لجريدة عمان:
2025-03-11@17:17:01 GMT

كيف السبيل للحوار؟

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

(1)

الاستعارات البصرية

بعد الصور التي نشرها الإعلام الإسرائيلي للنازحين الغزاويين الذين تمت تعريتهم وتقييدهم، ولفقدان العرب قدرتهم على تخيل كيف يُمكن لصورة كهذه ألا تهز العالم، صاروا يلجأون لاستعارات بصرية علّها تُقرب للأذهان «الغربية» فداحة ما يحصل. إحداها صورة ليهود يقفون عُراة فيما تُوجه إليهم بنادق الألمان.

عندما يأتي أحدهم بفعل لا تفهمه تماما، فإنك تسعى لوضعه في سياق مألوف من أجل أن تتخيل إن كانت ستبدر عنك ردة الفعل ذاتها. فأنت تقول مثلا: «لو ولدي اللي صاير فيه كذا، والله لسوي مثل اللى سواه وأكثر».

الغرض من التنقيب في الأراشيف بحثا عن استعارات بصرية للحرب، للظلم للإذلال - هو القول: إن كان لون البشرة أو نوع الملابس لا يُتيح لكم تخيلهم كبشر مثلكم، فدعونا نضعها إزاء صورة مألوفة، لديكم حكم وعاطفة تجاهها، هل ترون الآن محنة هؤلاء؟

الأمر المُشكل في مقاربة كهذه، هو أنها تجلب إلى الأذهان فكرة مقارنة المعاناة، وتأخذ النقاش إلى منطقة تُجانب الغرض الأساسي من الحوار. فسؤال إن كانت الإبادة في غزة أسوأ من الهولوكوست، أو إن كانت تشبه، أو إن كانت تشترك معه في بعض الجوانب، كلها تأخذ من القضية الفلسطينية خصوصيتها وفرادتها.

لا يبدو أن استعارة الإطار النظري للهولوكوست يخدم أو يلائم السياق الفلسطيني. يظل اليهود هم الضحايا النموذجيين لهذا الشكل من المعاناة، مثلما أن استعباد السود هو النموذج المعياري للعبودية (مهما أصررنا على أن الوظيفة من التاسعة للخامسة هي عبودية أيضا).

لا تأتي هذه الدعوة للاستغناء عن استعارة كهذه قبولا ببعض تعريفات معاداة السامية (مثل تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، التي يُعد فيها إجراء مقارنة بين السياسات الإسرائيلية والنازية ضربا من عداء السامية، أو الذي أشارت إليه آنجيلا ميركل- في كلمتها التي ألقتها في الكنيست في الذكرى الستين لإقامة الدولة الإسرائيلية- أي التشديد على الفرادة التاريخية لوحشية الهولوكوست، ما أخذه البعض ليعني أن في مقارنته بأي معاناة أخرى معاداة للسامية)، بل لأنها تنقل العِراك الفلسطيني لمنطقة أخرى. ففي النهاية ما إسرائيل إلا كيان مُستعمِر، وطبيعة الصراع تختلف عن طبيعة الصراع اليهودي.

من يستخدمون استعارات كهذه -كما أفترض-، يضعون «الغربي» كمُخاطب مُستهدف. فأنت لا تحتاج لأن تشرح لأخيك أو صديقك عن المعاناة الفلسطينية باستعارات ومقاربات. ومتى ما قُورن الهولوكوست بأي نوع آخر من المعاناة سهل (لنجاح البروبجندا الإسرائيلية) في الاستخفاف بالحجة، لتبدأ موجة من الأسئلة التفنيدية السطحية المتعلقة بعدد الضحايا، أو الكيفية التي تعرضوا بها للقتل، وهكذا.

علينا أن نتقبل فكرة عجزنا عن تغيير الآراء والعالم. ثمة من يصرون إصرارا ساذجا لكنه -بل لأنه- قادم من قناعة عميقة بالخير في الناس، وأن عدم وقوف الناس في صف إخوتهم المستضعفين يأتي من كونهم غير عارفين بالظلم الواقع عليهم. ثمة شر، وعلينا قبول هذا. ثمة أيدٍ تُرفع لرفض قرار فوري بوقف إطلاق النار، وعلينا قبول هذا.

(2)

الحرية لفلسطين.. الديمقراطية لألمانيا!

