فـي نَـعْـيِ «نهايـة العـروبـة»
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
ليست جديدة هي تلك الدعـوات، المنبعثة من هنا ومن هناك، التي تَـنعَى العروبـةَ نعـيَ الواثق من «قضاء نَـحبها»، والتي لا يخفي بعض الألسنة اللاهـجة بنهايتها ذلك المقـدار المَهـول من مشاعر الكيد والتشفي التي يضمرها وهو يـلقي بدعواه. ليست جديدة لأنـها ترددت، كثيرا في أزمنة من الماضي القريب؛ رأيناها تنطلق غب انفراط الوحدة المصرية- السوريـة قبل نـيـف وستين عاما؛ ورأيناها تحتطب لنفسها قرائنَها من الأعواد اليابسة غداة الهزيمة العربية في حرب يونيو 1967؛ ورأيناها تتجدد بعد رحيل عبد الناصر.
لا تـفصح هذه الدعـوات عن نفسها سياسيـا دائما وفي الأوقات كافـة، بل كثيرا ما قدمت نفسها في صورة «ثـقافيـة» أو قـل - للـدقـة - في صورة إيـديولوجية. في كل مـرة نصطدم بمن يبحث للعروبة عن نقائضها للحط منها، أو - على الأقـل - للنيل من مركزيـتها: مـرة باسم النـزعات الشوفينـية القديمة (الفرعونيـة، الفينيقـيـة...) التي يصار إلى ابتعاثها من جديد سعيا وراء نسف الهوية العربية للبلد الذي تنـطلق منه هاتيك الدعـوات؛ ومـرة باسم العالمية والانفتاح ونـشدان الكونيـة حيث يَـشرَع مَن يَشـرع في تحقير اللغة والثـقافة العربيـتين والقـدح فيهما، وفي إقـامة مهرجانات مديح مكتوب في اللغات والثـقافات الغربيـة (الإنكـليزيـة والفرنسية خاصـة)؛ فيما تنصرف تلك الدعـوات - مـرات أخرى - إلى وضع الإسلام مقابلا للعروبة وكأنـما هما على طرفي نقيض وليسا متلازمين!
لهذا الاجتـراء السـافر على العروبة سياقات يجري فيها نستطيع تمييز ثـلاثة سياقات منها: سياق ذاتـي تراجعي؛ سياق عولمي؛ وسياق أنثروپـو- ثـقافي انكفائي. وهي سياقات لا يـفضي بعضها إلى بعض دائما، لكن النـتائج التي عنها تـسفـر تأتي مترابطة يَـشهد بعضها لبعض.
من تحصيل الحاصل أن يأتيَ العروبةَ بعض الإيذاء من كثير ممن هم يحملونها سَـمـتا ونَعـتـا ويـنسَبون إليها. هكذا هي حال عرب اليوم، شعوبا ودولا، مع العروبة نفـعا وضَـرا. يعلو شأنهم فيرتفع بعلـوه مَقَامها وتَسمق سمعتهـا؛ وتَحـل بهـم الهزائم والكَـبوات فيأتي عليها حصاد ذلك بوخيـم العقابيل. وها هي حال العرب، اليوم، كما قـد عَـلمـنا من السوء والعسر بحيث لا مزيد عليها؛ وها هي مكانتهم في سلم القـوة الاقتصادية والعلمية في العالم تتراجع، بالتـدريج، إلى وراء الوراء في المراتب، وهيبتهم في المحيط الدولي تتآكـل إلى درجة اجتراء الآخرين عليهم. ماذا يسع العروبةَ، في مثل هذه الحال من وهنـهم، غير أن تكون على مثالهم: ملقاة على قارعة طريق التاريخ من أسف! والأنـكى أن لا يصيب صورتَها تراجع عند غير العرب فحسب، بل عند العرب أنفسهم أو عند من يعيش بين ظهرانيهم من جماعات أقواميـة أخرى!
