ختم مؤتمر الأطراف للمناخ "كوب 28"، أعماله، الأربعاء، باتفاق وصفه رئيسه سلطان الجابر بـ"التاريخي"، كونه يشمل حزمة من التدابير "القوية" للتمكن من تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

يتضمن النص المقترح للاتفاق، 8 أنواع من الإجراءات، شملت مصير جميع أنواع الوقود الأحفوري من النفط والغاز والفحم، من دون إدراج عبارة "الاستغناء" عن هذا الوقود، التي طالبت بها الدول الأكثر طموحاً ورفضتها الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها السعودية.

وينص الاتفاق على التحوّل من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني عام 2050 تماشياً مع ما يوصي به العلم، والدعوة إلى تسريع العمل خلال العقد الحالي كانت مطلب الاتحاد الأوروبي والكثير من البلدان الأخرى.

انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري تصل إلى مستوى قياسي

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان أن عصر الوقود الأحفوري "يجب أن ينتهي من خلال تحقيق العدالة والإنصاف".

أما المبعوث الأميركي للمناخ، جون كيري، فاعتبر أن اتفاق "كوب28"، "يبعث رسالة قوية إلى العالم". كما أعلن أن بلاده والصين تعتزمان "تحديث الاستراتيجية المناخية طويلة الأمد".

إنجازات غير مسبوقة

و"تم الاتفاق على هذه الإجراءات بعد مفاوضات شاقة، لا سيما في اليومين الأخيرين، وذلك بعد اعتراض نشطاء البيئة على المسودة الأولى كونها لم تتضمن أي بند عن الوقود الأحفوري"، كما يقول الباحث في مجال الطاقة، في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، مارك أيوب.

الإنجاز الذي خرج به المؤتمر، بحسب ما يؤكد أيوب لموقع "الحرة"، هو "التطرق للمرة الأولى في قمم المناخ إلى الابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري بطريقة عادلة، وليس الاستغناء التدريجي عنه، لذلك واجه تشدد كبير ورفض من قبل البعض، كونه يضع الدول المنتجة للنفط بما فيها الدولة المستضيفة للمؤتمر وشركات النفط العالمية أمام تحد كبير".

ومن إنجازات المؤتمر كذلك "تأكيده على أن هدف اتفاق مؤتمر باريس عام 2015 بشأن خفض الدول لانبعاثاتها للوصول إلى احترار عالمي 1.5 درجة مئوية، لا يزال قائماً، وبأن تحقيقه ليس أمراً مستحيلاً لكنه يحتاج إلى عمل".

كما يحسب لهذا المؤتمر توصله، بحسب أيوب، إلى "رفع قدرة الطاقة المتجددة عالمياً إلى 3 أمثالها ومضاعفة المعدل السنوي العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بحلول 2030".

كوب 28 توصل إلى هدف رفع قدرة الطاقة المتجددة عالمياً ثلاث مرات

لكن العقبة الأساسية تكمن، كما يقول الباحث في مجال الطاقة، في تمويل البنود التي تم الاتفاق عليها، "فكل ما تم جمعه في صندوق الأضرار والخسائر هو 700 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يتعدى الواحد في المئة من حاجات الدول المتضررة من تغير المناخ".

تفاؤل مبالغ فيه؟

ويشيد أيوب بالمؤشرات المهمة التي تعكس إجماع الدول على قرارات لا بد منها للحد من تغير المناخ، لكنها لا تزال حبراً على ورق، فالعبرة تبقى بالتنفيذ".

لكن رغم الإشادة التي حصل عليها المؤتمر، إلا أن العضو المراقب في الأمم المتحدة لشؤون البيئة، سمير سكاف، يعتبر أن العالم لا يزال بعيداً عن نهاية استخدام الوقود الأحفوري، قائلاً "النوايا موجودة منذ زمن، لكن المشكلة الأساسية لا تكمن في وضع البنود، بل في الالتزام بتطبيقها، ولدينا تجربة باريس 15 لعدم وفاء الدول بتعهداتها"، ويضيف في حديث لموقع الحرة "هي بنود طموحة لكن هل ظروف الدول تسمح بتطبيقها".

وهو ما أكد عليه الجابر في ختام أعمال المؤتمر بالقول "يجب أن نكون حذرين، فالاتفاقية جيدة حينما يتم تطبيقها. نحن ما نفعل وليس ما نقول. يجب علينا اتخاذ الخطوات لتحويل الاتفاقية إلى أفعال واقعية".

