كيف انعكس المشهد السياسي المفكك في اليمن على الموقف من غزة؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
مع احتدام المعارك في غزة حضر اليمن، كما لم يحضر أحد غيره بهذه القوة، فالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة لم تكن الوسيلة الوحيدة التي أعلن الحوثيون بها دعمهم لغزة، بل كان إغلاق البحر الأحمر، بمثابة دخول للحرب من أوسع أبوابها وفرض اليمن كطرف رئيسي بالصراع.
لكن المشهد السياسي اليمني المعقد وحالة التفكك التي تغرق بها البلاد منذ سنين ألقت بظلالها أيضا على الموقف من العدوان على غزة، وباتت جميع الأطراف تنظر للأخرى في حالة من الريبة تعكس انعدام الثقة الذي تسبب باستمرار الحرب منذ عام 2014.
الحوثيون
منذ اليوم الأول لعدوان على غزة أعلنت جماعة أنصار الله المسيطرة على صنعاء والقريبة من إيران وقوفها، مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وبدأت تدريجيا مشاركتها بالحرب من إطلاق الصواريخ تجاه إيلات والنقب، حتى إغلاق باب المندب أمام السفن المتجهة للاحتلال.
و وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أعلنت جماعة الحوثي، احتجاز سفينة لدولة الاحتلال، وهو ما نفته ’تل أبيب’ لاحقا مؤكدة أن "السفينة مملوكة لشركة بريطانية تشغلها شركة يابانية، نافية أن يكون على متنها إسرائيليون".
وذكرت الجماعة أن مصير السفينة "غالاكسي ليدر" المحتجزة لديها مرتبط بخيارات المقاومة في غزة، وفقا للناطق باسم الجماعة، محمد عبد السلام. وقال محمد عبد السلام، إن "احتجاز السفينة تم تضامنا مع الشعب والمقاومة في غزة، ومصيرها مرتبط بخيارات المقاومة الفلسطينية، وبما يخدم أهدافها ضد العدو". تطور موقف الحوثيين مع توحش العدوان على القطاع فأعلنوا السبت منع مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل من أي جنسية كانت إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء.
كما أعلنوا مساء الأحد، أنهم نفذوا أول عملية ضد سفينة حاولت اختراق "حظر مرور السفن" المتجهة إلى موانئ دولة الاحتلال الإسرائيلي.
واستهدفوا الاثنين قالت ناقلة نفط نرويجية، كانت متجهة إلى الاحتلال الإسرائيلي، بصاروخ بحري.
وأوضح الناطق باسم قوات الحوثيين العميد يحيى سريع، أنهم لم يلجأوا لإطلاق الصاروخ على الناقلة، إلا بعد رفض طاقمها كافة النداءات التحذيرية، بمنع مرورها باتجاه الاحتلال.
الحكومة اليمنية
كان موقف الحكومة المعترف بها اليمنية من العدوان حيث نددت بمجازر الاحتلال ثم أطلقت الشهر الماضي حملة رسمية وشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال رئيس الحكومة معين عبدالملك، إن "هذه الحملة تأتي انطلاقًا من إيمان الشعب اليمني الكامل بالقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن حملة دعم الشعب الفلسطيني تأتي في ظروف عصيبة.. وأن الشعب اليمني على المستوى الرسمي والشعبي ورغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها جراء الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية، يقف كعهده دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته العادلة.
وعقب توسيع هجمات الحوثيين ضد السفن المتوجهة للاراضي المحتلة، تدرج الموقف، متأثرا بالصراع في اليمن، حيث هاجمت الحكومة اليمنية جماعة "أنصار الله" (الحوثي) واتهمتها بتهديد حركة الملاحة الدولية بدعم إيراني.
وقال رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، أواخر الشهر الماضي، "إن استمرار تهديد الحوثييين بدعم من النظام الإيراني لحرية الملاحة الدولية، له تداعيات على الاقتصاد اليمني، وسيفاقم الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم".
وأشار إلى "مواصلة الحوثيين استهتارها بكافة الجهود الأممية والإقليمية والدولية لوقف الحرب وإنهاء معاناة الشعب اليمني، في تأكيد على مدى ارتهانها للنظام الإيراني وأجندته التخريبية في المنطقة".
وتماشى الموقف اليمني مع محاولة السعودية منع اتساع الحرب، حيث أفاد مصدران مطلعان لوكالة "رويترز"، أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على هجمات جماعة "أنصار الله" الحوثية باليمن، لاسيما على السفن في البحر الأحمر.
وقال المصدران؛ إن "رسالة ضبط النفس التي وجهتها الرياض إلى واشنطن، تهدف إلى تجنب المزيد من التصعيد".
وأكدا أن "الرياض راضية حتى الآن عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الوضع".
وأشارا إلى أن "السعودية تسعى إلى دفع عملية السلام في اليمن، على الرغم من اشتعال الحرب في غزة؛ خشية امتدادها إلى هناك".
المجلس الانتقالي
في الجنوب لم يختلف الأمر كثيرا، حيث توازى موقف المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات.
والأحد الماضي أفادت قناة كان 11 العبرية، أن عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، أبدوا استعدادهم "للوقوف بوجه تهديد الحوثيين".
وذكرت القناة، أن الزبيدي أجرى العديد من الاتصالات والمناقشات مع مسؤولين محليين ومسؤولين في الإمارات بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين للتباحث في التعامل مع التصعيد الحوثي.
