ألمانيا.. إعادة فرض سقف الدين العام لإنهاء أزمة موازنة 2024
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
توصل ائتلاف المستشار الألماني، أولاف شولتس، إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة بشأن الموازنة، الأربعاء، متجنبا خروج أزمة سياسية عن السيطرة بعدما قوّض حكم للمحكمة الدستورية خططه للإنفاق.
وأقر شولتس بضرورة التوفير في بعض المجالات لكنه تعهّد بأن تحافظ برلين على المساعدات المالية لأوكرانيا في معركتها ضد روسيا مضيفا بأنه سيكافح من أجل مساعدة "مستدامة" من الاتحاد الأوروبي لكييف.
خلصت أعلى محكمة ألمانية الشهر الماضي إلى أن الحكومة خرقت قاعدة دستورية مرتبطة بالديون عندما حوّلت مبلغا قدره 60 مليار يورو (65 مليار دولار) مخصصا للدعم في فترة الوباء إلى صندوق مخصص للمناخ.
سدد الحكم ضربة كبيرة لخطط الإنفاق وأدخل ائتلاف شولتس الثلاثي في حالة اضطراب.
وبعد تبني موازنة طارئة للعام 2023، اختلف شولتس وشركاؤه الأصغر ضمن الائتلاف لأسابيع قبل أن يتوصلوا أخيرا إلى اتفاق للعام 2024 في وقت مبكر الأربعاء.
وستسمح خطط الائتلاف الجديدة لألمانيا بالمحافظة على التزاماتها المرتبطة بالتمويل لأوكرانيا إضافة إلى برامج الانتقال إلى الحياد الكربوني. كما أنها ستحافظ على تعهّدات المرتبطة بالرعاية الاجتماعية، بحسب شولتس.
ستعيد ألمانيا أيضا فرض قاعدتها بشأن سقف الدين التي يكرّسها القانون الوطني وتمنع الدولة من استدانة أكثر من 0,35 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي السنوي لتغطية العجز البنيوي، ما لم تكن هناك أي ظروف استثنائية.
في مسعى للتعويض عن الفجوة البالغ قدرها 17 مليار يورو نتيجة الحكم، قال شولتس إنه سيتم التخلي عن "حزم الدعم التي تضر بالمناخ".
لكن وزير الاقتصاد روبرت هابيك من حزب الخضر أفاد بأن المساعدات لقطاع الطاقة الشمسية والحوافز لدفع المستهلكين للتحول إلى استخدام المركبات الكهربائية ستتأثر أيضا.
تأتي الأزمة في وقت يواجه الاقتصاد الألماني صعوبات بالفعل. وأثارت التنازلات المرتبطة بالموازنة انتقادات فورا.
وقال غيرد لانسبرغ من اتحاد المدن والبلدات الألمانية لصحيفة "راينيش بوست" إن تزامن إجراءات "التوفير مع فترة تشهد ضعفا اقتصاديا سيؤثر سلبا على الاقتصاد".
وتوقع المحلل لدى "آي إن جي" كارستن برجسكي بأن الموازنة الأكثر "تقييدا" في 2024 تعني وجود "خطر كبير من أن الاقتصاد الألماني سيبقى في حالة ركود ضئيل العام المقبل".
تمثّل هدف قاعدة الدين التي دخلت حيّز التطبيق في 2011 في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل بالتأكيد على التزام ألمانيا بالحصافة المالية.
