المتحف الكبير.. والميكروباصات!
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
زرت المتحف المصرى الكبير فى مرحلة الافتتاح التجريبى، وكان البهو الخارجى مهيبًا فى ظل حضور قوى للملك رمسيس واقفًا فى عظمة وكبرياء وكأنه يستقبل الزائرين من كل أنحاء العالم الذين يأتون إليه لنيل شرف اللقاء مع أعظم وأقدم حضارة فى الدنيا!
وبصراحة ما رأيته فى المتحف رغم أنه قليل من كثير سيكون جاهزًا للعرض بعد الافتتاح الرسمى والكامل، فهو يستحق الكلام الكثير والإشادة بالجهود الصادقة التى كانت وراء إنشاء المتحف منذ أيام الفنان فاروق حسنى كوزير للثقافة إلى أصغر فنى يعمل الان بكل ما لديه من فن وقوة للانتهاء من كل أعمال المتحف تمهيدًا لافتتاحه على المستوى الدولي!
وكان العرض المرئى الافتراضى حول توت عنخ أمون لطيفًا ولكنه ليس على المستوى المبهر الذى يليق بالمتحف، إنه أقرب إلى عرض للأطفال، وعندما يتم افتتاح قاعة معروضات توت عنخ امون سيظهر الفرق الشاسع ما بين العرض المرئى وبين روعة الفن المصرى القديم ودقته منذ خمسة آلاف سنة، ثم نأتى بعد هذه السنوات وكل هذه التقنيات والتكنولوجيا البصرية ونقدم عرضًا ساذجًا بهذا الشكل؟.
وكانت رؤية الدرج العظيم من الأشياء المبهرة حقيقة بالمتحف، فهو يعطى للزائرين فرصة كبيرة للتعرف على التاريخ المصرى القديم وعلى الحضارة المصرية عبر العصور، من خلال طريقة عرض متميزة ومبهرة خاصة وأن الصعود من حقبة إلى أخرى يعطى ثراء للجولة التى تنتهى بمشهد بانورامى للأهرامات سيجعل من الدرج العظيم اشبه برحلة تاريخية!
وكانت هناك رحلة تاريخية أخرى داخل المتجر الرسمى بالمتحف الذى يبيع بعض المقتنيات التذكارية للزائرين وهو مهم يوجد مثله فى كل متاحف العالم ولكن اعتقد ان حجم مساحته صغيرة فقد كان مزدحمًا رغم إننا لازلنا فى مرحلة الافتتاح التجريبى يعنى يتم السماح لأعداد قليلة جدا للزائرين فماذا سيكون الوضع بعد الافتتاح الرسمى ودخول أفواج من السائحين!
الحقيقة.. الكلام عن المتحف ومقتنياته لا يكتمل الا بالكلام عن تصميم المتحف المبهر.. فمن النظرة الخارجية الأولى تشعر بانه شامخ وراسخ مثله مثل الاهرامات والمعابد ويليق بالفعل بما يضمه من تاريخ عظيم، كما أن مكانه موفق جد بالقرب من هضبة الأهرامات والتواصل والاتصال الذى سيتم بينهما لتكون رحلة السياح ما بين الأهرام والمتحف هى رحلة فى الزمان والمكان!
والحقيقة كل ما أخشاه من تشويه هذه الرحلة وتحويل تجربة زيارة المتحف والاهرامات إلى كابوس كما هو يجرى الان هو أن تفشل الجهات المسئولة من تنظيم هذا الفراغ الذى يحيط بالمتحف والاهرامات.. فإن الجهد والفن والابداع الذى تم فى إنشاء هذا المتحف يحتاج إلى مثلهم تماما لاستغلال هذا الفراغ المكانى وتحويله إلى بانوراما متكاملة ومنظمة وسهلة الوصول إليها قبل أن تملأها وتصل إليها العشوائيات الميكروباصات!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتحف المصري
إقرأ أيضاً:
فى الحركة بركة
الحراك الذى يشهده الشارع المصرى هذه الأيام، مؤشر جيد على تدفق الدماء فى شرايين الحياة السياسية لحمايتها من التيبس، ويؤكد هذا الحراك حرص المواطنين على حماية حقوقهم السياسية فى الاستحقاقات الانتخابية القادمة والتى ستبدأ بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، ويليها انتخاب أعضاء مجلس النواب، وقد تنتهى بانتخاب أعضاء المجالس المحلية، إذا تم فك عقدة قانون المجالس المحلية العالق بين أدراج الحكومة ومجلس النواب، حتى تعود الرقابة فى المحافظات، بعد توقف حوالى 14 عاما منذ قيام ثورة 25 يناير بعد أن أصبحت هناك ضرورة ملحة لوجود حوالى 60 ألف عضو مجلس محلى لمحاربة الفساد فى المراكز والنجوع والقرى على امتداد الرقعة العمرانية، وتجفيف منابعه، وتوفير الخدمات الأساسية التى يحتاجها المواطنون، ورفع الأعباء عن كاهل نواب البرلمان لتمكينهم من القيام بمهامهم الأساسية فى الرقابة على أعمال الحكومة والتشريع ومناقشة الموازنة.