على مثال هذا السياق العربي التراجعي الذاتي وجدت العروبة نفسَها تدفع ثمنا تـرتبه عليها أحكام سياق دولي مستجـد وفي جملتها (أي الأحكام) الاستباحة والمَحـو والإلغاء باسم الكونيـة ووحدة المعايير الإنسانية. العروبة، هنا - وهي في هذا تشبه كـلَ خصوصية لكل أمـة أو حضارة-، مدعـوة إلى أن تتخلى عن كـل ما تتمسك به من مبادئ خاصـة ومن قيم لكي تدخل - بقـوة العـنف العولمي - في منظومة «الكونية» تلك، ولكن لا بما هي مصدر من مصادر تلك الكونـية، بل من حيث هي ساحة مفتوحة لفعل تلك «الكونية» فيها؛ ذلك أن منطق العولمة التدميري يقضي بالزحـف على السيادات جميعها والخصوصيات جميعها: والعروبة- مثل غيرها- سيادة وخصوصية: في الشخصية الثـقافيـة واللسانية والهوياتـية. وإذا ما أضفنا إلى هذا العدوان العولمي على العروبة العدوانات العسكرية على الشعوب والدول العربية- وآخرها ما شهدنا عليه بمناسبة اندلاع أحداث ما سمي بـ «الربيع العربي»- تبين إلى أي حـد كان هذا العدوان الخارجي على العروبة موجـعا.
السياق الثالث من مصادرَ عـدة: داخليـة وخارجيـة، وإن كان واحدا في الطبيعة والأهـداف (التجزئة والتقسيم). أمـا أن مصادره داخليـة فلأن قـواها من جماعات محلية منشقـة عن العروبة بدعوى استقلالها بهويـات خاصة؛ وأما أن مصادره خارجية فلأن قـوى الهيمنة النيوليبراليـة العولمية هي التي ترعى حالات الانشقاق الداخلي تلك وتجنـدها للتـمرد على رابطـة العـروبة قصد تمزيقها، من طريق اصطناع حرب هويـات وهـمية بين العروبة وما ينتمي إلى حوزتها من تعبيرات ثـقافـية باللهجات المحلية. وغني عن البيان أن الهـدف من هذه المعركة مع العروبة هـو استـنزافها من الداخل، وتهشيش مركزيـتها في الاجتماع الوطني وصولا إلى إسقاطها كليـة وتمزيق أواصـر ذلك الاجتماع وتفتيـته إلى وحـدات هـويـاتيـة أنثروپـوثقافية صغرى لإعادة تركيبه في صورة كيانات مجـزَأة!
تَـعمل قـوى هذا الاجتراء منفردة أو بالتـناغـم، ولكن للهدف عينـه: إفـقار العروبة من موارد قـوتها وإضعافها أو إسقاطها تسويغا لأفكـار أخرى: الوطنـية الضـيـقة المناهضة للعروبة، الفكرة الكونيـة العولميـة الاستباحية والإلحاقيـة، ثم فكرة الهويـات الفرعيـة المتطلعة إلى كينونة سياسية. مع ذلك؛ مع أنـنا لا نستهين بإذايـة هذه الجهات المفتوحة على العروبة، إلا أنـنا نجدنا في غـنى شديد عن الحاجـة إلى مقارعـة تفصيليـة لمثل هذه المَـزعمة الإيديولوجيـة عن «نهايـة العروبة»، لا لشيء إلا لأنـها غير ذات موضوع بل لا تفعل، في أزعومَـتها تلك، سوى ترتيل أمان وبغيات عسيرة التحـقـق في التاريخ.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على العروبة
إقرأ أيضاً:
في عاشر جولات دوري روشن.. الهلال يواجه الاتفاق.. والاتحاد ضيفًا على العروبة
هلال سلمان- جدة
تنطلق الجولة العاشرة من دوري روشن للمحترفين اليوم الخميس بثلاث مباريات؛ حيث يستضيف القادسية نظيره الفيحاء في الـ 5:30 مساء، ويحل الشباب ضيفًا على الخلود في الـ 6 مساء، والاتحاد ضيفًا على العروبة في الـ 8 مساء، وتتواصل الجولة بثلاث مباريات يوم الجمعة؛ حيث يستضيف الهلال نظيره الاتفاق في الـ 5:45 مساء، والأهلي نظيره الرائد في الـ 6:20 مساء، ويلعب في الـ 8 ديربي العاصمة بين الرياض والنصر، وتختتم الجولة السبت بثلاث مباريات؛ إذ يستضيف الفتح نظيره الخليج في الـ 5:30 مساء، والوحدة ضيفه ضمك في الـ 6:15 مساء، وفي الـ 8 يستقبل التعاون نظيره الأخدود.
الهلال VS الاتفاق
يستضيف الهلال المتصدر برصيد 25 نقطة، نظيره الاتفاق الـ 11 بـ 11 نقطة، ويسعى الهلال لتعويض فقدانه أول نقطتين في الموسم بتعادله مع النصر في الديربي الجولة الماضية، والابتعاد عن الاتحاد الثاني الذي لا يبتعد عنه سوى بفارق نقطة، في حين يأمل الاتفاق بتعويض خسارته الديربي أمام القادسية، وتحقيق أول فوز منذ 6 جولات لم يعرف فيها طعم الانتصار.