من جانبه يرى خبير اقتصادات النفط والغاز، فادي جواد، أن "الخلافات التي عصفت بالمؤتمر وأفضت إلى وثيقة اتفاق التحول إلى بدائل للوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات، لم تكن على قدر الآمال التي عقدت لمعالجة الاحتباس الحراري".

ويشرح جواد في حديث لموقع "الحرة": "الاتفاقية غير ملزمة، فهي عبارة عن تمنيات ودعوات للمساهمة في حل مشكلات الانبعاثات الناجمة عن استعمال الوقود الأحفوري والتحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة، من دون خطة زمنية ملزمة للدول للتطبيق ومشاريع طاقة بديلة مجدولة للسير بها".

الكلام عن التحول من استخدام الوقود الأحفوري في العقد الحالي، "مبالغ فيه" كما يرى جواد، "نحن غير مستعدين لهذا التحول قبل عام 2040، وتدريجياً إذا لم تطرأ أي كارثة شبيهة بأزمة وباء كورونا تعيدنا إلى نقطة الصفر".

علامات استفهام

يشير سكاف إلى بند رفع الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف، قائلاً "هذا البند من أهداف رئاسة المؤتمر قبل بدايته، لكن وُوجه بعرقلة من قبل الصين والهند، بالتالي هل ستوقعان على الوثيقة وتلتزمان بما ورد فيها؟ كما أن تنفيذ هذا البند يحتاج إلى استثمارات مالية هائلة جداً، فهل لدى القطاع العام القدرة على تحمله وهل القطاع الخاص قادر على تعبئة الهوّة بين النوايا وقدرات الدول"؟

أبرز البلدان المسببة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون

كذلك الحال فيما يتعلق ببند تخفيض استخدام الفحم الحجري، حيث يقول سكاف "ترفع الصين والهند من عدد منشآت الطاقة التي تعمل على هذا الوقود، فهل هما على استعداد للاستغناء عنها، إضافة إلى لجوء دول أوروبية يفترض أنها بيئية كألمانيا وبولندا للفحم الحجري على إثر الحرب الأوكرانية الروسية وتوقف إمدادات الغاز الروسي، واعتماد بريطانيا ودول الكومنولث عليها، فهل هذه الدول مستعدة لتخفيض استخدامها"؟ ويشدد: "بحكم الخبرة يمكن نفي ذلك إلى حد الآن".

أحد المشكلات الأساسية، كما يقول العضو المراقب في الأمم المتحدة لشؤون البيئة، هو "اعتبار الطاقات المتجددة سلعة، مما يعني أن سعرها مرتفع ويصعب الحصول عليها، لذلك لا بد من اعتبارها مثل الدواء، ونوعاً من العلاج كي تتوفر للجميع بأسعار مخفضة، ما يفسح المجال أمام إمكانية اعتمادها، وهذه نقطة جوهرية للذهاب إلى الطاقات المتجددة من عدمه".

أما جواد فيشدد على أن "نهاية الاعتماد على الوقود الأحفوري ليست قريبة أو في المدى المنظور، كونه يتعلق بثروة قومية لدول لها حضور وقرار في المجالس الدولية، يضاف إليها "هوامير" شركات النفط والغاز القادرة على تغيير أنظمة من أجل تأمين مصالحها. بالتالي هذا الموضوع بحاجة لإرادة صادقة وليس سياسة مصالح اقتصادية". 

ويرى جواد أن الحل يكمن في "إلزام الدول على تطوير تقنيات تقلص الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري والتلوث البيئي، ووضع عقوبات لمن لا يقدم على ذلك، وبالتوازي مع ذلك يكون العمل على مشروعات الطاقة المتجددة قائم بمجهود عالمي قابل للتحقيق بموافقة معظم الدول المنتجة للنفط والغاز، إذ عندها نكون على الطريق الصحيح للمعالجة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: استخدام الوقود الأحفوری الطاقة المتجددة

إقرأ أيضاً:

