رغم المقتلة التى قامت بها إسرائيل ولا تزال تجاه الأطفال والنساء والمدنيين فى قطاع غزة على اتساعه، إلا أن صحيفة معاريف الإسرائيلية لم تجد حرجًا فى أن تفرد مساحة على صفحاتها لصوت من أصوات السلام فى تل أبيب.
صاحب الصوت هو مئير شطريت، الوزير السابق فى ثلاث حكومات هى حكومة أرئيل شارون، وإيهود باراك، وإيهود أولمرت.
كان يؤمن بها ولا يزال، وكان يدعو رؤساء الحكومات الثلاث ليس إلى مجرد الإيمان بالمبادرة، ولكن إلى الأخذ بها والعمل على ترجمتها عمليًا، ومن أجل ذلك، فإنه كتب مقالًا عما كان يسمعه منهم، ونشرت الصحيفة المقال يوم الجمعة ٨ ديسمبر، ومن بعدها نشرت الشرق الأوسط اللندنية ترجمةً وافية للمقال.. وقد بلغ فى حماسته للمبادرة إلى حد أنه قام بتشكيل لوبى يدعو لها فى الكنيست الإسرائيلى، وكان اللوبى من ٤٣ عضوًا لولا أنهم لم يستطيعوا فعل شيء على الأرض.
ومن المعروف أن المبادرة العربية طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى قمة بيروت العربية ٢٠٠٢، وكان وقتها وليًا للعهد فى السعودية، ومن يومها تنتظر المبادرة صوتًا إسرائيليًا عاقلًا فى موقع اتخاذ القرار ليأخذ بها، ويوفر على إسرائيل كل ما سوف تدفعه فى غياب السلام.
والمبادرة تدعو إلى ثلاثة أمور أساسية، أولها انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، ليس فقط بالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما أيضاً بالنسبة للجولان ومزارع شبعا اللبنانية.. وثانيها قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.. وثالثها الاتفاق على حل يعود به اللاجئون الفلسطينيون إلى أرضهم.. وإذا سأل سائل عما سوف تحصل عليه إسرائيل فى المقابل، فالإجابة أنها سوف تحصل على السلام، وسوف تكون ميزة هذا السلام أنه سيكون بضمانة من ٥٧ دولة هى الدول العربية والإسلامية التى تحظى المبادرة بمباركتها.
يقول الوزير شطريت فى مقالته إنه كان يلاحظ، أن رؤساء الحكومات الثلاث كانوا يُظهرون تأييدهم للمبادرة كلما تكلم مع أحد منهم عنها، وكانوا جميعهم يصفونها بأنها فكرة جيدة، ولكنهم جميعًا كانوا فى المقابل لا يتجاوزون ذلك إلى ما هو أبعد خطوةً واحدة.
ولم يفهم شطريت لماذا الكلام من جانب الثلاثة عن المبادرة دون الذهاب للفعل، ولكنه يخمن أن السبب ربما يكون أن كل واحد منهم كان يسعى إلى إرضاء رغبة واشنطون فى أن تظل وسيطًا فى حل القضية.. وهذا تخمين أقرب ما يكون للصواب، لولا أن الولايات المتحدة لم تكن تريد أن تظل وسيطًا وفقط، ولكنها كانت ولا تزال تعمل حسب المبدأ الذى كان يؤمن به كيسنجر، وهو مبدأ يقول بإدارة القضية بديلًا عن حلها، وتكون النتيجة أن تظل المنطقة تدور فى هذه المتاهة دون سقف!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط احمر صحيفة معاريف الإسرائيلية تل أبيب
إقرأ أيضاً:
ما خيارات العرب بعد رفض واشنطن وتل أبيب نتائج قمة القاهرة؟
تثار تساؤلات بشأن الموقف العربي المرتقب بعد التصريحات الإسرائيلية والأميركية الرافضة لنتائج القمة العربية الطارئة المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية، في ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي هذا الإطار، قال خالد عكاشة -مدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية- إن الأطراف العربية وخاصة القاهرة تمتلك كثيرا من السيناريوهات والخيارات للتعامل مع التعنت الإسرائيلي والأميركي.
وأوضح عكاشة -في حديثه للجزيرة- أن القاهرة قد تفكر في تصعيد ما إذا تم تعطيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ورفض المضي قدما إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، معربا عن قناعته بأن هذه الخطوة جاهزة لدى القاهرة.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز رأى أن الخطة العربية لإعمار القطاع "تتجاهل واقع كونه مدمرا، ولا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن حاليا".
ولا تعالج الخطة العربية -وفق هيوز- حقيقة أنه لا يمكن لسكان غزة العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة، مؤكدا أن الرئيس دونالد ترامب متمسك برؤيته لإعادة بناء "غزة خالية من (حركة المقاومة الإسلامية) حماس".
ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية -في بيان- الخطة العربية بأنها "مغرقة في وجهات نظر عفا عليها الزمن" ورفضت الاعتماد على السلطة الفلسطينية وبقاء حماس في السلطة.
إعلان
وحسب عكاشة، فإن الجهد الدبلوماسي يعدّ أحد أوراق الضغط خاصة إذا تم التوصل إلى مخرج ما بشأن الوضع الإنساني غير المقبول في الأراضي الفلسطينية.
ورجح أن يكون هناك فصل جديد من الجهود الدبلوماسية بين القاهرة والدوحة وواشنطن، مشيرا إلى أن جميع الأطراف أشادوا بنتائج القمة، بعدما لم تقتصر الخطة العربية على إعادة إعمار غزة فحسب، بل شملت إرساء مفهوم السلام في الشرق الأوسط.
ولفت مدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية إلى أن الولايات المتحدة تجيد توزيع الأدوار، إذ يرفع مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز سقف مطالب واشنطن وتل أبيب، في حين يتفهم المبعوث الأميركي إلى المنطقة ستيفن ويتكوف وجهة النظر العربية ويتحدث بلهجة بها مساحات من الضغط على إسرائيل.
وكذلك، يبرز خيار الذهاب إلى الشركاء الأوروبيين والمجتمع الدولي، معربا عن قناعته بأن الدول العربية لديها القدرة على التحرك لمواجهة هذا التعنت، ولفت إلى أنها تحاول تبريد الساحة التي يقوم بتسخينها الطرف الآخر.
ونبه عكاشة إلى كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره اللبناني جوزيف عون أمام القمة، عندما أكدا أن الأمر ليس مقتصرا على قطاع غزة فحسب، في ظل العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية واستمرار احتلال أراضٍ في جنوب لبنان.
وخلص إلى أن الموقف السوري واللبناني إلى جانب القاهرة والدوحة "قادر في الفترة القادمة على إحداث متغيرات حقيقية"، مستندا في حديثه إلى "وجود صلابة وتمسك بمخرجات القمة العربية، لأنها واقعية وحاسمة وتضع خارطة طريق مقبولة ومعقولة".
وأكد البيان الختامي للقمة العربية -أمس الثلاثاء- رفض مقترحات تهجير الفلسطينيين، واعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار القطاع، وتوافق القادة على إنشاء صندوق ائتماني لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته الحرب، وحضّوا المجتمع الدولي على المشاركة فيه.
إعلانورحب البيان الختامي بقرار تشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع لفترة انتقالية، بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية من العودة إلى غزة.
ودعا البيان مجلس الأمن الدولي لنشر قوات لحفظ السلام في قطاع غزة والضفة الغربية، وأكد أن السلام هو خيار العرب الإستراتيجي القائم على رؤية الدولتين.