أهمية جودة البيانات فى التحول الرقمى
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
أصبح التحول الرقمى فى منطقة الشرق الأوسط واحدًا من أكبر التحديات التى تواجه الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية فى المنطقة. يأتى هذا نتيجة لمواكبة التحديات والتطورات العالمية، بهدف التصدى للفجوة الكبيرة فى التقنية بين العالم المتقدم والواقع الذى نعيش فيه. فقد أصبح كل جانب من حياتنا متأثرًا بتطور عالم البيانات، حيث يسود التركيز على الرقمنة، والبيانات الدقيقة، والتحليل البيانى، والتقدم التكنولوجى الذى استبدل العقل البشرى بالذكاء الاصطناعى.
تظهر أهمية الجودة فى مختلف الدول العربية كعامل أساسى يسهم فى رفع مستوى الهمم وتطوير السياسات، ويشكل عنصرًا حيويًا للانتقال إلى عصر الرقمنة.
يفتح التحول الرقمى أفقًا واسعًا أمام المؤسسات، سواء من خلال تحسين جودة التقارير، وتخفيف العبء على الموارد، أو تحسين العمليات الداخلية، أو توفير معلومات شفافة وموثوقة للأطراف المعنية. يجب أن يكون تركيز التحول الرقمى على الجودة فى المقام الأول، من خلال استخدام أحدث التقنيات المتاحة لتقديم رؤى وقيم أكبر للعملاء على مستوى العالم.
يتعين على المدققين أن يكونوا على دراية تامة بالعناصر المختلفة التى تخضع للتدقيق، سواء كانت معلومات مالية أو انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى أو فجوات الأجور بين الجنسين. يجب على الموظفين فى ضمان الجودة أن يلتزموا بأخلاقيات مهنية منظمة تعزز استقلالية العمليات ونزاهتها وموضوعيتها، وتجمع بين التقنيات الرائدة والتفكير الإبداعى والمعرفة المتخصصة.
تحتاج الشركات إلى دمج فرق الاستدامة والتمويل لمراجعة مصادر البيانات وضمان معايير إعداد التقارير ذات الصلة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية فى استراتيجياتها. يجب أن تكون الأولوية هى بناء الثقة من خلال إجراءات محكمة خالية من الثغرات والتكرارات والتناقضات.
لذا، يجب على الشركات العمل على بناء الثقة وتحقيق نتائج مستدامة فى جميع المجالات المهمة للمؤسسات وأسواق رأس المال والمجتمع فى المنطقة العربية. يجب أن تقود الشركات الانتقال الكبير نحو التحول الرقمى، وتعزيز الحوكمة الكاملة فى مختلف المجالات، بما فى ذلك المؤسسات المالية والبنكية. يتعين عليهم مواكبة استخدام التكنولوجيا لمواكبة التقدم العالمى وضمان عدم التأخر أكثر.
من بين فوائد الجودة: زيادة حصة السوق، وتخفيض التكاليف على المدى البعيد، وزيادة الإنتاجية، وتحسين الربحية، وإشراك الموظفين وتعزيز قدراتهم والحفاظ عليهم، ورفع مستوى السمعة، لإظهار القيمة المضافة وتحقيق جو عمل خلاق.
باستمرار التركيز على جودة البيانات، يمكن للمؤسسات تحقيق ميزات تنافسية تعكس إيجابيات التحول الرقمى. يتعين على الشركات دمج فرق الاستدامة والتمويل لتحسين جودة المعلومات المالية وغير المالية وضمان أن تكون تقاريرها شفافة وقابلة للثقة.
تطلب العمليات الرقمية أيضاً من الموظفين فى مجال ضمان الجودة الالتزام بالأخلاقيات المهنية وتوظيف أحدث التقنيات، مع تكامل الفكر الإبداعى والخبرة المتخصصة. يجب أن يكون التحول الرقمى عملية مستدامة ومستدامة أخلاقيًا، تهدف إلى تعزيز الثقة وتحقيق نتائج إيجابية فى كافة جوانب العمل والمسئوليات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التحول الرقمى منطقة الشرق الأوسط القطاع الخاص والمؤسسات المؤسسات المالية التحول الرقمى یجب أن
إقرأ أيضاً:
لماذا أنظمة الجودة ضرورة لا خيار؟
د. سعيد الدرمكي
أنظمة إدارة الجودة هي منظومة من السياسات والإجراءات تهدف إلى ضمان تقديم خدمات أو منتجات تلبي توقعات العملاء وتفوقها، من خلال تحسين الأداء وتوحيد العمليات وتقليل الأخطاء. وتُعد هذه الأنظمة بمثابة خارطة طريق لفرق العمل لضمان تطبيق أفضل الممارسات بشكل متكرر، كما هو الحال في شركات الطيران التي تعتمد أنظمة جودة دقيقة لفحص الطائرات بشكل منتظم، ما يُسهم في تقليل الأخطاء وتعزيز رضا العملاء.
