السلطة الفلسطينية أم حماس؟
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
رغم مرور 66 يومًا على اندلاع حرب غزة 2023، لا يستطيع أحد ولا حتى المؤسسات الدولية المعنية وفى مقدمتها مجلس الأمن، التكهن بمصير القطاع والقضية الفلسطينية بعد أن تضع الحرب أوزارها، ورغم الضغط الدولى على تل أبيب لوقف إطلاق النار إلا أن حكومة الاحتلال التى بيدها شيك أمريكى على بياض، ترفض الحديث عن وقف إطلاق النار وأى خطة لإنهاء الحرب واعادة الحياة إلى طبيعتها الأولى فى غزة غير مبالية بأزمة الرهائن والمحتجزين التى تديرها حماس بحرفنة شديدة.
ولكن.. ماذا لو قبلت تل أبيب بالمسار السياسى؟ كيف سيكون شكل الحكم فى غزة مستقبلا؟ هل ستكون الكلمة الأولى لحماس أم السلطة الفلسطينية؟ الصورة تبدو ضبابية للغاية، لعدم اقتناع أمريكا بحماس، وعدم ثقتها من ناحية أخرى فى قدرة السلطة الفلسطينية على حماية القطاع وإقرار الأمن فى منطقة هدمت فوق رؤوس ساكنيها وقدمت قرابة 17 ألف شهيد وآلاف الجرحى والمصابين.
ورغم رفض واشنطن إرسال قوات أمريكية برية إلى المدينة المنكوبة، لامتصاص غضب الشعب الأمريكى، إلا أن اللقاء الأخير بين «جوردن» مستشار الرئيس الأمريكى ومحمود عباس «أبو مازن» انتهى إلى حقيقة غير معلنة وهى ضرورة القضاء على حماس وتدمير بنيتها العسكرية. ومع أن السلطة الفلسطينية لم تعد الخيار المفضل لواشنطن وحكومة نتنياهو إلا أن ثمة خطة أمريكية يجرى الآن طبخها ودراستها لاستبعاد قيادات حماس تماما من المشهد قبل القبول بسلطة أبو مازن بعد تقوية شوكته، وإمداد السلطة بالمال والمعون والسلاح الذى يساعدها على توفير الأمن فى غزة والضفة الغربية. والسؤال الآن.. هل ستقبل حماس بهذه الخطة الأمريكية؟ وهل ستستسلم حماس لهذا السيناريوالمكشوف، لحقن الدماء وتتجاهل تصريحات البيت الأبيض بأن حماس لا تمثل غزة، ولا يمكن القبول بها كطرف سياسى فى أى مفاوضات مستقبلية؟
كل المؤشرات تؤكد أن هذه الخطة الأمريكية لن يكتب لها النجاح، حتى وإن فرضتها أمريكا وحلفاؤها بالقوة، لأن حماس لن تتنازل ببساطة عن كل ما حققته من نصر عسكرى ومعنوى يتم تحويله للسلطة الفلسطينية، وسيساعدها أهل غزة على ذلك، فضلا عن أن الفلسطينيين فى مختلف مدن القطاع، ومنذ السابع من نوفمبر 2023 لا يرون سوى حماس والمقاومة بفصائلها مدافعا أول عنهم ضد الاحتلال الغاشم فيما تقف السلطة الفلسطينية مكبلة الأيدى، مكتفية بدور المتفرج.
من وجهة نظرى، أعتقد أنه فى ظل وجود الحكومة الإسرائيلية الحالية، ووقوف الرئيس الأمريكى بايدن بجوار نتنياهو، لن تتمكن السلطة ولا حماس من السيطرة ووقف الهجمات. ولا حل إلا بإسقاط حكومة نتنياهو، ومحاكمته أمام محكمة العدل والمحكمة الجنائية الدولية، وهذه الخطوة يبدو أنها ستتحقق قريبا بعد أن دعت مصر المدعى العام للمحكمة للوقوف بنفسه على أرض الواقع، ولقد رأى إلى أى مدى يتعنت نتنياهو فى مرور المساعدات والشاحنات إلى الأرض الفلسطينية، وتأكد من الجرائم البشعة التى يرتكبها هذا البلطجى بحق أطفال ونساء وشباب وشيوخ أهل غزة، وهو ما دفع المدعى العام إلى الإعلان رسميا أن كل ما يرتكبه نتنياهو من انتهاكات يعد جريمة دولية بكل المقاييس ضد الإنسانية والمواطنين العزل وأنه سيتم التحقيق العاجل فى الملف الذى قدمته مصر للمحكمة الدولية.