وشدد المحافظون مرارا على أن إثقال الدولة التي تعاني من شيخوخة سكانها كاهل الأجيال الأصغر سنا بمزيد من الديون سيكون أمرا غير مسؤول.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الاتحاد الأوروبي الاقتصاد الألماني ألمانيا الدين العام الاتحاد الأوروبي الاقتصاد الألماني اقتصاد عالمي
إقرأ أيضاً:
ما المطلوب لإعادة التوازن إلى الاقتصاد الأمريكي؟
أثارت سياسة التعريفة الجمركية العدوانية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مناقشات جدية حول إعادة التوازن إلى الاقتصاد الأمريكي في الداخل وعلى مستوى النظام الاقتصادي العالمي. في كلمة ألقاها أمام النادي الاقتصادي في نيويورك في السادس من مارس، عرض وزير الخزانة سكوت بيسنت رؤية لنهج السياسة الاقتصادية الذي تتبناه إدارة ترامب الرامي إلى «إعادة التوازن» إلى الاقتصاد الأمريكي وإعادة خصخصته. لاحظ بيسنت أيضا، كما فعل ترامب، أن «فترة التخلص من السموم»، حيث يقلل الاقتصاد من اعتماده على الإنفاق الفيدرالي، قد تستلزم «بعض الآلام» في الأمد القريب لتحقيق مكاسب أبعد أمدا.
ليس من الواضح تماما ما الذي يحتاج إلى إعادة التوازن على وجه التحديد، فالسياسات الضريبية والتنظيمية التي تدرسها الإدارة الأمريكية توفر سبلا لزيادة الاستثمار في الولايات المتحدة من جانب الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء، لكن التأثيرات التي يخلفها هذا على سعر صرف الدولار والحساب الجاري لا تتماشى على النحو المناسب مع خفض العجز التجاري الأمريكي الذي تسعى الإدارة إلى تحقيقه، مع معاناة الأسواق المالية الأمريكية والصناعة المحلية بفعل الرسوم الجمركية المتقطعة، يجدر بنا أن نتساءل ما إذا كان هدف إعادة التوازن يُـخـدَم على نحو أفضل عندما يجعل ترامب السياسة التجارية على رأس أولوياته. الإجابة المختصرة هي «كلا». على سبيل المثال، من غير المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية المفروضة على الألومنيوم والصلب، وهما من المدخلات الوسيطة الرئيسية في التصنيع، إلى إعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي نحو زيادة التصنيع. النهج الأفضل كان ليركز على التغييرات المطلوبة التي طال انتظارها في السياسة المالية، وإن كانت الخطوات السياسية أكثر صعوبة من مجرد التشدق بشعار «إعادة التوازن». يتوخى هدف «أمريكا أولا» الذي تتبناه إدارة ترامب إعادة التوازن إلى النشاط الاقتصادي والإنتاج على مستوى العالم، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية الأمريكية، يتمحور قدر كبير من النقاش في دوائر صنع السياسات، داخل الحكومة وخارجها، حول إعادة التوازن في الخارج. في أوروبا، سيعمل احتمال إعادة التسلح وغير ذلك من زيادات الإنفاق المحلي في ألمانيا على تقليص الفائض المزمن في حساب ألمانيا الجاري، وفي آسيا، تبرز الصين بفضل سعيها إلى تحقيق الفوائض، وبسبب سلوكها التجاري الـنَـهّاب في كثير من الأحيان (إغراق الأسواق العالمية بمنتجات قدرتها الصناعية الفائضة)، وسرقة الملكية الفكرية.
قد تُـساق بسهولة حجة مفادها أن الصين، في سبيل تعزيز رفاهتها الاقتصادية، يجب أن تعمل على زيادة إنفاقها المحلي، وخاصة الاستهلاك، بدلا من الاعتماد على النمو الذي تقوده الصادرات، وأعلنت الصين مؤخرا عن خطط لتعزيز الاستهلاك المحلي في الاستجابة للرسوم الجمركية الأمريكية، وإذا تجنبت الصين عملية إعادة التنظيم هذه، فربما ينبغي لعضويتها في منظمة التجارة العالمية أن تكون موضع تساؤل، لكن خطة إعادة المواءمة الاقتصادية على مستوى العالم تنطوي على جانب مقابل مهم. فبينما تحتاج بعض الاقتصادات، مثل الصين وألمانيا، إلى زيادة الإنفاق المحلي، تحتاج الولايات المتحدة إلى زيادة الادخار الوطني، وفي حين يمثل الادخار الوطني الادخار الخاص (من قبل الأسر والشركات) والادخار العام، فإن الأخير هو الذي يحتاج إلى التعديل، الأمر ببساطة أن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تعمل على خفض عجز الموازنة الحكومية ووضع نسبة الدين الفيدرالي إلى الناتج المحلي الإجمالي على مسار مستقر أو حتى هابط.
