز الابتكار على المستويين الإقليمي والعالمي، وتُبرز التطور النوعي والتقدم الملموس الذي حققته السلطنة في مجالات تعليم العلوم والفيزياء بشكل خاص، بالإضافة إلى التركيز على الاستراتيجيات الوطنية الناجحة في تنمية الموارد البشرية وتطوير المواهب الوطنية.
ويُعدُّ أولمبياد الفيزياء الآسيوي (APhO) مسابقة سنوية قارية في مجال الفيزياء، تستهدف طلبة المدارس من مناطق آسيا وأوقيانوسيا. وقد تأسست المسابقة عام 2000م بمبادرة من دولة إندونيسيا، وتتضمن اختبارًا نظريًا مدته خمس ساعات، واختبارات مختبرية مدتها خمس ساعات أخرى، حيث يُشارك فيها ثمانية طلاب من كل دولة يتنافسون على الفوز بالميداليات الذهبية والفضية والبرونزية أو الحصول على شهادات تقدير.