هناك أكثر من دليل على وجود الحراك السياسى الذى ينبئ بإقناع حزب الكنبة عن التخلى عن سلبيته والمشاركة بإيجابية على الحياة العامة باعتبارها واجبا وطنيا نصت عليه المادة «87» من الدستور، وأتاحت لكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء تحت مظلة القانون الذى ينظم مباشرة هذه الحقوق. ولتيسير حصول المواطنين على حقوقهم السياسية ألزم الدستور الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقا للقانون، وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها، ويحظر استخدام المال العام والمصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة ومؤسسات قطاع الأعمال العام والجمعيات والمؤسسات الأهلية فى الأغراض السياسية أو الدعاية الانتخابية.
والتزاما بالدستور الذى نص على المشاركة فى الحياة العامة، فإن هناك حوالى 70 مليون مواطن لهم الحق فى ممارسة الحقوق السياسية فى الانتخابات القادمة التى ستكون قبل نهاية هذا العام لانتخاب أعضاء الفصل التشريعى الجديد والمؤكد أنه سيكون عليه عبء القيام بدور أكثر أهمية للخروج من الأزمة الاقتصادية وتقوية شبكة العلاقات الدولية الخارجية التى تربط مصر بمختلف دول العالم عن طريق الدبلوماسية البرلمانية وتهيئة البيئة السياسية الخصبة فى الداخل عندما يتبارى النواب فى تبنى القضايا المختلفة التى تهم الشارع المصرى وتعمل على تعميق أواصر الوحدة الوطنية، ودفع الحكومة على القيام بدورها وتقويمها ومحاسبتها عن أى تقصير، ولن يحدث ذلك إلا من خلال نواب تفرزهم الدوائر الانتخابية، من المقبولين شعبيا والقادرين على القيام بالوظائف التى حددها الدستور لنواب البرلمان.
لا شك أن ما يحدث حولنا فى العالم وفى محيطنا يؤكد أن المرحلة القادمة تحتاج إلى نوعية خاصة من المتصدرين للعمل العام سواء على المستوى الحزبى أو الأهلى أو النيابى، فلن تكون هناك حاجة إلى أحزاب الوجاهة الاجتماعية والأحزاب العائلية ولا لنواب التشريفة الذين يسعون للحصول على لقب سيادة النائب ليكون كبير قومه، ولا لنواب الحصانة الذين يسعون للعيش من وراء ريعها، المرحلة القادمة فى حاجة إلى نواب مقاتلين يقترحون التشريعات ويمارسون آليات الرقابة من الاستجوابات وطلبات الإحاطة والأسئلة، والوصول إلى هذه النوعية من النواب ليس من الصعب كما أنه ليس من السهل أيضا إذا أحسن الناخبون الاختيار، وإذا اعتبروا أن أصواتهم أمانة لا يعطونها إلا لمن يستحقها بالفعل، وأن أصواتهم لا تقدر بمال أو بأشياء عينية، وأنها ليست للبيع، ولكنها أمانة يحاسبون عليها، كما أن خروج الناخبين لأداء واجبهم الانتخابى أمانة أيضا.
الحديث عن الانتخابات التى ستتم خلال أقل من عام رغم أنه سابق لأوانه إلا أن الإرهاصات الانتخابية بدأت من الآن، هناك ملاحظة فى القرى، وبالأخص فى الصعيد فإن عدد الذين يفكرون فى الترشح لعضوية البرلمان يفوق عدد الذين يكتفون بدور النائب هناك منافسة شديدة للحصول على لقب سيادة النائب وهذا إن دل فإنه يدل على أن فكرة الوصول إلى النائب المطلوب والدور المطالب به لم تختمر فى العقول، وأن الأغلبية تسعى لاستثمار النيابة لكن مازال الوقت مبكرا والذى سيحسم هذه المسألة أن قوانين الانتخابات سوف يجرى عليها بعض التعديلات للاتفاق على الطريقة التى ستجرى بها الانتخابات فيما يعرف بالنظام الانتخابى، وهناك مؤشرات على أن الانتخابات ستكون بالقائمة المطلقة مع الفردى، والقائمة المطلقة سوف تتحكم فيها الأحزاب خاصة الأحزاب القوية، سيكون هناك تنسيق بين عدد من الأحزاب للدخول فى قوائم وتقسيم المقاعد حسب قوة كل حزب كما حدث فى الانتخابات الماضية، وسوف يختار كل حزب رجاله، ويخوض من يشاء الانتخابات كمرشح فردى.
الانتخابات بالقائمة المطلقة كما أن لها مزايا فلها عيوب، ولكن الدستور قد يكون فرضها بشكل غير مباشر رغم أنه لم يلزم المشرع بها، والفرض يأتى من ضرورة تمثيل التى ذكرها الدستور كالمرأة والشباب والأقباط والعاملين بالخارج والعمال. كما سيكون هناك تعديل للدوائر فى ظل الزيادة التى طرأت على عدد من السكان والتى بالتالى تتطلب زيادة عدد الدوائر وزيادة عدد نواب البرلمان.
حركة الشارع تطمئن على المستقبل، فى الحركة بركة بشرط أن تراعى مصلحة الوطن الذى لا يمكن أن تتحرك إلا فى ظله ولخدمته، لا حجر على رأى بشرط ألا يكون فيه مساس بالأمن القومى.