ولأنَّ فاعلية الجودة لا تتحقق بالمفاهيم فقط؛ بل بالتطبيق العملي، فمن المهم التعرف على أبرز النماذج العالمية. من أبرزها نظام الأيزو 9001 (ISO 9001) الذي يُركّز على تحسين العمليات ورضا العملاء، ويسهم في رفع الكفاءة بنسبة تصل إلى 30%. أما الستة سيجما (Six Sigma)، فيستخدم أدوات تحليلية لتقليل الأخطاء إلى 3.4 لكل مليون فرصة، وقد وصفه جاك ويلش في كتابه الفوز (Winning) بأنه من أكثر النظم فاعلية في تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية. ويُعد نموذج التميز الأوروبي (EFQM) إطارًا متقدمًا لتقييم الأداء من خلال معايير القيادة والابتكار والشراكات، في حين تركز إدارة الجودة الشاملة (TQM) على تحسين الكفاءة وتقليل العيوب من خلال مشاركة جميع العاملين.
كانت بعض المؤسسات في الماضي تنظر إلى الجودة كإجراء شكلي لإرضاء جهات التفتيش، دون إدراك لقيمتها الاستراتيجية، مما أدى إلى تهميشها واعتبارها عبئًا إداريًا. إلا أن هذه النظرة التقليدية لم تصمد أمام تحولات السوق وتسارع التنافسية؛ حيث أصبحت الجودة اليوم ضرورة استراتيجية لا غنى عنها. فغيابها يُؤدي إلى فقدان العملاء وضعف الثقة وصعوبة التوسع، في وقت يفضّل فيه العملاء الخدمات الدقيقة والموثوقة حتى مع ارتفاع التكلفة.
تُعد أنظمة الجودة رافعة استراتيجية تدعم تنافسية المؤسسات واستدامتها من خلال تعزيز كفاءة العمليات واتخاذ قرارات تستند إلى بيانات دقيقة. فهي تُساعد في تقليل الهدر، وتوحيد الإجراءات، ورفع كفاءة استخدام الموارد. ويُسهم تطبيق أدوات مثل "الستة سيجما" في تحقيق كفاءة تشغيلية عالية، كما هو الحال في المستشفيات الكبرى التي تستخدم أنظمة الجودة لتحسين الرعاية الصحية وتقليل الأخطاء الطبية.
إلى جانب الكفاءة التشغيلية، تسهم أنظمة الجودة في تعزيز تجربة العملاء وبناء صورة مؤسسية موثوقة، من خلال تقديم خدمات عالية الجودة والاستجابة السريعة لاحتياجاتهم، مما يُعزز الولاء والتوصيات الإيجابية. كما أن الحصول على شهادات دولية مثل "أيزو" و"نموذج التميز الأوروبي" لا يقتصر على تحسين الصورة المؤسسية؛ بل يدعم فرص التوسع والمنافسة عالميًا. وقد جسّدت هيئة كهرباء ومياه دبي هذا النجاح بتطبيق نموذج EFQM، ما رفع رضا المتعاملين، وعزز الكفاءة، وجعلها أول جهة خارج أوروبا تنال جائزة التميز المستدام، مما رسّخ مكانتها كمؤسسة خدمية رائدة عالميًا.
تُبرز تجارب المؤسسات الناجحة أن تطبيق أنظمة الجودة يحدث تحولًا فعليًا في الأداء المؤسسي من خلال ترسيخ ثقافة التحسين المستمر، وتقليل الأخطاء، وتعزيز رضا العملاء. تؤكد التجارب العملية في قطاع التعليم أن تطبيق أنظمة الجودة يحقق تحولًا حقيقيًا في الأداء المؤسسي. وقد أسهم تطبيق نظام ISO 9001:2000 في قسم طب العيون بجامعة السلطان قابوس في تحسين جودة الخدمات الطبية والتعليمية وتقليل الأخطاء، وفق ما أكده البحث المنشور في Oman Medical Journal (2010). كما نجحت جامعة الملك سعود في تعزيز جودة الأداء الأكاديمي والخدمات الطلابية من خلال تبني نظام إدارة الجودة الشاملة، مما أدى إلى تسريع الإجراءات، ورفع رضا الطلاب، وتعزيز مكانة الجامعة إقليميًا ودوليًا.
ونجاح أنظمة الجودة لا يعتمد على مثالية النظام؛ بل على قدرة المؤسسة في التعامل مع التحديات. يمكن التغلب على مقاومة التغيير بنشر ثقافة الجودة تدريجيًا وإشراك الموظفين، ومعالجة نقص الوعي عبر التدريب المستمر وربط الجودة بمهام الجميع. أما اعتبار الجودة تكلفة إضافية، فيُعالج بتوضيح أثرها الاقتصادي في تقليل الأخطاء وزيادة الإنتاجية ورضا العملاء. ويبقى دعم الإدارة العليا عنصرًا حاسمًا، إذ يتطلب إصدار قرارات رسمية، متابعة مباشرة، وتخصيص الموارد لضمان نجاح التطبيق وتحقيق الأثر المطلوب.
بينما يُعد تطبيق أنظمة الجودة خطوة أساسية، فإن التحدي الحقيقي يكمن في ترسيخها كثقافة مؤسسية مستدامة، تتجاوز كونها مشروعًا مؤقتًا لتصبح ممارسة يومية يقودها الجميع. وقد أكدت رؤية "عُمان 2040" على أهمية تبني معايير التميز والابتكار وتحسين الكفاءة، مما يجعل من الجودة ركيزة استراتيجية لضمان التنافسية والاستدامة ورفع مستوى الأداء المؤسسي وتجربة العملاء.
وأخيرًا.. إنَّ المؤسسات التي تتبنى الجودة كنظام متكامل وثقافة مستدامة، تضمن لنفسها التفوق والجاهزية لمستقبل أكثر تنافسية وتحولًا.