ثمة شعار يُردد اليوم في ألمانيا: «الحرية لفلسطين.. الديمقراطية لألمانيا». الشعار الذي رفعته المنظمات والأفراد يُعبر عن ضيق الفلسطينيين ومن يقفون في صف القضية الفلسطينية بالاستبداد الألماني. خصوصا وأنه بدأ يُستغل من قبل بعض الولايات ضد المُهاجرين من جنسيات محددة. حسب مرسوم أرسلته وزارة الداخلية في ولاية ساكسونيا للسلطات المحلية في الولاية في نهاية نوفمبر، صار لزاما على مُقدمي طلبات الجنسية توقيع وثيقة يؤكدون فيها على اعترافهم بحق إسرائيل في الوجود كشرط للحصول على الجنسية. يؤكد المرسوم على أهمية التوثق من عدم وجود مؤشرات لعداء السامية لدى مقدم الطلب.

والآن صحيح أن ساكسونيا ولاية يقوى فيها حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي، المُعادي للمهاجرين بطبيعة الحال، لكن هذا يعكس المناخ في ألمانيا حاليا. فكون القادمين من الشرق الأوسط هم المدافعون الأشرس عن القضية، فإن اشتراط اعترافهم بحق إسرائيل في الوجود لأخذ الجنسية، يبدو شرطا قد وضع ليكون طاردا لهم. اليمين المتطرف (مع عدائه المحتمل لليهود)، يستغل اليوم مُعاداة السامية كأداة للتضييق على المهاجرين وطردهم خصوصا ممن لا ينتمون للعرق الأبيض.

انتشر في الأيام الماضية تسجيل لفلسطيني يلبس الكوفية، يتعرض للمضايقة من قبل راكبي مترو بيض. قام الشاب بتسجيل نفسه من باب الحماية، فالكاميرات اليوم تُستخدم كشاهد وحارس. حسب شهادته على الشبكات الاجتماعية فإن ما فاجأه أكثر من واقع تعرضه للتحرش دون سبب معقول، هو عدم تدخل أي شخص للمساعدة. إن هذا حدث على مرأى من الجميع، دون أن يخطر ببالهم الدفاع أو التدخل. وحسب رأي الشاب، فإن ألمانيا صنعت نوعا من المعاداة لأنصار القضية الفلسطينية، وأججت بإعلامها وسياساتها العنصرية ضد الملونين.

وسط كل هذا لا يُستغرب أن يشعر المهاجر منا بانسداد الأفق. لا تُنبؤ الأحداث أن هذا في طريقه لأن يتغير - ليس في أي وقت قريب على أي حال. ووسط هذا لا يُمكننا إلا الترقب، والقلق من الآتي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إن کانت

إقرأ أيضاً:

استئناف إدخال المساعدات ضرورة| وخبير: يجب إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية باستمرار

تعيش الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل ظروف إنسانية قاسية بفعل استمرار الحصار والمواجهات العسكرية، مما يهدد حياة الملايين من المدنيين ويؤثر بشكل كبير على توفير الخدمات الأساسية. 

وهناك ضرورة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليعكس حجم الأزمة المستمرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في غزة. 

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن الدور المصري في القضية الفلسطينية يتخذ عدة اتجاهات، ولا يقتصر فقط على وقف إطلاق النار، أو الوساطة، أو حتى تقديم خطة لإعادة إعمار غزة.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مصر تسعى بجدية لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ويجب أن نحرص دائما على إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية وتقديم رؤية حل الدولتين، كما أن الاتصالات مستمرة بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك حماس، السلطة الفلسطينية، والجانب الإسرائيلي.

استئناف إدخال المساعدات الإنسانية

ومن جانبه، شدد  مهند هادي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على ضرورة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى قطاع غزة على الفور. 

وأكد أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى تقويض أي تقدم تم تحقيقه خلال فترة وقف إطلاق النار، موضحا أن قرار إسرائيل بتقييد إمدادات الكهرباء إلى القطاع سيؤثر بشكل كبير على توفر مياه الشرب في غزة، ويزيد من معاناة المواطنين في ظل نقص المياه المستمر.

وتابع: "إن أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة مروا بتجارب إنسانية مروعة على مدار أشهر، وأصبحت المساعدات الإنسانية شريان الحياة لهم،  والقانون الدولي الإنساني يفرض على الأطراف المعنية ضرورة توفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين، بما يشمل السماح بإدخال المساعدات وتوزيعها دون أي عقبات، مؤكدا أهمية استمرار وقف إطلاق النار وضمان التزام الأطراف بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك إطلاق سراح جميع الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية".