من الإنصاف أن نعترف بأن بيسنت أَكَّـدَ أن خفض العجز هدف مرغوب في حد ذاته، ويوفر خفض العجز الفائدة المتمثلة في تحقيق أهداف الإدارة فيما يتصل بإعادة التنظيم الاقتصادي.
مع تساوي العوامل الأخرى كافة، تفرض الزيادة في المدخرات الوطنية الناتجة عن انخفاض عجز الموازنة ضغوطا تدفع أسعار الفائدة الحقيقية إلى الانخفاض في أسواق رأس المال العالمية وعلاوة الأجل على الدين العام الأمريكي الأطول أجلا، ومع تساوي العوامل الأخرى كافة أيضا، سينخفض عجز الحساب الجاري الأمريكي، وبقدر ما يتحقق الانضباط المالي من خلال خفض الإنفاق الفيدرالي، يصبح من الممكن تحقيق إعادة التوازن نحو الاقتصاد الخاص. على الجانب الضريبي، يجب أن تكون إدارة ترامب حريصة على تجنب التخفيضات الضريبية الكبيرة الجديدة التي تزيد من عجز الميزانية وتقلل من الادخار العام. وكما يوضح تقرير توقعات الميزانية الطويلة الأجل السنوي الصادر عن مكتب الميزانية في الكونجرس، فإن الزيادات الطويلة الأمد في الادخار العام تتطلب الحد من نمو الإنفاق الفيدرالي.
في هذا الصدد، تتطلب ملاحقة مسار مالي نحو إعادة التوازن اتخاذ خطوات معروفة، وإن كانت صعبة على المستوى السياسي. في حين تركز إدارة الكفاءة الحكومية التابعة لإدارة ترامب على تخفيضات التوظيف الفيدرالي، ويجب أن تتمحور أي تخفيضات جدية طويلة الأمد في الإنفاق حول إبطاء معدل نمو النفقات على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وينطوي الأمر على عدد من الطرق لإنجاز هذه التغييرات الكفيلة بتعزيز المساعدات المقدمة لكبار السن من ذوي الدخل الأدنى، مع تقليل سخاء البرنامج مع المسنين الأكثر ثراء. بالنسبة للضمان الاجتماعي، من الممكن أن يقترن رفع الحد الأدنى من الاستحقاقات بإدخال تغييرات على مقايسة الاستحقاقات لجلب خفض تدريجي في نمو الإنفاق، وعن الرعاية الطبية لكبار السن، من الممكن أن يوفر دعم الأقساط الممولة من القطاع العام للتغطية الأساسية شبكة أمان قوية مع خفض نمو التكاليف. وإذا كانت إدارة ترامب جادة بشأن إعادة التوازن إلى الاقتصاد الأمريكي، فعليها أن تستفيد من سيطرة الرئيس على مجلسي الكونجرس للدفع بتغييرات ذات مردود اقتصادي ضخم في الأمد البعيد، على الرغم من التحديات السياسية في الأمد القريب. سيكون ذلك حقا الـمُـعادِل لوضع أمريكا أولا. من غير المرجح أن يؤدي الحديث عن إعادة التوازن، الذي يركز على التعريفات الجمركية في الداخل والمحاضرات في الخارج، إلى تحويل شعار ترامب المميز «اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى» إلى أكثر من مجرد كلمات على قبعة بيسبول.
جلين هوبارد أستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة كولومبيا، والرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين الأمريكي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش.
خدمة بروجيكت سنديكيت.