بنك نكست يوقع بروتوكول تعاون مع تومورو سولار لتمويل وحدات الطاقة الشمسية

 أعلن بنك نكست، أحد البنوك الرائدة في مصر والمتخصص في تقديم حلول مصرفية شاملة للأفراد والشركات، عن توقيع بروتوكول تعاون مع شركة "تومورو سولار"، المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية، لتمويل إنشاء محطات طاقة شمسية لعملاء البنك في القطاع السكني. تأتي هذه الشراكة في إطار التزام البنك بدعم التحول نحو الطاقة المتجددة وتعزيز الاستدامة البيئية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
وفي إطار هذا التعاون، يقدم بنك نكست تمويلًا يصل إلى 100% من تكلفة الألواح الشمسية وتركيبها، بأسعار فائدة تنافسية مع إعفاء كامل من الرسوم الإدارية، وبخطط سداد مرنة تصل إلى 7 سنوات (84 شهرًا). كما يتميز التمويل بسرعة الموافقات، وإجراءات ميسّرة، ومتطلبات مستندية مخفّضة، مما يسهم في تمكين العملاء من الانتقال إلى الطاقة النظيفة بسهولة وكفاءة.
ويأتي توقيع هذا البروتوكول تماشيًا مع رؤية مصر 2030، التي تستهدف زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة لتوليد 42% من إجمالي الكهرباء بحلول عام 2035. ويعكس هذا التعاون التزام بنك نكست بدعم الاقتصاد الأخضر من خلال تسهيل الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والمساهمة في تحقيق مستهدفات مصر.
هذا وقد تم توقيع البروتوكول بحضور كل من شريف ندا رئيس مجموعه التجزئة المصرفية، شبكة الفروع و BBلبنك نكست، ومصطفى نبيل مشرف، رئيس مجلس الادارة لشركة تومورو سولار ولفيف من قيادات البنك والشركة. 
 

وزير الإسكان: جارٍ تنفيذ 2532 وحدة سكنية جديدة بـ"سكن لكل المصريين".. ومشروعات بنية أساسية بمدينة المنيا الجديدةالري: لدينا عجز بمقدار 34 مليار متر مياه يتسبب في استيراد الغذاء

صرح تامر مصطفى، رئيس مجموعة أول لتطوير الأعمال والتنمية المستدامة ببنك نكست، "ان هذه الشراكة مع "تومورو سولار" خطوة استراتيجية ضمن التزامنا بتمويل الحلول المستدامة التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الأخضر ودعم مستقبل الطاقة في مصر. كما أضاف، ان المبادرة لا تقتصر فقط على تمويلاً ميسرًا للأفراد في المنازل والمجمعات السكنية، بل ترسّخ دور بنك نكست في تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة كخيار أساسي للحياة اليومية. إن تسهيل الوصول إلى التمويل عبر إجراءات مرنة وخطط سداد ممتدة لا يعزز الاستدامة البيئية فحسب، بل يدعم أيضًا النمو الاقتصادي ويوفر مزايا طويلة الأجل للأفراد والمجتمع، مما يرسّخ أسس اقتصاد أكثر استدامة وكفاءة."
ومن جانبه، صرح مصطفى نبيل مشرف، رئيس مجلس إدارة شركة تومورو سولار، "أن الشراكة مع بنك نكست تمثل خطوة استراتيجية نحو دعم التحول إلى الطاقة المتجددة، من خلال توفير حلول مالية وتقنية مبتكرة تساهم في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية بما ينعكس إيجابيًا على مستقبل مصر". 
ومن خلال هذه المبادرة، يواصل بنك نكست وشركة "تومورو سولار" موقعهما في ريادة قطاع الطاقة المتجددة عبر تقديم حلول عملية وفعالة تسرّع تبنّي الطاقة النظيفة، مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية، وحماية البيئة للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • ياسع يتباحث سبل التعاون الطاقوي مع سفير ألمانيا
  • دعاوى قضائية بالمليارات تمنع الدول من التخلي عن الوقود الأحفوري
  • بنك نكست يوقع بروتوكول تعاون مع "تومورو سولار" لتمويل محطات الطاقة الشمسية
  • بنك نكست يوقع بروتوكول تعاون مع تومورو سولار لتمويل وحدات الطاقة الشمسية
  • بنك نكست يمول وحدات الطاقة الشمسية بالتعاون مع «تومورو سولار»
  • ما هي الأسباب التي دفعت قسد والقيادة السورية لتوحيد الرؤى في إطار اتفاق تاريخي؟
  • هل يواجه النفط تحديات غير مسبوقة في 2025؟
  • اتفاق تاريخي بين أكراد سوريا وحكومتها.. هل يطفئ نيران التاريخ؟
  • 100 مليار استثمارات.. بيان مهم من التخطيط والكهرباء بشأن إنتاج الطاقة المتجددة
  • إيران تستهدف إضافة 30 غيغاواط عبر الطاقة المتجددة