بعد شهرين من القتال، هاجمت إسرائيل 250 ألف هدف في قطاع غزة، ولم تقتل إلا 20% فقط من تقديرات ما قبل الحرب لعدد المقاتلين، وفق قولها، ما يعني أنها هجومها كان على المدنيين وليس المسلحين، ما يعني أنها خسرت حرب المعلومات.

هكذا يتحدث تقرير مطول في مجلة "نيوزويك" الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، كشف أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استخدمت إسرائيل نحو 140 ألف قطعة سلاح، ثلثها من الجو والباقي من الأرض، بما في ذلك المدفعية.

وتظهر بيانات المخابرات الأمريكية أن إسرائيل هاجمت حوالي 25 ألف هدف من الجو والأرض.

ويقول مسؤولون فلسطينيون إن ما يزيد على 50 ألف وحدة سكنية دمرت، كما لحقت أضرار بـ250 ألف وحدة أخرى، وهي تشكل نحو 60% من إجمالي المساكن في غزة.

كما تم تدمير حوالي 100 مبنى حكومي بالكامل، وفقًا لبيانات المخابرات الأمريكية.

ونظراً لحجم الأضرار داخل غزة، يتفق ضباط الجيش والمخابرات الأمريكية، على أن الخسائر في صفوف المدنيين التي يتم قياسها لكل قنبلة أو لكل هدف منخفضة بشكل استثنائي.

اقرأ أيضاً

وزير بمجلس الحرب: استمرار القتال سيكبد إسرائيل ثمنا باهظا في غزة

ومع ذلك، يبدو من غير المرجح، وفق المجلة، أن يحدث هذا فرقا كبيرا، عندما يقارن بمدى المعاناة الإنسانية الواضحة للغاية.

يقول ضابط كبير في الاستخبارات العسكرية الأمريكية: "تشن إسرائيل حملتها بحجة أنها تدمر حماس، في حين تقول، بعد شهرين، إنها قتلت حوالي 20% فقط من تقديرات ما قبل الحرب لعدد المقاتلين".

ويضيف: "إنها حالة كلاسيكية لكسب المعركة وخسارة الحرب، وأخشى أنه على الرغم من كل الجهود التي تبذلها، فإن هذا هو في الواقع هجوم على المدنيين".

ويلفت ضابط المخابرات، الذي شارك في مداولات داخل إدارة الرئيس جو بايدن ومناقشات مع نظرائه الإسرائيليين: "جزء من المشكلة هو غطرسة إسرائيل".

ويتابع: "حتى بالنسبة لنا، في محادثات خاصة وصريحة، أشار المسؤولون الإسرائليون إلى هجوم حماس المفاجئ ووحشيته، واستحضروا المحرقة، وألقوا باللوم على حماس، وأشاروا إلى أحداث 11 سبتمبر/أيلةل 2001".

في المقابل، وفق الضابط، فإن، "عمليتهم لا ترحم.. والحقيقة المؤكدة حاليا هي أن إسرائيل خسرت حرب المعلومات، لأنها دمرت الكثير، حتى لو كان بإمكانهم تبرير كل هجوم فردي".

اقرأ أيضاً

لا تستهدف حماس.. بل "حرب أمريكية إسرائيلية ضد شعب غزة"

ويستطرد الضابط الأمريكي: "إسرائيل تسببت بأضرار جسيمة بين المدنيين، ومستعدة للتسبب بأضرار مدنية كثيرة، سعيا لتحقيق أهداف الحرب النهائية".

كما نقلت المجلة الأمريكية عن ضابط إسرائيلي، رفيع كشفه تلقي تل أبيب انتقادات من واشنطن، لمجرد حديث الإعلام عن استهداف متعمد لمواقع بها مدنيون.

وقال: "لقد تلقينا الكثير من الانتقادات، خاصة في الولايات المتحدة، لدرجة أن وسائل الإعلام تفترض أن الأشياء التي أصيبت أو تضررت كانت مستهدفة عمداً".

وهنا علق ضابط كبير في استخبارات الدفاع الأمريكية، قائلا إن "تدمير مباني بأكملها لقتل إرهابي واحد أو عدد قليل من الإرهابيين ليس له أي معنى، لا من حيث الحسابات البشرية أو من حيث الكفاءة العسكرية".

في غضون ذلك، لفتت مصادر للمجلة الأمريكية، إلى أن مجتمع الاستخبارات الأمريكية، يتفق داخليا على أن عدد القتلى يتوافق مع إحصاءات وزارة الصحة بغزة.

ولفت الضابط الأمريكي المشارك في المداولات، بالقول: "نظراً لحجم القصف الإسرائيلي، والتداخل بين العسكريين والمدنيين، والكثافة السكانية في غزة، فإن الأرقام ليست صادمة".