ونقلت عن مسؤول وصفته بالمقرب من الزبيدي، لم تسمّه، قوله إنهم "في المجلس الانتقالي في جنوب اليمن مهتمون بالتصدي للحوثيين والحصول على دعم دولي بما في ذلك الدعم من قبل إسرائيل".
وأواخر تشرين الثاني/نوفمبر نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن إمكانية مواجهة جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثيين" مبينة أن حلفاء الإمارات يمنعون فتح جبهة معادية لـ"إسرائيل" في اليمن.
وحسب خبراء أمريكيين فإن البنتاغون قد يجهّز المجلس الانتقالي الجنوبي بالأسلحة، مشيرة إلى الدعم الذي يحظى به الجنوبيون من الإمارات، باعتبارها حليفة الولايات المتحدة.
يقول المحلل السياسي اليمني محمد الأحمدي، "إن ثمة إجماع وطني في اليمن لا يختلف عليه اثنان على دعم القضية الفلسطينية والتنديد بجرائم العدوان الصهيوني الغاشم على غزة".
وأضاف في حديث لـ "عربي21"، "أن الأمر يبدو أقل وضوحا على صعيد الخارطة السياسية، في ضوء الانقسامات التي يشهدها اليمن منذ الانقلاب واشتعال فتيل الحرب في البلاد والتدخلات الإقليمية والدولية التي ألقت بظلالها على مواقف القوى والكيانات حسب ارتباطاتها وولاءاتها الإقليمية".
وتابع، "بالنسبة للحكومة اليمنية فإن موقفها واضح في رفض العدوان والتنديد بجرائم الإبادة في غزة وكذلك القوى والأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة المعترف بها، عدا المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات والذي يبدو موقفه نشازًا، وهو تبع لمواقف أبو ظبي وسياساتها التطبيعية مع المحتل الصهيوني".
وحول إمكانية توحد موقف الأطراف اليمنية تحاه فلسطين، قال الأحمدي، "إن الوقوف مع غزة واجب إنساني وأخلاقي وقومي وقبل ذلك ديني، ولا يعذر أحد بالتخلف عن مساندة الشعب الفلسطيني بكل ما بوسعه، لكن في الظروف الراهنة وحالة التشظي في اليمن، لا يمكن التعويل على موقف فاعل ومؤثر، حتى التحركات الحوثية لم تلحق أي ضرر ملموس بالكيان الصهيوني حتى هذه اللحظة".
ويرى الأحمدي، "أن تنديد البعض بهجمات الحوثيين ليس المقصود منه منع الوقوف مع شعبنا الفلسطيني في غزة ولكن لأن تحركات الحوثيين بنظر هؤلاء مجرد ذريعة لتدويل المياه الإقليمية اليمنية والإضرار بمصالح مصر في قناة السويس، وجلب الاحتلال الإسرائيلي إلى منظومة أمن مائي جديدة أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا".
وتبع، "هذا فضلا أن الهجمات الحوثية ليست سوى إنفاذ لرغبة إيرانية ومحاولة للتكسب من وراء مزاعم دعم القضية الفلسطينية والتحشيد المحلي وحصد منافع سياسية وابتزاز المجتمع الدولي للاعتراف بالحوثيين كسلطة"، وفق قوله.
وأشار الأحمدي، "إلى أن اليمن لم يشهد في تاريخه حالة من الاستلاب ومصادرة القرار الوطني كما هو عليه الآن، واليمنيون فقدوا قدرتهم على إدارة قضاياهم بفعل هذا الواقع الذي أفرزته الحرب وتداعيات الانقلاب وتفكيك الدولة اليمنية، لكن ما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا تزال الحكومة اليمنية المعترف بها والقوى السياسية المؤيدة لها على موقفها في دعم ومساندة كفاح الشعب الفلسطيني وإن كان هذا الموقف دون المستوى المطلوب".
ووفقا للأحمدي، "فقد كان من الواجب على الحكومة أن تبادر إلى اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة في هذا السياق وليس الاكتفاء بمجرد البيانات".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الحوثيون العدوان الحكومة اليمنية غزة الحوثيون البحر الاحمر العدوان الحكومة اليمنية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس الانتقالی الجنوبی الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی أنصار الله فی الیمن فی غزة
إقرأ أيضاً:
خلال استقباله لوزير الخارجية اليمني..أخنوش يؤكد دعم المغرب الثابت لوحدة واستقرار وسيادة الجمهورية اليمنية
أجرى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الخميس، مباحثات مع وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، شائع محسن الزنداني، في العاصمة الرباط.
اللقاء شهد مناقشة سبل تعزيز علاقات التعاون بين المملكة المغربية والجمهورية اليمنية، تحت القيادة الحكيمة لكل من الملك محمد السادس، ورشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن.
وأكد رئيس الحكومة خلال اللقاء على دعم بلاده الثابت لوحدة واستقرار وسيادة الجمهورية اليمنية.
كما عبر عن تقدير المملكة للموقف اليمني الداعم لمغربية الصحراء، مشدداً على أن أي حل لهذا النزاع المفتعل لا يمكن أن يتم إلا في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية.
من جانبه، جدد وزير الخارجية اليمني تأكيد موقف بلاده الثابت في دعم الوحدة الترابية للمغرب. كما تم خلال اللقاء مناقشة تطورات الوضع في اليمن وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وتم التطرق أيضًا إلى سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وتحفيز نشاط رجال الأعمال في كلا البلدين، حيث من المنتظر أن تشهد هذه الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات التي ستسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية بين المملكة المغربية والجمهورية اليمنية.