وإذا ما نجحت خطة مصر فى إسقاط «نتنياهو»، فلن يكون أمام الرئيس الأمريكى بايدن سوى التخلى مجبرا عن دعمه لصديقه، وخاصة وأنه يتعرض لاتهامات وانتقادات شديدة ليس من الشعب الأمريكى فقط وإنما من الحزب الحاكم نفسه. لقد فرضت «حماس» نفسها، ولن تستطيع أى دولة إبعادها عن المشهد وهذا ليس دفاعا عنها وإنما واقع يتحدث عن نفسه فى ضوء ما حققته من صمود، وبالتالى يكون من الصعب إقصاؤها وستستمر صواريخها عن المدن الاسرائيلية، وعلى أمريكا وحلفائها العمل على توحيد كل الفصائل الفلسطينية وعدم تهميشها للجلوس مع السلطة الفلسطينية على مائدة واحدة للحوار الرامى إلى حل الدولتين. إن الحرب سياسة وليست صواريخ ودبابات فقط وإنما دبلوماسية قوية وقيادة حكيمة تفرض السلام العادل على الجميع، وهذا ما لم تستطع واشنطن وتل أبيب استيعابه وفهمه والاعتراف به حتى الآن.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: م الضغط الدولى تل أبيب لوقف إطلاق النار حكومة الاحتلال السلطة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت مبكر اليوم الأحد أن بنيامين نتنياهو وجّه فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات وفقا لرد الوسطاء على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بشأن المضي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وجاء هذا الإعلان بعيد انتهاء جلسة تشاور أجراها نتنياهو بشأن المفاوضات.
وقال المكتب -في بيان- إن رئيس الوزراء أجرى مناقشة معمقة بشأن موضوع المحتجزين بمشاركة الوزراء وفريق التفاوض ورؤساء الأجهزة الأمنية.
ونص مقترح ويتكوف على الإفراج الفوري عن 11 من المحتجزين الإسرائيليين في غزة ونصف القتلى المتبقين عند استئناف تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقا لوكالة رويترز، فإن ما ورد في بيان مكتب نتنياهو يعني رفض عرض من حركة حماس يقضي بالإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر وإعادة جثث 4 آخرين.
وكانت القناة الـ12 الإسرائيلية نقلت عن مصادر قولها إن المستوى السياسي برئاسة نتنياهو قد يقرر خلال جلسة المشاروات التي عقدت مساء أمس السبت شن عمليات عسكرية محدودة في قطاع غزة للضغط على حركة حماس.
مقترح الوسطاء
وفي وقت سابق، كشفت مصادر للجزيرة أن مقترح الوسطاء الأخير سُلّم إلى حركة حماس وإسرائيل الخميس الماضي في الدوحة، وتضمّن 4 بنود شكلت إطار عمل للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
إعلانويشمل مقترح الوسطاء إفراج حماس في اليوم الأول عن 5 محتجزين إسرائيليين أحياء -بينهم عيدان ألكسندر- مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ويتبع ذلك الشروع في مفاوضات غير مباشرة خلال 50 يوما للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى.
وأكد المقترح على استمرار الإجراءات المتفق عليها في المرحلة الأولى بشأن دخول المساعدات الإنسانية ووقف العمليات العسكرية.
وقد أعلنت حماس أول أمس الجمعة أنها سلمت ردها على مقترح الوسطاء، وأنها تعاملت معه بمسؤولية وإيجابية، كما قالت إن وفدها التفاوضي توجه إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات المفاوضات.
وأكدت الحركة استعدادها التام لبدء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق شامل بشأن قضايا المرحلة الثانية، داعية إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة.
وقالت مصادر للجزيرة إن حركة حماس طالبت بإجراء تعديلات على المقترح، أبرزها أن يكون جزءا لا يتجزأ من اتفاق 17 يناير/كانون الثاني، وأن يُلزَم الاحتلال بتطبيق ما تبقى من المرحلة الأولى، واستئناف فتح المعابر ودخول المساعدات، وإعادة الإعمار، والانسحاب من محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين).
في غضون ذلك، خرجت مساء أمس السبت في إسرائيل عشرات المظاهرات المطالبة بإتمام صفة التبادل وإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
وشهدت تل أبيب مظاهرة شارك فيها نحو 10 آلاف شخص بدعوة من هيئة عائلات المحتجزين في غزة تحت شعار "نريد الرهائن دفعة واحدة".
وقال أعضاء الهيئة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول جر دولة كاملة إلى الحرب وجعلها تدفع ثمنا إضافيا.
وأضافوا أن نتنياهو يستطيع إعادة المحتجزين، لكنه يتعمد عرقلة المرحلة الثانية من الصفقة، مطالبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمواصلة الضغط على نتنياهو حتى إعادة كل المحتجزين في غزة.
إعلانوقد شهدت مدينة حيفا مسيرة احتجاجية مماثلة رفع خلالها المحتجون لافتة كتب عليها "بإمكانهم إنقاذهم، لكنهم فضلا الانتقام"، في إشارة إلى نتنياهو وحكومته.
وتزامنت المظاهرات مع اعتداءات إسرائيلية على قطاع غزة أوقعت ما لا يقل عن 12 شهيدا، بينهم 9 في بيت لاهيا.
وقالت حركة حماس إن المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في بيت لاهيا تصعيد خطير يعكس استهتاره بالقانون الدولي.
وأضافت الحركة -في بيان- أن تصعيد الاحتلال يكشف نيته الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، وهدر أي فرصة لاستكمال تنفيذه وتبادل الأسرى، وطالبت الوسطاء بالتحرك العاجل والضغط على نتنياهو لإلزامه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وشهدت المرحلة الأولى منه 7 عمليات تبادل للأسرى، وكان يفترض الانتقال آليا إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي وضع شروطا لم تكن ضمن الاتفاق، كما منع دخول المساعدات إلى غزة وأوقف إمدادات الكهرباء.