ووفق آخر إحصاء لوزارة الصحة في غزة، فقد ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع، إلى 18 ألفا و608 شهداء، و50 ألفا و594 مصابا، 70% منهم من الأطفال والنساء، فضلا عن الإبلاغ عن حوال 6500 مدني في عداد المفقودين تحت الأنقاض.

اقرأ أيضاً

هل تشارك قوات أمريكية في "تحقيق الاستقرار" في غزة بعد الحرب؟

ووفق الضابط الأمريكي، فإن إدارة بايدن بدأت مناقشات داخلية بشأن الرد الإسرائيلي مع تزايد الاحتجاجات الدولية، مؤكدا أن واشنطن تدعم هدف الحرب بالقضاء على "حماس"، لكنها غير مرتاحة لطريقة تحقيق ذلك.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعامل مع مجلة "نيوزويك"، وأجاب بـ"لا تعليق" على سلسلة من الأسئلة المحددة المتعلقة بالأسلحة والأهداف وسير الحرب.

في المقابل، نقلت "نيوزويك"، عن مصادر أمريكية وإسرائيلية متعددة، تقديم واشنطن لتل أبيب 3 نقاط جوهرية فيما يتعلق بإدارة الحرب، أولها التشكيك في ضرورة قصف البنية التحتية المدنية، لتحقيق مكاسب طويلة الأمد تتمثل في حرمان "حماس" من قاعدة عمليات.

الأمر الثاني، هو التشكيك في استخدام إسرائيل لقنابل تزن 2000 رطل وشراسة قصفها الأولي في الشمال، بحجة أن الأسلحة ذات القوة الانفجارية الأقل قد تؤدي إلى خسائر أقل.

أما الأمر الثالث، وفق المجلة، فإن الولايات المتحدة شككت في هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على "حماس"، وهو الهدف الذي انبثقت منه العديد من المبررات المستهدفة.

وتضيف "نيوزويك": "لم يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن هذا الهدف مستحيل التحقيق فحسب، بل كانوا يخشون أيضًا من تداعيات سعي إسرائيل إلى تحقيق هذا الهدف، لافتين إلى أن وصمة القصف العشوائي والاعتقاد السائد بأن إسرائيل تقتل المدنيين عمدًا من شأنه أن يقوض أمن إسرائيل حتى لو فازت بالمعركة".

اقرأ أيضاً

مسؤول أوروبي: وضع غزة كارثي و الدمار أكبر مما شهدته ألمانيا في الحرب العالمية الثانية

المصدر | نيوزويك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حماس حرب غزة حرب المعلومات غزة إسرائيل بايدن أمريكا اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضابط إسرائيلي: 7 أكتوبر هي الحرب الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية

وصف الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) مايكل ميلشتاين هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنه الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية، قائلا إن "إسرائيل تواجه كيانات غير حكومية تدافع عن رؤية إسلامية متطرفة، ولكنهم هذه المرة أكثر عددا وأكثر تنسيقا وأفضل تجهيزا"، معتبرا أن هذا المزيج "يخلق تهديدا إستراتيجيا حقيقيا لإسرائيل".

وأوضح المحلل الذي يترأس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب -في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت- أن الحرب الحالية هي "الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية، وقد صاحبها اجتياح غير مسبوق لأراضي البلاد، ومذابح جماعية واختطاف للمدنيين، وإخلاء واسع للمستوطنات في الجنوب والشمال".

وأضاف "لقد جربت إسرائيل في السابق أنظمة متعددة الساحات والصراعات مع قوى غير تابعة للدولة، لكن هذه الأنظمة كانت محصورة في الغالب على حدودها المباشرة، ولم يتم نشرها في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله".

وأردف قائلا "وإلى جانب الحرب في غزة، هناك مواجهة مع حزب الله اللبناني، وتهديد الحوثيين في اليمن، والمقاومة الإسلامية بالعراق، بالإضافة إلى المواجهة المباشرة الأولى بين إسرائيل وإيران، التي تغذي جزءا كبيرا من التهديدات الحالية".

نقاط القوة

وتحدث الضابط السابق عن اختلاف الصراع الحالي مع محور المقاومة عن الحروب السابقة التي خاضتها إسرائيل ضد جيوش ودول، مؤكدا أن هذه التنظيمات "تدير صراعا غير متكافئ، بالاستناد إلى قوة المدفعية وحرب العصابات والإرهاب، وتتمتع بميزات الصبر والصمود، وقدرة على الذوبان في الفضاء المدني، إذ إن أي قتال ضدها يثير معضلات أخلاقية وضغوطا دولية".

واعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي أن هذه التنظيمات لم تعد تركز فقط على حرب العصابات أو إطلاق الصواريخ، بل إنهم مجهزون بقدرات الجيوش التقليدية، ولم يعد هدفهم النصر من خلال عدم الخسارة، بل استنزاف إسرائيل من خلال جعل خسائرها تهدد نسيج الحياة المستقر فيها، على حد قوله.

وعدّد التغييرات التي منحت قوة إضافية لتنظيمات المقاومة، معتبرا أنها "أصبحت ذات سيادة بحكم الأمر الواقع (حماس) أو شبه دولة (حزب الله)، لكنها لم تتخل قط عن رؤيتها الأيديولوجية. فهم يتمتعون بالقوة العسكرية التي تتمتع بها الدولة، ويهندسون وعي الجمهور الخاضع لهم، كما يتبين في غزة، التي يرتبط عديد من سكانها بحماس ويندمجون في أنشطتها".

وحذر من خطورة تحول الصراع الحالي تدريجيا إلى حرب استنزاف على جبهتين، في ظل الخلافات الداخلية الحادة داخل إسرائيل والتوتر بين تل أبيب وواشنطن.

وأكد أنه رغم الضربات التي تلقتها حماس، فإنها لا تزال هي العامل المهيمن في كل مناطق قطاع غزة، ولا تسمح لأي بديل أن ينمو مكانها، وقد نجا جزء كبير من قيادتها، وذراعها العسكرية فعالة، في حين يهيمن التنظيم على الفضاء المدني، ولم يتطور أي احتجاج واسع النطاق ضده.

وأردف قائلا إن "هذا يعكس فشل الإستراتيجية التي ظلت إسرائيل تستخدمها طوال الأشهر الماضية، والتي بموجبها يمكن تقويض حكم حماس تدريجيا من خلال الغارات، حتى بدون سيطرة ووجود مباشر في الأراضي المحتلة".

توصيات

ودعا الضابط الإسرائيلي السابق إلى "الاختيار بين احتلال غزة بالكامل، وهو ما لا ينطبق في الوقت الحالي، وبين صفقة تؤدي لوقف القتال في الوقت الراهن"، ولكنه اعتبر أنه في أي صفقة مع حماس يجب "إيجاد نظام جديد في محور فيلادلفيا لمنع إعادة تأهيل غزة وحرمان حماس من الحفاظ على الجهاد والحكم".

كما دعا إلى التخلي عن المفاهيم التي قامت عليها الإستراتيجية الإسرائيلية في العقود الأخيرة، وفي مقدمتها السلام الاقتصادي والحرب بين الحروب، واستبدالها بمبادرات هجومية واسعة، خاصة ضد حماس، التي لا يمكن التصالح معها أو استمرار وجودها كحكومة في غزة.

أما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ككل، فقد اقترح "دراسة الفصل المادي بين الشعبين، مع منع التهديد الوجودي الذي قد ينشأ عن الاستقلال الفلسطيني (وخاصة السيطرة على البوابات بين الفلسطينيين والعالم)".

وبخصوص إيران، قال "علينا أن ندرك أن إيران هي التهديد الإستراتيجي ونركز عليها، خاصة في البرنامج النووي، مع إقناع العالم بالتهديد الذي تشكله في عديد من الساحات (على سبيل المثال البحر الأحمر وأوكرانيا)، مما يحتم عزلها والنشاط ضدها".

وخلص إلى ضرورة التركيز على التهديدات الخارجية، والتخلي عن القضايا التي تخلق الانقسامات الداخلية التي أضعفت إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وصرفت الانتباه عن التهديدات الوجودية.

مقالات مشابهة

  • لابيد يحدد نقطة ضعف الجيش الإسرائيلي
  • معاريف: “إسرائيل” خسرت منذ اللحظات الأولى للحرب.. عجز لا ينتهي
  • مقترح وقف إطلاق النار في غزة.. نتانياهو يدلي بتصريحات جديدة
  • مصادر: حماس تتخلى عن مطلب رئيسي بمفاوضات غزة
  • حماس تنتظر الرد الإسرائيلي على اقتراح وقف إطلاق النار
  • ضابط إسرائيلي: 7 أكتوبر هي الحرب الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية
  • ديفيد هيرست: هكذا استدرجت حماس إسرائيل إلى فخ مميت
  • مقاومة واستبسال في رفح والشجاعية
  • اجتماع حزب الله بحماس.. لقاء تصعيد أم تهدئة؟
  • واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تصف التصريحات الإسرائيلية بشأن استئناف المفاوضات بـ«الانفراجة»