خبير: اتصال السيسي وقيس سعيد أكد الدعم التونسي الكامل لخطة مصر لإعمار غزةصحف العالم.. إسرائيل تقطع الكهرباء عن آخر منشأة في غزة تستقبل الكهرباء.. الاحتلال يريد عودة الإبادة بقوة.. واجتماعات أوكرانية أمريكية في السعوديةإغلاق المعابر وتأثيرها على المساعدات

كما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة قد أُغلقت أمام دخول البضائع منذ تسعة أيام متتالية، مما أثر بشكل كبير على قدرة الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين في إيصال المساعدات إلى القطاع، ولا يزال معبر كرم أبو سالم مغلقا، وهو ما يعوق إدخال الإمدادات الإنسانية اللازمة لملايين الفلسطينيين.

وحذرت الأمم المتحدة وشركاؤها من التأثير الكبير لنقص الوقود على عمليات الإغاثة في القطاع، وفي ظل نقص الموارد، يتم تحديد أولويات توزيع الإمدادات المتاحة، كما تم إغلاق ستة مخابز في خان يونس ودير البلح بسبب نقص غاز الطهي، بينما لا يزال 19 مخبزا يعملون بدعم من برنامج الأغذية العالمي.

الدعم الصحي والتعليم  

ورغم الموارد المحدودة، قامت الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال الصحة الإنجابية بتوسيع خدمات الأمومة وتوزيع الإمدادات الطبية لدعم 5000 ولادة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. 

وفي مجال التعليم، تم افتتاح مزيد من المدارس في غزة لتوفير فرص التعليم للأطفال في ظل الظروف الصعبة، حيث أصبح الآلاف من الأطفال في شمال غزة ومدينة غزة ودير البلح وخان يونس ورفح قادرين على الوصول إلى التعليم.

أما عن الوضع في الضفة الغربية، أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى استمرار عمليات القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، حيث قامت مجموعة من المستوطنين بتخريب الأراضي الزراعية وآبار المياه المملوكة للفلسطينيين في نابلس.

 كما تم الإبلاغ عن نزوح أكثر من 2000 فلسطيني، نصفهم من الأطفال، بين يناير 2023 وبداية العام الحالي 2025 بسبب تصاعد العنف من المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول إلى الأراضي والمرافق.

 والجدير بالذكر، أن  الوضع الإنساني في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة يزداد سوءا مع مرور الوقت، وتزداد المعاناة في ظل تقييد المساعدات الإنسانية، وفرض الحصار، والاستمرار في العنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين.

ولقد أصبحت الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية والإغاثة الدولية أكثر وضوحا من أي وقت مضى، ولا بد من اتخاذ خطوات عاجلة لضمان وصول المساعدات، وتوفير الخدمات الأساسية، والالتزام بالمعايير الإنسانية والحقوقية الدولية من أجل الحفاظ على حياة المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية.

هيئة فلسطين للإغاثة تنفذ مشروع تزويد النازحين في غزة بالخيام المقاومة للمياهبرلماني: اعتماد خطة إعمار غزة خطوة جادة لحل القضية الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • برلماني: كلمة الرئيس بالندوة التثقيفية أكدت ثبات موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية
  • استئناف إدخال المساعدات ضرورة| وخبير: يجب إعادة القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية باستمرار
  • برلماني: اعتماد خطة إعمار غزة خطوة جادة لحل القضية الفلسطينية
  • برلماني: خطوات مصرية جديدة لحلحلة القضية الفلسطينية ورفض التهجير
  • محمد فراج: القمة العربية شهدت مخرجات مهمة لصالح القضية الفلسطينية
  • يوسف زيدان : شايل هم القضية الفلسطينية .. فيديو
  • خبير علاقات دولية: أهم مخرجات القمة العربية رفض تصفية القضية الفلسطينية
  • خبير: أهم مخرجات القمة العربية الطارئة رفض أي مخططات لتصفية القضية الفلسطينية
  • مستشار رئيس حماس: مصر تبذل جهودًا كبيرة لدعم القضية الفلسطينية
  • أوزغور أوزيل: نقف إلى جانب القضية الفلسطينية