لسنا من دعاة التهليل، ولسنا من الميالين إلى غرس الإحباط، لكن مجرى أحداث وتطورات الحرب على غزة يكشف بعد نحو شهرين من عملية طوفان الأقصى عن جوانب مذهلة بشأن صمود المقاومة ويكشف عدم صحة ما ذهب اليه البعض بأنها – المقاومة–ربما لم تعد للأمر عدته. أقول هذا رغم أن المعارك ما زالت جارية على الأرض لم تحسم بعد، ورغم ضخامة وفداحة الخسائر التى لحقت بغزة وأهلها، شعبا ومقاومة، إلى حد إشارة الإتحاد الأوروبى إلى أن الدمار الذى أصاب غزة أكبر مما تعرضت له مدن ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية.
كان من المفترض أن يفت ذلك فى عضد الغزاويين ويجعلهم يستسلمون ويثورون ضد المقاومة ولكن العكس هو الذى حدث، إلى حد تشكيك الكثيرين داخل إسرائيل من جدوى الحرب ونتائجها. وإذا كان هذا جانبا من الصورة فإن باقى الجوانب تشير إلى ملامح يجب أن يتوقف عندها المرء كثيرا. أشير هنا إلى ما ذهب اليه أحد المعلقين الإسرائيليين من مساعى الدولة العبرية لرفع معنويات مواطنيها بوصف عناصر المقاومة بالجبناء بقوله: ليتهم كانوا جبناء لخرجوا من فوهات الأنفاق رافعين الأيادى والأعلام البيضاء.
وإذا كان بعضنا أصيب بالعمى–حفظ الله لك بصرك وبصيرتك–فلم يعد يرى قدرة المقاومة على الصمود فينعق فينا كالبوم بأن الخراب قد حل بقطاع غزة، دون أن يرى ما هو غير ذلك من نجاحات، فلك أن تدهش من تأكيد كاتب إسرائيلى وبلاغته فى وصف فشل جيش الاحتلال كما يقول فى مواجهة تنظيم «لا يملك قوة جوية ولا دبابات ولا يملك سفنًا ولا أسلحة غربية دقيقة أو قبة حديدية لحماية مواطنيه. مضيفا : لقد مر شهران والجيش الإسرائيلى لا يسحق غزة، رغم أنه لم تفرض عليه قيود دولية ولا تعوقه معارضة داخلية».
لا شك أن كل ذلك يتم بثمن فادح نلمسه ونراه رأى العين أمامنا فى مشاهد البؤس والدمار فى غزة، ولكن المهم فى كل ذلك هو النتائج التى ستفرزها نهاية الحرب. فى اعتقادى أن ذلك ربما سيقلل كثيرا من سقف التوقعات الإسرائيلية وهو ما يمثل نجاحا للمقاومة بغض النظر عن خسائرها فى ضوء تباين قوة الطرفين على النحو الذى أشار إليه بوضوح التعليق السابق المشار إليه للكاتب الإسرائيلى.
فغزة لن تكون محررة كما كانت قبل 7 اكتوبر، وقد تكون أسيرة، وإسرائيل ستحاول أن تفرض رؤيتها الأمنية لإدارة القطاع، وهناك سيناريوهات عدة فى هذا الصدد ولكن تكلفة الحرب الضخمة على إسرائيل أيضا وطول أمدها فضلا عن أنه يقوض مفاهيم القوة التى عملت على غرسها، سيلقى تبعاته على الأوضاع هناك وسيكون له تداعياته السلبية سواء على الاقتصاد أو حتى رؤية المواطن الإسرائيلى لوضع دولته وقدرتها على حمايته. لعله من المفيد هنا الإشارة إلى ما ذكرته تقديرات أولية لوزارة المالية فى حكومة الاحتلال من أن تكلفة قوات الاحتياط بجيش الاحتلال منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر وحتى نهاية نوفمبر الماضى، بلغت 5.5 مليارات دولار. هذا فضلا عما كشفت عنه صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن جانب آخر يتعلق بواقع الإصابات بين الجنود الإسرائيليين فى المعارك حيث أكدت وجود أرقام تظهر زيف ادعاءات الاحتلال بشأن عدد الجنود المصابين فى العدوان على قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأعداد أكبر بأضعاف.
ربما لا يلقى هذا الطرح قبول الكثيرين ولكن الدرس الأساسى لما يجرى أن العدو الإسرائيلى لا يعرف سوى لغة القوة، وأن هذا هو الفهم الذى ينبغى على العرب جميعا القبول به واستخدامه فى إطار من الحنكة السياسية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات غزة أصاب غزة
إقرأ أيضاً:
«كانوا حاضنين بعض».. تفاصيل مصرع أم وطفليها في حريق المنيل
حريق المنيل.. بينما كانت تستعد أم وطفليها للاستغراق في النوم، داخل شقتهم بالطابق الأخير بعقار مكون من 11 طابقًا، بشارع المنيل منطقة مصر القديمة، أملًا في استقبال نهار يوم جديد يحمل معه الخيرات، لكن السيناريو اليومي تغيرت أحداثه ليأتي نهار اليوم الجديد وجثامينهم داخل مشرحة زينهم، بعدما فارقوا الحياة جراء حريق المنيل، دون أن يجدوا من ينقذهم من الموت.
صرخات ونيران تحاوط المكان في حريق المنيلمؤشرات الوقت كانت تشير إلى التاسعة مساءً، وتفاجأ سكان شارع المنيل التابع لحي مصر القديمة، بأصوات استغاثة وصرخات تعالت عنان السماء، وبالبحث عن مصدر الصوت تبين صدور تلك الأصوات من داخل شقة يقطنها سيدة وطفليها، ليسرع الجيران إلى شقتهم بالطابق الأخير بعقار مكون من 11 طابقًا، لكن كانت الصدمة الكبرى بمشاهدة النيران تحاصر أرجاء الشقة، مما يصعب دخول الجيران أو حتى خروج قاطنيها، فلم تجد الأم حلًا سوى أن تحتضن طفليها كأنها شعرت أنها اللحظات الأخيرة لهم، في حريق المنيل، وسط حالة من الخوف والصراخ.
حريق المنيل السيطرة على حريق المنيلمحاولات الجيران لإخماد ألسنة اللهب لم تكلل بالنجاح، ليسرع أحدهم لإبلاغ شرطة النجدة، التي بدورها أخطرت الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، ليوجه مدير الإدارة بالدفع بقوات الدفاع المدني مدعومين بسيارات الإطفاء، لتفرض القوات كردونًا أمنيًا بمحيط الحريق لمنع امتداد النيران إلى المجاورات، وحاصرت القوات ألسنة اللهب وتمكنت من السيطرة على الحريق بعدما تفحمت محتويات الشقة بالكامل، وتبين مصرع الأم وطفليها «ماتوا في حضن بعض»، جراء الحريق والدخان الكثيف.
التحفظ على جثامين الأم وطفليهاوتم التحفظ على الجثامين تحت تصرف النيابة العامة، وإجراء عملية التبريد لحريق المنيل لمنع تجدد النيران مرة أخرى، ورجحت المعاينة الأولية أن ماس كهربائي السبب في اندلاع الحريق، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة والعرض على النيابة العامة للتحقيق.
اقرأ أيضاًالسيطرة على حريق اندلع داخل مخزن في السلام
ضحايا لقمة العيش.. مصرع وإصابة 5 عمال صدمتهم سيارة أعلى الطريق الدائري
اليوم.. الحكم على متهم في قضية «أحداث الدفاع الجوي»