العروبة VS الاتحاد
يحل الاتحاد الثاني برصيد 24 نقطة، ضيفًا على العروبة الـ 12 بـ 10 نقاط، ساعيًا إلى فوزه السادس على التوالي؛ من أجل تشديد الضغط على المتصدر، فيما يتطلع العروبة لاستغلال عاملي الأرض والجمهور للخروج بنتيجة إيجابية أمام (النمور)، وتجنب الخسارة الثالثة على التوالي بعد هزيمتين أمام الشباب ثم الأخدود، ويغيب كريم بنزيمة عن الاتحاد لعدم اكتمال جاهزيته.
الرياض VS النصر
ديربي آخر في العاصمة يخوضه النصر خارج ملعبه أمام الرياض، ويملك النصر 19 نقطة في المركز الثالث، فيما يأتي الرياض سادسًا بـ 14 نقطة، ويسعى النصر لتحقيق الفوز بعد تعادلين مع الخلود ثم الهلال، أما الرياض فخسر أمام الاتحاد ثم تعادل مع ضمك، ويأمل بعدم العودة لدوامة الخسائر.
الأهلي VS الرائد
يستقبل الأهلي تاسع الترتيب بـ 11 نقطة، ضيفه الرائد العاشر بنفس الرصيد، وبعد خسارة الديربي أمام الاتحاد في الجولة الماضية، حقق الأهلي فوزًا كبيرًا في دوري أبطال آسيا للنخبة، ويأمل بنقل تفوقه القاري للساحة المحلية، وتعويض جماهيره الغفيرة، أما الرائد فعاد في المرحلة الماضية لتلقي خسارة أولى بعد 3 جولات، ويسعى لتجنب خسارة ثانية على التوالي ستجعله يتراجع في الترتيب.
التعاون VS الأخدود
يستضيف التعاون الثامن بـ 12 نقطة، نظيره الأخدود الـ 13 برصيد 8 نقاط. لم يفز التعاون في آخر 3 جولات؛ لذا يتطلع لاستغلال دعم الأرض والجمهور للتغلب على منافسه، أما الأخدود فحقق فوزًا لافتًا على العروبة برباعية نظيفة، ويأمل بالعودة بنتيجة إيجابية من القصيم.
القادسية VS الفيحاء
يملك القادسية 16 نقطة في المركز الخامس، ويستضيف الفيحاء الـ 16 بـ 7 نقاط، ساعيًا لفوز ثالث على التوالي بعد تغلبه على ضمك ثم على الاتفاق في ديربي الجولة الماضية، في حين يتطلع الفيحاء لمواصلة تجنب الخسارة بعد تعادلين متتاليين مع الاتفاق والفتح.
الخلود VS الشباب
يحل الشباب الرابع بـ 18 نقطة، ضيفًا على الخلود الـ 15 بـ 7 نقاط، وبعد تغلبه على العروبة ثم الوحدة، يتطلع الشباب لفوز ثالث على التوالي يؤكد به مكانه في مربع القمة، أما الخلود فحقق 3 تعادلات متتالية مع الفتح والنصر والتعاون، ويأمل ألا يتعرض للخسارة في ملعبه.
الفتح VS الخليج
يعاني فريق الفتح في ذيل الترتيب برصيد 5 نقاط، ومع أنه أوقف مسلسل الخسائر في الجولة الماضية بتعادله مع الفيحاء، إلا أنه بحاجة لاستفاقة قوية لتدارك أوضاعه، ويستقبل في هذه الجولة على ملعبه ضيفه الخليج السابع بـ 13 نقطة، الساعي لفوز ثالث على التوالي بعد تغلبه على الوحدة، ثم الرائد برباعية نظيفة في الجولة الماضية.
الوحدة VS ضمك
يحتل الوحدة المركز قبل الأخير بـ 6 نقاط، ولم يحقق أي انتصار في آخر 7 جولات، فيما يملك ضيفه ضمك 8 نقاط في المركز الـ 14، وعاد (فرسان مكة) للنتائج السلبية بعد الخسارة في آخر جولتين على يد الخليج والشباب، وعليهم استغلال الأرض والجمهور. أما ضمك فخسر أمام القادسية ثم تعادل مع الرياض ويأمل بتحقيق نتيجة إيجابية.